سيطر على الأراضي اليمنية اللازمة لتثبيت أركان احتلال العاصمة اليمنية صنعاء..

عبدالرضا شهلائي مهندس التخريب الإيراني في خاصرة العرب.. ماذا تعرف عنه؟

"سليماني اليمن" ومتعهد الإخلال بأمنه

عمر علي البدوي

بات الحوثيون في اليمن يشكلون راية وحالة إيرانية بامتياز، وقد زرعت طهران مبعوثاً خاصا بها إلى ذلك البلد العربي، ليحافظ على بقاء هذه الحالة طوع المشروع الإيراني، وعلى إبقاء الراية متحفزة لخدمة أجندته والانضواء في حربه المفتوحة على الحصن العربي الكبير.

سليماني اليمن أو عبدالرضا شهلائي، هو نائب قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، فيلق المهام الخارجية الإيرانية المتخصصة في الحرب غير التقليدية، يمارس نشاطه التخريبي من العاصمة العربية المختطفة صنعاء، متحكما في إيقاع الميليشيا الحوثية وفقاً لما تراه طهران من رفع التصعيد أو خفضه، استجابة بحتة لحسابات الملالي الإيرانية دون مراعاة أو إحاطة بالشعب اليمني ومستقبل دولته.

تهديد الأمن القومي العربي

يحتفظ شهلائي بخنجر الحوثيين مغروزاً في خاصرة العرب الجنوبية، في مهمة مقدسة لتفتيت الأمن القومي العربي وهزّ استقراره ونبذ عواصمه الباقية على خط المواجهة ضد جبهة عريضة من الأعداء الإقليميين، يبدأون من طهران وينتهون في أنقرة، وهم يقلبون ظهر المجنّ للمنطقة العربية الرخوة من بأس المشاريع الاختراقية التي يتبنونها ويرعونها.

ولد في مدينة كرمنشاه عام 1957، وبدأ يخدم في الحرس الثوري منذ العام 1980 حتى نال رتبة فريق أول في فيلق القدس، وقائد وحدات حرس الثورة الإسلامية في اليمن دعماً للحوثيين فيه. وحسب الخارجية الأميركية فإن شهلائي يستخدم عدة أسماء، وهي عبدالرضا شهلائي، الحاج يوسف، الحاج ياسر، ويوسف أبوالكرخ.
هو واحد من بين أكثر قادة فيلق القدس نشاطا في الشرق الأوسط، وفقاً لسجله الإجرامي وذاكرة العنف التي شكلها طوال أربعين عاماً هي زمن انتسابه للحرس الثوري، نصفها في خرائط الدول العربية التي أسهم في تفخيخها ببؤر الصراع والخراب.

خطط شهلائي منذ سنوات لعمليات ضد القوات الأميركية، عندما بدأ في مهمته الخارجية الأولى بعد غزو العراق عام 2003 وأخذ يتنقل من أفغانستان إلى العراق ومن سوريا إلى اليمن. وهو مصنف كإرهابي من قبل واشنطن لتأسيسه جماعات إرهابية ولعلاقاته بالهجمات على القوات الأميركية في العراق، ومنها الهجمات التي أسفرت عن مقتل خمسة جنود أميركان في كربلاء. وكانت قيادتُه محاولةَ الاغتيال الفاشلة لعادل الجبير، السفير السعودي لدى الولايات المتحدة، عام 2011 في مطعم إيطالي في واشنطن، أوّل التحام مع مشروع السعودية المناهض للنفوذ الدموي لإيران في حوض المنطقة العربية.

كانت العملية ستنفذ من خلال استئجار خدمات قتلة مأجورين من عصابات تجار المخدرات في المكسيك بقيمة 1.5 مليون دولار، والمشتبه بهما منصور أرباب سير وهو تاجر سيارات إيراني يحمل الجنسية الأميركية ويرتبط بصلة قرابة مع شهلائي، وعلي غلام شكوري أحد عناصر فيلق القدس ويقيم في إيران.

ونتيجة لذلك أدرجت السعودية والبحرين اسم شهلائي على قوائم الإرهاب لديهما، منذ أكتوبر عام 2018، لدوره في تنسيق مؤامرة الاغتيال.

