جدلية التطبيع مع إسرائيل..

لهذا السبب ستبقى شعوب العرب صاحبة الكلمة الفصل

يعقد الفلسطينيون آمالهم على الشعوب العربية

واشنطن

قد تصيب تحركات بعض المسؤولين الرسميين من الأنظمة العربية الفلسطينيين بحالة من الوهن والشعور بالخذلان، عندما يميل هؤلاء إلى جانب تطبيع العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي الذي يتنكر لأي حق للشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه، لكن ما يبعث على الاطمئنان بالنسبة للفلسطينيين هو موقف الشعوب حيال هذا التطبيع.

في كل مناسبة يصعد فيها التطبيع إلى الواجهة، آخرها مؤتمر وارسو، تتوالى التصريحات الفلسطينية عن أن الشعوب العربية لن تخذل قضيتها الأولى، وهي تصريحات تبدو مستندة إلى قاعدة متينة، كون هذه الشعوب لا تزال تؤمن بفلسطين وحريتها.

وشكل ظهور مواقع التواصل الاجتماعي وما شمله من بروز صوت الشعوب إلى العلن عاملًا إيجابيًا في تبديد الحملات الإعلامية والسياسية التي تقودها إسرائيل لترسيخ التطبيع كأمر واقع، ما يجعل من تصريحات رئيس حكومة الاحتلال المتكررة عن أن العرب مستعدون لفتح العلاقة مع احتلاله مجرد بيع أوهام، وفقًا لمراقبين.

وهو الأمر ذاته الذي يدفع الكتاب الإسرائيليين الذين يعارضون اليمين الحاكم للدعوة إلى عدم المبالغة في مسألة تقدم التطبيع.

 

أمثلة بارزة

لا بد من الإشارة إلى أن الصحافة العربية قد وقعت في فخر الترويج للتطبيع عبر نشر كل حادثة تسعى إسرائيل إلى الاستعراض بها في ملف التطبيع، مع تجاهل الموقف الشعبي تمامًا.

كمثال، ركزت الصحافة العربية على الموقف الرسمي العُماني والتصريحات المتتابعة عن التطبيع مع إسرائيل، دون الإشارة إلى الموقف الشعبي داخل عُمان حيال هذا التطبيع.

في الحقيقة، صعد هاشتاغ “#عُمانيون_ضد_التطبيع” إلى المرتبة الأولى في موقع التواصل تويتر داخل عُمان خلال الأيام الأخيرة، على خلفية لقاء وزير الخارجية العُماني يوسف بن علوي مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على هامش مؤتمر وارسو.

التعليقات التي صدرت عن العُمانيين تبرز موقفًا شعبيًا جارفًا ضد التطبيع.

وقال حساب “سفراء ضد التطبيع” على تويتر: “ليس فقط الضمير، بل الوعي الشعبي العربي يسبق الوعي الرسمي بكثير، فمن يظن أن الأمان يتحقق بالتطبيع مع عدو الأمّة الأول وجعله القوة الوحيدة بالمنطقة هو مخطئ وجاهل سياسيًا وتاريخيًا”.

تعليق آخر من عشرات آلاف التغريدات الغاضبة من لقاء الوزير العُماني مع نتنياهو، جاء فيه: “‏اللهم إنا نشهدك بأنا نبرأ من هذا ‏التطبيع مع القتلة المعتدين والخونة المحتلين #عُمانيون_ضد_التطبيع‬”.

 

مواقف فردية ذات رسائل قوية

وفي وقت أخذ التطبيع فيه أشكالًا أخرى تتعدى السياسة، أبرز رياضيون عرب مواقف هي بالنسبة لمحللين ذات أثر أكبر من مواقف السياسيين، وتعطي رسالة واضحة بأن الشعوب بكل أطيافها ترفض إسرائيل.

حدث ذلك عندما انسحب لاعبون سعوديون من بطولة لكرة اليد عندما وقعوا في مواجهة مع لاعبين إسرائيليين.

وأظهر مقطع فيديو امتناع اللاعبَين السعوديَّين عن مصافحة نظيرَيْهما، وبعد حديث قصير مع مسؤولة من فريق التنظيم غادر اللاعبان صالة المباراة لعدم رغبتهما في مقارعة الفريق الإسرائيلي المنافس.

وحظي المقطع بردود فعل واسعة، ثمنت موقف اللاعبَين السعوديَّين، فيما رأى مغردون أن الموقف السعودي -سواء الشعبي أو الرسمي- هو رفض التطبيع.

وفي حادثة أخرى، قرر اللاعب الكويتي عبد الله العنجري الانسحاب من بطولة العالم بلعبة الجوجيتسو المقامة في ولاية لوس أنجلوس الأمريكية، رفضًا لنتائج القرعة الذي وضعته بمواجهة لاعب “إسرائيلي”.

وقال العنجري في تغريدة عبر حسابه على منصة التواصل الاجتماعي تويتر: “أعلن انسحابي من إحدى البطولات المحلية المقامة بمدينة لوس أنجلوس بسبب وضعي بالقرعة مع لاعب إسرائيلي”، مؤكدًا أن “دولة فلسطين المحتلة وشعبها أهم من التألق في بطولة عالمية”، ومشددًا على أن انسحابه جاء إكرامًا لفلسطين.

ولفت إلى أن موقفه يتوافق تمامًا مع سياسة بلاده: “لا اعتراف ولا إقرار بإسرائيل ولا تطبيع معها؛ فالتطبيع في عرفنا هو جريمة عظيمة”. ويعول الفلسطينيون على مثل هذه المواقف الشعبية في منع أية محاولة للتطبيع مع الاحتلال.

كيوبوست