تحليلات

أحزاب سيطرت على أوروبا في التسعينات

لماذا يتصدّع اليسار عالمياً؟

وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون

جورج عيسى (أبوظبي)

عدّد النائب البريطاني في البرلمان الأوروبي دانيال هانان مجموعة من الأسباب التي أدّت إلى تراجع الأحزاب اليسارية حول العالم. لكن قبل أن يعالج الأسباب من وجهة نظره، تطرّق النائب المحافظ إلى الأرقام التي تؤكد ادعاءه، في مقال له ضمن صحيفة واشنطن أكزامينر الأمريكية، مشيراً إلى أن حزب العمال البريطاني عرف ثمانية زعماء خلال السنوات الأربعين الماضية، و "سبعة منهم فشلوا بالفوز في انتخابٍ عامّ واحد".

هذه الأحزاب سيطرت على أوروبا في التسعينات من القرن الماضي، وحتى أواخر سنة 2004، كانت تحظى بنسب معينة من حظوظ الفوز

كان "الاستثناء" هو طوني بلير، سياسي عمالي "بالمعنى الأكثر تقنية". ويشرح هانان موقف اليسار منه الذي رأى فيه "محافظاً متنكراً". وأضاف: "إلى هذا اليوم، يستخدم ناشطو العمال بليري كأسوأ الشتائم، أرذل حتى من محافظ".

اليسار على مقياس أوسع
اِنتقل هانان إلى المستوى القاري ليعطي مزيداً من الأمثلة. فالأحزاب التقليدية لليسار الوسط كانت تخسر بشكل "سيّئ" في الآونة الأخيرة. استطلاعات الرأي الحالية تظهر أنّ الاشتراكيين الفرنسيين يحلّون في المرتبة الرابعة وحزب العمّال الهولندي في المرتبة السابعة. حزب باسوك في اليونان الذي كان يُعَد أكبر الأحزاب منذ ثمانينات القرن الماضي، لا يؤيده الآن سوى 7% من الناخبين. حزب العمال الاشتراكيين الإسباني الذي كان يحظى بسهولة بالغالبية النيابية خلال العقد الماضي، تمّت إزاحته من حزب بوديموس الأكثر راديكالية. الاشتراكيون الديموقراطيون في دول سوفياتية سابقة كبولندا والمجر بات وضعهم أسوأ الآن.

سلاح الجريمة
بعد هذا العرض، يسأل هانان: "ما الذي يحصل؟" ليجيب بعدها: "التفسير المباشر هو واضح كفاية". إنّ أحزاب يسار الوسط دعمت دمج العملات الأوروبية في تسعينات القرن الماضي، بحسب هانان. وبما أنّ اليورو "جلب الفقر للجنوب وارتفاع الضرائب الشمال"، صوّت الناخبون ضد السياسيين الذين كانت بصمات أصابعهم واضحة على "سلاح الجريمة". وفي معظم الحالات، قامت هذه الأحزاب بجعل الأمور "أسوأ" عبر دعم إنقاذ البنوك سنة 2008، وأقنعت ناخبيها بأنها كانت إلى جانب الأثرياء عوضاً عن دعمها للطبقات العاملة.

بين ليلة وضحاها؟
إنّ انهياراً كبيراً كهذا لا يحصل بين ليلة وضحاها، كما يعود ويوضح كاتب المقال. إنّ هذه الأحزاب سيطرت على أوروبا في التسعينات من القرن الماضي، وحتى أواخر سنة 2004، كانت تحظى بنسب معينة من حظوظ الفوز. الآن، وبحسب آخر استطلاعات الرأي تتدنى شعبيتهم عن 20% على امتداد الاتحاد الأوروبي ككل. لا ينسى هانان ذكر تجربتين ما زال اليسار فيها يحقق مكاسب مهمة كالسويد والبرتغال. لكن ما يجري هو "أعمق" من هذين الحدثين.

مفهوم العمل يتغيّر
إنّ ما يجري يرتبط ب "التغييرات في كيفية عيشنا وعملنا". كانت أحزاب تيارات اليسار الأساسية مقرّبة جداً من اتحادات العمّال. ويشير إلى أنّ العضوية في تلك الاتحادات، خصوصاً تلك التي تمثل عمال القطاع الخاص، تنهار في كل دولة صناعية. وهذا بحسب هانان يعكس تحولاً من التصنيع الشامل إلى الأعمال الحرّة. "لست واثقاً من أن أولادي سيجدون وظيفة كما فهمنا المبدأ في القرن العشرين. وباستثناء تحولهم موظفين حكوميين، يحتمل أن يقوموا بأمور مختلفة في أوقات مختلفة". مثلاً إنّ عدداً أقل من الممرضات يعمل في مستشفيات محددة فيما يعمل العدد الأكبر في الوكالات.

السؤال الخاطئ ... "لماذا فاز ترامب؟"
في هذا الإطار يعتقد هانان بوجوب أخذ السياسات الأمريكية بالاعتبار. أمضى معظم العالم ثلاثة أشهر يسأل نفسه لماذا فاز دونالد ترامب. "لكن السؤال أكثر منفعة هو لماذا خسر الديموقراطيون" علماً أنّ ترامب لم يؤدِّ بطريقة أفضل من منافسيه الجمهوريين كما أنّه أمّن أصواتاً أقل من جون ماكين وميت رومني. أمّا هيلاري كلينتون فقدّمت أداء "كريهاً" كما فعل الديموقراطيون في الانتخابات المحلية منذ التسعينات.

لإبعاد شبح الترهّل
على الرغم من كل هذا العرض، يصرّ هانان على وجوب عدم استمتاع المحافظين بما يجري. فمن دون منافسين جديين، "يمكن أن نصبح مترهّلين، خادمين لأنفسنا وحتى فاسدين". وفي النهاية، "سيجدد اليسار نفسه" عبر جذب جيل أكثر فردية يتمتع بوقت أقل لبلاغات الصراع الطبقي أو الهوية السياسية. ويتمنى الكاتب أن يتحرّك اليسار مجتمعاً بأقرب وقت ممكن، لأنّ هنالك "حاجة لتقديم معارضة".

الإمارات.. الفجيرة تحتضن الفن العالمي في ختام ملتقى شارع الفنانين


صراع النفوذ بين حماس والسلطة الفلسطينية تحت أنظار المجتمع الدولي


كيف يُشكل دعم المقاومة الإيرانية خطوة حاسمة نحو التحول الديمقراطي؟


العقوبات على بنك اليمن والكويت: تصعيد سياسي أم ضربة اقتصادية؟