«سعوديون يتحدثون عن وحدة يمنية جديدة»..

«رشاد العليمي» في مأرب لإعادة إحياء تحالف حرب «2019م».. الطريق إلى صنعاء من عدن

"شكلت مأرب تحالفات عسكرية وقبلية مع المتطرفين في العام 2019م، حين شنت هجوما واسعا على شبوة، انتهى بالسيطرة على المحافظة النفطية وتقدم القوات الإخوانية صوب العاصمة عدن، قبل ان تتلقى ضربة عسكرية من التحالف العربي قرب معبر العلم"

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني المؤقت رشاد العليمي ونائبه سلطان العرادة وفي الخلف سفير السعودية محمد ال جابر - أرشيف

د. صبري عفيف
كاتب وباحث في الشؤون السياسية والأمنية، نائب رئيس التحرير ورئيس قسم البحوث والدراسات في مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات،
عدن

استقبلت مدينة مأرب -المعقل الأخير لجماعة الإخوان في اليمن-، (الاثنين)، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني المؤقت رشاد العليمي، في زيارة هي الأولى له منذ ان تم تعيينه رئيسا لمجلس رئاسي مؤقت في اعقاب مشاورات يمنية رعتها المملكة العربية السعودية في السابع من ابريل نيسان 2022م، وقد قدمت الرياض "المجلس" المشكلة من كل القوى اليمنية والجنوبية، على انها معالجة للأزمة التي نشبت في اعقاب الحرب التي شنتها جماعة الاخوان في مأرب على محافظات "شبوة وأبين ومحاولة الوصول الى العاصمة عدن في العامين 2019-2020م.

وقالت وسائل إعلام يمنية وأخرى سعودية إن رشاد العليمي زار مأرب، بحثا عن يمن موحد وجديد، فيما ذهب العليمي إلى امتداح مأرب التي قال إنها معقل "الثورة والجمهورية والمقاومة، والحصن المنيع ضد المشروع الأمامي الكهنوتي المدعوم من النظام الإيراني".

ولفت العليمي إلى أن "مأرب المجد تقدم نموذجا فارقا للصمود وفوق ذلك التنمية، والأبواب المفتوحة لاستقبال النازحين والمقاومين التواقين لغد مشرق بعون الله".

وقال الصحافي السعودي "عبدالله ال هتيلة"، إن زيارة العليمي إلى مأرب، لها ابعداها الاستراتيجية، مشيرة إلى أن الأوضاع في اليمن بعد زيارة "رشاد العليمي" لمحافظة مأرب لن تكون كما كانت قبل الزيارة".

ولا تبدو تصريحات أل هتيلة المقرب من سفير السعودية لدى اليمن، بعيدة عن إعادة إحياء تحالف الحرب الذي شكل الاخوان بدعم من الرياض في أغسطس آب 2019م، حين اجتاحت قوات الإخوان المحافظة النفطية، ونجحت في السيطرة عليها عسكريا، قبل ان تجبرها القوات الجنوبية على الانسحاب مرة أخرى في العام 2021م.

وشكلت مأرب تحالفات عسكرية وقبلية ومتطرفين لاحتلال محافظة شبوة، وقد لعبت السعودية دورا محوريا في هزيمة القوات الجنوبية، وفق تصريحات أدلى بها محافظ شبوة المعزول محمد صالح بن عديو.

وكشف بن عديو في تصريحات لصحيفة الشرق الأوسط السعودية أن الرياض لعبت دورا محوريا في السيطرة على شبوة، قائلا «طلبنا تدخلهم، وتدخلوا في اليوم الأخير، بتوجيهات من قائد القوات المشتركة الأمير فهد بن تركي، وصلت مفرزة من القوات السعودية إلى عتق، للوقوف معنا في الحفاظ على مؤسسات الدولة وكان دورهم إيجابياً».

ولم تكتف قوات الإخوان بالسيطرة على شبوة، بل ذهبت للسيطرة على أبين وصولا إلى العاصمة عدن، وقد بثت قناة العربية السعودية تقريرا حينها، اشارت الى ان الشرعية اليمنية قررت استعادة العاصمة اليمنية صنعاء، بعد السيطرة على عدن العاصمة الجنوبية.

 ويبدو ان رشاد العليمي أراد احياء هذا التحالف العسكري، وهو ما أشار اليه سعوديون من ان الشرعية في اليمن بعد زيارة العليمي إلى مأرب ليست كما قبلها، فيما ذهب يمنيون الى التأكيد على ان الزيارة هدفها تعزيز سلطة رشاد العليمي، على مؤسسات الدولة، حيث عززت السعودية رشاد العليمي بقوات محلية في الجنوب، لكن الزيارة إلى مأرب، هدفها منح مأرب مشروعية أكبر، حيث ان المحافظة اليمنية الخاضعة لسيطرة الإخوان، تمارس انفصالا منذ بداية الصراع في العام 2015م، حيث ترفض منذ حينه الاعتراف بالبنك المركزي في عدن، وتمارس سلطاته بمعزل عن الحكومة الشرعية.

لكن ثمة أوضاع مستجدة من خلال سعي رشاد العليمي، لتثبيتها على محافظات الجنوب المحررة ، قبل الإعلان عن إتمام الهدنة والسلام مع الحوثي.

