أيمن باشا يكتب لـ(اليوم الثامن):
النضال من أجل العدالة؛ وموعد مع انتصار الإرادة الشعبية
انتهت حرب استمرت 12 يومًا بهدنة هشة، تاركةً العديد من الأسئلة حول الخطوات القادمة.. هل ستتحقق آمال الشعب الإيراني ومقاومته في إطلاق "انتفاضة" تُسقِط الدكتاتورية؟ أين ستقع المعركة الحاسمة، وهل هي وشيكة؟ ومن سيكون المُنتصر ومن سيُهزم في هذا الصراع؟
ميدان الصراع الحقيقي
أثبت التاريخ أن الصراع الأساسي ليس بين النظام الحاكم في إيران وقوى أجنبية.. كما أن المهادنة مع هذا النظام لا تمثل حلاً، وكلا النهجين ساهما في استمرار هيمنة النظام، والحرب الأخيرة التي دامت 12 يومًا قد عززت هذه الحقيقة.. ووفقاً لهذه القراءة أعلنت السيدة مريم رجوي الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية أثناء تلك الحرب عن: "اقتراح لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب كخطوة نحو الحل الثالث المتمثل في: لا حرب ولا مهادنة.. وإفساح الطريق ممهدا للشعب الإيراني كي يُسقط نظام خامنئي بنفسه في معركة مصيرية" ودون أي نوع من التدخلات الخارجية.
إيران هي ساحة الصراع الرئيسية، ورغم أن تداعيات هذا الصراع قد امتدت إلى خارج الحدود فإن المنتصر الحقيقي سيكون القوة المتجذرة في المجتمع الإيراني.. ولا مكان للتشكك أو اليأس أو التضليل في هذا المسار الطبيعي.. فالقوى العابرة تأتي بشعارات براقة وتزول بسرعة كرغوةٍ على سطح ماء، وقد كانت انتفاضة عام2022 والحرب الأخيرة خير دليلٍ على ذلك.
إسقاط الدكتاتورية
إن النظرة العميقة للانتفاضة في إيران تُظِهر أن إسقاط الدكتاتورية الدينية يتطلب بديلاً متجذرًا في إيران ومتواصلا خارجياً امتدادات.. ووأما الصراع الأساسي فليس نوويًا ولا دينيًا ولا قوميًا، ولا يتعلق بحقوق الإنسان أو معيشة الشعب فحسب.. إنه يدور حول "الحرية" وجميع القضايا الأخرى هي نتائج لغيابها في بلد يُحرم من الحرية، وتمتد تداعيات الصراع على نطاق واسع، والسبب الأساسي يكمن في معاداة النظام للحرية.
بدأ النظام الدكتاتوري بقمع الحرية، ثم يسعى اليوم لامتلاك السلاح النووي، ويفرض القمع، وينتهك حقوق الإنسان، ويدمر معيشة الشعب، ويوسع دائرة نفوذه الحربي، ويصنع ويصدر الأزمات.. والتاريخ يؤكد هذا النمط.. لهذا تخشى الأنظمة الدكتاتورية "الحرية" أكثر من أي شيء، وتستهدف دعاتها بالقمع الوحشي، ويرفض الشعب الإيراني كافة أشكال الدكتاتورية.
ثمن الحرية
لا تأتي مجانًا الحرية المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالاستقلال.. بل تتطلب ثمنًا باهظًا.. ولقد رأينا على مر العقود الماضية كم دفعت المقاومة الإيرانية هذا الثمن غاليًا باستشهاد أكثر من 120 ألف شخص ومن بينهم ضحايا مجزرة الإبادة الجماعية سنة 1988 التي راح ضحيتها أكثر من 30 ألف سجين سياسي على يد هذا النظام الفاشي.. وهذه التضحيات ليست سوى جزءا من الثمن، ولقد استشهد منذ سقوط نظام الشاه وحتى صعود دكتاتورية الولي الفقيه سنة 1979 مئات الآلاف من الإيرانيين خاصة أعضاء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية تلك المنظمة التي ظلت رائدة في مواجهة الدكتاتورية متغلبة على عقبات لا تُحصى بمُرتكزة على مبادئ "الحرية" و"الاستقلال"، دافعةً ثمنًا باهظًا للمضي قدما وبثبات في طريقها النضالي من أجل تحقيق أهدافها.
مقاومة لا تتزعزع
رغم التحديات تواصل المقاومة الإيرانية وقلعتها الصامدة في "أشرف 3" ثباتها وازدهارها وتألقها إلى جانب الآلاف من "وحدات الانتفاضة" التابعة لـ منظمة مجاهدي خلق داخل إيران التي تنشط يوميًا في أعمال سياسية ومدنية وعسكرية، ويلجأ النظام وهو في غمرة يأسه إلى الاعتقالات الجائرة والاتهامات الباطلة والتعذيب الوحشي لإخفاء خوفه من هذه القوة المتزايدة.. لكن جذور المقاومة العميقة في المجتمع تجعلها الأمل في الخلاص والبديل الأوحد.
نظرة إلى المستقبل
النظام اليوم في أضعف حالاته من الفشل الداخلي، والشعب الإيراني ومقاومته هما مفتاح إسقاط هذه الدكتاتورية.. وأي قوة تسعى للوقوف إلى جانب التاريخ يجب أن تدعم هذا النضال وهذا الكفاح من أجل العدالة.. والطريق إلى الحرية واضح.. إنه بيد الشعب الإيراني المتضامن والمتحد في سعيه نحو مستقبل ديمقراطي زاهر.
أيمن باشا مدانات/ نائب برلماني أردني سابق