رجال أعمال مقربون من أردوغان يتحركون للسيطرة على كل صفقات البنية التحتية..

صحيفة تركية: شبهات تلاعب في مناقصات مشروع قناة "إسطنبول" رغم المعارضة

استثمار ضخم على الورق فقط

أنقرة

كشفت مصادر تركية أن أحد رجال الأعمال المقربون من الرئيس رجب طيب أردوغان يسعى إلى الفوز بعدد من مناقصات مشروع قناة إسطنبول الذي لا يزال حتى الآن حبرا على ورق.

وذكرت صحيفة سوزغو المحلية أن مجموعة رونيسانس القابضة المملوكة للملياردير إرمان إليجاك المعروف بعلاقاته الوثيقة مع أردوغان تعمل للاستحواذ على مناقصات.

ويثير مشروع قناة إسطنبول، الذي أعادت إحياءه تركيا من جديد، الجدل بين المتابعين للشأن الاقتصادي بالنظر إلى ضرره بالبيئة والتكاليف الباهظة التي عجزت الحكومة عن توفيرها منذ الإعلان عنه لأول مرة في 2011.

وتواجه حكومة العدالة والتنمية انتقادات كبيرة من الأوساط الاقتصادية والبيئة التركية بعد أن بدأت في سلك طريق المناورة ومحاولة إظهار الجوانب الإيجابية للمشروع.

وقالت الصحيفة إن رونيسانس القابضة، التي تعمل كمقاول بناء ومطور عقاري في 28 دولة، قامت ببناء القصر الرئاسي التركي ولديها عقد بقيمة 4.3 مليار دولار مع الحكومة لبناء وتأجير 12 مستشفى كبيرا.

وتعطي هذه العلاقة إمكانية كبيرة بحسب المحللين من أن يكون هناك تأثير على منح المناقصات لإيجاك، وبالتالي فإنها قد لا تخضع للإجراءات المتبعة مع المستثمرين في هكذا ظروف.

وتم تقديم أول مناقصة للمشروع في مارس الماضي، ويُعتقد أن أردوغان وحزب العدالة والتنمية قد يضغطان لبدء بناء القناة قبل الانتخابات المقبلة، المقرر إجراؤها في أواخر عام 2023.

ويقول الكاتب في موقع أحوال تركية ديفيد ليبسكا، إنّ مضيق البوسفور في إسطنبول يعتبر أحد أهم الممرات التجارية في العالم، حيث شهد مرور أكثر من 41 ألف سفينة تحمل ما يقرب من 650 مليون طن من البضائع العام الماضي.

ووصف أردوغان القناة، التي اقترحها لأول مرة قبل عقد من الزمن، بأنها مشروع سلامة اقتصادية ووسيلة نقل آمنة يتجاوز نطاق اتفاقية مونترو.

وأكد في يناير الماضي عزم وتصميم بلاده على شق قناة إسطنبول الجديدة، الهادفة إلى وصل بحر مرمرة بالبحر الأسود، على الرغم من المعارضة الشديدة التي يلقاها المشروع من قبل خبراء للبيئة وسياسيين أتراك.

وفي تجاهل لجميع الأصوات حتى العلمية منها، أوضح حينها أن الحكومة ستنجز مشروع قناة إسطنبول رغم المعارضة التي يواجهها المشروع.

ويؤكد محللون أن محاولات تركيا إحياء مشروع قناة إسطنبول عبر استدراج الشركات العالمية لتشييده تعكس بوضوح عمق الضغوط المالية المستمرة على الاقتصاد، في ظل فشل أردوغان في تمويل استثمارات البنية التحتية الاستراتيجية التي تحتاجها البلاد.

ولكن لهذا المشروع الاستعراضي تاريخ طويل من المشكلات الممزوجة بالغموض، والتي تتعلق في غالبيتها بالمحسوبية في منح الأراضي للمستثمرين المقربين من أردوغان وكذلك المستثمرين الأجانب، في مقدمتهم القطريون.

ويمتلك بيرات البيرق، صهر أردوغان ووزير الخزانة والمالية التركي، أرضا على طول القناة المقترحة، ما يؤكد الشكوك من أن المشروع يبدو كملكية خاصة للرئيس التركي.

وقبل عامين، اشترت العائلة المالكة في قطر، أحد أقرب حلفاء تركيا وداعم مالي رئيسي، أكثر من 44 ألف متر مربع على طول مسار القناة المخطط لها، حيث سترتفع قيمة الأرض بشكل كبير مع خطط تقسيم المناطق الجديدة إذا تم الانتهاء من المشروع.

ومن المتوقع أن تشارك العديد من الشركات القريبة من حزب العدالة والتنمية في البناء، الأمر الذي سيواصل ممارسة هذه الحكومة في استخدام مشاريع البناء الكبيرة لكسب الأصدقاء وملء الخزائن.

ويتألف المشروع البالغ تكلفته 20 مليار دولار من شق عدة قنوات في القسم الغربي من إسطنبول، ويبلغ طول القناة تقريبا 45 كيلومترا.

ويتطلب حفر القناة بعرض 400 متر عبر أرض زراعية، وسيكون عمقها من عشرين إلى 25 مترا، وستبنى فوقها ستة جسور، وستقام الحدائق والأماكن العامة على جنبيها.

وتريد أنقرة عبر هذه القناة تأمين ممر بحري حر للسفن الدولية، في خطوة للالتفاف على بنود اتفاقية مونترو التي تحدد عدد السفن الحربية والتجارية التي ستمر من المضائق التركية، وأنواعها، ووزن الحمولة المسموحة لها.

وهناك معارضة شديدة للمشروع بين بعض المنظمات المهنية والمنظمات غير الحكومية وحتى الأحزاب المعارضة، التي تؤكد أن القناة ستلحق الضرر بالمناطق الحراجية الأخيرة في إسطنبول من خلال تشجيع التنمية والإضرار بالحياة البحرية في بحر مرمرة.

ووصف عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو، الذي ينتمي لحزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي والذي يُنظر إليه على أنه تهديد محتمل لأردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة، القناة بأنها خيانة للمدينة، مشيرا إلى مخاوف بيئية.

وانحاز ما يقرب من ثلاثة من كل أربعة من سكان إسطنبول مع رئيس بلديتهم في استطلاع حديث حول القناة المقترحة، مما يشير إلى أنها قد تكون قضية حاسمة تتجه إلى انتخابات عام 2023.

وقد انتقد اتحاد الغرف التركية للمهندسين في الكثير من المرات هذا المشروع بوصفه “كارثة” بيئية وحضرية يجب صرف النظر عنها.

ووفقا لمركز تحليل البيانات التركية، وهو مؤسسة بحثية، فإن قرابة 370 ألف ساكن في المنطقة سيتأثرون بشكل سلبي من القناة مستقبلا في حال تم تشييدها.

ولفت الاتحاد إلى أن النظام البيئي للبحيرة الضروري للحيوانات البحرية والطيور المهاجرة سيدمر، كما سيزيد مشروع القناة مستويات الأكسجين في البحر الأسود وسيضر بالحياة البرية.

ويخشى كثيرون من أن تدمر القناة حوضين يزودان قرابة ثلث إسطنبول بالمياه العذبة وستزيد ملوحة المياه الجوفية مما سيؤثر على أراض زراعية وصولا إلى منطقة تراقية المجاورة.