ترجمة..

لماذا حذر الخبراء الأمريكيون من “حرب النفوذ” القطرية

السلوكيات القطرية تدفع إلى مطالبات بالشفافية

الدوحة

حذر خبراء السياسة والأمن في الآونة الأخيرة من “حرب النفوذ” التي تخوضها قطر ضد المواطنين الأمريكيين وغيرهم حول العالم، داعين إلى تعزيز إنفاذ قانون تسجيل الوكلاء الأجانب “فارا”، وكذلك التدابير الأمنية الأخرى لتعزيز الشفافية بشأن التمويل الأجنبي في البلاد. 

قطر: حليفٌ للولايات المتحدة أم خطر عالمي؟

درس مركز أبحاث منتدى الشرق الأوسط في واشنطن “التأثير الخبيث” لقطر، عبر مؤتمر يحمل عنوان “قطر: حليفٌ الولايات المتحدة أم تهديد عالمي؟”، عقد في الـ6 من فبراير/شباط الماضي. وتناول الباحثون الأنشطة غير المسبوقة لجماعة الضغط القطرية في البلاد، خصوصًا في الأشهر القليلة الماضية، بالإضافة إلى التجسس الإلكتروني، وجهود التضليل المتبعة على الأراضي الأمريكية، بما في ذلك عملية قرصنة ضخمة قادتها الحكومة القطرية، واستهدفت أكثر من 1500 شخص في 20 دولة، بحسب ما أفادت تقارير مختلفة.

يقول خبير مكافحة الإرهاب، المحلل الكبير السابق للمخابرات العسكرية الهولندية، أحد ضحايا القرصنة القطرية، رونالد ساندي: “المال يتحدث” هذا جزء من قوة قطر الناعمة للتأثير في الجميع… ليس لدى قطر قوة حقيقية، لذلك فهي بحاجة إلى قوة ناعمة للتأثير في الآخرين”.

كما أشار رئيس مجموعة الدراسات الأمنية “جيم هانسون” في حلقة نقاش بعنوان “حرب النفوذ القطرية الجديدة” إلى إشكالية قاعدة العديد التي تستضيف المقر الرئيس للقيادة المركزية للجيش الأمريكي، و10 آلاف جندي أمريكي، ومن المقرر أن ينتهي عقد الإيجار الجوي لها عام 2023، قائلًا: “هناك الكثير من الأماكن في الشرق الأوسط تستطيع طائراتنا أن تهبط بها”. وأفادت تقارير أن لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي تنظر إلى أبو ظبي، أو الأردن، أو كردستان العراق، أو البحرين، لتكون الموقع الجديد للقاعدة الأمريكية في حال قررت الولايات المتحدة نقلها فور انتهاء العقد.

فيما دعا رئيس قسم “الأموال الإسلاموية في المشاريع السياسية” التابع لمنتدى الشرق الأوسط “أورين ليتوين” إلى تعزيز تطبيق قانون “فارا”، خصوصًا في ظل ممارسات “مؤسسة قطر الدولية” التي تجاوزت حدود تدريب المعلمين ليصل الأمر لتكوين نفوذ لها. ووفقًا للمنتدى، فإن مؤسسة قطر الدولية تمول بشكل مباشر فصولًا دراسية عربية في البلاد بعشرات ملايين الدولارات، على شكل منح، ودعم لبرامج اللغة التي تعاني من ضائقة مالية في المناطق التعليمية الفقيرة في الولايات المتحدة. وفي الوقت ذاته، تعمد إلى تغذية هذه المدارس بالدعاية الإعلامية القطرية التي تنفي الدعم القطري الممنهج للإخوان المسلمين، والعمليات الإرهابية.

