الادعاء العام الفيدرالي يوجه تهما رسمية للمرة الأولى لمسؤولين سابقين..

الاتحاد الدولي لكرة القدم يعترف بتدخل سياسي منح المونديال لقطر

بلاتر يحاول انقاذ نفسه من 'الاتفاق النبيل"

واشنطن

اعترف الرئيس السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) السويسري سيب بلاتر اليوم الثلاثاء بوجود "تدخل سياسي" في قرار منح حق استضافة كأس العالم 2022 إلى قطر، لكنه رفض في نفس الوقت اتهامات القضاء الأميركي المتعلقة بتلقي الرشاوى من أجل التصويت لروسيا وقطر في السباق على استضافة مونديالي 2018 و2022.

وقال بلاتر الذي تولى رئاسة الفيفا لمدة 17 عاما حتى 2015 والموقوف حتى عام 2022، في حديث للوكالة الفرنسية للأنباء "لقد كان هناك 'اتفاق نبيل' في اللجنة التنفيذية للفيفا: مونديال 2018 لروسيا ومونديال 2022 للولايات المتحدة".

وتابع "لقد حصل تدخل سياسي لمنح حق استضافة مونديال 2022 إلى قطر هذا كل ما في الآمر. في هكذا نوع من القرارات يحصل تدخل سياسي رفيع المستوى".

وبحسب روايته للوقائع يعتبر بلاتر أن فشل اتفاق اسناد استضافة مونديال 2022 للولايات المتحدة يعود لتدخل الحكومة الفرنسية في عهد رئيس الجمهورية السابق نيكولا ساركوزي خلال مأدبة غداء مع مواطنه ميشال بلاتيني الذي كان حينها عضوا في اللجنة التنفيذية للفيفا.

ولطالما أكد بلاتيني النجم السابق لمنتخب الديوك والذي اعترف بالتصويت لصالح قطر أنه بدّل رأيه حتى قبل مأدبة الغداء هذه.

ووجه الادعاء العام الفيدرالي في بروكلين الثلاثاء تهما لمسؤولين سابقين في الاتحاد الدولي لا سيما من أميركا الجنوبية بتلقي الرشى من أجل التصويت لروسيا وقطر لاستضافة مونديالي 2018 و2022.

وكشف الاتهام، رغم أنه يضم القليل من المعلومات حول مصدر المدفوعات، أن رئيس اتحاد كونكاكاف السابق الترينيدادي جاك وورنر الذي شغل منصب نائب رئيس الفيفا، تلقى رشوة بقيمة خمسة ملايين دولار من أجل التصويت لروسيا مشيرا إلى أن هناك شخصا لعب دور صلة الوصل واصفا إياه بـ "مستشار قريب من رئيس الفيفا" في حينها أي بلاتر.

ورد السويسري "من الممكن أن يكون (المجري) بيتر هارجيتاي هو المقصود" الذي كان مستشارا سابقا لبلاتر "ولكنني لم أكن لأطلب من أي مستشار التدخل ولا أعتقد أن كان بإمكانه كتابة ذلك".

من جهته، أكد الاتحاد الدولي للعبة في بيان أنه يدعم "كل التحقيقات المتعلقة بالمخالفات الجنائية" وأنه سيستمر في "التعاون مع السلطات القضائية".

وأضاف الفيفا الذي ذكر أنه في موقع "الضحية" فيما يخص الاجراءات التي وضعها القضاء الأميركي أنه "يتابع عن كثب هذه التحقيقات والتطورات في الولايات المتحدة كما في كل أنحاء العالم".

وكانت النيابة العامة في فرنسا قد أعادت في ديمسير الماضي فتح التحقيق في قضايا الفساد واستغلال النفوذ في قضية منح قطر تنظيم مونديال 2022، حيث من المنتظر أن يتم إعادة استدعاء بلاتر في باريس على الرغم من التحقيق معه كشاهد في أبريل 2017.

وقالت صحيفة "لوموند" الفرنسية في يناير الماضي إن مأدبة الغداء التي نظمها ساركوزي في الإليزيه يوم 23 نوفمبر عام 2010 أي قبل التصويت بأيام على منح قطر حق استضافة المونديال، كانت محور الاتفاق الذي أبرم بين بلاتيني وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد الذي كان وليا للعهد آنذاك ووزير الخارجية السابق حمد بن جاسم، لمنح الدوحة تنظيم نهائيات كأس العالم، كما تم خلالها الاتفاق على شراء نادي باريس سان جيرمان الفرنسي والحصول على حق البث الحصري للمباريات لصالح مجموعة "بي.إن.سبورتس" القطرية.

وبحسب الصحيفة الفرنسية فإن القضاء السويسري عثر عام 2015 على 120 معاملة مالية مشبوهة بين بلاتيني وقطر ولكن توقفت التحقيقات لأسباب غير معروفة.

يذكر أن النيابة العامة السويسرية وجهت هي الأخرى في فبراير الماضي اتهامات في قضية فساد تتعلق بحقوق البث التلفزيوني لمسابقات كروية لرئيس نادي باريس سان جرمان القطري ناصر الخليفي، والأمين العام السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم الفرنسي جيروم فالك. 

