السعودية دون استراتيجية والشرعية دون رؤية..

تقرير أمريكي: أي دور مستقبلي للأحمر سيغضب الجنوبيين

متظاهرون جنوبيون يحرقون صورة للجنرال علي محسن الأحمر عدن في العام 2014م

خاص (الرياض)

مرة أخرى تكسر صحيفة (القدس العربي) الحظر في السعودية وتصل إلى قصر الرياض حيث يقيم الرجل المزدوج في العلاقة بين الرياض والدوحة الجنرال الإخواني علي محسن الأحمر، الأمر الذي يؤكد غياب الاستراتيجية السعودية في اعادة جارتها المتمردة على الاجماع الخليجي.

"في مكتبه بالعاصمة السعودية الرياض"، تفاخر محمد جميح الصحفي الإخواني المقرب من نظام تميم والمحرر اليمني الأبرز في (القدس العربي) والمقيم في لندن، وهو ثالث لقاء لهذا الصحفي في العاصمة السعودية الرياض التي تخوض حربا إعلامية ضد جارتها الدوحة المتحالفة مع إيران العدو الأبرز للعرب والخليج.

 يقول جميح ان "إن الفريق الأحمر تحدث لصحيفة «القدس العربي» القطرية عن «قهوة سكبها الحوثي للكل»، وأنه لم يبق أحد في اليمن لم يشرب من قهوة الحوثي، وأن الدور الآن جاء على الحوثي نفسه، ليشرب القهوة التي عليه أن يختارها بالنكهة التي يريد"، لكن ماذا عن قهوة قطر التي باتت تسكب في الرياض في حين يرفع الاعلام السعودي والخليج شعار الحرب في مواجهة الإرهاب القطري.

لم يعد أحد يفسر ما يحصل في السعودية، لكن ما يمكن تفسيره هو حالة الانقسام التي بدت واضحة في الحكم، فطرف يقف الى جانب الخليج ضد قطر المتورطة بدعم الحوثيين والتيارات الإرهابية الإخوان، وآخر لا يزال يحافظ على شعرة معاوية مع الدوحة ان لم تكن قطر هي المتحكم الرئيس في الادوات التي باتت تمتلكها في السعودية.

زجت السعودية بالعشرات من العناصر السياسية والقيادية المحسوبة على قطر في السجون، لكنها تركت المجال مفتوحا امام اليمنيين الذين يدينون بالولاء للدوحة، فهي لم تمنع صحيفة (القدس العربي) من الوصول الى الرياض في ثالث مناسبة، في حين تقوم الحكومة السعودية بحجب موقع الصحيفة على شبكة الانترنت.

يرتبط الأحمر بعلاقة وثيقة بنظام الدوحة، وقد سبق وزاره خلال العام المنصرم وزار الأمير تميم بن حمد العام المنصرم وطلب منه امداد قوات الإخوان المسلمين في مأرب بالسلاح والعتاد، غير ان السعودية التي لم تبخل على الأحمر لا تزال تعتبره رجلها الأول على الرغم من ادراكها لعلاقته القوية بنظام قطر.

قال الأحمر الذي اتجه مؤخرا صوب الجنوب في محاولة لإخضاعه عسكريا "أنا اليوم متفائل جداً إزاء مستقبل اليمن، وواثق من النصر بإذن الله، ونحن في نهاية السبع العجاف، وسيكون اليمن في خير وعافية بعدها بفضل الله، ثم بجهود اليمنيين مدعومين من أشقائهم العرب، وأصدقائهم حول العالم".

هذا التفاؤل ربما يكشف أن الأحمر قد بات مطمئنا على بقاء الجنوب ضمن الوحدة اليمنية، او بالأحرى اقترابه من استعادته السيطرة عليه بعد ان نجحت القوات الجنوبية وبدعم من التحالف العربي بدحر القوات العسكرية التي سقطت بيد الحوثيين، لكن التحركات الأخيرة للحكومة الشرعية يقول مسؤولون إنها تؤكد سعي الأحمر إلى السيطرة على عدن وشبوة.

لكن ما يثير الانتباه هو ما نشرته صحيفة (14 أكتوبر) العريقة في عدن والتي تمتلكها الحكومة اليمنية حيث اشارت في صدر صفحتها الأولى إلى لقاء الأحمر بصحيفة (القدس العربي) القطرية، وهو ما يعني ان السياسة التحريرية في الصحيفة قد امتلك ادواتها الأحمر.

وأكدت مصادر عاملة في الصحيفة التي تعاني من ضائقة مالية لـ(اليوم الثامن) "إن السياسة التحريرية تغيرت في الآونة الأخيرة، بعد ان وعد الأحمر بدعم الصحيفة بأموال لتسيير أمورها في ظل ما تعاني من شحة في الموارد المالية والطباعية.

 

الدوحة تكسر الحظر وتخترق الرياض

أثار إجراء نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر، حوارًا في الرياض مع صحيفة (القدس العربي) التي تملكها قطر، تساؤلات الأوساط السياسية اليمنية، حول ما إذا كان هذا اللقاء تأكيدًا لما يتردد بشأن اختراق الدوحة لأطراف في الحكومة اليمنية الشرعية.

