الاتحاد الأوروبي..

واشنطن: الاتفاق البحري التركي مع ليبيا انتهاك للقوانين الدولية

رفض الاتفاقيات والنوايا المشبوهة

بروكسل

يزيد الاتفاق البحري الموقع بين حكومة الوفاق الليبية وتركيا من تعميق التصدع في العلاقة بين بروكسيل وأنقرة. كما أنه يزيد حجم الضغوط التي سببها الإعلان عن الاتفاق، إذ اعتبر الزعماء الأوروبيون في بيان أصدروه خلال اجتماع عقد صباح الجمعة أن اتفاقية ترسيم الحدود بين البلدين تنتهك القوانين الدولية، معربين عن إدانتهم لهذا الاتفاق البحري. وأقر نص اتفاق زعماء الاتحاد الأوروبي بأن مذكرة التفاهم “تنتهك الحقوق السيادية لثلاث دول، ولا تمتثل لقانون البحار ولا يمكن أن تنتج عنها أي تبعات قانونية بالنسبة للدول الثلاث”.

وأعلن البيان صراحة “تضامن” الزعماء الأوروبيين مع اليونان وقبرص، اللتين لديهما مخاوف من أن تركيا تحاول إثبات ادعاء باحتياطيات غاز طبيعي قيّمة يشتبه في أنها تقع تحت قاع البحر.

ويواجه الاتفاق البحري الذي وقعته أنقرة في وقت سابق مع حكومة الوفاق الوطني في ليبيا رفضا عربيا ودوليا كبيرا، كما انتقدته سلطات شرق ليبيا التي تتنافس على الشرعية مع السلطات التي تعمل من غرب البلاد.

وحكومة الوفاق الوطني الليبية هي الشريك الدولي الوحيد الداعم لحدود أنقرة البحرية.

وكان عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي رفض الاتفاق بين بلاده وتركيا على ترسيم الحدود البحرية والذي أدى إلى إثارة غضب أثينا.

وطردت اليونان السفير الليبي، الأسبوع الماضي، بسبب غضبها من الاتفاق الموقع في 27 نوفمبر بما أسس لممر بحري بين ليبيا وتركيا في مناطق تعتبرها اليونان ضمن حقوقها البحرية.

وقال صالح، في تصريحات أدلى بها للصحافيين من أثينا، إنه يؤكد رفض الاتفاق ويعتبره باطلا ووصف من وقعوه نيابة عن بلادهم بأن ليست لهم أي سلطة قانونية تخولهم لذلك بسبب ما قال إنه رفض لحكومتهم ذاتها، مشيرا إلى إخفاقها في اقتراع بالثقة مرتين وعدم أدائها اليمين القانونية أمام مجلس النواب.

ويدعم البرلمان، ومقره في مدينة طبرق شرق البلاد، الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر الذي يسيطر على شرق البلاد ويعارض حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا والتي تعمل من العاصمة طرابلس.

وأحالت الحكومة اليونانية، الثلاثاء، إلى الأمم المتحدة اعتراضاتها على الاتفاق بين ليبيا وتركيا لترسيم الحدود البحرية باعتباره انتهاكا للقانون الدولي.

وتبذل أنقرة جهودا كثيرة من أجل تجاوز خصومها الإقليميين في ليبيا وفي شرق البحر المتوسط الغني بالنفط، وتتضمن هذه المساعي توقيع الاتفاقيات مع حكومة الوفاق ومن بينها استعدادها لنشر جنود وتوقيع الاتفاق البحري المثير للجدل.

وأنقرة من أكبر حلفاء حكومة الوفاق الليبية، وتعززت العلاقة بينهما من خلال الدعم الذي قدمته تركيا لحكومة الوفاق في إطار التصدي للعملية العسكرية التي بدأها المشير خليفة حفتر منذ أبريل الماضي لتطهير طرابلس من الميليشيات.

واستقبل أردوغان رئيس حكومة الوفاق، فايز السراج في إسطنبول في 27 نوفمبر للتوقيع على اتفاقيات عسكرية وبحرية.

وقال أنس القماطي، مدير معهد صادق للأبحاث ومقره طرابلس، إن “تركيا وجدت لنفسها حليفا طبيعيا في حكومة الوفاق الوطني. فهما يتشاركان الخصوم أنفسهم في أماكن مختلفة”، مشيرا إلى الأسباب “التجارية والسياسية” للدعم الذي تقدمه أنقرة.

وأضافت أليسون بارجيتر، خبيرة شؤون ليبيا في جامعة كينغز كولدج، “ليست لدى السراج قوة حقيقية… إنه بحاجة ماسة إلى الدعم التركي ليكون قوة موازنة لحفتر”.

ويقسم الاتفاق البحري جزءا كبيرا من شرق البحر المتوسط بين تركيا وليبيا، وتكمن أهميته بشكل خاص في الاكتشافات الأخيرة لكميات الغاز الكبيرة التي تسببت في تهافت على التنقيب بين الدول المحاذية وشركات النفط العالمية.

وأثار الاتفاق التركي الليبي غضب اليونان التي ردت بطرد السفير الليبي وحضت الأمم المتحدة على إدانة الاتفاق. وتتعرض تركيا أساسا لعقوبات يفرضها الاتحاد الأوروبي على خلفية سفن التنقيب عن النفط والغاز قبالة قبرص، والتي لا تعترف تركيا بحكومتها.

ويعد الاتفاق، بحسب المحللين والمتابعين، ردا على استبعاد تركيا من جانب دول أخرى في المنطقة.

وفي وقت سابق هذا العام، اتفق وزراء الطاقة في قبرص واليونان ومصر وإسرائيل والأردن وإيطاليا والأراضي الفلسطينية على إقامة “منتدى غاز شرق المتوسط” الذي لا يضم تركيا.

وقال إيجي سيتشكين، الخبير بشؤون تركيا، “تخشى تركيا من أن تكون محاصرة من الجهة الجنوبية، في ظل خطط لخط أنابيب غاز مستقبلي يربط حقول الغاز القبرصية بالأسواق الأوروبية”. وأضاف “الحدود البحرية التي رسمت بموجب الاتفاق تغطي مساحة من جنوب غرب تركيا إلى شمال شرق ليبيا، عبورا بالطريق المقرر لهذا الأنبوب”.