وقال مكتب المدعي العام السويسري إن الشخصين "على علاقة بعملية منح حقوق بث لعدة نسخ من بطولتي كأس العالم وكأس القارات".

وتأتي الحلقة الجديدة من مسلسل اتهامات الفساد التي وجهها الادعاء العام الفيدرالي في بروكلين، قبل عامين ونصف العام من مونديال قطر 2022، وهي الأولى من نوعها التي تصدر فيها سلطات قضائية حكومية تهم فساد مرتبطة بهذا الحدث الكروي الذي دفعت فيه الإمارة الخليجية الصغيرة الغنية بالغاز، الغالي والتفيس لاستكمال مشاريع إقامته بأي ثمن رغم كل النتقادات التي وجهت لها.

وتضمنت لائحة اتهام مكونة من 70 صفحة ونشرت بالولايات المتحدة ادعاءات بدفع رشى لأربعة مسؤولين سابقين ورسائل بريد إلكتروني تآمرية ومدفوعات عبر شركات وهمية في منطقة الكاريبي، تتعلق بطلب استضافة كأس العالم 2018 بروسيا وكأس العالم 2022 بقطر.

وبعد سلسلة من التحقيقات والاتهامات التي استمرت لأعوام، وشهدت أيضا اعترافات وفرض عقوبات بمنع ممارسة أنشطة تتعلق بكرة القدم مدى الحياة ضمن فضيحة فساد الفيفا، ضاعفت السلطات الأميركية الضغوط على منظمي المونديال القطري الذي يحقق في شأنه القضاء السويسيري والفرنسي أيضا.

وبينما اختارت قطر الاختفاء وملازمة الصمت، جاء رد الفعل من جانب روسيا، حيث نفى دميتري بيسكوف المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ادعاءات الولايات المتحدة بأن روسيا قد تكون قد دفعت رشى لمسؤولين سابقين في الفيفا من أجل الحصول على حق استضافة كأس العالم 2018 .

وقال بيسكوف في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء الروسية (تاس) إن "روسيا حصلت على حق استضافة بطولة العالم على أسس قانونية تماما".

وأضاف أن حصول بلاده على حق استضافة كأس العالم "لم يكن له أي علاقة بأي رشى، فنحن ننفي الأمر بشكل قاطع". وتابع "قرأنا تقارير إعلامية ولا نستطيع فهم الداعي منها".

وتتضمن لائحة الاتهام، التي نشرتها محكمة اتحادية في بروكلين عن المدعي العام جون دونوهيو، اتهامات لمسؤولين عن الحقوق الإعلامية وشركة من أوروغواي، بالتزوير وغسل الأموال ضمن عدة ادعاءات.

وتضمنت الادعاءات أن الراحل نيكولاس ليوز، الرئيس السابق لاتحاد كرة القدم في أميركا الجنوبية (كونميبول) وريكاردو تيكسييرا الرئيس السابق للاتحاد البرازيلي، "تلقيا رشى مقابل التصويت لصالح منح قطر حق استضافة كأس العالم 2020".

وكان السويسري جياني إنفانتينو رئيس الفيفا صرح في كانون أول/ديسمبر 2017 قائلا "للأسف، هناك تاريخ سيئ. وعلينا التعلم من ذلك والنظر للمستقبل".

ونقلت لائحة الاتهام رسالة بريد إلكتروني تسلمها مساعد وارنر من شخص يشتبه في تآمره، وجاء فيها "برجاء إبلاغه بأن /كل ما جرى الاتفاق بشأنه، هو ما يتم عمله خلال هذا الأسبوع/".

وجاء في الرسالة أيضا "برجاء إبلاغه أيضا بأنني أقل قلقا بشأن الوعود التي تعهدت بتنفيذها من جانبي، مقارنة بقدرته على الوفاء بوعده عندما يحين الوقت لهذا".

وجاء فيها أيضا "سأواجه أزمة إذا لم يف صديقي العزيز بوعده".

وذكرت لائحة الاتهام أيضا أن رافاييل سالجويرو المسؤول السابق في كرة القدم في غواتيمالا تلقى عرضا بالحصول على مليون دولار نظير التصويت لصالح ملف روسيا.

وكانت تحقيقات أجريت تحت قيادة مايكل غارسيا الرئيس السابق للجنة القيم في الفيفا، كشفت تفاصيل بشأن أمور مشتبه بها تتعلق بعملية التصويت على حق استضافة كل من نسختي كأس العالم، لكنها لم تثبت اتهامات الرشى بحق اللجنة التنفيذية التي أصدرت القرارات في عام 2010 .

وعلى سبيل المثال، كان مبلغ قيمته مليوني دولار قد جرى تحويله إلى حساب فتاة عمرها عشرة أعوام، هي ابنة عضو في اللجنة التنفيذية، لكن لم يكن هناك "أي دليل" يربط ذلك بملف قطر 2022 .

وبعد موجة اعتقالات جرى تنفيذها بحق مشتبه بهم من مسؤولي الفيفا في أيار/مايو 2015، قبيل إعادة انتخاب جوزيف بلاتر رئيسا للفيفا لولاية جديدة، وجهت اتهامات بحق 42 شخصا جرى الإعلان عن أسماء 26 منهم.