"رصد اخبار القتال في شبوة ومأرب"..

تقرير: لماذا فشل الجيش اليمني ونجحت قوات العمالقة الجنوبية (1-2)

قوات العمالقة الجنوبية

د. علوي عمر بن فريد
كاتب وباحث تاريخي جنوبي يكتب لدى صحيفة اليوم الثامن

يقدم الباحث د. علوي عمر بن فريد رصدا وقراءة تحليلية لمحاولة فهم  ما يجري في ساحات القتال في قطاعي شبوة  ومأرب من بداية يناير ، من المصادر والمواقع الإخبارية وأهمها " اند بند نت عربية " لخصناها بما يلي :

بداية  قامت  ميليشيات الحوثي في 21 من سبتمبر (أيلول) العام الماضي  بقصف "عقبة القنذع" التي ترابط فيها  أربعة ألوية قتالية من  الجيش اليمني، يبلغ عددها أثني عشر الف جندي ، ليتفاجأ أهالي بيحان وعسيلان وعين بانهيار تلك  القوات الحكومية المرابطة على أسوار منطقتهم، تجر عربات المدفعية منسحبة  وراء كثبان الرمال الشرقية بعيدة عن نطاق القصف الحوثي.

وقد سهلت  هذه الهزيمة  الميليشيات الحوثية من السيطرة  على مساحة شاسعة استراتيجية في شبوة ومأرب !!.

مما فاقم الأزمة بين المواطنين والشرعية   واتهامات بالفشل وعدم الكفاءة، والفساد والمحسوبية، وقد أدى ذلك إلى  فتح الطريق  أمام الميليشيات  للسيطرة على  المحافظات شرق اليمن التي  كانت حصينة وباتت فجأة  مرشحة للسقوط.!!

 كان الحوثيون يطمحون للاستيلاء على المناطق الشرقية في شبوة  الغنية بحقول النفط والغاز ومنها وادي جنة النفطي، في رملة السبعتين ، وميناء بلحاف للغاز المسال في "بئر علي" المطلة على بحر العرب، كأكبر مشروع استثماري في اليمن ومن ثم   السيطرة على مأرب.  وقد نجحت المليشيات  في التهام أربع مديريات من  مأرب  دفعة واحدة  هي : "حريب، والعبدية، والجوبة، وجبل مراد".

وفي  مطلع يناير،   قادت  "ألوية العمالقة" مركباتها من حيس بالحديدة غرباً وصولاً إلى  بيحان  وتمكنت من  تحرير 3 مديريات  من  محافظة شبوة  في 10 أيام !!

وقبل أن نعرف أسباب  تقهقر الجيش اليمني " الوطني " يجدر بنا  معرفة  تركيبته وتكوينه، فنواته  الأولى قوات عسكرية من الجيش اليمني من فترة حكم  صالح، انضمت إلى المقاومة الشعبية ضد الحوثيين في مأرب بداية الانقلاب في صنعاء 2014، تشكلت هذه القوات من خليط متنوع ومتناغم ضم رجال قبائل بمأرب ومنحدرين من المحافظات التي استولى عليها الحوثيون، فضلاً عن كثير من القادة والضباط والأفراد المنتمين إلى المؤسسة العسكرية الذين غادروا صنعاء.

من أوائل أولئك القادة اللواء الركن عبد الرب الشدادي ، الذي قُتل خلال معارك مع الحوثيين بصرواح غرب مأرب، مطلع أكتوبر (تشرين الأول) 2016، واللواء الركن أمين الوائلي، قائد المنطقة العسكرية السادسة، الذي يعد من القادة المؤسسين للجيش الوطني، وقد قتل خلال معارك غرب مأرب، في مارس (آذار) 2021، واللواء الركن ناصر الذيباني، الذي قتل جنوب مأرب، في ديسمبر (كانون الأول) 2021. والعميد زيد الحوري أركان حرب اللواء 314 مشاة الذي قتل في منتصف عام 2016 في مديرية نهم شرق  صنعاء، والعميد عبد الغني شعلان الذي أسس قوات الأمن الخاصة بمحافظة مأرب، ثم قتل في فبراير (شباط) 2021، خلال مواجهات أمام الميليشيات.

كان هؤلاء الضباط، وغيرهم، يعملون ضمن قوات المقاومة الشعبية التي تشكلت في محافظة مأرب، وقاومت تمدد ميليشيات الحوثي وحليفهم  صالح، حينما حاولت التقدم باتجاه المحافظات الشرقية لليمن. وقد كان هؤلاء القادة يعملون على الإعداد والتخطيط لمسار المعركة بجانب مقاتلي المقاومة الشعبية فيما اتجه آخرون، وعلى رأسهم اللواء محمد علي المقدشي، الذي يشغل حالياً منصب وزير الدفاع بالحكومة الشرعية، إلى منطقة العبر، الواقعة ضمن مسرح عمليات المنطقة العسكرية الأولى التي أعلنت ولاءها لقوات الحكومة الشرعية، ومن هناك عمل مع عدد من القادة على تأسيس نواة جيش جديد يقوم بدور أساسي في مواجهة الحوثيين، إلى جانب الدور الذي اضطلعت به طلائع المقاومة الشعبية.

