الشراكات الموسيقية..

طارق وهيثم رافي… ثنائي فني يجمع التراث العُماني بروح العالم

يكتب طارق ألحانه على مبدأ الاقتصاد الدقيق جمل قصيرة ومساحات نظيفة وهندسة صوت تقلل الزوائد ليبقى الصوت في الواجهة حيث ينتمي ومعه يتقدم الإحساس قبل التقنية من غير أن تتنازل الجودة عن أي تفصيلة

طارق وهيثم رافي يعيدان الإيقاع العُماني إلى الواجهة - اليوم الثامن

ولاء عمران
كاتبة وصحافية لدى صحيفة الجمهورية المصرية ومجلة حريتي وصحيفة اليوم الثامن

 يثبت الثنائي العُماني، الملحن طارق والمطرب هيثم رافي، أن الشراكات الموسيقية حين تُبنى على رؤية مشتركة وهوية واضحة قادرة على إنتاج أعمال تتجاوز حدود اللهجات والأسواق. بين “ما حد كمايك” ذات النفس العاطفي الشعبي، و“ليلى” ذات الطموح العابر للغات، تتجلى محاولة واعية لصوغ علامة صوتية تستند إلى الإيقاع العُماني وتخاطب مستمعًا عالميًا بأدوات توزيع حديثة.

في سوق عربي يتجه نحو البوب الممزوج ويبحث عن نبرة محلية قابلة للتصدير، يقدّم طارق وهيثم مقاربة عملية قوامها هوية محلية صلبة وإنتاج حديث وشراكات مدروسة. النتيجة لا تقف عند حد أغنيتين ناجحتين، بل تلامس نموذج عمل متوازن يزاوج بين الأصالة والانتشار.

تأتي الأغنية بمشاركة الفنانة أشواق، بكلمات الشاعر حسن المعشني ولحن طارق، حيث يستعاد إيقاع الطبل الشعبي العُماني في بناءٍ إيقاعي بسيط ومحكم. يشتغل اللحن على جمل قصيرة تتصاعد تدريجيًا وتفسح مجالًا للتطريب الهادئ بدل الاستعراض، فيما حافظ “الموس” في التوزيع والمكساج والماستر على مساحات صوتية نظيفة، مقدّمًا الإيقاع في واجهة المشهد من دون أن يطغى على الخط الغنائي. تتجاوز الأغنية اللفتة الفولكلورية إلى إعادة الإيقاع المحلي إلى صلب القرار الإنتاجي، لتبدو العاطفة أقرب إلى حديث يومي لا خطابة.

يجمع العمل الثاني هيثم رافي بالمطرب الروسي Doni بكلمات محفوظ اليحيائي وألحان طارق وتوزيع Daveed. يتسع الرهان هنا عبر مزاوجة لهجة مصرية وأخرى روسية، وإيقاعات شرقية مطعّمة بلمسات بوب غربي. الفكرة تقوم على تغيير زاوية الاستماع؛ فلا يُطلب من العالم الدخول إلى القالب العربي الصرف، بل تُفتح نافذة لغوية وصوتية مشتركة. يتكئ البناء الموسيقي على خط إيقاعي قابل للرقص وسِنث خفيف وباس دافئ يرسّخ المعاصرة من دون إلغاء الروح الشرقية، فيما يبدو الديو خطوة تموضع محسوبة نحو أسواق محتملة مع الحفاظ على توقيع طارق اللحني.

تتبدّى الحرفية في إدارة سلسلة القيمة الإبداعية كاملة؛ كتابة ملائمة للنطاق اللحني، ولحن متوازن لا يتمدّد على حساب الغناء، وتوزيع يقدّم الإيقاع بوصفه عنصر هوية، وهندسة صوتية تترك مساحة كافية للتعبير. يسهم هذا النسق في تقليل الضجيج التقني وإبراز البصمة.

