بعد مطالبتهم بالإفراج عن عثمان كافالا..

المعارضة التركية تهاجم إردوغان بعد طرد سفراء 10 دول غربية

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان

أنقرة

هاجمت المعارضة التركية الرئيس رجب طيب إردوغان عقب تصريحاته التي قال فيها إنه طلب من وزير الخارجية، مولود جاويش أوغلو، إعلان سفراء 10 دول غربية؛ من بينها الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا، أشخاصاً غير مرغوب فيهم بعد مطالبتهم بالإفراج عن رجل الأعمال الناشط البارز في مجال المجتمع المدني عثمان كافالا، المحبوس احتياطياً منذ نحو 4 سنوات.

وفي الوقت الذي لم تتلق فيه أي من سفارات الدول العشر أي إخطارات رسمية بشأن ما أعلنه إردوغان، حتى وقت كتابة هذا التقرير، أعلن البرلمان الأوروبي عدم خوفه من تهديدات الرئيس التركي، وطلبت واشنطن توضيحاً من وزارة الخارجية التركية، بينما بدأت ألمانيا مشاورات مع دول أخرى في الشأن ذاته.

وعدّ رئيس «حزب الشعب الجمهوري»؛ أكبر أحزاب المعارضة، كمال كليتشدار أوغلو، أن إردوغان استهدف بتصريحاته حول السفراء اصطناع أجندة لشغل الرأي العام عن الوضع الاقتصادي المتدهور للبلاد، التي قال إنه جرها إلى حافة الهاوية بسياساته، ولإيجاد ذريعة للانهيار الاقتصادي.

وقال كليتشدار أوغلو، مهاجماً إردوغان، إن «الشخص الذي جر البلاد إلى الهاوية، أمر بإعلان 10 سفراء غير مرغوب فيهم هذه المرة... سبب هذا الإجراء ليس حماية المصالح الوطنية، لكن لخلق أسباب مصطنعة لتبرير تدهور الاقتصاد الذي تسبب في تدميره». وطالبه بالنظر إلى «طاولات طعام الأتراك الخاوية، ومعاناتهم من الغلاء».

وقال إردوغان، خلال تجمع جماهيري لأنصاره في أسكشهير بوسط تركيا أول من أمس، إنه أصدر تعليمات إلى وزير الخارجية لإعلان السفراء العشرة أشخاصاً غير مرغوب فيهم بأسرع وقت، مضيفاً: «يجب على هؤلاء السفراء معرفة تركيا وفهمها، وإلا فعليهم مغادرة بلادنا».

وكانت سفارات الولايات المتحدة، وألمانيا، وفرنسا، وهولندا، والدنمارك، والنرويج، والسويد، وفنلندا، وكندا، ونيوزيلندا، دعت في بيان مشترك، الاثنين الماضي، إلى الإفراج عن كافالا (46 عاماً)، المتهم بالتجسس ومحاولة إطاحة النظام الدستوري للبلاد عبر دعم محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في 15 يوليو (تموز) 2016؛ عادّةً أن «استمرار احتجازه وتغيير التهم الموجهة إليه يثير الشكوك حول الديمقراطية وسيادة القانون في تركيا».

وبينما لم تتلق السفارات المعنية أي إخطارات رسمية حول قرار إردوغان، تباينت ردود الفعل حول تصريحاته، وكان أقواها من جانب البرلمان الأوروبي، الذي كتب رئيسه ديفيد ساسولي، على «تويتر»، أن «طرد 10 سفراء دليل على اندفاع استبدادي من الحكومة التركية... لن نخاف... الحرية لعثمان كافالا».

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إنها على علم بالتقارير، وتطلب توضيحاً من وزارة الخارجية التركية. وأكدت وزارة الخارجية الألمانية أن برلين تجري مشاورات مع الدول التسع الأخرى، مشيرة إلى أنها أخذت في الحسبان تصريحات الرئيس التركي.

ودعت الأحزاب السياسية في ألمانيا إلى فرض عقوبات على تركيا ووقف استيراد منتجاتها وتصدير المنتجات الدفاعية، رداً على تصريحات إردوغان.

