الاستهداف في تناولات الإعلام..

تقرير: ميناء المخا يقصف بالصواريخ.. من هم الفاعلون والمستفيدون؟

اعمدة الدخان تتصاعد من ميناء المخا عقب قصفه يوم الـ11 من سبتمبر/ ايلول الجاري - RT

فريق الابحاث والدراسات
فريق البحوث والدراسات في مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات

حالة من الهدوء كانت تسود المكان، مسؤولون من وزارة النقل في طريقهم الى تفقد ميناء المخأ والاطلاع على إعادة تأهيل بدعم من دولة الامارات العربية المتحدة الشريك الفاعل في التحالف الذي تقوده السعودية، درجة الحرارة كانت مرتفعة بالنظر الى حالة الطقس في شواطئ البحر الأحمر، هنا في الميناء، كان الجميع منهمك في الاطلاع على ماتم إنجازه، في حين إن العالم كل العالم، لا يزال مشغولا بذكرى هجمات الـ11 من سبتمبر (أيلول)، التي ضربت الولايات المتحدة الأمريكية في العام 2001م.

لم يكن يتوقع أحد ان صواريخ وطائرات مسيرة قد تنهمر على الميناء، سقط الصاروخ الأول قرب خزان للوقود، فاشتعلت النيران فيه، سقط الأخر في مستود مواد اغاثية قدمتها منظمات دولية لليمنيين، اما الطائرات المسيرة فهي الأخرى استهدف مخازن الاغاثية، الجميع أصيب بخيبة أمل، فهذه المعونات كانت في طريقها الى المدنيين.

لم يعرف من هم الفاعلون الذين قصفوا الميناء؟، هل هم الحوثيون وحدهم ام أن هناك أطراف أخرى، فالحوثيون الذين يناصبون العداء القوات الجنوبية والمقاومة الوطنية التي يتزعمها العميد طارق صالح، يبدو انهم المتهم الأبرز لكن بالنظر الى ما نشرته وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والدولية، يمكن التوقع أن هناك مستفيدين على الأقل من الهجوم.

موقع نيوز يمن الاخباري، كان أول المواقع المحلية في اليمن التي تناولت خبر القصف الصاروخي، ونشرت صورا  تبين تصاعد أعمدة دخان كثيف في السماء، وألقى بالتهمة على الحوثيين الموالين لإيران.. مؤكدا انهم يريدون تعطيل عمل الميناء الذي استأنف العمل فيه بعد إعادة تأهيله.

وتعرض ميناء المخأ الاستراتيجي الذي اعيد تشغيله قبل أيام، لقصف صاروخي، مما أسفر عن تدمير مساعدات اغاثية قدمتها منظمات دولية للنازحين في اليمن، الأمر الذي اشير بأصابع الاتهام إلى الحوثيين والإخوان، لكنه قال إن قوات العمالقة الجنوبية "ميلشيات الحوثي بالوقوف وراء العملية التي وصفتها بالإرهابية".

موقع وكالة انباء عدن، وهو اسم موقع الكتروني يخدم الحوثيين، ذهب في تقرير نشره يوم الـ12 من سبتمبر الجاري، أي في اليوم التالي للهجوم، الى الاتهام الأمم المتحدة بالتواطؤ لتشغيل ميناء المخأ بدلا من ميناء الحديدة.

وكتب الموقع تحت عنوان " ميناء المخا .. محاولات العودة المشبوهة بمباركة أممية ، أفصح الموقف الأممي بشأن ميناء المخا الذي أُعلن عن جاهزيته لاستقبال السفن التجارية والإغاثية، منذ شهرين، عن أن الأمم المتحدة متواطئة مع التحالف في حصار الشعب اليمني، حسبما قال نائب رئيس مؤسسة موانئ البحر الأحمر بالحديدة، يحيى شرف الدين، وإلا ماذا يعني استمرار فرض الإغلاق والحصار على ميناء الحديدة الذي يمثل النافذة الوحيدة لتموين 80 في المئة من المواطنين اليمنيين.

 

موقع المشهد اليمني المقرب من الاخوان، برر على لسان احد قادة الاخوان الهجوم على الميناء، ساخرا ان قوات طارق صالح لا تستطيع الرد على الهجوم.

وقال الخبير العسكري المحسوب على الإخوان علي الذهب، إن "ميناء أو مدينة المخاء ،ككل، ليس ضمن اتفاق استوكهولم 2018، وتفاهمات تعز الملحقة بهذا الاتفاق لا تشملها، وقناعتي أن الرد لن يكون بحجم الهجوم، والأسباب معروفة. الإرادة مسلوبة إقليميا".

