ترجمة..

صحيفة: هل الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" مسئول عن هونج كونج؟

الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"

رؤية الإخبارية
هل كان بإمكان الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" إحباط "قانون الأمن" الجديد الذي فرضته بكين على هونج كونج الأسبوع الماضي؟ يقول منافس ترامب، المرشح الديمقراطي المفترض "جو بايدن": نعم كان بإمكانه ذلك.


حيث قال بايدن في بيان يوم الأربعاء إن القانون "منعطف رهيب آخر لانتهاك حقوق الشعب الصيني". وتابع: "لا عجب أن تتصرف بكين دون خوف من العقاب".. "الرئيس ترامب يتخلى مرة أخرى ودائمًا عن قيمنا ويطمئن المستبدين الصينيين بأن لديهم شخصًا يفكر مثلهم في البيت الأبيض".

ربما هذا مجرد عدائية إلزامية في الحملة الانتخابية، إلا أن بايدن لم يكن الوحيد الذي يقول إن هونج كونج كانت ستمثل خسارة لترامب بطريقة أو بأخرى. ووقاحة ترامب بين المستبدين راسخة.  كما تحدث عن كونه "في حالة حب" مع الزعيم الكوري الشمالي "كيم جونج أون". إنه يحترم بشكل بشع الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" والصيني "شي جين بينج"، ويقال إن ترامب أبلغ الأخير بموافقته على بناء بكين لمعسكرات اعتقال لشعب الأويغور والأقليات المسلمة الأخرى. كما أن الأمر ليس موضع شك حول مدى خطورة هذا القانون الجديد على شعب هونج كونج، وكيف يمكن أن يكون نهاية لمبدأ "دولة واحدة ونظامين"، ومدى صعوبة دفع الدولة المدينة من أجل ترسيخ الحرية، حيث بدأت الاعتقالات بالفعل.

فهل كان بإمكان ترامب إيقاف هذا؟ إذا كان لدينا زعيم، بعبارة بايدن، "سيدافع عن المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان في الصين"، يدين بشكل قاطع قمع بكين لهونج كونج (أو معاملتها للأويغور أو أي اضطهاد آخر مشابه يمارسه نظام شي المستبد)، هل ستكون الأمور مختلفة؟ هل ستغلق معسكرات الاعتقال؟ هل تتوقف عمليات الإجهاض والتعقيم القسريين المفروضة على الأويغور؟ هل ستكون هونج كونج حرة؟

أعتقد أننا جميعا نعلم أن الجواب هو: "لا".

هذا لا يعني أن خطاب ترامب تجاه الصين في غير محله، فإذا كان لقيمنا المزعومة للحرية والحكم الذاتي أي جوهر، فينبغي أن يكون الرئيس الأمريكي والأمريكيون بشكل عام، على استعداد لوصف مثل هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان واستنكارها بدقة، حتى لو كان ذلك يعني، على سبيل المثال، نهاية صفقات تأييد مربحة أو حتى خسائر اقتصادية أكبر. لكني أظن أننا نخدع أنفسنا إذا اعتقدنا أن الخطاب الحازم من الرئيس سيغير سلوك بكين بشكل هادف هنا.

وينطبق الشيء نفسه على تدابير الشفافية والعقوبات التي تعهد بها بايدن بفرضها (وهي الإجراءات التي وقعها ترامب، بالمناسبة)، بالإضافة إلى مشروع قانون عقوبات جديد موجود الآن على مكتب ترامب. وإذا ما تم استهدافها بدقة، فقد تؤدي ردود مثل هذه إلى تعقيد الحياة لبعض وجهاء الحزب الشيوعي الصيني ومسئولي هونج كونج الذين تواطؤوا مع مطالب بكين، (أما إذا لم يتم استهدافها بدقة، فإن العقوبات ستكون شنيعة لكونها قاسية على الناس العاديين).

