بايدن مضطر للاستجابة لشروط الرياض..

ولي العهد السعودي.. هل يحتاج واشنطن في ملفيْ إيران والحوثيين؟

التقارب مع روسيا كان رسالة الامير محمد الواضحة على التجاهل الأميركي

الرياض

يبدو أن الرئيس الأميركي جو بايدن بصدد تغيير حساباته بشأن العلاقة مع السعودية في سياق دولي وإقليمي متسارع الأحداث بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.


ويتوقع دبلوماسيون أن يقوم بايدن بزيارة الرياض خلال الشهر الجاري حيث يُنتظر أن يلتقي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، كتتويج في ما يبدو للقاءات الدبلوماسية المكثفة التي تجري هذه الأيام بين مسؤولين من واشنطن والرياض.
ووصفت قناة سي أن أن الأميركية اللقاء المرتقب بين بايدن والأمير محمد بـ"التحول الكبير" في سياسة بايدن الذي وصف المملكة في وقت سابق بأنها "دولة منبوذة".


ويعود فتور العلاقة بين بايدن والامير محمد إلى قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول التركية، بينما يدرجها البعض في إطار المزايدة على سياسة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.


ولاحظ مراقبون أن بايدن يتجاهل منذ فترة ولي العهد السعودي واقتصرت محادثاته الهاتفية مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز.
ولي العهد السعودي الذي كان واعيا بقيمة دور المملكة في المنطقة والثقل السعودي في توازنات سوق النفط، رد بالرفض على الضغط الذي حاولت واشنطن ممارسته على الرياض بطلب رفع إنتاجها النفطي لمجابهة ارتفاع الأسعار بسبب تداعيات جائحة كورونا وأبرم تفاهمات مع روسيا تنص على عدم زيادة الإنتاج.
 

التقارب مع روسيا كان رسالة الامير محمد الواضحة على التجاهل الأميركي

وكانت تلك رسالة واضحة من ولي العهد السعودي عبر فيها عن عدم رغبته في التواصل مع واشنطن مباشرة وتوجيه بوصلته نحو روسيا. 
وفي أذار/ مارس الماضي نشرت صحيفة الغارديان مقالا تحدثت فيه عن "شعور بايدن بالخذلان من رفض السعودية والإمارات التدخل لمساعدته قصد تحرير الاحتياطي الاستراتيجي الأميركي من النفط لمواجهة ارتفاع أسعاره جراء الحرب الروسية في أوكرانيا".


وتحتل السعودية المرتبة الثالثة بقائمة الدول المنتجة للنفط، اذ تنتج 9.3 مليون برميل يوميا، يليها العراق، في قائمة الدول العربية، في المرتبة الرابعة عالميا بـ4.2 مليون برميل يوميا ثم الإمارات بالمرتبة الثامنة عالميا بـ2.7 مليون برميل نفط يوميا والكويت بالمرتبة العاشرة بـ2.3 مليون برميل يوميا.


وفي أذار/ مارس الماضي قال رئيس قسم تحليل الطاقة في مركز خدمات معلومات أسعار النفط توم كلوزا إن "كندا والمكسيك والسعودية هم اللاعبون الكبار في الواردات النفطية الأميركية. روسيا لاعب صغير".


وفي شهر أيار/ مايو المنقضي نشر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن تغريدة على تويتر قال فيها إنه ناقش "أوجه التعاون الاستراتيجي في المجالات الدفاعية والعسكرية القائمة والمستقبلية بين بلدينا الصديقين"، وذلك عقب لقائه بشقيق ولي العهد السعودي الأمير خالد بن سلمان.

وأعلن البيت الأبيض الثلاثاء، عن اتصال جمع وزير الدفاع الأميركي أنتوني بلينكن بنظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان "لمناقشة عدة قضايا على رأسها الهدنة في اليمن". وهي لقاءات تمهد للقاء بايدن بالأمير محمد بن سلمان حسب ترجيحات الصحافة الأميركية. 


ويرى محللون أن واشنطن تفطنت للخطأ الذي ارتكبته بالتركيز على آسيا والمحيط الهندي على حساب منطقة الخليج مما ترك فراغا في المنطقة استثمرته روسيا والصين لصالحهما. لذلك ترغب الولايات المتحدة في استعادة نفوذها في الخليج وهي تعلم أن ذلك لن يتم إلا عبر البوابة السعودية. وهي نقطة يعيها ولي العهد السعودي جيدا الذي يبدي ثباتا إزاء محاولات واشنطن احتواءه.


ومن هذا المنطلق اعتمدت الرياض سياسة تنويع العلاقات وعدم الاقتصار على العلاقة المتميزة تاريخيا مع واشنطن المبنية بالأساس على قاعدة الأمن مقابل الطاقة.


ورغم الانتقادات المتزايدة في وسائل الإعلام الأميركية التي يصف بعضها تراجع بايدن عن موقفه من السعودية بـ"رضوخ للإرادة السعودية"، فإن توازنات سوق الطاقة هي التي ستحدد موقف بايدن النهائي خاصة مع استمرار الحرب الروسية في أوكرانيا وما نتج عنها من أزمة في موارد الطاقة. 


ومعلوم أن السياسة الأميركية تعتمد البراغماتية المبنية بالأساس على حماية المصالح الأميركية العليا، لا سيما وأن معظم صادرات النفط السعودية تستأثر بها آسيا على حساب الولايات المتحدة.


ويرى متابعون أن بايدن سيسعى في إطار جولته الخليجية التي ستشمل السعودية إلى عزل روسيا التي مازالت تحافظ على قنوات اتصال جيدة مع دول شرق أوسطية مؤثرة، وهو أمر يزعج السياسة الأميركية.


كما يعتبر محللون السعودية وحليفتها الإمارات في موقع قوة الآن إزاء سياسة التراجع والرضوخ للأمر الواقع من قبل واشنطن الراغبة في الدفع بروسيا بعيدا عن المنطقة بأي ثمن وحث دول الخليج وعلى رأسها السعودية على مراجعة موقفها من بوتين الذي تسعى الولايات المتحدة لخنق اقتصاد بلاده.


ولا ترغب السعودية في قطع حبل الود نهائيا مع الولايات المتحدة التي تربطها بها علاقات استراتيجية عريقة لكنها ستفاوض من موقع القوة وستحاول أن تفرض على بايدن إعلان إجراءات عملية ضد الملف النووي الإيراني الذي تعتبره دول الخليج مصدر تهديد لأمن المنطقة.

كما ستطالب بايدن بتحديد موقف واضح من الأزمة اليمنية واتخاذ إجراءات فعلية لوقف تمرد الحوثيين الذين باتوا يهددون بدعم من إيران، أمن السعودية والإمارات وليس اليمن وحده.