"سلاح في حاويات الإغاثة"..
دراسة تحليلية: كيف يُهرَّب السلاح إلى الحوثيين في اليمن؟ الفاعلون والمسارات من 2014 حتى 2025
تعد هذه الدراسة من أوثق المراجع الميدانية التي قدمت سردًا تحليليًا ممنهجًا حول شبكات تهريب السلاح إلى الحوثيين، بما يوفّر أرضية معرفية مهمة لصنّاع القرار والمجتمع الدولي من أجل بناء سياسات فعالة للحد من هذا التهديد الممتد عبر الممرات البحرية الأكثر حساسية في العالم

مسلحون من جماعة الحوثي اليمنية الموالية لإيران يرددون هتافات مناهضة للولايات المتحدة الأمريكية - وكالات

كشفت دراسة تحليلية صادرة عن مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات"، أعدّتها الباحثة أحلام عبد الكريم، عن ملامح شبكة تهريب إقليمية ودولية معقّدة تقف وراء عمليات تسليح جماعة الحوثيين في اليمن منذ العام 2014، وتستمر بوتيرة متسارعة حتى عام 2025، رغم قرارات مجلس الأمن والعقوبات الدولية المفروضة.
ووفق ما جاء في الدراسة، تحتل إيران موقع الرأس في هذه الشبكة، حيث تتولى عمليات الإمداد المباشر بالسلاح والمعدات النوعية من موانئها الجنوبية، وعلى رأسها بندر عباس وجاسك، عبر سفن تجارية وشحنات مخفية، باستخدام زوارق سريعة أو سفن دعم لوجستي، كان من أبرزها السفينة "سافيز" التي اتخذت مواقعها الاستراتيجية في عرض البحر الأحمر على مدار سنوات. كما عملت إيران، بحسب الوثائق، على استخدام قواعدها البحرية لتفريغ شحنات صواريخ وطائرات مسيّرة تم إرسالها مباشرة إلى شواطئ الحديدة وميناء الصليف ورأس عيسى، حيث تهيمن جماعة الحوثي على الممرات البحرية والمنفذ الغربي للبلاد.
الدراسة كشفت أيضًا عن تعدد المسارات التي تم من خلالها تمرير هذه الشحنات، حيث شملت طريقًا بحريًا عبر بحر العرب وخليج عدن، وآخر بريًا عبر سلطنة عمان مرورًا بالمهرة وصولًا إلى صعدة، إلى جانب مسار ثالث تم استخدامه عبر شحنات تجارية تحمل أغطية إنسانية، ما سمح بتهريب معدات عسكرية خفيفة تحت ستار منظمات إغاثة.
في هذا السياق، سلّطت الدراسة الضوء على ما وصفته بـ"التواطؤ الصامت" لبعض الجهات المحلية والدولية، بما في ذلك شخصيات في مؤسسات حكومية ومحلية في اليمن، ساهمت – وفقًا للمصادر – في تسهيل عبور شحنات مشبوهة لقاء امتيازات مالية أو سياسية.
كما رُصدت صلات مباشرة بين الحوثيين وشبكات تهريب مرتبطة بحزب الله اللبناني، وتنظيمات صومالية عاملة في سواحل القرن الإفريقي، ما يُشير إلى أن عملية تهريب السلاح لم تعد مجرد نشاط عسكري عابر، بل مشروع نفوذ إقليمي يمتد عبر جغرافيا متشابكة من المياه المفتوحة والحدود الهشة.
ولم تُغفل الدراسة الحديث عن الدور الغامض لجيبوتي، التي رغم استضافتها لقواعد بحرية دولية، باتت – بحسب الباحثة – منصة لعبور شحنات ممنوعة إلى الحوثيين. ففي أغسطس 2020، جرى ضبط شحنة تضم 40 ألف صاعق كهربائي خرجت من شركة جيبوتية ووُزّعت لاحقًا في مناطق حوثية. كما تم توقيف شحنة أخرى في مارس 2021 تحتوي على 225 طنًا من المواد الكيميائية المستخدمة في تصنيع المتفجرات. واعتبرت الدراسة أن الموقف الجيبوتي من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر خلال 2024 يطرح تساؤلات جدية حول حيادها، لا سيما بعد تصريحات مسؤولين بارزين عبّروا عن "تفهمهم" لتلك الهجمات بزعم التضامن مع القضية الفلسطينية.
ومن ضمن النتائج اللافتة التي توصلت إليها الدراسة، أن الجماعة الحوثية استطاعت ترسيخ حضورها في مناطق الساحل الغربي لليمن وتوظيفها كموانئ استقبال متقدمة لشحنات الأسلحة القادمة، عبر عمليات دقيقة تشمل نقل القطع على مراحل، باستخدام قوارب صيد، وتفريغ الشحنات في جزر نائية مثل ميون وكمران، وصولًا إلى خطوط الإمداد الداخلي في صعدة وصنعاء.
وشددت التوصيات على ضرورة تشكيل تحالف إقليمي جديد لمكافحة شبكات التهريب، مع دعم الجهود المحلية في فرض السيطرة على الموانئ والمناطق الساحلية، وتشديد الرقابة على الممرات البحرية، وتفعيل آليات رقابة الأمم المتحدة التي وصفتها الدراسة بـ"المشلولة"، بسبب ضعف التمويل والتغطية البشرية.
وتعد هذه الدراسة من أوثق المراجع الميدانية التي قدمت سردًا تحليليًا ممنهجًا حول شبكات تهريب السلاح إلى الحوثيين، بما يوفّر أرضية معرفية مهمة لصنّاع القرار والمجتمع الدولي من أجل بناء سياسات فعالة للحد من هذا التهديد الممتد عبر الممرات البحرية الأكثر حساسية في العالم.
📎 للاطلاع على الدراسة الكاملة من هنا PDF