ومع ذلك، فمن غير المحتمل أن تجبر حتى العقوبات ذات الأهداف الجيدة بكين على التراجع عن تعاملها مع هونج كونج. وعلى الرغم من أنهم قد يكرهون التغيير بشكل فعال في الأمور الصغيرة نسبيًّا، غير أن العقوبات مفيدة في الغالب للسماح للسياسيين الأمريكيين بالادّعاء بأنهم اتخذوا إجراءات جريئة، إلا أن الإجراء أقل خطورة من الضربات الجوية، ولكنه "أقوى" من الدبلوماسية. ورغم أن العقوبات الأمريكية جيدة في تكبيد الدولة المستهدفة خسائر اقتصادية عشوائية، غير أنها عندما يتعلق الأمر بخلق حركة سياسية مرغوبة، فإن سجلها ضعيف للغاية.

وهذا يرجع لأن الدولة المستهدفة تقرر أن الخسائر تستحق العناء لإبقاء سياستها دون تغيير. إنه في الأساس حكم حول المصالح الوطنية الجوهرية؛ وهنا تبرز كوريا الشمالية كمثال مفيد، إذ يعتقد كيم أن الأسلحة النووية ضرورية لبقاء النظام، وعلى الرغم من أنه يريد رفع العقوبات الدولية ضد بيونج يانج، إلا أنه على استعداد لتحمل تبعاتها إذا كان هذا هو ثمن الاحتفاظ بترسانته، لأن بقاء النظام هو مصلحة وطنية جوهرية، أما العقوبات، فمهما كانت عواقبها، فلن تغير ذلك بالنسبة له، ومن غير المحتمل أيضًا أن تغير حسابات بكين فيما يتعلق بهونج كونج.

إذن ما هي الخيارات المتبقية لواشنطن؟ (ونستبعد هنا أي نوع من الرد العسكري، بطبيعة الحال، إذ لا يمكن تصوره؛ لأنه يخاطر بحرب كارثية بين أقوى جيوش على الأرض).

أولًا: قبول حدود القوة الأمريكية. وكما علق الزميل "جويل ماثيس": "إذا علمتنا السنوات العشرون الماضية أي شيء، فربما يجب أن نكون متشككين في الانتقادات [للسياسة الخارجية الأمريكية] التي تبدأ بفكرة أن الولايات المتحدة يمكنها أن تجبر العالم على الخضوع لإرادتها". علينا أن نتخلص من هذا الاعتقاد السخيف بأن واشنطن يمكن أن تجبر أي دولة أخرى – وخاصة قوة عظمى مثل الصين – على التخلي عن مصالحها المتصورة والقيام بالعمل لتحقيق مصالحنا بدلًا من ذلك.

ثانيًا: الرفض الصادق لتجاهل استبدادية بكين أو تبريرها أو تأييدها، على عكس 53 دولة أيدت القانون الجديد في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يوم الخميس. لا يمكن لواشنطن أن تصحح كل خطأ تراه في الخارج، ولكنها ليست بحاجة إلى التغاضي عنها.

وأخيرًا: على الرغم من أن منع انتهاكات بكين قد لا يكون ممكنًا، إلا أن الولايات المتحدة يمكن أن تعرض اللجوء. وترد المملكة المتحدة بالفعل على قانون الأمن بهذه الطريقة، حيث تقدم تأشيرات وجنسية بريطانية محتملة لملايين من سكان هونج كونج. ويقترح مشروع قانون في الكونجرس عرض وضع اللاجئ على "سكان هونج كونج الذين عانوا من الاضطهاد، أو لديهم خوف مبرر منه، بسبب تعبيرهم عن آرائهم السياسية أو مشاركتهم السلمية في الأنشطة السياسية". هناك تشريع آخر سيسرع من هجرة ذوي المهارات العالية من سكان هونج كونج إلى الولايات المتحدة.

هذه بداية جيدة، ولكن يجب زيادة العرض. إذا كان هذا بيانًا حول قيمة الحياة البشرية والحرية، فيجب أن ينطبق على جميع الأشخاص الذين تتعرض حياتهم وحرياتهم للتهديد في هونج كونج. ربما يفضلون البقاء والقتال من أجل مدينتهم، ولكن إذا كانوا بحاجة إلى الخروج، يمكن للولايات المتحدة أن تقدم ملاذًا آمنًا.