القوارب الشبح..

تغيّر في استراتيجية المهربين يرفع أعداد المهاجرين إلى إيطاليا

تكيف مع الظروف

روما

حذر النائب العام في مدينة أغريجنتو الإيطالية السبت من أن المهرّبين أصبحوا ينقلون المهاجرين عبر المتوسط من تونس بدلا من ليبيا دون اكتشاف أمرهم، في ظل تزايد عدد الوافدين إلى إيطاليا على متن ما يعرف بالقوارب “الشبح”.

وارتفعت أعداد الواصلين كذلك مع اقتراب انتهاء الفرصة المتاحة للوصول إلى أوروبا قبل حلول موسم الشتاء، وذلك قبيل اجتماع لوزراء الداخلية لمناقشة ملف الهجرة المثير للجدل في مالطا الاثنين.

وأفادت صحيفة “لا ريبوبليكا” أنه بين أكثر من 6620 شخصا وصلوا إلى إيطاليا منذ بداية العام الجاري، قام نحو 5500 من هؤلاء بذلك بشكل مستقل دون اكتشاف أمرهم ودون حاجتهم للمساعدة.

وقال النائب العام في أغريجنتو، سالفاتور فيلا، في مقابلة مع صحيفة “ستامبا”، “بدأنا نرى أشخاصا ليس فقط من تونس بل كذلك من أفريقيا جنوب الصحراء على متن القوارب التي تصل بشكل مستقل”.

وأضاف “نعتقد أن هناك طرقا جديدة، لم تعد (الزوارق) تنطلق من ليبيا بل من تونس، حيث عبور البحر أسهل كون المسافة أقصر ويمكن اجتيازها بقوارب صغيرة وبأقل قدر من المخاطر”. وشبّه فيلا الرحلات بـ”درجة رجال الأعمال” كونها تستخدم مراكب سريعة لاجتياز المسافة التي تعد قصيرة نسبيا وتستغرق ما بين 14 و16 ساعة.

وازدادت أعداد الواصلين إلى إيطاليا في سبتمبر مقارنة بالشهر ذاته العام الماضي، وفق بيانات صادرة عن وزارة الداخلية. ووصل نحو 108 من طالبي اللجوء إلى لامبيدوسا ليل الجمعة على متن قاربين، تمكّن أحدهما من الوصول إلى البر دون مساعدة.

ويوضح الخبراء أن لا علاقة البتة بين تزايد أعداد الواصلين وتحوّل روما من حكومة يمينية متشددة مناهضة للمهاجرين أغلقت الموانئ الإيطالية إلى أخرى مؤيّدة لأوروبا تأمل بالتوصّل إلى اتفاق بشأن توزيع الواصلين الجدد على دول الاتحاد الأوروبي.

النائب العام في أغريجنتو يشبه الرحلات بـ{درجة رجال الأعمال} كونها تستخدم مراكب سريعة لاجتياز المسافة القصيرة نسبيا   

وأشار ماتيو فيلا، من معهد الدراسات السياسية الدولية، كذلك إلى غياب السفن الإنسانية التي تنقذ المهاجرين في البحر والتي يعتقد أن وجودها يشكّل عاملا مشجّعا للآخرين على خوض الرحلة.

وقال إن عدد الأشخاص الذين انطلقوا من ليبيا هذا الشهر بوجود سفينة إنسانية تجول منطقة البحث والإنقاذ كان أقل بكثير من أولئك الذين حاولوا عبور المنطقة رغم عدم وجود سفينة من هذا النوع في المكان. ويدفع ذلك المراقبين والمحققين إلى الاعتقاد بأن المهرّبين أضفوا تغييرا على استراتيجيتهم.

والطريق البحرية من ليبيا معروفة بخطورتها، إذ تقدّر منظمة الهجرة الدولية أن شخصا من كل عشرة يلقى حتفه في وسط البحر المتوسط. وبعد حملات الحكومات الأوروبية ضد مجموعات الإنقاذ، بقيت سفينتان فقط تواصلان عملهما.

وعمل خفر السواحل الليبي كذلك على اعتراض عدد متزايد من مراكب المهاجرين. وقد تكون هذه العوامل دفعت المهرّبين إلى اختيار تونس بدلا من ليبيا كنقطة يغادر منها المهاجرون، ولاستخدام القوارب الخشبية عوضا عن المطاطية المكتظة.

وأفادت مراسلة “ريبوبليكا” التي تتابع ملف الهجرة، أليساندرا زينيتي، “لم يعد الأمر يقتصر الآن على مجرّد مجموعات من التونسيين ينظّمون أنفسهم بأنفسهم ويستخدمون القوارب الصغيرة، بل بات يتعلّق بمجموعات نافذة من المهرّبين الليبيين والمتحدرين من أفريقيا الوسطى”.

وقالت زينيتي “يتم نقل المئات من المهاجرين إلى الشواطئ على الحدود بين ليبيا وتونس”، مضيفة أن “أرتالا من الشاحنات تتنقل بين تونس وليبيا ليلا بينما تتجاهلها سلطات الحدود”.

ويجتمع وزراء داخلية كل من فنلندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا ومالطا في فاليتا الاثنين في مسعى لوضع نظام تلقائي لتوزيع المهاجرين الذين يتم إنقاذهم في وسط المتوسط. لكنّ اتفاقا من هذا النوع قد لا يشمل الواصلين على متن ما بات يعرف بالقوارب “الشبح”.