وهذا الحوار هو الثاني من نوعه بين الصحيفة القطرية والأحمر بعد حوار سابق في شهر سبتمبر، معه ومع الرئيس عبدربه منصور هادي.

وتعرف الأوساط الإعلامية أن (القدس العربي) تنتهج كغيرها من الأذرع الإعلامية القطرية خطًّا معاديًا بشدة للسعودية، وولي عهدها الأمير محمد بن سلمان.

وتكيل الصحيفة القطرية يوميًا، للأمير محمد بن سلمان والمملكة الاتهامات عبر التقارير الموجهة، ومقالات الرأي وحتى ما يسمى بـ(الافتتاحيات) التي هي تعبير علني عن وجهة نظر الصحيفة.

ويقول رئيس مركز عدن للبحوث الاستراتيجية، حسين حنشي إن "الأمر سيكون واضحًا، إذا ما علمنا أن التنسيق لحوارات الرئيس هادي منوط بإدارة مكتبه، والتي يشرف عليها مدير المكتب عبدالله العليمي، وهو شاب مؤدلج إخوانيًا، وينتمي إلى حزب الإصلاح، والحزب كفرع لجماعة الإخوان المسلمين يدير معاركه انطلاقًا من مصالح الجماعة، وليس الدولة، وهنا الجماعة في علاقة تاريخية مع قطر، التي تملك صحيفة (القدس العربي)".

وقال حنشي إن "العليمي ومن خلفه الجماعة، أرادوا لقاءات الرئيس هادي كمقدمة للقاءات نائب الرئيس، علي محسن الأحمر، الذي ينتمي للجماعة، وبالتالي متى ما أجرى محسن لقاءً مع الصحيفة لن يكون هناك ضير، فهو ليس الوحيد، فالرئيس من قبله أجرى لقاءً معها، وهي فرصة كذلك للإعلام القطري لتقديم وجهة نظر الشرعية، عبر الرجلين في أعلى هرمها كوجهة نظر تخدم سياسة الإخوان ومن خلفهم قطر".

وردًّا على إمكانية تفسير خطوات الحكومة اليمنية، بعد إغلاقها مكتب قناة (الجزيرة) القطرية، بمحافظة تعز، في حين أن صحيفة (القدس العربي) القطرية تنشر في اليوم التالي، حوارًا مع نائب رئيس اليمن، يرى المحلل السياسي، حسين لقور، أن "الحكومة الشرعية لا تمتلك رؤية واضحة".

وأعلنت الحكومة اليمنية، في يونيو من العام الماضي، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وتأييدها لقرار قوات التحالف العربي المشترك، بإنهاء مشاركة القوات القطرية في تحالف دعم الحكومة اليمنية، بسبب ما وصفه البيان بـ"افتضاح ممارسات قطر وتعاملها مع المليشيات الانقلابية ودعمها للجماعات المتطرفة في اليمن، مما يتناقض مع الأهداف التي اتفقت عليها الدول الداعمة للحكومة اليمنية الشرعية".

الأحمر والإرهاب

صنف مركز دراسات دولي ومقره في واشنطن نائب الرئيس اليمني الحالي اللواء علي محسن الأحمر ضمن الشخصيات الراعية للجماعات الإرهابية.

وفي دراسة نشرها الباحث الأمريكي بيتر ساليسبري ونشرت في معهد الخليج للدراسات ومقره واشنطن تمحورت حول اليمن وأبرز الشخصيات الجدلية فيها، ومراحل الصراع والحروب الداخلية التي عاشتها البلاد.

وقال الباحث "ان علي محسن الاحمر يعتبر لاعبا مؤثرا في شبكة من الجماعات القبلية والسنية والاسلامية التي مركز ثقلها هو حزب الاصلاح, المعروفة بشكل كبير "وغير دقيق" باسم الاخوان المسلمين. كما انه يتهم بالمساعدة برعاية المجموعات الاسلامية التي اصبحت في نهاية المطاف "تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية"، الامتياز المحلي للحركة المتطرفة العالمية.

وبحسب المعهد فقد تمكن محسن من تقديم نفسه للسعوديين باعتباره "اخر امل لتحقيق النصر العسكري ضد الحوثيين, وكخط دفاع اخير عن الجمهورية اليمنية"، ويتهم هو وعدد متزايد من اليمنيين الحوثيين بانهم يريدون استعادة الامامة, بشكل ادق النظام الملكي الديني الهرمي، الذي ساد في اليمن على مدى 1000 عام.

وفيما لو تمكن من تحقيق نتائج ملموسة على الارض، كما جاء في الدراسة، فقد يكون محسن قادرا على الانطلاق مرتكزا على منصبه الحالي ليهندس لنفسه عودة غير متوقعة الى السلطة. ومتى ما حدث ذلك, فإن ماضيه سيكون محط تدقيق كبير، ومن المرجح ان يكون أي دور مستقبلي لمحسن مصدر غضب للجماعات الجنوبية التي ماتزال تلومه بسبب تجاوزات الحرب الاهلية بين الشمال والجنوب عام 1994م.