 أما وكالة الاناضول التركية، فقد علقت بالقول على الخبر "يتقاسم الجيش، (يتبع الإخوان) والحوثيون السيطرة على محافظة تعز، ذات الكثافة السكانية الأكبر في اليمن، فيما تسيطر قوات طارق صالح المدعومة إماراتيا على مدينة المخا (المنفذ البحري لتعز) ومينائها منذ سنوات"؛ في إشارة إلى ان الاستهداف على أساس الموالين للأبوظبي.

وفي خبر أخر، قالت وكالة الانباء التركية " التزمت جماعة الحوثي الصمت إزاء هذا الاتهام.

قناة الجزيرة القطرية، نشرت تقريراً على موقعها الالكتروني " لكن لم يختلف عن تقرير وكالة الاناضول التركية، بل الجزيرة وضعت في العنوان ان المستهدف ميناء خاضع لسيطرة قوات موالية للإمارات.

لكن من خلال البحث تبين ان الميناء كان ابرز اهداف الجزيرة الإعلامية فقد دأبت خلال التحريض على الميناء منذ أعوام.

العام الماضي نشرت القناة تقرير بعنوان " سيطرت عليه قبل 3 سنوات.. الإمارات تحول ميناء المخا اليمني لثكنة عسكرية ، وقالت الجزيرة " تحرم سيطرة القوات الإماراتية على ميناء المخا الحكومة الشرعية من عوائد تناهز 12 مليار ريال يمني شهريا تستخدمه القوات المدعومة إماراتيا لخدمة مصالحها"،  في حين ان الحكومة اليمنية تنفي هذه الشائعات من خلال بيان أصدرته بشأن الهجوم الأخير.

ونقلت صحيفة مصراوي المصرية عن الحكومة اليمنية، قولها إن الهجوم الذي شنته ميليشيا الحوثي، على ميناء المخا" يعد تحدياً صارخاً لكافة الجهود الدولية والأممية لتخفيف الأزمة الإنسانية والعمل على إنهاء الحرب في البلاد".

وقالت قناة سكاي نيوز عربية تبث من الإمارات "إن الميناء تعرض لسلسة من الهجمات على مدار الأسابيع القليلة الماضي بعضها أصاب الرصيف البحري قرب السفن الراسية".

صحيفة الشرق الأوسط السعودية فقد دعت على لسان ناشطين يمنيين الحكومة الشرعية إلى تجميد العمل بالهدنة الأممية القائمة منذ ديسمبر (كانون الأول) بموجب اتفاقية ستوكهولم، واستئناف عمليات تحرير الحديدة، رداً على الهجوم الذي أدى إلى احتراق كميات ضخمة من المواد الإغاثية التابعة للمنظمات الإنسانية والتجار.

لكن الصحيفة أوردت مصطلحات توحي بان التحالف العربي (السعودية)، من خلال نسب طارق صالح الى عمه وانه يقود قوات تسمى حراس الجمهورية، بالإضافة الى تجاهل دور القوات في القتال واكتفت الصحيفة بالقول ان القوات المشتركة ساهمت في تأهيل الميناء في حين انه تم تأهيل بدعم من الامارات العربية المتحدة.

صحيفة العربي الجديد القطرية " قالت إن استهداف الحوثيين لميناء المخا يحمل بعداً أكبر من حرمان الحكومة الشرعية من موارد مالية تأتي عبر تشغيل الميناء، إذ يأتي في إطار صراع أعمق على الموانئ الحيوية لليمن.

ويمكن استنتاج من هذا التناول الإعلامي للإخوان والحوثيين، ان أي موقع تتواجد فيه الامارات او أي قوات حليفها لها ستكون مستهدفة، لكن ما ذهبت اليه الوكالة التركية، يوحي بان نية مبيتة لعرقلة عمل الميناء، بعد ان فشلت قوات الحشد الشعبي المحسوبة على انقرة في السيطرة على الميناء العام الماضي.

بمعنى أدق الأطراف المستفيدة من الهجوم او المدبرة للهجوم ميليشيات الحوثيين بكل تأكيد لكن هذا لا يعني براءة الاخوان الذين يرون المخأ تابعة لتعز وليس لتهامة، وهو ما اشارت عليه صحيفة العربي الجديد القطرية، التي أكدت على ان الاستهداف يأتي في سياق الصراع على الموانئ اليمنية، اي أن الاستهداف يأتي في سياق محاولات اخراج القوات المشتركة التي تعتقد هذه الاطراف انها مدعومة من الامارات، وهو ما تسعى اليه جماعة الحوثي والاخوان معاً.