"مركز الحوار العربي"..

ندوة حوارية: دور النقابات في خدمة الأهداف الوطنية والقومية

دور النقابات المهنية العربية في تحسين الأوضاع الوطنية والإجتماعية واواصر التعاون العربي الشامل

جمال البرغوثي

نظم  "مركز الحوار العربي" ندوة نقاشية حول النقابات المهنية في الوطن العربي ولمواصلة الجهود لبلورة برنامج عملي لتفعيل دور هذه النقابات وسبل التنسيق فيما بينها للتوعية بتاريخها ودورها الوطني عبر عقود تمتد لأكثر من ثمانين عاماً، وتحت ظروف صعبة وتحديات كبيرة أكسبتها خبرة لا تقل بل أحيانا تميّزت بها عن كثير من النقابات في الدول الكبرى.

 تعتبر هذه الورقة ملحق للورقة الأولى التي نشرها لي "مركز الحوار" في ٧ آب/أغسطس ، وستطرح النقاط التالية:

  1. لماذا النقابات المهنية

آراء ومداخلات حول النقابات والتحديات والفرص

  1.  رسالة النقابات المهنية ودورها وأهدافها
  2. علاقة النقابات المهنية بالسلطة
  3. مسودة (اقتراحات) برنامج عمل

 

1.        لماذا النقابات المهنية؟

لأن النقابات تمثل الشعب بكل أطيافه وطبقاته ومعتقداته فهي القاسم المشترك الأعظم الذي له علاقة مباشرة مع وسائل الإنتاج والخدمات والمصادر الطبيعية وحركة السوق ومكونات الاقتصاد الوطني.  والنقابات تعمل في هامش واسع من الديمقراطية - ولو نظرياً - ولديها في مجموعها الخبرة والمعرفة لتكون صمام الأمان والضمير الحي للسلطة، مشورةً ودراسةً وحاضنةً للبحث والتطوير في مجالات شتّى. النقابات واتحادات العمال والمهنيين تعمل في إطار قانوني وتتمتع إلى حد كبير في فضاء من الحرية تتيح لها إدارة مؤسساتها ونشاطاتها على أسس ديمقراطية.  فإذا فشلت هذه التنظيمات في القيام بدورها وأصبحت نسخة من النظام الحاكم تماهياً وسلوكاً وشخصنةً "فقد رفعت الأقلام وجفّت الصحف" وعلينا وعليكم وعلى الأمة "شلوم!"

 

2.        آراء ومداخلات من الندوة الخاصة بالنقابات التي اقامها "مركز الحوار":

كان هناك إجماع على أهمية دور النقابات الوطني وضرورة العمل على تفعيل هذا الدور وعلى الوضع الهزيل للنقابات في معظم الأقطار العربية والتحديات والعقبات التي تواجهها النقابات من جهات متعددة. وقام المتحدثون الثلاث بتغطية الموضوع من زوايا مختلفة مما أثرى الندوة وفتح الباب أمام الحضور للإدلاء بآرائهم.

 

فقارن المحامي حسن مطر/ من لبنان/ دور نقابات العمال العرب في الرد على رفض تفريغ السفينة المصرية كليوباترا في أمريكا برفضهم تفريغ السفن الأمريكية في الموانئ العربية.   

 

٢٦إبريل 1960 اجتمع اتحاد العمال العرب في القاهرة، برئاسة "سالم شيتا" وهو ليبي الجنسية، وأسعد راجح "الأمين العام وهو يمنى الجنسية"، وقرر الاتحاد أن مقاطعة السفينة العربية "كليوباترا" عمل عدواني ضد الدول العربية كلها، وأن الموانئ العربية بما فيها الدول العربية غير الممثلة في الاتحاد ستقوم بتنفيذ قرار المقاطعة.  (عن مجلة اليوم السابع تاريخ ٢٦ أبريل ٢٠١٤)

 

"ستون عاما مضت فلم يعد عندنا شموع للتفاؤل وعلينا مواجهة الحقيقة" قال المحامي حسن مطر... فمن حق النقابات أن تتمتع بالحرية لتمارس دورها الوطني بعيدا عن السياسة والخوف والتهديد وتدخل المخابرات.... ونعى المحامي حسن مطر حالة الهوان التي تمر بها النقابات إلى أن وصل الأمر ألا تجد في هذا العالم العربي الممتد من الماء إلى الماء من يستضيف اجتماعات النقابات.