يتضح من تفاعل الجمهور تداول مقاطع مقتطفة صالحة لمنصات الفيديو القصيرة، وحديث ملحوظ عن جاذبية الإيقاع في “ما حد كمايك” وفضول تجاه مزج اللغتين في “ليلى”. يعكس هذا النمط من التلقي أولوية قابلية الاقتباس والاستخدام في معايير النجاح المعاصر، ويؤشر إلى إمكانات نمو تتجاوز الحيز المحلي.

لا يتعامل الثنائي مع التراث بوصفه مادة متحفية، بل بوصفه طاقة حيّة قابلة للتسييل في قوالب معاصرة. يصبح الإيقاع الشعبي عملة ثقافية متداولة تُستثمر في بناء صورة موسيقية لعُمان كبيئة تُنتج وتبتكر، لا تقتصر على الحفظ والاستذكار.

تتمثل أبرز التحديات في حفظ التوازن الدقيق بين المحلي والعالمي بحيث لا تُفقد الشخصية الصوتية ولا تُضيَّق القاعدة الجماهيرية، وفي إدارة الحقوق والتراخيص بحرفية نظرًا لطبيعة الشراكات العابرة للحدود، وفي تحويل النجاح الفني إلى حضور توزيعي وتسويقي فاعل على قوائم التشغيل والتعاون مع المنصات المؤثرة.

تبدو الخطوة التالية طبيعية عبر تقديم نسخ حيّة وأكوستيك تُظهر جودة الغناء واللحن خارج الاستوديو، وإصدار ريمكسات رسمية مع منسّقي موسيقى من شرق أوروبا للاستفادة من حضور Doni، وإطلاق فيديو كلمات ثنائي اللغة لـ“ليلى” لزيادة التداول، وتقديم ميني-ألبوم يجمع الأعمال مع مقطوعات انتقالية قصيرة تُبرز الهوية الإيقاعية العُمانية، إلى جانب سردية محتوى منتظمة على المنصات تُوثّق جلسات التمرين وتشرح الإيقاعات وفلسفة اللحن بما يضيف طبقة معرفية حول الموسيقى.

تسجّل “ما حد كمايك” بصوت هيثم رافي وبمشاركة أشواق، وكتب كلماتها حسن المعشني ولحّنها طارق وتولّى “الموس” توزيعها ومكساجها وماسترها في إطار عاطفي شعبي يرتكز إلى الطبل العُماني. أما “ليلى” فتقدَّم ديو يجمع هيثم وDoni بكلمات محفوظ اليحيائي وألحان طارق وتوزيع Daveed، حيث يمتزج الطابع العربي بلمسات غربية مع حضور لهجة مصرية ومقاطع روسية.

لا يكمن السر في جمال اللحن وحده، بل في هندسة الشراكة التي تجعله قابلًا للحياة عبر منصات وأسواق متعددة. يقدم طارق وهيثم رافي نموذجًا متزنًا لروح عُمانية أصيلة تُصاغ بأدوات حديثة وتطرق أبواب جمهور العالم بثقة وهدوء، لتبدو “ما حد كمايك” و“ليلى” بداية ممكنة لسلسلة أوسع ترسّخ اللون العُماني لاعبًا حاضرًا في خريطة البوب العربي المعاصر.

وطارق هو ملحن عُماني معاصر يصوغ هوية لحنية تستند إلى الإيقاع العُماني وتندمج بسلاسة في قالب بوب حديث يعتمد الجُمل القصيرة ويمنح الغناء مساحة صافية في الواجهة تعاون مع المطرب هيثم رافي في أعمال لافتة من بينها ما حد كمايك بمشاركة أشواق وليلى الديو العابر للغات مع Doni مع اعتماد توزيعات حديثة تُبرز الطبل العُماني وتفتح قنوات استماع إقليمية ودولية ويراهن طارق على شراكات عابرة للحدود وتحويل الخصوصية المحلية إلى علامة صوتية قابلة للتداول