تقارير وتحليلات

القتال على جبهتين..

ترجمة: حرب التحالف على القاعدة والمتمردين في اليمن

واجه التحالف العربي التنظيمين المتطرفين ما أدى إلى تراجع قوتهما إلى حد كبير

واشنطن

لعب التحالف العربي في اليمن، دولة الإمارات على وجه الخصوص، دورًا حيويًا في دعم الحكومة اليمنية في حربها ضد كل من تنظيم القاعدة والمتمردين الحوثيين. أدت هذه الحملة إلى تقويض نفوذ القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وخفض التهديدات الحوثية للأمن البحري في مضيق باب المندب، ما أسهم إسهامًا إيجابيًا في الأمن الإقليمي والدولي.

تستعرض هذه الدراسة المعركة الإماراتية ضد القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وكذلك الجهود الإماراتية – السعودية في تقويض جماعة الحوثي، وبالتالي منع إيران من إنشاء موطئ قدم في الساحة الخلفية للمملكة العربية السعودية.

تقويض تهديدات القاعدة

تمكّن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية من الاستيلاء على الأراضي في جنوب اليمن ابتداء من نيسان/إبريل 2015، مستغلًا الاقتتال الداخلي بين الحكومة الشرعية برئاسة عبد ربه منصور هادي والمتمردين الحوثيين. وقد خدم هذا القتال الأهداف العسكرية لتنظيم القاعدة، في الوقت الذي لم تعد فيه القوات الأمريكية متواجدة لتنفيذ هجمات ضد المنظمة الإرهابية، وكذلك في الوقت الذي انصرفت فيه قوات الجيش اليمني عن قتالها ضد القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

هذه التطورات سمحت لتنظيم القاعدة بتوسيع نفوذه جنوب اليمن عبر إقامة تحالفات قبلية وتقديم خدمات للسكان المحليين. وقد استغل عناصر القاعدة الاستياء المحلي من السلطات المركزية، واستفادوا كذلك من انهيار المؤسسات الأمنية اليمنية في الجنوب.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية لم يركز على توسيع نطاق وصوله داخل اليمن فحسب، بل هو واحد من أكثر فروع القاعدة نشاطًا، تجاوز حتى القاعدة المركزية في باكستان، ما شكّل تهديدًا حقيقيًا للأمن الدولي. يشكل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية على وجه الخصوص تهديدًا مستمرًا للملاحة الجوية التجارية بفضل عقله المدبر الرئيس إبراهيم العسيري.

كان العسيري قد زود الإرهابي النيجيري عمر فاروق عبد المطلب بقنبلة توضع تحت الملابس الداخلية، في محاولة لتفجير طائرة ركاب تابعة لشركة “نورث ويست إيرلاينز”، فوق ديترويت عام 2009. كما تمكن العسيري من تصنيع قنبلتين شقتا طريقهما إلى طائرة شحن متجهة إلى الولايات المتحدة، جرى اعتراضهما في بريطانيا ودبي بفضل معلومات من المخابرات السعودية. وفي كلتا الحالتين، لم يجر رصد القنابل من قبل أنظمة الكشف في المطارات.

كما أن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية مسؤول عن نشر مجلة “إنسباير”، التي تحث المتطرفين المحتملين على ارتكاب هجمات إرهابية في الغرب، من خلال تزويدهم بالتكتيكات والأهداف المحتملة. ومن هذا الباب، فإن محاربة تنظيم القاعدة تساعد بشكل رئيس في دعم جهود مكافحة الإرهاب الدولي.

شرعت دولة الإمارات العربية المتحدة في قتال تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في آذار/مارس 2016، بعد سيطرة الحوثيين على الأجزاء الجنوبية من اليمن، لا سيما عدن ومأرب. وقد استهدفت الغارات الجوية السعودية – الإماراتية قواعد الإرهاب ومعسكرات التدريب في محافظتي المكلا وأبين وبعض أحياء عدن.