 

وفي كلمته أسهب المهندس خالد رمضان /من الأردن/ في تسليط الضوء على تاريخ النقابات المهنية في الوطن العربي منذ قيام اتحاد المحامين العرب في سنة ١٩٤١ وتوالت بعد ذلك اتحادات المهندسين والمحامين والصيادلة في سوريا والعراق والقدس في الستينيات من القرن الماضي وبلغت أوج نشاطها في العقدين الأخيرين من القرن العشرين. ولكن الوضع النقابي في الأردن مثلما الحال في لبنان والأقطار العربية الأخرى من انخفاض في النمو الاقتصادي والبطالة بين المهندسين التي تصل الى ٥٠٪ ؛ والإحجام عن المشاركة بالعضوية . وركز المهندس خالد على ضرورة اللحاق بالثورة المعلوماتية بإلغاء الحدود عبر الجيل الجديد من الإنترنت ووقف تقلص الطبقة الوسطى من الشعب ورفع مستوى مشاركة النساء لتتناسب مع نسبة العضوية التي تصل إلى ٣٥٪.

 

وكان الدكتور أحمد القادري من نقابة أطباء الأسنان ورئيس سابق لها أكثر تفاؤلا بمستقبل النقابات إذا تمكنت من تجديد نشاطاتها وشبابها وبدأت بترتيب البيت الداخلي والعناية بأعضائها وأولوياتهم من صناديق التقاعد والتكافل والتأمين الصحي ومواجهة التحديات الوطنية من التهاون حول العدالة الاجتماعية والتطبيع وشراسة الاحتلال في فلسطين وتطوير البحث العلمي خارج العمل السياسي وتمكين الجيل الجديد من تطويع التكنولوجيا في كل المجالات وخصوصا في الزراعة لتحقيق درجة عالية من التقدم نحو الأمن الغذائي العربي.

 

وعبّر عدد من الحاضرين عن آمالهم في أن تستقطب النقابات المهنية أعضاء شبابية وأن يتم عقد اجتماعات وورش عمل في القطر وعلى مستوى الأمة. (كما قالت السيدة بسمة من بيروت) وعاب الدكتور كمال الخالدي شخصنة القيادات النقابية، فما يلبث أن يكون صاحب "الشخصية الخاصة" أن يغادر منصبه حتى تفقد المؤسسة قدرتها على الحركة والتقدم. فالعمل المؤسسي هو الذي يكفل استمرارية السعي نحو الأهداف الكبرى وتطوير السبل للوصول إليها. وأكّد الدكتور عبد الناصر الخليل على ضرورة "لجم محاولات إفساد المؤسسات النقابية بتدخلات الدولة على حساب ما هو قومي للاستفراد بمواطنيها."

وأبدى خبير الإدارة ورأس المال البشري ناصر المصري من الكويت اهتماما بالغاً بتطبيق ما سمّاه "إعادة برمجة القوى العاملة" على غرار ما عاينه وقيّمه شخصيا من الجامعة العماليّة وبنك العمّال  للوصول الى تحرير النقابات والاتحادات العمّالية من عبودية  الاعتماد على مصادر خارجية لتسيير أمورها... والعمل على رفع درجة الوعي عند العمّال بشهادات دولية مهنية ونقل التكنولوجيا واستخدام العلامات التجارية ولم يخف اعتقاده العميق بإمكانية تحقيق كل هذه الضروريات من ريع وضرائب أكثر من تريليون دولار في المصارف الغربية دونما مساس في الأصل..... ولتكن كم قال ناصر المصري "وقف لخدمة الناس وصدقة جارية" لخدمة العمال والمهنيين وأهاليهم من خلال التأمين الصحي وراتب تقاعد وغير ذلك.

