وصفت بالهيكلة الجريئة..
تقرير: قرارات محافظ عدن.. الرغبة في إحداث تغيير جذري بالعاصمة
الإجراءات التي اتخذها المحافظ الجديد لعدن العاصمة لليمن، والتي شملت إقالة كل مدراء المديريات الثماني تعكس رغبة في إحداث تغيير جذري في المدينة التي عانت على مدار السنوات الأخيرة من الفوضى وسوء الخدمات.
أصدر محافظ عدن أحمد حامد لملس مساء السبت، حزمة من القرارات وصفتها أوساط سياسية بالجريئة، تضمنت إقالة كل مدراء المديريات الثماني في عدن، وتعيين آخرين بدلا عنهم.
جاء ذلك في أول خطوة عملية لحامد لملس منذ توليه مهامه كمحافظ للعاصمة عدن.
واعتبرت مصادر يمنية القرارات مؤشرا على نية المحافظ المعين إحداث تغيير جذري في إدارة المدينة التي تعاني منذ تحريرها من الميليشيات الحوثية في أواخر العام 2015 من فوضى أمنية وتدهور مستمر في الخدمات.
وقالت المصادر المطلعة لـ”لعرب”، إن المحافظ لملس حصل على وعود من قبل التحالف العربي بدعم جهوده لتثبيت الوضع الأمني في عدن وإعادة الخدمات وتفعيل مؤسسات الدولة، في ظل مؤشرات على سعي قوى مناوئة للمجلس الانتقالي الجنوبي الذي ينتمي إليه المحافظ، لإفشال جهوده ومفاقمة المشكلات التي تواجهها المحافظة، في إطار مخطط ممول من جهات إقليمية من بينها قطر لإجهاض اتفاق الرياض الموقع بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي.
وفي تعليق على القرارات التي أصدرها لملس قال المتحدث الرسمي باسم المجلس الانتقالي الجنوبي نزار هيثم إن الخطوة لاقت ترحيبا كبيرا من المواطنين وأثبتت للجميع أن ديناميكية المحافظ تعتمد ببساطة على وجود عنصر التغيير الإيجابي في الإدارة وفق المبادئ المنظمة للحكم الرشيد.
وأضاف هيثم لـ”لعرب”، “هذه العوامل هي التي ستمكن المحافظ لملس من تطبيق برنامجه لتحسين الوضع الراهن، عن طريق القيام بأشياء أكثر كفاءة وإنصافا، وأهمها الاستجابة للاحتياجات الأساسية للمواطن وبالتالي خلق مجالات تنموية جديدة والنهوض بالمجالات الخدمية وإنهاء كافة العراقيل والصعوبات التي كانت تواجهها العاصمة عدن بسبب أطراف سياسية موالية لتنظيم الإخوان تعمدت إفشال كل الجهود السابقة التي بذلها المجلس الانتقالي والتحالف العربي لإعادة تطبيع الحياة بعدن وبقية محافظات الجنوب”.
وتكتسب قرارات المحافظ أهميتها من كونها خطوة متقدمة على طريق تنفيذ اتفاق الرياض الذي جاء تعيين أمين عام المجلس الانتقالي الجنوبي أحمد حامد لملس، كجزء من استحقاقاته السياسية، في الوقت الذي تعثّر حتى اللحظة تنفيذ الشق العسكري من الاتفاق أو الإعلان عن حكومة المناصفة بين الشمال والجنوب التي ينص الاتفاق على إعلانها بعد ثلاثين يوما من تعيين تكليف رئيس الحكومة بتشكيلها.
واعتبر الباحث السياسي اليمني سعيد بكران أن القرارات التي أصدرها لملس هي أولى خطوات الإصلاح الإداري التي اتخذها المحافظ الجديد لعدن القادم من خلفية توافق سياسي واتفاق الرياض.
وأضاف بكران ، “بلا شك أن هذه الخطوة المهمة فتحت نافذة أمل في المدينة التي عانت لسنوات من الصراع وانسداد الأفق وأعتقد أن اختيار الانتقالي لشخص أحمد لملس في عدن وفي هذا الظرف والتوقيت كان عملا سياسيا حكيما أثبت الانتقالي من خلاله رغبة في السير نحو إعادة بناء الدولة وترميم النسيج الاجتماعي في المدينة”.