قام الإماراتيون بتدريب قوات قبلية من محافظة حضر موت، مثل قوة النخبة الحضرمية وقوات الحزام الأمني التابعة لها، وحشدت قوة قوامها 12,000 مقاتل تمكنوا من طرد قوات القاعدة من المكلا بحلول نيسان/إبريل 2016. ومنذ ذلك الحين، استخدمت القوات المدعومة من الإمارات المكلا كمقر مركزي لتوجيه العمليات العسكرية ضد القاعدة في شبه الجزيرة العربية. وقد دعمت الولايات المتحدة هذه الحرب باستخدام طائرات دون طيار تستهدف عددًا من قادة القاعدة في اليمن.

علاوة على ذلك، شنت القوات الأمريكية الخاصة غارة مشتركة مع القوات الخاصة الإماراتية ضد حلفاء تنظيم القاعدة في يناير/كانون الثاني 2017. كما قدّمت القوات الإماراتية والأمريكية المشورة لحوالي 2000 من القوات اليمنية، التي نفذت عملية عسكرية ضد ملاجئ وملاذات تنظيم القاعدة في محافظة شبوة في آب/أغسطس 2017.

لقد أدت الجهود الإماراتية في مكافحة الإرهاب في جنوب اليمن إلى تحسين الوضع الأمني بشكل كبير. وبحسب الجيش الإماراتي: “لم تحصل سوى 5 هجمات إرهابية من قبل تنظيم القاعدة في النصف الأول من عام 2018، مقارنة بـ77 هجومًا إرهابيًا في الفترة نفسها من 2016”.

أغضبت هذه العمليات المضادة للإرهاب المجموعة الإرهابية التي حاولت استهداف الجيش الإماراتي والقوات المحلية الحليفة، بينما شرعت المنافذ الإعلامية التابعة للقاعدة بانتقاد الدور الإماراتي في محاربة التنظيم. وبرغم تلك الهجمات، أعلن قادة الإمارات التزامهم بالبقاء في اليمن حتى هزيمة القيادة المركزية للقاعدة في شبه الجزيرة العربية.

إن الوجود الإماراتي في اليمن أمر أساسي وحيوي، لأن تنظيم القاعدة لا يزال يشكل تهديدًا محتملًا على المنطقة، لا سيما بعد أن وجد التنظيم مأوى له في المناطق الجبلية النائية في حضر موت، ليحتفظ بقدرته على إعادة التجمع وتفعيل الخلايا النائمة.

محاربة المتمردين الحوثيين

في مارس/آذار 2015، قادت المملكة العربية السعودية تحالف الدول العربية التي استجابت للانقلاب الحوثي ضد الحكومة اليمنية الشرعية المعترف بها دوليًا برئاسة عبد ربه منصور هادي. وقد شمل التحالف العربي الإمارات في المقدمة إلى جانب السعودية، وكذلك البحرين والكويت وقطر ومصر والأردن والمغرب والسودان.

الهدف الرئيس هو منع الحوثيين، وكلاء إيران، من الحصول على موطئ قدم في اليمن، وهو تطور لا يهدد المملكة العربية السعودية فحسب، بل كذلك الأمن المائي في البحر الأحمر ومضيق باب المندب. وكما هو معروف، للمضيق أهمية إستراتيجية كبيرة؛ إذ يمر عبره أكثر من 4 ملايين برميل نفط يوميًا.

هنالك الكثير من المؤشرات على التواطؤ الإيراني مع الحوثيين. فبعد أن تمكن الحوثيون من السيطرة على صنعاء، قال علي رضا زكاني، البرلماني الإيراني المقرب من المرشد الأعلى علي خامنئي: “انتهت اليوم 3 عواصم عربية إلى أيدي إيران، وتنتمي الآن إلى الثورة الإسلامية الإيرانية”. وأضاف أن “صنعاء أصبحت الآن رابع عاصمة عربية في طريقها للانضمام إلى الثورة الإيرانية”.