كانت هناك سبع مناطق عسكرية تشكل مسرح العمليات العسكري في البلاد، وقد خضعت معظم هذه المناطق للانقلاب الحوثي، وسخرت قواتها لاجتياح المناطق التي ترفض الانصياع باستثناء منطقتين، المنطقة العسكرية الأولى في حضرموت، ، وأجزاء من المنطقة العسكرية الثالثة في محافظة مأرب.

ظلت المنطقة العسكرية الثالثة تحت قيادة اللواء الركن عبد الرب الشدادي، فيما ظلت المنطقة الأولى لفترة طويلة خلال الحرب خارج نطاق العمليات العسكرية الدائرة بين قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من جهة وميليشيات الحوثيين من جهة أخرى، فيما شاركت المنطقة العسكرية الثالثة على نحو محدود في بعض العمليات في حرب مأرب.

ظلت أجزاء من المنطقة العسكرية الثالثة متماسكة في القيادة والسيطرة، وبادرت إلى قتال الحوثيين وعملت على تأهيل كتائب عسكرية تسند المعركة منذ وقت مبكر، في مدينة مأرب بقيادة اللواء عبد الرب الشدادي، وكانت تتكون من ثلاثة ألوية مشاة ومدرعة، هي : اللواء 312 مشاة الذي تمركز في مديرية صرواح، غرب مأرب، واللواء 13 مشاة، واللواء 14 مدرع في مدينة مأرب نفسها.

وقد مثلت هذه الألوية النواة الأولى للجيش وشاركت في المعارك قبل وبعد تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية في مارس (آذار) 2015.

في الوقت الذي كان فيه عدد من الضباط يعملون على تأسيس جيش وطني على أنقاض القوات المتبقية من المنطقة العسكرية الثالثة، أصدر الرئيس عبد ربه منصور هادي، في 3 مايو (أيار) 2015، قراراً بتعيين اللواء الركن محمد علي المقدشي رئيساً لهيئة الأركان العامة بالقوات المسلحة اليمنية (الجيش الوطني)، خلفاً للواء حسين خيران الذي كان يشغل منصب رئيس هيئة الأركان في صنعاء لكنه انضم إلى الحوثيين، وصدر قرار جمهوري لإحالته إلى المحاكمة العسكرية بتهمة الخيانة العظمى.

مثل اللواءان 21 و23 ميكانيك في منطقة العبر التابعة للمنطقة العسكرية الأولى مركزين لتدريب وإعداد المقاتلين وإرسالهم إلى جبهات القتال، إسناد رجال القبائل والمقاومة الشعبية، وألوية المنطقة العسكرية الثالثة، في محافظة مأرب.

بعد عدة أشهر من التدريب للقوات التي مثلت نواة للجيش الوطني، نشأت قوات عسكرية حديثة التشكيل من أفراد المقاومة الشعبية أطلق عليها اسم "كتائب الصقور" وتكونت من أربع كتائب تتمتع كل كتيبة منها بقيادة مستقلة مدعومة من التحالف، ثم كلفت بالتحرك نحو محافظة مأرب.

استطاعت هذه القوات تحرير المناطق المحاذية للمدينة والتحرك نحو منطقة الفاو والتمدد باتجاه المرتفعات الجبلية، ثم توالت تشكيلات أخرى من القوات تضمنت العديد من الكتائب والألوية، مثل اللواء 141 مشاة بقيادة  هاشم عبد الله الأحمر واللواء، 26 ميكانيك بقيادة اللواء مفرح بحيبح، وهي أول ألوية عسكرية متكاملة ذات قوة بشرية كبيرة، وكان مسرح عمليات اللواء 141 في منطقة نخلا حتى معسكر ماس الذي كان أكبر القواعد العسكرية في محافظة مأرب، وكان يتبع سابقاً ما كان يعرف بقوات الحرس الجمهوري التي انخرطت مع الحوثيين في محاولة السيطرة على مأرب. ثم تحرك هذا اللواء باتجاه السلاسل الجبلية الممتدة في مديرية نهم شرق العاصمة صنعاء.

أما اللواء 26 ميكانيك بقيادة اللواء مفرح بحيبح، فكان مسرح عملياته غرب مأرب والسلسلة الجبلية الممتدة من جبال المشجح وهيلان ثم انتقل هذا اللواء في ما بعد إلى مديريات بيحان وحريب جنوب مأرب، وأما اللواء 314 مشاة فكان مسرح عملياته مديرية نهم مع إسناد اللواء 141 مشاة للتوغل باتجاه  صنعاء، فيما كان مسرح عمليات اللواء 143 مشاة بقيادة العميد ذياب القبلي مناطق سد مأرب التاريخي وجبال البلق، التي أحكمت الميليشيات الحوثية سيطرتها عليها.

وقد وصلت هذه القوات إلى مختلف محاور القتال الممتدة من شمال شرقي محافظة مأرب، وصولاً إلى  الجوف ومروراً بغرب مأرب وحتى محافظة صنعاء وجبال نهم. ومع استمرار وصول قوات أخرى إلى مختلف مسارح العمليات حققت انتصارات كبيرة بلغت بعضها مشارف  صنعاء التي تخضع لسيطرة الحوثيين، ثم شكلت المناطق العسكرية الواقعة في نطاق مختلف المعارك وهي المنطقة السادسة التي يضم مسرح عملياتها محافظة الجوف والمنطقة السابعة التي يضم مسرح عملياتها جبال نهم ومحافظة صنعاء.