جنرال خارج السجلات

الجنرال الإيراني يندر العثور على صور له، أو اعتراف رسمي بوجوده من قبل الحكومة الإيرانية رغم كل المصافات التي كشفت عن أدواره الخارجية لخدمة المشروع الإيراني ومن ذلك قمع معارضين إيرانيين خلال السنوات الماضية. من جهتها، تقول جماعة “مجاهدي خلق” إن شهلائي مسؤول عن الهجوم على معسكر “ليبرتي” في 2013، والمعسكر هو مقر انتشار القوات التابعة للجماعة في العراق.

ونشرت “مجاهدي خلق” صورا لشهلائي بعد الهجوم وقالت بأنه العقل المدبر له. وحسب الجماعة، فإن شهلائي وبعد سقوط نظام صدام حسين ذهب إلى العراق مع محمد جعفري صحرارودي، المدير الحالي لمكتب علي لاريجاني، وساهما في التخطيط لتنفيذ عمليات ضد القوات الأميركية وضد “مجاهدي خلق”. وأضافت الجماعة أن شهلائي هو أحد القيادات في “فيلق رمضان” التابع للحرس الثوري والذي تم إنشاؤه أثناء الحرب العراقية الإيرانية لتنفيذ مهمات عسكرية خاصة خارج الحدود الإيرانية.

 أصبح شهلائي، منذ خمسة أعوام، المسؤول عن الملف اليمني في الحرس الثوري، بل إن البعض اعتبره “اللاعب الحر” للحرس الثوري في منطقة الشرق الأوسط. وفي الآونة الأخيرة، ظهر اسمه في تقارير إسرائيلية تتحدث عن تزعمه عصابة تهريب في غزة تنقل الأسلحة إلى ميليشيات الحوثيين.

مساء 3 يناير الماضي، حاولت الولايات المتحدة اغتيال شهلائي عن طريق غارة بطائرات دون طيار بالتزامن مع اغتيال سليماني قائد فيلق القدس في غارة مطار بغداد.

الغارة التي شنتها الدرونات على صنعاء، حيث كان شهلائي، فشلت في قتله، لكنها أدت إلى تصفية محمد ميرزا، من جيش حراس الثورة لتكون أول حالة وفاة قتالية يعترف بها فيلق القدس في اليمن. ووضعت وزارة الخارجية الأميركية مكافأة مقدارها 15 مليون دولار، عبر برنامج المكافآت من أجل العدالة، مقابل أي معلومات عن مكان تواجد شهلائي.

فيما قال برايان هوك المبعوث الأميركي الخاص بإيران، في مؤتمر صحافي عقد في واشنطن، إن “شهلائي هو قائد رفيع المستوى في الحرس الثوري الإيراني ومقره الحالي في العاصمة اليمنية صنعاء”.

وتقول الولايات المتحدة إن شهلائي هو نائب زعيم فيلق القدس، وأنه يسيطر على العديد من المنظمات المسؤولة عن الهجمات ضد الأميركيين وحلفائهم في جميع أنحاء العالم، ويزوّد الجماعات الشيعية المتطرفة بالأسلحة، ويخطط لقتل العديد من قوات التحالف في العراق، وأنه أُدرج في القائمة الأميركية السوداء في العام 2008 باعتباره إرهابيّا. وفي الإطار ذاته، وضعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا شهلائي على قائمة عقوباتها.

مشروع شهلائي الكبير

توعّد تحالف دعم الشرعية في اليمن القادة الحوثيين بمصير القائد السابق لمجلسهم السياسي، صالح الصماد، في حال استمرارهم بمحاولة استهداف السعودية. وجاء حديث المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف في اليمن العقيد الركن تركي المالكي بعد عملية عسكرية للقوات الجوية التابعة للتحالف وجهت ضربات مشروعة لأهداف حوثية، بهدف تحييد وتدمير القدرات العسكرية النوعية للميليشيات.

وقال المالكي إن ”القيادة المشتركة للتحالف والمملكة العربية السعودية سوف تقطع الأيادي التي تستهدف المدنيين في السعودية؛ مواطنين أو مقيمين“. وأضاف ”على الميليشيات الحوثية عدم الانصياع لإملاءات الجنرالات من (الحرس الثوري) الإيراني؛ ومنهم الجنرال عبدالرضا شهلائي، لاستهداف المدنيين والمنشآت في السعودية“.