علاوة على ذلك، استخدمت إيران الحوثيين كأداة لعرقلة أمن باب المندب في حال نشوب أي أزمة مع طهران. وقد نقلت وسائل الإعلام الإيرانية في 6 آب/أغسطس 2018، عن الجنرال ناصر شعباني، المسؤول البارز في الحرس الثوري الإيراني، قوله إن “طهران أمرت ميليشيا الحوثي في اليمن بمهاجمة ناقلتين نفطيتين سعوديتين كبيرتين”، وأن “الحوثيين نفذوا الأوامر بالفعل”. وبعد بضع ساعات، قال اللواء قاسم سليماني إن “البحر الأحمر لم يعد آمنًا للسفن الأمريكية”، مما يدل بشكل قاطع على أن إيران متورطة في هذا الهجوم.

ووفقًا لتقرير صادر عن لجنة خبراء الأمم المتحدة في يوليو/تموز 2018، تواطأت إيران في تسليح المتمردين الحوثيين في اليمن بصواريخ بالستية وطائرات دون طيار “تظهر خصائص مشابهة” للأسلحة إيرانية الصنع، منتهكة بذلك قرار حظر الأسلحة المفروض على اليمن منذ عام 2015.

تكشف هذه المؤشرات كيفية استخدام إيران للحوثيين كوكلاء لها، وتفسر أسباب تدخل التحالف العربي في اليمن لكبح النفوذ الإيراني، ومنع طهران من إقامة وجود دائم لها بالقرب من الممرات المائية الإستراتيجية في البحر الأحمر.

 

لعبت الإمارات دورًا حيويًا في هذه الحرب، وقامت بتدريب 30,000 جندي يمني لقتال المتمردين الحوثيين. تُعتبر الإمارات ثاني أكثر دولة نشطة تعمل على هزيمة الحوثيين، لا سيما بعد انضمام القوات الإماراتية إلى العملية العسكرية الهادفة إلى السيطرة على ميناء الحديدة من أيدي المتمردين.

تقع مدينة الحديدة في موقع إستراتيجي على الساحل الغربي لليمن، بالقرب من مضيق باب المندب، واستخدم الحوثيون ميناءها لشن هجمات تهدد الأمن البحري من جهة، ولاستلام الأسلحة الإيرانية من جهة أخرى.

إن الهجوم على الحديدة أحد العوامل الرئيسة التي أجبرت الحوثيين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع الحكومة الشرعية في السويد في أوائل ديسمبر/كانون الأول. بالإضافة إلى ذلك، أجبر نجاح التحالف الأولي في معركة الحديدة الحوثيين على التنازل عن السيطرة على الميناء لصالح الأمم المتحدة.

وفي التحليل النهائي، إن دور التحالف العربي في اليمن يدعم الحكومة الشرعية في استعادة سيطرتها على الأراضي اليمنية، ما يساهم في تعزيز الأمن الدولي والإقليمي. علاوة على ذلك، من المتوقع أن يستمر دور التحالف العربي في اليمن حتى لو جرى التوصل إلى اتفاق سلام نهائي بين الحكومة الشرعية والمتمردين الحوثيين، إذ إن إعادة بناء مؤسسات الدولة والاقتصاد المنهار تتطلب مساعدة ودعمًا دوليين.

حزب الله وإسرائيل: بين حرب الاستنزاف ومفاوضات وقف إطلاق النار


من أميركا اللاتينية إلى الشرق الأوسط: تاريخ طويل من الجريمة المنظمة لـ "حزب الله"


إسرائيل تدمر معدات نووية إيرانية حيوية: تطورات جديدة في المواجهة الإقليمية


أسود الأطلس في اختبار صعب أمام الغابون: الحفاظ على سلسلة الانتصارات