مكافحة الإرهاب وخطوط التهريب

الانتقالي الجنوبي يوضح دوافع تحركاته في حضرموت والمهرة والسعودية تدعو لخفض التصعيد

أعادت التطورات الميدانية في شرق وجنوب اليمن فتح نقاش حساس داخل معسكر التحالف العربي حول إدارة الترتيبات الأمنية وآليات التنسيق. وبين تأكيدات الشراكة والتباينات المعلنة في المواقف، يبرز المشهد بوصفه اختباراً لقدرة الأطراف على احتواء الخلافات التكتيكية دون المساس بالهدف المشترك المتمثل في حفظ الاستقرار ومواجهة التهديدات العابرة للحدود.

الانتقالي يؤكد التزامه بالشراكة مع دول التحالف العربي

المكلا

أكد المجلس الانتقالي الجنوبي التزامه بالشراكة مع دول التحالف العربي في مواجهة التحديات والتهديدات المشتركة، مشدداً على أن تحركاته الأخيرة في محافظتي حضرموت والمهرة تأتي في سياق أمني يهدف إلى حماية الجنوب وترسيخ الاستقرار، وليس في إطار القطيعة مع التحالف أو تقويض جهود التنسيق الإقليمي. وقال المجلس في بيان رسمي إنه منفتح على أي تنسيق أو ترتيبات تقوم على أساس ضمان حماية أمن ووحدة وسلامة الجنوب، وبما يلبي تطلعات السكان ويمنع عودة التهديدات الأمنية.

وأوضح البيان أن القوات المسلحة الجنوبية ستواصل مهامها في مواجهة التنظيمات الإرهابية وقطع إمدادات وطرق تهريب ميليشيات الحوثي، مع تأمين وادي حضرموت والمهرة وبقية محافظات الجنوب، معتبراً أن هذه المناطق ظلت خلال السنوات الماضية ممراً حساساً لتهريب السلاح والتمويل، ومسرحاً لتحركات جماعات متطرفة تهدد الأمن المحلي والإقليمي. وأكد المجلس أن التحرك الميداني جاء استجابة لاعتبارات أمنية ملحة، وفي مقدمتها منع استخدام الوادي والصحراء كعمق لوجستي للجماعات المسلحة، وحماية المؤسسات العامة والسكان من أي اختلالات أمنية محتملة.

في المقابل، أعربت وزارة الخارجية السعودية عن قلقها من التصعيد العسكري في محافظتي حضرموت والمهرة، مؤكدة أن المملكة لا تزال تعول على تغليب المصلحة العامة، وأن يبادر المجلس الانتقالي الجنوبي بإنهاء التصعيد والخروج السلس والعاجل لقواته من المحافظتين اللتين سيطر عليهما مطلع الشهر الجاري. واعتبرت الوزارة، في بيان نقلته وكالة الأنباء السعودية «واس»، أن التحركات العسكرية تمت بشكل أحادي ودون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع قيادة التحالف، ما أدى إلى تصعيد غير مبرر أضر بمصالح الشعب اليمني بمختلف فئاته، وبالقضية الجنوبية وجهود التحالف.

وأشار البيان السعودي إلى أن المملكة آثرت خلال الفترة الماضية التركيز على وحدة الصف وبذل الجهود للوصول إلى حلول سلمية لمعالجة الأوضاع، مؤكداً أن الرياض عملت بالتنسيق مع الإمارات العربية المتحدة ورئيس مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية لاحتواء الموقف. وذكر أن فريقاً عسكرياً مشتركاً من السعودية والإمارات أُرسل لوضع ترتيبات ميدانية مع المجلس الانتقالي في العاصمة عدن، بما يكفل عودة قواته إلى مواقعها السابقة خارج المحافظتين، وتسليم المعسكرات لقوات درع الوطن والسلطة المحلية وفق إجراءات منظمة وتحت إشراف قوات التحالف.

من جانبها، رحبت دولة الإمارات بالجهود الأخوية التي تبذلها المملكة العربية السعودية لدعم الأمن والاستقرار في اليمن، مثمنة دورها في خدمة مصالح الشعب اليمني وتحقيق تطلعاته المشروعة نحو الاستقرار والازدهار. وأكدت الإمارات التزامها بدعم كل ما من شأنه تعزيز الاستقرار والتنمية في اليمن، بما ينعكس إيجاباً على أمن المنطقة وازدهارها، ويعزز مسار الشراكة داخل التحالف العربي.

ويأتي هذا السجال السياسي والأمني في وقت تشهد فيه محافظات الشرق والجنوب اليمني حساسية متزايدة بفعل تعقيدات المشهد العسكري وتداخل ملفات الإرهاب والتهريب والصراع مع الحوثيين، ما يضع جميع الأطراف أمام اختبار التوفيق بين ضرورات الأمن الميداني ومتطلبات التنسيق السياسي. وبين تأكيد المجلس الانتقالي انفتاحه على الشراكة، وتشديد الرياض وأبوظبي على أولوية وحدة الصف وترتيب الأوضاع ميدانياً، تبدو المرحلة الراهنة مرهونة بقدرة الأطراف على تحويل الخلافات التكتيكية إلى تفاهمات عملية تحفظ الاستقرار وتمنع انزلاق المنطقة إلى تصعيد أوسع.