الحرب في اليمن..

تحليل: لماذا تلجأ المليشيات لتفجير منازل خصومها باستمرار؟

الحوثيون دمروا منازل في البيضاء وسط اليمن

خاص (عدن)

البديهي أن المليشيات الحوثية التي تسيطر على العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى، تلجأ عادةً الى اتخاذ أساليب خاصة للتعامل مع خصومها، أبرزها سياسة تفجير منازل الخصوم ومساواتها بالأرض، وأيضاً تصوير هذه العمليات العدائية ونشرها على نطاق واسع، لأسباب قد تكون لها أبعاد استراتيجية في نظر المليشيات، و تبنى عليها أهدافاً ورسائل معينة تجد أن هذه الوسيلة هي المُثلى لتوصل عبرها تلك الرسائل للخصوم.

 منذ مطلع العام 2014م، -وهو التاريخ الذي بدأ فيه صلف المليشيات الحوثية يتعدى حدود أماكن محصورة تأوي مقاتليها في جبال وكهوف صعدة الواقعة أقصى الشمال اليمني- بدأت المليشيات باستخدام هذه الاستراتيجية مع الخصوم، وكان سلفيو دماج أول من أجريت عليهم تجربة "تفجير المنازل" إثر حربٍ جرت بين الطرفين وانتهت بتهجير السلفيين وفتح أول عقدة في حبل التمدد الحوثي على البلاد.

 عادةً ما يتم استخدام أساليب معينة في الحرب من قبل الأطراف المتنازعة، الهدف منها "ترويع الخصم" وأحياناً "إبداء القوة" او"توجيه رسائل معينة" للخصم، ليثبت الطرف الآخر توجهات معينة لديه. وبالعودة الى قراءة بعض نماذج الحرب نجد أن أساليب مماثلة جرى استخدامها في الكثير من المعارك على مستوى العالم، وإذا ما اطلع المتابع على الحرب الاسرائيلية التي شُنت على قطاع غزة عام 2009 فإن الاسرائيليين استخدموا لها مصطلح " الرصاص المصبوب" وهو مسمى له هدف معين يمكن أن يكون "إبداء القوة" أو بالعودة الى 2003م، وقراءة الحرب الأمريكية على العراق فكانت عملياتها الأولى تحت مسمى "الصدمة والترويع" التي أطلقها آنذاك رئيس الولايات المتحدة جورج بوش، والمسمى له أبعاده طبعاً، ونماذج أخر مثل "حرب فيتنام" مثلاً.

 بالعودة الى أسلوب المليشيات الحوثية في تفجير المنازل، فإنه يمكن للمراقب العودة الى الوراء وترقب زحف المليشيات صوب صنعاء مرورها بمحافظة عمران، وكم منزلاً فجرت في هذه المحافظة التي كانت تشكل أكبر قاعدة في البلاد لذراع الاخوان المسلمين في اليمن " الإصلاح"، الذين استخدمت معهم المليشيا هذه الاستراتيجية بشكل كبير، سواء ضدهم كقيادات او ضد الحزب ذاته.

 تشير المعطيات في حال قراءتها على نحو منطقي ، الى أن الجماعة ماضية في التعامل مع الخصوم بهذه الطريقة بشكل مستمر، فإلى قبل كتابة هذه السطور كانت المليشيات تفجر ثلاثة منازل في مديرية "نهم" شرقي صنعاء وقبلها منازل في البيضاء وتعز والجوف وغيرها من المحافظات المحررة، وهي منازل قيادات في الجيش الوطني التابع للحكومة الشرعية، تحاول المليشيا إيصال رسائل معينة لها عبر هذه الأساليب.

القول أن أي طرف في أي نزاع يظهر بهيئة أخلاقية، فيما الطرف الآخر هو من يخرق قواعد وقوانين الحرب، لا يكاد يعدو من كونه حديث مثل "سراب خادع" وهي توجهات كلامية غير مصدقة، وتكون في العادة رسائل دعائية لتلميع أطراف النزع، بينما الواقع يكون مختلفاً جذرياً لأسباب تفرضها طبيعة النزاع ومدى الحقد المتراكم بين الطرفين، حيث أنه يخلق حالة انتقامية قد تتولد في المقاتل ذاته إن لم يكن في القوات كلها. وعليه يمكن اعتبار المفاضلة في هذا الجانب، بأنها أمر مفتوح لكل الاحتمالات.

 ختاماً يمكن الجزم، أن المليشيات الحوثية لن تكتفي بما فجرته من منازل الخصوم على الإطلاق، وستواصل هذه الوسيلة للانتقام دائماً، خاصة وأنها ترى فيها حلاً ناجعاً لمعاقبة كل من يقف في الطرف المعادي لها، وربما يكون هذا الأسلوب غرضاً مقنناً تستخدمه الجماعة، وليس أمراً عشوائياً يحدث خارج منظومة التوجه العسكري الحوثي للتعامل مع الخصوم.

*تحليل اعده مراسل اليوم الثامن في صنعاء