ويهيمن شهلائي على الأراضي اليمنية اللازمة لتثبيت أركان احتلال العاصمة اليمنية صنعاء، وإبقائها تحت الطلب بالنسبة إلى الأجندة الإيرانية، ومن ذلك إطالة أمد الحرب بوصفها ملفاً ضمن أوراق اللعبة التي تديرها طهران في حسابات المكاسب والمزايدات، والعبث بكل مشاريع الحلول والتفاهمات وتعطيلها في حال لم تكن التسوية مربحة للإيرانيين.

بالنظر إلى طبيعة النفوذ الإيراني في اليمن، فإنها تنتسب إلى هوية واحدة، تكاد تتقارب وتتشابه بحذافيرها في كل الدول التي بسطت فيها إيران نفوذها؛ فبحلول نهاية عام 2012، كان الحوثيون يمتلكون منبراً إعلامياً ودعائياً يزيف وعي الجماهير العربية واليمنية ومقره في بيروت، بتمويل من حزب الله، ومخزونا متزايدا من الأسلحة نتيجة التهريب أو سطوهم على خزائن الجيش اليمني.

وبحلول نهاية عام 2014 فرض الحوثيون سيطرتهم على العاصمة اليمنية بقوة السلاح وزيف الشعارات، وأفادت التقارير بوجود بضع مئات من مدربي ومستشاري الحرس الثوري الإيراني في اليمن بينما تدرب مئات الحوثيين في قاعدة الحرس الثوري الإيراني في قم بإيران.

توسيع النفوذ الميليشياوي في اليمن وإضعاف قوام الدولة ومؤسساتها، بتعجيزها واستنزاف قدرتها على الاستمرار وأداء دورها التقليدي، يتكاملان مع بناء الخلفية الهوياتية المؤدلجة والمخترقة بالأفكار الإيرانية

وحسب الهندسة الإيرانية لمناطق نفوذها، يأتي في المقام الأول تجذير الوجود الإيراني بتجفيف منابع المقاومة الوطنية والعروبية وغرز أرضية أيديولوجية تستدمج العصبية لآل البيت مع الأجندة السياسية.

واتبعت الحركة الحوثية إجراءات منذ اقتحام ميليشياتها العاصمة اليمنية صنعاء في سبتمبر عام 2014 لإعادة تشكيل الوعي المجتمعي، عبر إعطاء الوزارات المهمة لوزراء يؤمنون بأفكارها وتوجهاتها الأيديولوجية، مثل وزارتي التربية والأوقاف، اللتين يحرص الحوثيون على إعادة صياغة مناهجهما بما يتواءم مع التوجهات الجديدة.

يتكامل مع بناء الخلفية الهوياتية المؤدلجة والمخترقة بالأفكار الإيرانية، توسيع النفوذ الميليشياوي وإضعاف قوام الدولة ومؤسساتها، بتعجيزها واستنزاف قدرتها على الاستمرار وأداء دورها التقليدي. وكلما أطلقت

ميليشيا الحوثي صواريخها الباليستية أو طائراتها المسيرة والمفخخة باتجاه المدن والمناطق السكانية داخل اليمن أو السعودية، يفتح الحديث عن دور شهلائي في اليمن مجدداً، وعن حملات الأسلحة التي تضبط على السواحل اليمنية عبر قوارب الحرس الثوري التي تسعى لتمديد الحرب وخلق ظروف استمرارها، وبقاء جرح عربي آخر مفتوحاً ونازفاً.

تشكل الحرب في اليمن، اليوم، ورقة مفيدة لإيران، لإضعاف السعودية واستنزافها، أو استخدامها للضغط في ملفات أخرى، ولا تشكل الجماعة الحوثية إلا بيدقاً في يد شهلائي الذي يتحكم في معادلة الإقدام والإحجام حسب ما تمليه المصلحة الإيرانية دون أن تأبه لحاجات اليمن ولا لمقتضيات مسألته العالقة بسبب الارتهان الحوثي للأجندة الخارجية.