وائل رفعت سليم يكتب لـ(اليوم الثامن)

ما بين الفن و السياسة ! (الجزء الأول)

 نشرت جريدة النيويورك تايمز الأمريكية في السادس من يناير 2018 تقريراً صحفيا لديفيد كير كباتريك تحدث فيه ( عن قبول ضمني من النظام المصري لقرار ترامب بشأن القدس عاصمة لإسرائيل على عكس الموقف الرسمي المعلن ، وأورد التقرير توجيهات لضابط مخابرات يدعى أشرف الخولي لإعلاميين وفنانين مصريين يحثهم على ترويج القبول برام الله بدلا من القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية ) .

وكالعادة دخل الإعلام في صراع مقزز ، كل طرف يسعى لكسب التأييد والتأثير في المعركة السياسية الدائرة بين (العسكر والإخوان) في مصر ، وبصرف النظر عن ذلك الإستقطاب إلا أن الواقعة في حد ذاتها فتحت أبواباً من التساؤلات منها :- ما علاقة السياسة بالفن والإعلام ؟ ولماذا يستخدم الفنانون سياسياً ؟ ومن الذي يدعم حالة التراجع والإنهيار الفني ؟ وللإجابة على هذا :- يجب أن نعي دور وقيمة الفنون عموماً بدءاً من ( الموسيقى والتصوير والفن التشكيلي والنحت والكتابة بأنواعها والمسرح والسينما والغناء والمسلسلات التلفزيونية والإذاعية وإنتهاءاً بالبرامج الحوارية ورسوم الكارتون والإعلانات ) فهي إنعكاس لثقافة المجتمع وما يدور فيه من أحداث ، وأن الهدف الأساسي للفنون هو الإرتقاء بالفكر البشري لأي أمه من خلال توظيف عامل التسلية والترفيه ليصب في توجيه السلوك الإنساني نحو المعاني والمفاهيم الصالحة لتعايش المجتمع وبقائه وسلمية الحياة الإجتماعية فيه بتعزيز قيم الأخلاق والفضيلة والخير والعلم وحب الوطن والدعوة إلى الله . وقد كان إبداع الفنانين في الماضي يتجه نحو إنتاج أفكار مبتكرة تخدم القيم الإنسانية النبيلة التي ينشدها المجتمع ، أما ما ينتج الآن يكشف عن قدر من الضحالة الفنية والفكرية والتراجع الأخلاقي للفن في المجتمعات العربية والمجتمع المصري خصوصاً ، وصار كل من يتعرى أو يتجرد من الأخلاق نجماً أو نجمة بسرعة الصاروخ في مجتمع ذبح فيه العلماء والمفكرين وإنهار فيه الأئمة والدعاة ومضي الإبداع والإلهام والخيال بلا عودة وحل محلهم ألفاظ جنسية صارخة ومشاهد صادمة قاتلة تدفعك نحو الإنحلال الأخلاقي والإجتماعى يصيب مئات الشباب من الجنسين محولاً هؤلاء الشباب من أمل الأمة ومستقبلها وسندها إلى كتلة جنسية متفجرة قابلة للإستغلال والإشتعال في أي لحظة آثر الإستثارة الدائمة المحاط بها ، وهو ما أثر بالسلب نحو الحياة الإجتماعية الآمنة فتجد أتساع نطاق الجريمة ونمو معدلاتها ( الزنا وزنا المحارم والشذوذ وإدمان المخدرات والتحرش والقتل والسرقة والتحريض علي الفسق والرشوة والإلحاد و.و...) ورحل الفنانون إلى مواضع الشبهة ليس إلا بشكل مستحدث تحت ستار أسم ( الفنان ) إلا عدد قليل ممن رحم ربك . وتحولت السنيما والتلفزيون إلى وسيلة لهدم القيم الأسرية والإجتماعية التي تعارف عليها المجتمع وتبلغ أهمية السينما والتليفزيون لكون الدراسات الإعلامية أكدت علي تأثير الصورة بنسبة 80 % علي المتلقي ، ومن خلالهما يتم جذب المجتمع لتبني الأفكار المشينة وإستباحة المنكر والمحرم ومن ثم تراجع الذوق العام الهادف ليحل مكانه ذوقا رديئاً موجهاً بعمد يعتمد على تحقيق مكاسب مالية وسياسية مشبوهة بقدر ما تقدم من أعمال مشوهة . وأنعكس ذلك بتردي الذوق العام بدا جلياً في أعمال النحت والفن التشكيلي لتظهر أعمال مشوهة تثير السخرية وغاب عن الشوارع والمدن أي شكل من أشكال التنسيق الحضاري والتنظيم الفني والجمالي لتحل محلهم العشوائية وتصبح عنواناً لوطن كان يوماً رمزاً للرقي والحضارة . وتعالى توجه بإسم التقدم والمدنية وحرية الإبداع للتعدي على القيم الأخلاقية والإجتماعية وتدمير الأسرة والإنسان مستندين إلي مفاهيم خاطئة عن الإبداع والمدنية والتقدم ( فما هو الإبداع في إمرأه أو رجل يتعرى بالكامل ؟ وما هو الإبداع في مشاهدة رجل أو إمرأه يقضي حاجته ؟ وما هو الإبداع في عرض الملابس الداخلية ؟ وما هو الإبداع في تعبيرات وألفاظ غير أخلاقية ؟ وما هو الإبداع في أعمال قتل غير مبررة ودموية ؟ وما هو الإبداع في نشر طرق تعاطي المخدرات) إنما الإبداع في الرمزية والتورية وإن كان الغرض من هذا الإساءة للقيم والعادات والتقاليد المجتمعية والدينية وذبح الأخلاق واستباحة القانون لخلق إنسان غير سوي لا يعرف الإستقرار النفسي يميل للإنحراف والجريمة ويبحث دائماً عن إشباع رغباتة المادية من (مأكل وملبس ومسكن وثروة وجنس ) رافضاً لكل القيم الروحية المرتكنة إلي ( الدين والأخلاق والعادات والتقاليد والقانون ) إنسان خالي الفكر لا يملك علماً أو ثقافة أو رؤية وهو ما يجعله صيداً سهلاً لأنظمة سياسية إستبدادية في الداخل أو لأنظمة صهيونية ماسونية ترغب في التحكم بعقله وتوجيهه نحو الضعف والهوان من منطقة الرغبة و الشهوة أيا ما كانت للسيطرة عليه مستغلين نواقص النفس البشرية والعجز النفسي وفقدانه القدرة على البناء الجاد للأوطان أو مقاومة اعتداءات أعداء الوطن لأمتة .

