شعر..

يا مواطن يا غبي

احمد علي عولقي

احمد علي عولقي

قيل لي من أنت

أجبت بألم وجزن

أنا مواطن شريف

كنت في ما مضى

متسول سياسة

ثم ركلتها بحذائي القديم

تركت السياسة

لأنها مليئة بالأكاذيب

والغدر والخيانات والفتن

.

بحثت عن لقمة العيش

النظيف

لأنني بصراحة وصدق

حاسبة نفسي وسألتها

هل أنت كفؤ لهذه المهمة

الشبه مستحيلة

المليئة بالمغريات

الجارفة للهاوية السحيقة

تلجلجت في الرد بالكلام

فعرفت المقصود بالتمام

.

تركتها هذه المهنة اللعينة

بعد ان وجدت الفقير

يموت جوعا

لم يجد  رغيف

امرأة عجوز

أنهكها الزمن

هي الأخرى

تبحث عن رغيف

في صندوق الزبالة القديم

في أطراف شرق المدينة

عائلات أتت من القرى البعيدة

أهلكهم الفقر والجوع

يعيشون في عشش

مصنوعة من قصب الزرع

لا تقيهم من ماء المطر

ولا من برد الشتاء

 ولا من حر الصيف والخريف

النظام عنهم مشغول

بسماع جحافل

التطبيل والتضليل

.

أستاذ تربوي قدير

أخلاق عالية ومهنة راقية

خمسون عام في التربية

والتعليم

أجيال تخرجت وتعلمت على يديه

تقاعد وكبر في السن ومرض

علاجه يحتاج الى السفر

خارج البلاد

الأستاذ لم يكن من المنافقين

ولا من المرجفين المطبلين

لأصحاب الفخامة والسيادة

لم يجد التكريم والتقدير

وجد الجحود والنكران

بعد شدة من المعاناة والأم 

مات المعلم  منسيا

قبح الله من تولى أمرنا

ولم يهتم بشؤوننا وأحوالنا

.

وفي جانب المدينة الراقي

ناس  يعيشون

في فلل و قصور

في رغد  وترف وتبذير

وفي داخل كل سور

 سيارات فخمة آخر طراز

آخر ما أنتجته مصانع

السيارات

سكان الحي الراقي يتبجحون

بان رواتبهم محدودة

و صرفياتهم  بلا حدود

يمتلكون من الأموال

الكثيرة

والعقارات الكبيرة

الأرصدة ملئ البنوك

لا يعرفون يشترون

بالرطل والكيلو

مشترياتهم بالكيس والصندوق

واللحم والسمك

بالحوت الكبير والخروف السمين

.

سألت باستغراب وعجب

من أين لهم هذا المال

قيل لي.. منتهى الغباء

ان تسأل هــــذا السؤال

كأنك لم تكن مواطن

من هذا الوطن

مره أخرى سألت

بجهل وغباء

ماذا يشتغلون

.

انبرى شخص وجيه

من مظهره وملبسه

يبدو انه وزير أو سفير

وحوله أناس يمجدوه

ويعظمونه ويمدحونه

يكادوا  ان يقبلوا يديه

نظر الي نظرة متعالية

وقال وهو يضحك ويبتسم

إنهم في خدمة الشعوب

أنهم رموز الوطن

هم دعائم الأمن والحماية

للمواطن والوطن

وهم العيون الساهرة

  والعقول المدبرة والمفكرة

هم دهاقنة السياسة

ولديهم بلاغة في الفكر

والثقافة والأدب

مؤهلاتهم لا توجد في غيرهم

.

ضحكت ببلاهة وغباء

قلت يمكن كلامكم صحيح

وأنا مفهومي  كله غلط

لأننا منذ زمن مضى بعيد

عشناه وعاشه آبائنا

وعاشه من قبلنا أجدادنا

ان رأي المواطن غلط

في غلط.. وسبعين غلط

ورأي الحاكم بأمر الله

هو الأصح  و الصحيح

اعذرني لفهمي البطيء

اعذرني لجهلي لم أكن اعلم

بأنك كنت مطبل حقير

والآن أصبحت موظف كبير

دعني اعترف لك بأنك جهبذ

و سياسي محنك خطير

فقد عرفت من أين تؤكل الكتف

فالضمير والحياء والأخلاق الحميدة

لا تجيب عقارات ولا تأتي بدولارات

ولا تجعلك تشتري أفخم السيارات

لك ولأولادك واسرتك

.

أجابني بتوعد وغضب

كأنه عرف كلامي ومقصدي

انك أغبى مما كنت أتصور

لولا انك جاهل أرعن غبي

وكبير في السن صغير في العقل

لرأيت مالا يسر ويوجعك

-

وجد إليه العيون شاخصة

استرجع هدوئه

ثم ضحك وابتسم وقال

انتم الأغبياء في نعيم

لا تدرون ما نكابد ونعاني

لا تغرنكم المظاهر والعقارات

ولا الأموال والسيارات

نسهر الليالي الطويلة

من اجل راحة المواطن والوطن

نكابد المر والوجع والخطر

لراحة المواطن وامن للوطن

.

تنهدت تنهيدهـ  كبيرة

كاد ينقطع عني النفس

يا سيادة المسئول الكبير

يا ما سمعت لكم من الخطابات

والقرارات الكثيرة

وجدتها مليئة بالأكاذيب

والترهات السخيفة

لم يدعني أكمل كلامي

قال بعصبية شديدة وغضب

أنت مواطن أحمق غبي

لا تعرف أبجديات السياسة

ولا تعرف التكتيك السياسي

ولا استراتيجيات السياسة

يا جاهل دع الخبز لخبازه

ودع السياسة  لأهل السياسة

إنهم القدوة والرموز للبلاد

ألا تعرفهم ؟

إنهم أسياد العباد

.

 

سحبت نفسي بهدوء

حتى لا أقع في المحظور

فقد تعلمت من تجربتي

في النضال ضد الاستعمار

يتوقف البث من إذاعة عدن

ويظهر على الشاشة

عبد الرحمن بلجون قائلا

جاءنا البيان التالي

أطلق مجهولون النار

على شخص واردوه قتيلا

ولم يعرف القاتل ولا المقتول

وأصبح هذا البيان يتكرر

باستمرار

ما أشبه الليلة بالبارحة

عشقنا الخلاف والاختلاف

ونصفي خلافاتنا بقتل بعضنا.

مسك الختام

ما أبشع عشق العبودية

وسقوط الانبطاح

والصعود الى الهاوية

وإذلال النفس

وتحطيم الذات

وارتداء الذل والعار

وتدمير الأوطان

وقتل بعضنا لبعضنا

بكل خجل وأسف

ندعي إنها شجاعة مننا.

 

  كاتب وأديب