الشرعية تعرقل تحرير البلدة الجنوبية..

تقرير: مكيراس.. بين مطرقة الحوثي وسندان منظمات الإغاثة

مقاتلون مناهضون للحوثي في بلدة مكيراس قبيل اجتياح المليشيات الموالية لإيران الجنوب 2015

كشف عاملو رصد محليون عن نزوح نحو 2000 أسرة من بلدة مكيراس الجنوبية، صوب عدن العاصمة وريف أبين ولحج، من جراء الاعمال العسكرية للمليشيات الحوثية المدعومة من إيران والتي تحتل البلدة الجنوبية الواقعة في سفح جبال الكور الشهيرة بأبين.

وعلى الرغم من المعاناة الكبيرة والخسائر التي تعرض لها المواطنون في مكيراس، الا ان المنظمات الاغاثية والدولية والحكومة اليمنية تجاهلت معاناة أهالي مكيراس، حيث وثق تقرير اعده ناشطون وأطلع مراسل اليوم الثامن على نسخة منه "حرمان الكثير من المواطنيين من المواد الاغاثية المقدمة من مركز الملك سلمان والهلال الأحمر الإماراتي، وكذا من المنظمات الدولية".

وأدلى مواطنون بشهادات حول عدم استلامهم مرتباتهم الشهرية المقدمة من الحكومة، بدعوى انهم واقعون تحت الاحتلال الحوثي في حين ان الكثير منهم نزح وترك منزله وأرضه الزراعية التي تعد المصدر الوحيد لدخل الكثير من الأسر.

ويعاني النازحون من معاناة كبيرة مع الراصدين والعاملين في محال الجمعيات الاغاثية، حيث أكد مواطنون أن ناشطا محليا وثق أسمائهم ووعدهم بتقديمها الى المنظمات الدولية لتقديم لهم مساعدات لكنهم لا يعرفون أي شيء عن مصير تلك الكشوفات التي وثق فيها الناشط أسماء نازحي مكيراس، لكنهم يشكون في ان تكون أسمائهم قد تمت المتاجرة بها.

ويتهم جنوبيون جمعيات محسوبة على تنظيم الإخوان في اليمن بالمتاجرة بمعاناة الناس واستلام معونات اغاثية باسمهم ثم يتم التصرف بها بعيدا عنهم.

وقال نازح من مكيراس في لودر لمندوب الصحيفة "لم نتلق أي دعم اغاثي من أي منظمة او من الحكومة اليمنية، أتوا الينا الكثير من الراصدين وتم تسجيل أسماء وبيانات كل النازحين، الا انه لم يصلنا أي شيء، نحن لا نعلم أين تذهب، البعض يقول لنا ان الأسماء تقدم الى منظمات دولية، وهذه المنظمات تقدم معونات اغاثية شهرية، الا ان الجمعيات التي يعمل الراصدون لمصلحته، تصادر كل ما يصل باسم النازحين".

وأضاف "نحن لم نعد نثق بأحد، نريد تحرير مكيراس، نريد العودة، لدينا الخير في أرضنا وسوف نعود لحراثتها، لا خير في منظمات يتاجر أصحابها بمعاناة الناس".

وأكدت مواطنة "أن شخصا أتى لها قبل اشهر وقدم لها معونات عبارة عن "دقيق وزيت وحليب"، وطلب منها صورة من بطاقتها الشخصية، ووعدها بان سوف يقدم لها مساعدات شهرية، الا انه اختفى ولم يعد".

ويقول مندوبنا ان الكثير من المواطنيين عبروا عن خشيتهم من قيام منظمات حزبية باستغلال معاناة الناس للمتاجرة والحصول على الدعم الاغاثي الذي يباع في الاسوق.

وألتقى مندوب الصحيفة بتاجر محلي في وسط مدينة لودر يعرض مواد اغاثية للبيع، حيث قال "نحن نحصل عليها من المواطنيين البعض يحتاج للمال أكثر من المواد الاغاثية والبعض يبيعها، وأخرى نشتريها بسعر زهيد من مندوبي منظمات في لودر، ونبيعها للمواطن بمكسب قليل والبعض نعرف بحاجته ونبيعها له بنفس السعر، نحن نحاول ان نساعد المواطن، قد ربما نكون ارتكبنا ذنبا في شراء المواد الاغاثية من المشرفين على توزيعها، لكن المواطن يحصل عليها في المتجر بسعر أقل".

وأضاف "ان البعض لا يكون في حاجة المواد الاغاثية والبعض لا يعجبه صنف معين مثل الأرز والزيت ويضطر يبيعه في السوق، ولكن هناك من هو في حاجة لما يسد جوع اطفاله، فيقوم بشراء ذلك، سواء من التجار او من المندوبين".

وكشف التاجر عن ما اسماه بفساد القائمين على المنظمات الاغاثية في لودر "الفساد في القائمين على المنظمات او المندوبين، وكذا من السلطات المحلية (مجلس محلي لودر)، هم فاسدون مع سبق الإصرار، ويبيعون قوت الفقراء والمحتاجين، والتجار بكل أسف يشترون منهم".

وكشف مسؤولون محليون عن نهب مواد اغاثية لسكان مكيراس من قبل محافظ محافظة البيضاء ناصر الخضر السوادي، حيث وثق مراسلنا في لودر تأكيد مصادر حكومية "استلام محافظ البيضاء نحو 15 ألف سلة غذائية لسكان مكيراس، غير انها لم تصل الى المحتاجين او من خرجت باسمهم".