 

3.        رسالة النقابات المهنية ودورها وأهدافها

لكل نقابة أو اتحاد رسالة واضحة المعالم والأهداف وتكون بمثابة "سبب وجودها!"  وعلى كل مؤسسة أن تقوم بكتابة وإصدار رسالتها وتضعها في كل مكاتبها ومراسلاتها لتصبح الدليل والمرجع والحافز لأعضائها.... وكمثال لرسالة اتحاد عام النقابات العربية:

"رسالتنا هي تحسين حياة العمال والمهنيين وعائلاتهم... وتكريس العدالة وتكافؤ الفرص في مواقع العمل وبذل الجهد لتحقيق أعلى مستوى ممكن من العدالة الاجتماعية في الوطن وعلى مستوى الأمة...من خلال مؤسسات نقابية تمثل الأعضاء ديمقراطيا وتعمل بناء على الكفاءة وعلى الشفافية والمساءلة وأن تكون خدمة الشعب والأمة هي الهدف ومقياس أنشطتنا.

ويلي نص الرسالة الخطوط العريضة للاستراتيجية التي سيتبعها الاتحاد لتفعيل وتحقيق الرسالة والالتزام بها.

 

4.        علاقة النقابات المهنية بالسلطة

الاتحادات العمالية محميّة بالقانون ومستقلّة عن الدولة ونظام الحكم في القطر التي تعمل فيه. هذه الاتحادات أو النقابات تمثل أعضائها ومسؤولة أمامهم وهم ينتخبون انتخابا حرا من يرأسهم لأربع سنوات تتجدد مرّتان لإتاحة أجيال جديدة من الجنسين ممارسة الإدارة والمسؤولية لمنع شخصنة القيادة وضمان نشاطها وتطورها... دونما أي تدخل داخلي أو خارجي. ومن الأدوار المنوطة بالإتحادات والنقابات بما يتعلق بالعلاقة مع السلطة أورد ما يلي كنقاط للبحث والنقاش من ذوي الخبرات النقابية وحسب خصوصيات كل قطر:

  1. بحكم قربها من السوق والحركة الاقتصادية تقوم النقابات بدور بيوت الخبرة وإدلاء النصيحة والمشورة للوزارة ذات الشأن حسب دراسات واستبيانات ميدانية تقوم بها النقابة صاحبة العلاقة بتوكيل ومقابل أجور متفق عليها من جهات أكاديمية أو حكومية.
  2. يجب أن تكون العلاقة مع السلطة أبعد ما تكون عن التصادمية بل أن تقوم بدور "صفارة الخطر" مما يهدد الوطن والشعب وبدور "الضمير" للحيلولة دون وقوع ظلم أو تجاوزات غير قانونية ضد الناس.
  3. أن تقوم الإتحادات بدراسات مستقلة لرفع مستوى الوعي حول التطورات في شتى المجالات زراعة، تعليم، صحة، بيئة وطرح توصيات من هذه الدراسات للحكومة لدراستها وتنفيذها.
  4. النقابات مستودع هائل للمعرفة والخبرات ولذلك يقع على عاتقها أن تكون متأهبة دائما لملء أي فراغ يحصل في أي موقع حكومي أو أكاديمي. 

 

ولا بد أن النقابات والاتحادات الحالية بخبرتها التي بدأت من عهد الاستقلال في أربعينيات القرن الماضي حتى الآن قد قنّنت العلاقة بين النقابيين وأصحاب العمل ورسّخت حقوق أعضاء النقابة وشروط الالتحاق بها .... وربما تحتاج الى تفعيل وتجديد حسبما جرى من تغيرات محليا وإقليميا.

 

5.        مسودة (اقتراحات) وبرنامج عمل

الكرة أو "البند" هذا يقع في ملعب النقابيين المحترفين ولكلٍّ حسب اختصاصه وحسب خصوصية القطر الذي يمارس مهنته فيه، ولا أدّعي بأية مزايا إلا من نافذتين، الأولى كوني باحث في هذا الموضوع وعندي اعتقاد راسخ أن النقابات المهنية في أبهى صورها هي الممثل الحقيقي للشعب والتي تتجاوز في مبادئها وأهدافها كل ما يفرق الشعب من انتماءات سياسية وعرقية ودينية وطائفية وقبلية وعائلية ويوحّدها جميعها "رغيف الخبز" بكل معانيه من العيش بكرامة وحرّيّة وتحت قانون يساوي بين الناس بغض النظر عن أية فوارق طبقية ، وممارسة حق التعبير وحق العمل وحق التوقف عنه إذا لزم الأمر.