 

ربما لم يَحْظَ السؤال حول أوضاع اللحظة ما قبل إتمام عملية السلام بين السعودية والشرعية من جهة والحوثيين من جهة أخرى  باهتمام كبير، كما حظي السؤال حول اليوم التالي من تطبيق عملية السلام لاسيما أن كان الانتقالي غير راض عنها؛ والذي يُركِّز على الترتيبات المتعلقة بمستقبل الصراع بين أعضاء ممثلي الشرعية من اليمن واعضاء ممثلي الشرعية من الجنوب،

مساعي العليمي والسعودية خلال العام المنصرم محاولة إيجاد بدائل عن المجلس الانتقالي، سواء أكانت تلك البدائل مكونات كمكون جهوية ومناطقية أو من خلال شخصيات وثمة تداخل بين ترتيبات اليوم السابق وبين اليوم التالي لما بعد فك الارتباط عن الشراكة المزعومة، غير أن وضوح الصورة لإجراءات العليمي وداعميه في اليوم السابق..

إن الأوضاع المستجدة تتجلى بوضوح لاسيما بعد  فشل تحالفات الضرورة في تحقيق أهدافه الأساسية المعلنة في وثيقة ومشاورات الرياض، بعد أكثر من ستة أربعة أعوام، بما في توجيه دفة الصراع نحو الحوثي وتحسين الوضع الاقتصادي والخدمي في المحافظات المحررة، وعلى الرغم أن لدى العليمي وداعميه قدرة على الحركة بقوة لكنه اتبع سياسة ناعمة  للخروج عن عباءة الشراكة، إلا أنه سيقوم بنزول تدريجي، وسيسعى للحفاظ على بعض الدرجات، بحسب ما تتيحه قدرته على التحمُّل، وبحسب ما تتيحه موازين القوى والحسابات السياسية والعسكرية والاقتصادية المختلفة؛ واستخدام ذلك كأدوات تفاوضية في فرض رؤيته لمستقبل الصراع في اليمن.

 لا يرغب المجلس في قتال الحوثيين، وهذه رغبة سعودية، الحرب ضد الاذرع الإيرانية توقفت بقي ترتيب الأوضاع في الجنوب بما يضمن هيمنة مطلقة للسعودية على مختلف المحافظات.

هناك تعاون مع المليشيات الحوثية بطريقة مباشرة وغير مباشرة في مهمة موحدة وهو ايجاد قواسم مشتركة بين الطرفين، لاسيما التّحكُّم في حركة استيراد البضائع ودخول المساعدات، وكذلك متطلبات الإعمار مستقبلاً؛ سعياً للإشراف المباشر على احتياجات الناس اليومية، واستهداف المنظومة الأمنية الجنوبية، من خلال الهجمات الإرهابية، وصولا لإحلال شركات أمنية متفق عليها مسبقا مع الحوثيين ليقوموا بهذه المهام وفق معاييرهم، بالإضافة إلى تيسير سبل النزوح الوظيفي والسياسي إلى محافظات الجنوب.

في الأيام القادمة، من المتوقع أن يسعى رشاد العليمي يحاول السيطرة على معبر صناعة القرار السياسي والإداري في العاصمة عدن، من خلال امتلاك قوة أمنية أو عسكرية على الميدان لكي تسهل لهم التحرك بأريحية تامة.

ويبذل جهودا استثنائية لمحاولة عرقلة أي تحرك حكومي في عدن، بما في ذلك خلق حالة من الخصومة والعداء تجاه رئيس الحكومة الذي يهدد بتقديم استقالته، على اثر الخلافات مع رشاد العليمي المدعوم من السعودية في مواجهة رئيس الحكومة.

 لا ينكر جنوبيون وجود استراتيجية ما قبل الانقضاض على عدن، تسعى الأذرع اليمنية،لاستثمار الأوراق في المفاوضات، فإذا  كانت الحرب قد دخلت "في عامها العاشر "، ولم يعد بإمكان تلك القوى أن تعود إلى صنعاء  لتحقيق أهداف الذي انطلقت من أجلها الحرب قد تغيرت استراتيجيتها، وإذا كانت الحرب فقدت عملياً جدواها ومبرراتها، مع تزايد العوامل الضاغطة لإنهاء الحرب، وتحوُّل الحرب إلى عبء على تلك القوى، التي اضطرت  للتراجع وتغيير حساباتهم، لكنها لا تزال مستمرة ومتوقدة، وقد لجأت إلى تراجعات مرحلية أو تكتيكية، باتجاه مواجهة الجنوب مستثمراً "الحقائق" التي أنشأها على الأرض كعناصر ضغط تفاوضية، لتحقيق ما يرى أنه الحد الأدنى الذي قد يقبله، ويتلخص ذلك في تحقيق تفاوض منقوص مع الجنوب وفق المرجعيات الثلاث المزعومة، حيث سيستمر في السعي إلى ربط الشراكة والتفاوض بذلك المنطق العقيم ؛ محاولين الضغط على الانتقالي الجنوبي للرضوخ  في النهاية لشرطهم. 

وضمان ألا يشكل استقرار الأوضاع في الجنوب مستقبلاً  امنا للمنطقة محاولين تصوير الجنوب بأنه مصدر تهديد للأمن العربي والإقليمي من خلال دعم الإرهاب والتنظيمات الإرهابية في الجنوب.

وألا يحكم أبناء الجنوب محافظاتهم في هذه المرحلة الانتقالية وأن يوكل ذلك لسلطة الشراكة للعرقة والسير بحسب المعايير اليمنية.

ان سياسة التسويق والغدة التي تمارس ضد الإرادة السياسية في الجنوب تسهم في إحياء التشكيلات اليمنية، الأمنية والإدارية في العاصمة عدن وباقي محافظات الجنوب.

القوى اليمنية في العاصمة عدن ما زال أمامها شوطٌ بعيد، لتفكيك الانتقالي الجنوبي نظراً لقوة المجلس الانتقالي الجنوبي واتساع شعبيته في مقابل ضعف شعبية عصابة قوى 7/7 وقياداتها الانتهازية.