وقائع متجددة..

جدل النقاب في مصر.. احتدام مصطنع أم أزمة حقيقية؟

المناصب الإدارية

القاهرة

أعادت واقعة إلغاء تعيين فنانة تشكيلية بمنصب مديرة لقصر ثقافي في مصر بحجة أنها سيدة ”منتقبة“، الجدل حول النقاب في بلد ترفض مؤسسته الدينية العريقة ”الأزهر الشريف“ الدخول في نقاش يعتبره البعض ”غير مجدٍ“، يستند إلى ”احتدام مصطنع“، بينما يراه آخرون بمثابة ”أزمة حقيقية“ في المجتمع.

الموقع الرسمي لدار الإفتاء المصرية يحتفظ بفتوى دائمة تنص على أن ”الزيّ الشرعي المطلوب من المرأة المسلمة هو أي زي لا يصف مفاتن الجسد ولا يشف، ويستر الجسم كله ما عدا الوجه والكفين“، وهو رأي قاطع بعدم وجوب ارتداء النقاب.

لكن الوقائع المتجددة في الشارع المصري، والتي يصفها البعض بـ“غير المقبولة“، تضع الجدل أمام شاشات التلفاز وعلى صفحات الجرائد، يبرز خلالها طرف متشدد في رأى النقاب وطرف آخر متشدد في رفضه.

وقائع متجددة

واقعة الفنانة التشكيلة لم تكن الوحيدة مؤخرًا، حيث قالت المهندسة أمل جابر إنها مُنِعت من دخول الجامعة الأمريكية لحضور قمة ”رايزآب“ لمسابقة أفضل شركة اتصالات، بسبب ارتدائها النقاب.

وأضافت في تصريحات لـ“إرم نيوز“ أن ”الجميع حضر بفكرته وشركته للمشاركة في إيفنت Rise up، وكنا نستعد له منذ أسابيع“، مشيرة إلى أنها لم تتمكن من الدخول، وعندما سألت عن السبب كانت الإجابة بأن المانع ”أنها ترتدي النقاب“، بحسب زعمها.

عادة يهودية

أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف وعضو مجلس النواب، النائبة آمنة نصير، قالت إن النقاب ليس حرية شخصية، كما أنه ليس من الإسلام.

وذهبت في تصريح لـ“إرم نيوز“ إلى أن ”النقاب ثقافة وتشريع يهودي، كما أن الفقهاء اتفقوا على أن المرأة تغطي جميع أجزاء الجسم باستثناء الوجه والكف“.

وعلاوة على ذلك، طالبت بإصدار قانون يقضي بمنع النقاب ”من أجل الأمن والسلامة. وأقول للجميع إنه ليس تشريعًا إسلاميًا بل عادة يهودية“.

المناصب الإدارية

واتفقت معها الكاتبة فريدة الشوباشي، معلنة رفضها التام لأن تتولى منتقبة أي مناصب في الجهاز الإداري للدولة، متسائلة: ”كيف ستتعامل مع الجمهور دون أن يرى وجهها ويعرف مع من يتكلم؟“.

وعللت على رأيها بأن ”النقاب ممنوع داخل الحرم المكي، فما الداعي إذن لارتدائه؟ ولذلك لا بد من إصدار قانون يمنع النقاب“.

وردًا على أنه حرية شخصية، قالت الشوباشي إنه ليس حرية شخصية، وإن أصحاب هذا الحق فاقدو الحجة، مضيفة: ”النقاب ثقافة صفراء وإساءة لمصر“.

على الجانب الآخر قال الشيخ سامح عبد الحميد حمودة، الداعية السلفي، " إن النقاب حرية شخصية، وهو ليس غريبًا على نساء مصر، والبرقع كان معروفًا ومتداولًا قبل الاحتلال الإنجليزي الذي فرض ثقافته على المجتمع المصري لفترة وجيزة، ثم عاد النقاب مرة أخرى“، بحسب وصفه".

ورفض سامح قول البعض إن النقاب يستغل في ارتكاب الجرائم، مؤكدًا أنه لا يقتصر على مَن يرتدون النقاب فقط، فهناك مَن يجرون عمليات تجميل في الوجه، وتكون تفاصيل ملامحهم مختلفة عن صورتهم في البطاقة، لافتًا إلى أن النقاب لا يؤثر على العملية التعليمية، فقد تخرج أجيال من المنتقبات في الجامعات دون أن يؤثر النقاب على دراستهن.

وعن واقعة مركز الثقافة طالب سامح بمحاسبة وزيرة الثقافة بسبب التمييز والتنمر على منتقبة ومنعها من حقها في التدرج الوظيفي لتتولى إدارة قصر الثقافة بمدينة كفر الدوار، مشيرًا إلى أن هذا اضطهاد لطائفة في المجتمع.

وتساءل الداعية ”هل من شروط التولي لهذا المنصب لباس معين؟، هل المنتقاب غير جديرات بهذه المناصب؟ أم هن مواطنات درجة ثالثة؟“.

حرب على النقاب

وقال: ”المنتقبات يعانين من حرب غير مبررة، مع أننا في دولة مسلمة، في دولة الأزهر، ورغم ذلك هناك عداء وإبعاد للمنقبات، وهذا يخالف الدستور والقانون“.

وواصل بأن العبرة بالكفاءة في العمل، وقد أجرت وزارة الثقافة مسابقة بين العاملين في قصر الثقافة لاختيار مدير له، وفازت بها الأستاذة منى القماح، التي تعمل موظفة، وهي فنانة تشكيلية بقصر ثقافة كفر الدوار، وتم حرمانها من حقها الطبيعي، وهو من التعديات التي تعاني منها المنقبات في مصر.

وتشهد مصر بين حين وآخر حالة هجوم حادة على النقاب، وتتباين ردود الأفعال، وكذا الحال بالنسبة للفتاوى حول شرعيته وفرضيته من عدمها.