وقال المصدر الذي طلب عدم الإشارة الى اسمه "إن هناك قيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام وحزب الإصلاح يقومون باستلام مواد اغاثية واسلحة واموال باسم جبهة مكيراس".

وأكدت مصادر عسكرية في مأرب "استلام شخص يدعى "محمد علي الفطيسي"، وهو قيادي في حزب الإصلاح اليمني ويقيم في مأرب.

وقالت المصادر ان نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر كلف القيادي الإصلاحي بمهام مكيراس، وهو يقوم باستلام شهريا مستحقات جبهة مكيراس من أموال واسلحة، لكن ما يستلمه لا يغادر "المساحة الجغرافية لمأرب"، بل يبقى هناك وفي حوزة الإخوان الذين يحصلون على تمول شهري متواصل من السعودية، تحت ذريعة محاربة الحوثيين.

وقالت المصادر ان "الفطيسي اعترف باستلامه نحو 100 ألف طلقة رصاص باسم مكيراس، لكنه اشترط ان تمنح منها 20 ألف له كمكافئة على استلامها من مأرب، قبل ان يرفض تسليم الذخيرة التي لا تزال بحوزته إلى اليوم".

 

واتهمت مصادر قبيلة في مكيراس نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر بعرقلة تحرير مكيراس، حيث قال زعيم قبلي في البلدة الجنوبية المحتلة من الحوثيين لـ(اليوم الثامن) "النائب علي محسن الأحمر هو المسؤول الأول والأخير عن تحرير مكيراس، هو من عرقلة عملية التحرير، بدعوى مخاوف انفصال الجنوب، وهذا يؤكد ان الأحمر لم يعد يهمه أمر الحوثي بقدر ما يهمه امر الجنوب".

وعزل الحوثيون مكيراس عن جارتها لودر، حينما اغلقوا عقبة ثرة بتفجيرات يقول مواطنون انه صار من الصعب إعادة فتحها.

وقال مصدر محلي "الناس تعاني من جراء الحصار والتدمير الذي طال آلاف الأسر في مكيراس، لكن لماذا يعرقل الرجل الثاني في الحكومة تحرير بلدة ريفية يعاني أهلها من التهجير والحصار، هل من الوحدة اليمنية ان يشرد الناس من أرضهم وديارهم، ماذا لو توقف الأحمر عن التفكير في الوحدة والحفاظ عليها واتجه نحو محاربة الحوثي الذي لم يبق شيئا من الجمهورية التي يدعي الأحمر القتال من أجلها".

وعلى غرار حصار النازحين وحرمانهم من حقوقهم، يعيش السكان الذين بقوا تحت احتلال الحوثي حصارا خانقا، حيث تتربص أسلحة وألغام الحوثي المزروعة في الطرقات والتلال بالسكان، حيث حصدت الألغام عددا من سكان مكيراس اغلبهم أطفال.

نصب الحوثيون مسؤولا محليا يدعى محمد عبدربه جحلان، يقول مواطنون انه يعرض عليهم باستمرار التجنيد في صفوف الحوثيين، والدفع بهم نحو الحديدة، حيث الجبهة الأشد اشتعال.

أحبطت القبائل الكثير من محاولات التجنيد، فجحلان يعتقد ان بمقدوره اقناع الشباب بالقتال في صفوف الحوثي، يقول مواطنون "ان الحوثي اتى معتدي على بلادنا فكيف لنا ان نقاتل في صف من اتى يوجه الرصاص الى صدورنا، انه الجنون بعينه".

عرف عن جحلان بانه كان حليفا للرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح الذي قتله الحوثيون أواخر العام المنصرم، لكنه واحد من قيادات كثيرة أستمرت في مناصرة المشروع الحوثي على الرغم من انسلاخ حزب صالح من التحالف السابق مع الحوثيين.

يبرر زعيم القبلي السبب الى ان جحلان ارتبط منذ السبعينات بنظام صنعاء، وانه من الصعب عليه إعادة خلق تحالفات مع الجنوبيين، "هو يرى ان تحالفات يجب ان تبقى مع صنعاء، لكن كان من المفترض ان يعيد النظر في خلق تحالفات مع الجنوبيين الذين باتوا يحكمون أرضهم".

ويؤكد الزعيم القبلي "أن الحوثيين اعدموا شابا في الثلاثينات من عمره، عقب اعتقاله من منزله في مكيراس، اعدموه ورموا جثمانه على قارعة الطريق، جحلان لم يفعل أي شيء، لم يتحرك مع ان القتيل من افراد قبيلته، لا نعلم لماذا هذا الخنوع للمليشيات الحوثية، أنه امر مثير للاستغراب".

وتظل مكيراس قضية غائبة عن الاعلام، فالجرائم التي ارتكبها الحوثيون يصعب رصدها في الوقت الحالي، الحوثيون يفتشون كل من يدخل الى مكيراس، كما يقول مواطنون تحدثوا لمراسل اليوم الثامن.

تحرير البلدة الجنوبية، تنظر إليها قيادات عسكرية على انها ذو أهمية استراتيجية لتأمين أبين وعدن، ليس من الحوثيين ولكن من الجماعات المتطرفة، التي يقول محافظ أبين ابوبكر حسين انها تتسلل من البيضاء صوب المحافظة الواقعة على شريط بحر العرب.