 ودائماً ما تستخدم الأنظمة السياسية الفنانين والأدباء كأداة لبث وتنمية الضعف والهوان أو العزة والإنتصار لما يلاقيه الفنانيين والأدباء من تقدير الناس ويبدو تأثيرهم الأخطر علي العوام وبسطاء الناس وهم القطاع الأكبر في المجتمعات التي يغيب فيها التعليم والعلم ومن ثم يسهل توجيههم سياسياً بإستخدام أغنية أو فيلم أو مسلسل أو برنامج حواري .

وهذا تحديداً ما فعله اليهود بألمانيا في عام 1850 بعدما منح اليهود كامل حقوقهم السياسية ولكي يسيطروا على المجتمع الألماني توغلوا بين الصحفيين والإعلاميين والأدباء والفنانين داعمين سياسية الفن الهابط الرافض لأي قيم أو تقاليد أو دين، وأنشأوا مسارح للشذوذ الجنسي بأنواعه ، وأباحوا الممارسة الجنسية على العلن ، ودعموا تجارة المخدرات ، ونشروا كتب تهين المسيحية وتسخر من السيد المسيح حتي يتمكنوا من حلحلة المجتمع الألماني ويصبح عاجز عن مواجهتهم ، وبهذا سيطر اليهود على المناصب الكبرى في ألمانيا على الرغم من كونهم أقلية في عتاد الشعب الألماني حينها 500 ألف يهودي وسط 60 مليون ألماني ، فسيطروا على 50 % من الأعلام و 70 % من المناصب القضائية و70 % من البنوك والتجارة وتم ذلك بتولية المنصب ليهودي بشكل مباشر أو بشراء الذمم والضمائر ، ولأحكام السيطرة السياسية والإجتماعية تأتي أهمية السيطرة الإقتصادية فتوسعوا في الإقراض ليتمكن الألمان من إشباع رغباتهم المادية لحقته إنهيارات إقتصادية بالبنوك الألمانية في الفترة من 1917 حتي 1920 وتعم البطالة والجريمة وتصبح برلين عاصمة الرذيلة في أوروبا ، وبعدما تصدي لهم هتلر نقلوا أنشتطهم إلي هوليوود مستخدمينها للسيطرة السياسية علي العالم بالدعاية للقدرة الأمريكية الصهيونية من خلال القوة الناعمة للسينما . وصار هذا نهج الصهيونية والماسونية والأنظمة المستبدة في السيطرة علي الأمم والشعوب ، ويمكنك القول أن هذه الأفعال هي خطط تدمير الأمم وأستعير قول ( هتلر ) مع قليل من الإضافة :- ( بأن الصهيونية والأنظمة الديكتاتورية الإستبدادية لا تعيش وتسيطرعلي الأمم وتدمرها إلا بمثل هذه القاذورات ) .

وللحديث بقية في الجزء الثاني بقلم وائل رفعت المحامي