وفي تطبيق لحرب نفوذها، أصبحت قطر الممول الوحيد للجامعة الأمريكية، بالإضافة لتمويلها لجامعتي جورجتاون وتكساس إيه أند إم، بأكثر من مليار دولار منذ عام 2010، وتهدف من وراء ذلك إلى التأثير في سياسة الولايات المتحدة، وإظهار نفسها على أنها الحليف العربي الوحيد لهم، بحسب ما أوضح ليتوين.

وشدد رونالد ساندي على ضرورة وقف الدعم الخارجي للمؤسسات الدينية، خصوصًا التمويل من قطر وتركيا، اللتين استغلتا البيئة الحالية لتمويل وبناء مساجد تركز في أفكارها على الإخوان المسلمين، وتحاولان الاستيلاء على الجاليات المسلمة في دول عديدة.

 

خاشقجي ومؤسسة قطر الدولية وواشنطن بوست

أصبح التأثير في الرأي العام واحدًا من السمات المميزة للسياسة الخارجية القطرية في السنوات الأخيرة، إذ ساهمت حملة الدوحة للعلاقات العامة والضغط في الولايات المتحدة في تغيير صورتها، كتخفيف موقف إدارة ترامب بشأن تمويل الدوحة للجماعات الإرهابية، بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة.

وتناول الباحثون قضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي وإشكالية عمله كعميل أجنبي مدفوع من طرف الدوحة لنشر دعاية معادية للسعودية عبر مقالاته في صحيفة واشنطن بوست، خصوصًا بعد ظهور الرسائل النصية بين خاشقجي ومديرة مؤسسة قطر الدولية ماجي ميتشيل سالم، التي قامت في بعض الأحيان باقتراح موضوعات لخاشقجي وصياغة المواد له، بالإضافة إلى تحفيزه على اتخاذ مواقف أكثر تشددًا ضد الحكومة السعودية.

واعتبر هانسون أن قيام دولة أجنبية بتعيين عميل إعلامي في صحيفة كبيرة وتزويده بمعلومات تنشرها صحيفة أمريكية على أنها حقائق، أمران قاتلان للديمقراطية. وفي سياق آخر، أشار هانسون إلى الحملة التي قادتها مؤسسة “ستونينجتون ستراتيجيز” المملوكة لنيك موزين، لحث قادة المجتمع اليهودي وآخرين من أنصار إسرائيل البارزين للقيام برحلات سياسية إلى القطر، الأمر الذي اعتبره كثير من المراقبين تناقضًا في ظل تمويل الدوحة لخصوم إسرائيل.

وقع القطريون عام 2013 اتفاقية بقيمة 14.8 مليون دولار لتمويل معهد “بروكينغز” كجزء من جهود واسعة لإغواء مراكز الأبحاث الأمريكية. وأصبح بروكينغز -بحسب هانسن- شركة تابعة ومملوكة بالكامل لمؤسسة قطر والحكومة القطرية، ومع ذلك لا تزال الكثير من وسائل الإعلام تشير إلى المعهد كمصدر مستقل وموثوق به.

وبخصوص الشأن الفلسطيني، تطرق ليتوين إلى الدور القطري المثير للجدل في غزة، إذ تحاول الدوحة إظهار أن تمويلها لحركة حماس “علاقة خيرية” مع الشعب الفلسطيني، في حين أن الهدف الفعلي لقطر هو الحفاظ على علاقتها مع حماس ووضعها كوسيط قوي في قطاع عزة.

 

هجمات إلكترونية ضد صحفيين ونشطاء

في الوقت ذاته، تمثل عملية القرصنة القطرية أحدث فصل في تاريخ الدوحة الطويل من السلوكيات غير القانونية عبر الإنترنت، بعد الهجمات التي نفذتها ضد صحفيين وناشطين حول العالم كانوا يهدفون إلى كشف الانتهاكات التي تقوم بها قطر، خصوصًا قضية الأيدي العاملة التي تتعرض لما يشبه العبودية في سبيل تجهيز الملاعب الرياضية استعدادًا لكأس العالم 2022.

كيويوست