تقارير وتحليلات
بدفع الحوثيين للتصعيد..
إيران تواجه مساعي السلام المنشود في اليمن
اليمن ساحة مثالية لطهران لمشاغلة خصومها وإلهائهم عن مواجهتها في ساحات عربية أخرى.
قالت مصادر يمنية مطّلعة إن ميليشيا الحوثي تلقّت أوامر إيرانية واضحة بالتصعيد، واستخدام كل ما “وصلها” من أسلحة وصواريخ لخلق أجواء من التوتّر، وذلك تزامنا مع تحرّكات إقليمية ودولية هادفة لإعادة إطلاق المسار السلمي المتوقّف، ومع بدء المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن مارتن غريفيث اتصالاته مع الجهات المعنية بالملف اليمني لاستطلاع آرائهم ومواقفهم بشأن السلام المنشود.
وأكّدت المصادر ذاتها أنّ إطلاق الحوثيين لصاروخين في ظرف أقلّ من 24 ساعة، أحدهما على مقاتلة للتحالف العربي في أجواء محافظة صعدة بشمال اليمن، والثاني باتجاه منشأة نفطية داخل الأراضي السعودية في منطقة نجران، هو من ضمن “التصعيد النوعي” المطلوب إيرانيا من الميليشيا الحوثية.
كما لم تستبعد المصادر ذاتها أن يشمل التصعيد استهداف الملاحة البحرية في المياه الإقليمية لليمن، في حال اقتضت الحاجة ذلك.
وشرح سياسي يمني معارض لجماعة الحوثي أنّ الحاجة الإيرانية للتصعيد في اليمن هي اليوم أشدّ منها في أي وقت مضى، في ظلّ تصاعد الحديث عن تدشين كلّ من المملكة العربية السعودية والولايات المتّحدة الأميركية مرحلة جديدة من مقاومة النفوذ الإيراني في المنطقة العربية.
واليمن، بحسب السياسي ذاته، ساحة مثالية لإيران لمشاغلة أعدائها وخصومها وإلهائهم عن مواجهتها بشكل رئيسي في العراق وسوريا ولبنان.
ويفسّر ذلك حرص إيران على استدامة الصراع في اليمن عبر دفع وكلائها الحوثيين إلى التصعيد كلّما لاحت بوادر جهود وتحرّكات إقليمية ودولية لتحريك جمود العملية السلمية.
وشملت التحرّكات الجديدة إيران ذاتها من خلال رسائل تلقتها من أطراف دولية بشأن تسهيل استئناف محادثات السلام عبر تليين مواقف أتباعها الحوثيين، والتوقّف عن تشجيعهم على مواصلة الحرب عن طريق تزويدهم بالسلاح، لا سيما الصواريخ الباليستية.
وقال مصدر دبلوماسي عربي إنّ زيارة وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي الأخيرة إلى طهران جزء من تلك المساعي، غير أنّ المصدر ذاته رجّح أنّ بن علوي لمس “برودا” إيرانيا تجاه السلام اليمني، معتبرا أنّ عدم لقائه نظيره الإيراني جواد ظريف بحجّة أنّه كان مريضا، مؤشّر على تلك السلبية.
ومن التحرّكات أيضا زيارة وفد أوروبي كبير العاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة ميليشيا الحوثي وإجراؤه محادثات هناك قال أعضاء في الوفد إنّها لم تقتصر على الجوانب الإنسانية بل شملت أيضا مسائل سياسية على صلة بجهود السلام.
وتصرّ إيران على دفع أتباعها الحوثيين إلى مواصلة الحرب في اليمن بأي ثمن وبغض النظر عن الخسائر التي لحقت بهم خلال الفترة الماضية والانهيارات المتلاحقة التي أصابت مختلف جبهاتهم. وبات في حكم المؤكّد لدى مختلف الأطراف الإقليمية والدولية، أنّ إيران هي مصدر الصواريخ الباليسية التي يطلقها الحوثيون عشوائيا على الأراضي السعودية، رغم ادعاءات تصنيعها محلّيا وهو ما يبدو مجافيا للمنطق، كما أن قرار اختيار توقيتات إطلاق تلك الصواريخ صادر عن طهران ومعدّل على حساباتها الداخلية والخارجية.
وفي غمرة تصاعد الحديث عن السلام، حاولت ميليشيا الحوثي، الخميس استهداف منشأة تابعة لعملاق النفط شركة أرامكو السعودية في منطقة نجران جنوبي المملكة بصاروخ باليستي إيراني، في محاولة واضحة لإحداث أقصى قدر ممكن من الضجيج الإعلامي نظرا لمكانة الشركة وسمعتها على صعيد عالمي. وقالت الشركة إنّ جميع منشآتها ومحطاتها تعمل بشكل طبيعي.
وكان المتحدّث باسم قوات التحالف العربي في اليمن العقيد الركن تركي المالكي قد حذّر في سياق تعليقه على محاولة الحوثيين استهداف مقاتلة للتحالف العربي بصاروغ دفاع جوّي ليس معروفا من قبل أنّ الميليشيا تمتلكه ما يعني أنه وصل إليها حديثا من إيران في إطار تشجيعها على التصعيد، بالقول “إن ما تعرضت له طائرة التحالف عبارة عن صاروخ دفاع جوي لم يكن موجودا ضمن القدرات العسكرية للدفاع الجوي اليمني التي تم تدميرها من قبل قوات التحالف بعد سيطرة الميليشيا الحوثية على الأسلحة الثقيلة والنوعية، ما يثبت استمرار تهريب النظام الإيراني للأسلحة ودعمه لميليشيا الحوثي بقدرات نوعية في تحدٍّ واضح وصريح للقرارات الأممية، ما يشكّل تهديدا للأمن الإقليمي والدولي”.