خلق شخصية قادرة على التفاعل..

دعوة من أجل إصلاح التعليم والتربية والتنشئة الاجتماعية للطفل 

النظم التعليمية تلعب اهم الادوار وأقواها تأثيرا في حياة الافراد - ارشيف

هشام الحاج

تعتبر التنشئة الاجتماعية من العمليات الاساسية في حياة الانسان، وتكمن اهميتها في أنها تقوم بتحويل الفرد من مخلوق ضعيف عاجز الى شخصية قادرة على التفاعل في المحيط الاجتماعي الذي يحتويه، كما تساعد الفرد على الانتقال من الاتكالية المطلقة والاعتماد على الآخرين والتمركز حول الذات في المراحل الاولى من عمره الى الاستقلالية، والاعتماد على النفس عبر المراحل الارتقائية من عمره.

وتعد التنشئة الاجتماعية في مرحلة الطفولة والشباب على درجة كبيرة من الاهمية سواء بالنسبة للفرد نفسه، وبالنسبة للمجتمع ففيها يتم رسم ملامح شخصية الفرد وتتشكل عاداته واتجاهاته وقميه وتنمو ميوله واستعداداته وتتفتح قدراته وتتكون مهاراته وتكتسب انماطه السلوكية، وخلالها ايضا يتحدد مسار نموه العقلي والنفسي والاجتماعي والوجداني وفقا لما تساهم به مؤسسات التنشئة الاجتماعية والاسرة والنظم التعليمية ودور العبادة والاندية ، وسائل الاعلام.

ومن ثم فلكل منها اهميتها الخاصة بها بيد أن النظم التعليمية تلعب اهم الادوار وأقواها تأثيرا في حياة الافراد ، لذا يحرص القائمون عليها والعاملون فيها على توسيع دائرة التفاعل الاجتماعي للفرد من جميع افراد النظام التعليمي وخاصة المعلمين باعتبارهم القدوة له، والنمو بالسلوك فضلا عن انه يتأثر بالمنهج الدراسي فيزداد علما وثقافة، بالمعايير والادوار الاجتماعية وضبط النفس والتوفيق بين حاجاته وحاجات الغير ومن يصبح فردا مكتمل النمو وله شخصيته المميزة التي تمكنه من ان يستمتع بحياته في توافق مع نفسه ومجتمعه، ومن ثم تتحقق اهداف التنشئة الاجتماعية، حيث يكتسب الطفل من خلال عملية التنشئة الاجتماعية مع اسرته وغيرها من المؤسسات المناط بها مهمة التنشئة الاجتماعية في المجتمع ، اللغة والعادات والمعاني والمواقف والاساليب المرتبطة بإشباع الحاجات والرغبات، كما ينشئ لدى الطفل في هذه العملية القدرة على توقع ردود فعل الآخرين تجاه بعض مطالبه وسلوكه، كما يشير مفهوم التنشئة الاجتماعية الى العملية التي يتعلم بواسطتها او من خلالها الافراد قيم ولغة المجتمع والسلوك المتوقع منهم كأعضاء في المجتمع ويتم ذلك من خلال الاسرة والمدرسة ومن زملاء الرفاق.

تعرف التنشئة الاجتماعية بانها عملية اندماج الطفل في الاطار الثقافي العام، عن طريق ادخال التراث الثقافي في تكوينه وتوريثه اياه توريثا متعمدا من خلال تعليمه نماذج السلوك المختلفة في المجتمع التي ينتسب اليه، وتدريبه على طرق التفكير السائد وفهمه وغرس المعتقدات في نفسه منذ طفولته حيث يصبح احدى مكونات شخصيته، وهناك اهداف عدة للتنشئة الاجتماعية لتحقيقه وهي تكوين جماعات ذات اهداف مرسومه تؤمن بقيم معينة وهذا له اثره المباشر في درجة التنظيم الاجتماعي، ومن ثم يقدم للمجتمع بعد ذلك اكتساب الطفل مبادى واتجاهات المجتمع الذي يعيش فيه، حيث تسهل اندماجه ويؤدي واجباته دون أي عائق كما تهذب الغرائز الطبيعية لديه وتعويده العادات الصالحة في الأكل والملبس والمشرب وطرق المعاملة واعطاء معلومات عن الحياة وعن مجتمعه وتعديل وصقل الذكاء الفطري لدى الطفل وذلك باتباع الاسلوب العلمي في معاملة الطفل وتنشئته منذ بدء حياته ، كما يتشرب الطفل الكثير من القيم الاجتماعية مثل التعاون والحرية والاستقلال والاعتزاز بالنفس والانتماء للجماعة واحترام الكبير... ألخ

فنقول على الرغم من اهمية هذه المرحلة بالنسبة للطفل ، في تشكيل شخصيته وتقبله لمرحلة جديدة في حياته الا ان هناك تظهر قصور تقديم مستوى الخدمة الاجتماعية لهذه المرحلة ، ويرجع هذا القصور الى تدني الاهتمام بهذه المرحلة مقارنة بما يقدم للمراحل التعليمية اللاحقة، من حيث تجهيز المباني واعداد المربيات وتأهيلهم اضافة الى تدني مستوى وعي معظم الاسر بأهمية هذه المرحلة ودورها في حياة الطفل اللاحقة.

وهذه المرحلة ما زالت تشكل الحلقة الاضعف في السًلم التعليمي لغيابها في الاستراتيجيات الوطنية للتعليم الاساسي وتغيبها ايضا في خطط التنمية المتعاقبة الا انه في السنوات الاخيرة بدأت الكثير من المؤتمرات وحلقات النقاش التي ركزت على اهمية هذه المرحلة وبدراسة خصائصها وحاجاتها ومشكلاتها التي تتميز بخصوصية عن بقية المراحل التعليمية اللاحقة كونها تهيأ الطفل نفسيا وتربويا للاندماج في بيئة تربوية اوسع.

*كلمة لابد منها:

-هناك تحديات كبيرة في التعليم ماقبل المدرسي منها تدني وعي المجتمع بأهمية هذه المرحلة.

-قلة الرياضة المتوفرة وتركزها في المدن مع تلازم غياب البيئة التربوية الملائمة للأطفال ومع ندرة الوسائل والعينات اللازمة لعمليتي التعليم والتعلم وأخيرا عدم دمج هذه المرحلة في استراتيجية التعليم الاساسي وخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، حيث لم تركز الاستراتيجية الوطنية لتطوير التعليم الاساسي على مرحلة التعليم ماقبل الاساسي ، وهذه اشكالية بحد ذاتها من عدم الاهتمام بهذه المرحلة.

*المرجع: الدكتور عبدالغني محمد اسماعيلر