وفي ذات السياق وصف الباحث اليمني حسين لقور بن عيدان أول قرارات محافظ عدن بأنه ينسجم مع القاعدة التي تقول إن التغيير لا يمكن أن يحدث بنفس الأدوات القديمة لا بأشخاص ولا سياسات.
ولفت بن عيدان إلى أن اختيار أحمد لملس فريقه الخاص تعبير حقيقي عن رغبته في إحداث تغيير جذري في واقع مدينة عدن، مستدركا “لكن تظل إدارة المحافظة بوكلائها المعتقين الذين كان يجب أن يبدأ بهم واحدة من المشكلات الكبيرة التي تحتاج معالجة”.
ويؤكد مراقبون يمنيون أن نجاح التحالف العربي في إعادة الأمن والخدمات إلى العاصمة عدن ودعم جهود المحافظ، هو بمثابة حجر الزاوية في تنفيذ جوهر اتفاق الرياض الذي يتكئ الشق السياسي منه على الوضع المترتب في المدينة.
ويشير وكيل وزارة الإعلام اليمنية نجيب غلاب إلى الأهمية الاستراتيجية لعدن كعاصمة مؤقتة وكنموذج يجب أن يتم العمل على إنجاحه من خلال “التركيز على الخدمات وتثبيت الأمن والانتقال إلى مرحلة جديدة تتناسب وثقلها جنوبا وشمالا وبداية لاستعادة دورها السياسي في معركتنا وهذا ما يدركه محافظ المحافظة وأيضا ما ركز عليه اتفاق الرياض ولذا كان تعيين المحافظ ومدير الأمن بداية لتحريك العجلة”.
ويعلق وكيل وزارة الإعلام اليمنية على قرارات محافظ عدن بأنها انعكاس لإدراكه العميق بأهمية دوره في “صياغة السلطة المحلية بما يحقق الأهداف المتوخاة من اتفاق الرياض وأيضا دوره في الانتقال من التنظير إلى العمل الملموس ومن الواضح أن قراراته الأخيرة نالت تأييدا شعبيا لم نجده خلال السنوات الماضية وهذا يدل على أنه يسير باتجاه التصحيح والتغيير بما يمكن سلطات الدولة من القيام بمهامها”.
وعن فرص نجاح الإجراءات التصحيحية التي اتخذها محافظ عدن يضيف غلاب “المهم أن تتجاوب كافة القوى في عدن مع قراراته وتتعامل معها من منظور إيجابي وترى فيه قائدا يعكس شرعية الطموح في تفعيل مؤسسات الدولة وهذا الأمر قد يفتح آفاقا جديدة لتفكيك إعاقات تنفيذ اتفاق الرياض الذي يمثل حبل مسار توحيد القوى وإعادة صياغة الشرعية بما يجعلها استجابة لحاجات الناس ومتطلباتهم وانعكاسا لتغيير يعيد بناءها عبر تفعيل دور السلطات المحلية في عدن وترسيخ وجودها كبداية مبشرة بأن اتفاق الرياض قابل للعمل وبالإمكان تجاوز المعوقات التي تحول دون تنفيذه”.
ويربط وكيل وزارة الإعلام اليمنية بين أي نجاح يتم تحقيقه في عدن وبين خلق الإيجابية لدى جميع الأطراف الموقعة على اتفاق الرياض الذي سيمثل تنفيذه دفعة لجهود محافظ عدن، في الوقت الذي سيترتب على إعاقة تنفيد الاتفاق، “تقييد لقدرة المحافظ على تقديم الإنجازات وستصبح صعبة مع الوقت ويتم تحويل تعيينه إلى إعادة صياغة للصراع بما يفشل بقية البنود وهذا الأمر سيضع الجميع بلا استثناء في مواجهة مباشرة مع نتائج الفوضى والمؤامرات التي تستهدف الجنوب والشرعية والتحالف لصالح مشروع الانقلاب ومن يدعمه داخليا وخارجيا”.