 

والنافذة الثانية التي تؤهلني للبحث في هذا الموضوع أنني مهندس ذي خبرة تزيد عن الخمسين عاما في استكشاف النفط والغاز واستخراجه، كنت خلالها عضوا أو شغلت مركزا ما في جمعية مهندسي البترول ((SPE وجمعية تحليل مسح الابار (WLA) والجمعية الأمريكية للمسح الجيولوجي ((USGS....لذلك فإن اقتراحاتي موضع نقاش مفتوح للمهتمين العارفين والغيورين على مستقبل الأمة ومؤسساتها:

 

  1.   تنظيم أكبر عدد من العاملين في كل الحقول والمجالات من عمال النظافة لتصل إلى الأطباء والمهندسين مرورا بعمال الزراعة والبناء والصناعات اليدوية والتّجّار بالجملة والمفرّق وسائقي التاكسي والحفلات والطيارين واستقطاب أعضاء للنقابات العاملة الآن.... في القرى والضواحي والمدن والمخيّمات.
  2.   العمل على إيجاد دخل مستديم للنقابة للاستقلال بالقرار وحماية الأعضاء وذويهم.
  3.  تصميم الهيكل الهرمي للنقابات على رأسها إتحاد قومي لكل النقابات يجمع ممثلين عن كل قطر ويكون هذا الإتحاد بمثابة المظلة التي تغطي كل الإتحادات وتشرّع القوانين والنظام الداخلي للاتحادات وتدعو للإجتماعات العامة أو للقيام بواجبات لخدمة الأعضاء في إطار اللوائح والأهداف المقررة. كل قطر له مظلته الجامعة للإتحادات في ذلك القطر.
  4.   على كل إتحاد قطري تصميم موقع خاص به وبأعضائه على الإنترنت للتواصل مع الأعضاء ومع العالم الخارجي يغطي فيه النشاطات والبرامج والإنجازات وفرص العمل والتدريب والتعليم وما يهم المجتمع مع باب للآراء والنقد والتطوير.
  5.   على الإتحاد القومي – الوطن العربي – إصدار تصميم مشابه للموقع الالكتروني القطري والذي يعتبر رافدا للموقع القومي.... من كل الأقطار
  6.   الاتفاق على استراتيجية وسبل التنسيق وتبادل الخبرات ونقل التكنولوجيا بين الاتحادات القطرية
  7.   من واجبات الإتحاد القطري الجامع لكل الإتحادات والنقابات في الوطن أن يحمي أضعف الحلقات في سلسلة الإتحادات ويمنع استفراد النظام بها -ظالمةً أو مظلومة – حتى يتبين الحق. ومن واجب الإتحاد القومي أن يدعم ويدافع عن أي إتحاد قطري يواجه تحديات تنظيمية أو خارجية.
  8.   على كل القيادات والأعضاء أن يتوخّوا الصدق والشفافية والجودة في أداء وظائفهم إن كانت خدمات أو إنتاج ليكونوا قدوة في أماكن عملهم وسكنهم. ويجب سد أي منفذ لذريعة الهجوم على النقابات أو وضع العراقيل أمام دورها.
  9.   يجب فصل أي عضو نقابي إذا ثبتت عليه تهمة بالفساد أو الغش في العمل أو التلاعب بأية وسيلة إنتاج أو سجلات بقصد المنفعة الخاصة.

حماية المهنيين من مهندسين وأطباء وكل المهن الأخرى من خطر دخول المدّعين والمزيّفين والمزوّرين على السوق وذلك بإخضاع أعضاء كل مهنة لفحوص تثبت كفاءتهم كلٌّ في مجاله وإصدار شهادات رسمية من نقابتهم بتأهيلهم القيام بوظائفهم.