بدورها، قالت وزارة الخارجية النرويجية إن سفارتها في أنقرة لم تتلق إخطاراً من السلطات التركية. وأكد مدير الاتصالات بالوزارة، ترود ماسيدي، لـ«رويترز» أن السفير «لم يفعل أي شيء يستدعي الطرد، وأنقرة تدرك جيداً وجهة نظر النرويج حول هذه القضية، وسنواصل دعوتها للامتثال للمعايير الديمقراطية وسيادة القانون التي التزمت بها الدولة بموجب (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان)».

وذكرت وزارة الخارجية النيوزيلندية، أمس الأحد، أنها لن تعلق «إلى أن تسمع أي شيء بشكل رسمي عبر القنوات الرسمية».

وقال وزير الخارجية الدنماركي، جيبي كوفود، إن وزارته لم تتلق أي إخطار رسمي بشأن هذه القضية، وإنها على اتصال وثيق بأصدقائها وحلفائها، مؤكداً: سنواصل الحفاظ على قيمنا ومبادئنا المشتركة، كما تم التعبير عنها في (الإعلان المشترك)».

وتتجه الأنظار إلى اجتماع الحكومة التركية برئاسة إردوغان، اليوم الاثنين، وما إذا كان سيصدر عنه أي قرار لتنفيذ تعليمات الرئيس بشأن السفراء العشرة. لكن مصادر دبلوماسية رأت أن «هناك فرصة لنزع فتيل الأزمة استناداً إلى أن تركيا أوضحت موقفها تماماً الآن، وتقييم التداعيات الدبلوماسية المحتملة لمثل هذه الخطوة قبل قمة (مجموعة الدول العشرين) في روما يوم 30 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، حيث من المحتمل عقد لقاء بين الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والأميركي جو بايدن».

كانت وزارة الخارجية التركية استدعت السفراء العشرة، الثلاثاء الماضي، وأبلغتهم رفضها بيانهم المشترك حول كافالا، ووصفته بأنه «غير مسؤول»، ويعبر عن «ازدواجية في المعايير»، حيث تتجاهل بعض الدول قرارات «محكمة حقوق الإنسان الأوروبية» وتركز اهتمامها على القضايا المتعلقة بتركيا.

وسبق أن أصدرت «المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان»، على مدى العامين الماضيين، قرارات عدة طالبت فيها تركيا بسرعة الإفراج عن كافالا، قائلة إنه «ليس هناك دليل معقول على أنه ارتكب جريمة»، وإن «الهدف من احتجازه هو إسكاته». لكن إردوغان أعلن رفضه القرارات قائلاً إنها غير ملزمة لبلاده، وهاجم كافالا متهماً إياه بتمويل احتجاجات «جيزي بارك» التي انطلقت على أنها احتجاجات للمدافعين عن البيئة في إسطنبول عام 2013 وسرعان ما تحولت إلى احتجاجات ضد الحكومة في أنحاء البلاد، حيث عدها إردوغان، الذي كان رئيساً للوزراء في ذلك الوقت، محاولة لإطاحته.

ويقول إردوغان إن كافالا هو ذراع الملياردير جورج سورس و«مؤسسة المجتمع المفتوح» التابعة له، وأنه مول احتجاجات «جيزي بارك» لإطاحة حكومته. وبرأت محكمة تركية كافالا، أوائل العام الماضي من اتهامات تتصل بتلك الاحتجاجات؛ من بينها التجسس والعمل على إطاحة النظام الدستوري للبلاد، لكن سرعان ما اعتقل بعد ساعات، وألغي حكم البراءة وجرى دمج الاتهامات في قضية واحدة يحاكم فيها بتهمتي التجسس ودعم محاولة الانقلاب في 2016 التي تتهم السلطات «حركة الخدمة» التابعة للداعية فتح الله غولن بتدبيرها.

وقال كافالا، الذي بات رمزاً لانتهاك القانون والحريات في تركيا، الجمعة الماضي، إنه لن يحضر جلسات محاكمته بعد الآن؛ «إذ لم يعد من الممكن عقد محاكمة منصفة بعد التصريحات الأخيرة لإردوغان». وستعقد الجلسة المقبلة في قضية كافالا يوم 26 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وقال «مجلس أوروبا»؛ الذي يشرف على تنفيذ قرارات «المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان»، إنه سيبدأ في دعاوى تتعلق بمخالفات ضد تركيا إذا لم يفرَج عن كافالا.