تحليلات
ترجمة..
تقرير: سيناريوهات المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران
مفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران
تصل طلبات الإدارة الأمريكية من إيران إلى حد الرغبة في تخلِّي الثانية عن عمقها الاستراتيجي المتمثل في وكلائها وحلفائها الإقليميين، وكذلك عن ترسانتها التكنولوجية المتمثلة في تخصيب اليورانيوم وتكنولوجيا الصواريخ، في الوقت الذي لا يتوقع فيه مركز “آي إتش إس ماركت للمعلومات” أن تقوم إيران بالتخلِّي عن هذه الامتيازات إلا في حال هزيمتها في حرب عسكرية أو بانتهاء النظام الإسلامي في إيران. وفي ما يلي نقدم رؤية للسيناريوهات المحتملة للمواجهة بين الولايات المتحدة وإيران، والنتائج التي قد تترتب على كل منها.
السيناريو الأول: تصاعد دوري لمواجهة غير حاسمة
محتمل بنسبة: 50%
ستستمر إيران في القيام بهجمات منخفضة الحدة متباينة القوة وقابلة للإنكار على البنية التحتية لإنتاج الطاقة والملاحة البحرية، في حين تتحوَّل هذه الهجمات مع الوقت إلى أشكال أكثر جرأة؛ ما سيقود الولايات المتحدة إلى استخدام القوة العسكرية كرد فعل، ولكن بالشكل الذي لا يفترض منه أن يصل إلى حرب شاملة. وتظل هناك احتمالات دائمة -ستنمو مع مرور الوقت- لتفجر هذه الحرب على نحو عارض أو كنتيجة لبعض الحسابات الخاطئة من قِبَل أي من الطرفَين.
النتائج:
ستواجه الملاحة البحرية عبر الخليج العربي وبحر العرب والبحر الأحمر، والأنشطة المتعلقة بالإمارات والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، خطورة متوسطة تتمثل في أعمال التخريب وأشكال أخرى من الهجمات التي لن تتسبب في غرق الحاويات؛ لكنها ستترك تلفيات مؤثرة. وستتعرض صادرات البترول القادمة من العراق والبحرين والسعودية إلى خطورة متوسطة أيضًا تتمثَّل في هجمات عرضية تتسبب في إحداث نوع من الفوضى لا يتوقع له أن يستمر لفترات أطول من أيام معدودة، وسيواجه المواطنون الأمريكيون مخاطر التعرُّض لعمليات اختطاف من قِبَل الميليشيات الشيعية المناصرة لإيران، لكن في هذه الحالة ستكبح الولايات المتحدة رغبتها في القيام بردود فعل انتقامية يمكنها أن تتطور إلى حرب خارجية على نطاق واسع.
السيناريو الثاني: اشتعال حرب إقليمية بين الولايات المتحدة وإيران
محتمل بنسبة: 10%
في هذا السيناريو ستلجأ الولايات المتحدة إلى توجيه ضربات جوية إلى إيران، تستهدف على سبيل المثال تدمير البرنامج النووي الإيراني و/أو البنية التحتية الخاصة بتصنيع الصواريخ الباليستية والطائرات دون طيار والمركبات البحرية دون قائد، بالإضافة إلى استهداف القدرات العسكرية الخاصة بالدفاعَين الجوي والبحري، وكذلك سيقوم وكلاء إيران في العراق بمهاجمة الموظفين الأمريكيين والأصول الأمريكية في العراق متضمنةً أهدافًا عسكرية وتجارية، بينما يقوم وكلاؤها في غزة وسوريا ولبنان بإشعال نزاعات مسلحة ضد إسرائيل ستدوم لأسابيع عديدة على أقل تقدير. وستقوم الولايات المتحدة على الجانب الآخر بتسليح الأقليات الإثنية المتمردة في إيران.
النتائج:
إما أن تقوم الولايات المتحدة بالاستجابة للتصعيد الإيراني طبقًا للسيناريو الأول، وإما أن تشرع في تفريغ قدرة إيران على امتلاك السلاح النووي عن طريق توجيه ضربات جوية ضد إيران. وستقوم إيران بإغلاق مضيق هرمز لأسابيع عديدة، وكذلك المجال الجوي الخاص بها وبالمناطق المجاورة لمدة تصل إلى أسابيع، بينما تقوم الولايات المتحدة بقيادة تحالف غرضه توجيه حملة عسكرية هدفها فتح المضيق وتأمينه لعبور السفن الملاحية.
بعد هذه الحملة ستصبح حاويات البترول والحاويات الملاحية مؤمنةً بواسطة السفن الحربية الأمريكية والحلفاء الغربيين والخليج العربي؛ لتقليل المخاطر القادمة من قوات الحرس الثوري والمتمثلة في الزوارق الهجومية الصغيرة والصواريخ المضادة للسفن. وسوف يضاعف الحوثيون من الهجمات الصاروخية والضربات الجوية الموجهة بطائرات دون طيار نحو السعودية، مستهدفةً بذلك المحطة النهائية لتصدير البترول بميناء ينبع، وخطوط الينابع الممتدة من شرق إلى غرب المملكة، بالإضافة إلى معامل تكرير البترول في جيزان، وقد يصل الأمر إلى ضرب المطارات المدنية والعسكرية واستهداف الرياض عاصمة المملكة.
السيناريو الثالث: انسحاب إيران استراتيجيًّا
محتمل بنسبة: 10%
ستفترض إيران عدم قدرتها على الصدام المباشر مع الولايات المتحدة، وتحت ضغط يمكن أن يمارس عليها من قِبَل حلفائها؛ كالصين وروسيا، بالإضافة إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، سوف تختار عمل إصلاحات في توجهاتها الاستراتيجية، وبعدها ستتوقف عن دعم حلفائها في اليمن وسوريا، وترضخ لوضع قيود على برامجها النووية والصاروخية، وتوافق على تمديد مفتوح الأجل لاشتراطات الهدنة الواردة في خطة العمل الشاملة المشتركة، وتحدد المدى الجوي لصواريخها في ما لا يتجاوز 2000 كم، ومن ثَمَّ يمكن للإمارات والسعودية وتركيا أن تتوجه إلى حضور مؤتمر قمة تحت رعاية الولايات المتحدة الأمريكية من شأنه أن يعيد إرساء قوانين اللعبة الخاصة بتنظيم النزاعات الإقليمية الحالية.
النتائج:
سيقل معدل الضربات الصاروخية الموجهة من اليمن إلى السعودية أو يتوقف تمامًا كجزء من اتفاق يمكن أن يُبرم بين الأطراف المتناحرة. ويمكن للحوثيين والحكومة اليمنية أن يتوصلا إلى اتفاق حول عملية سلام من شأنها أن تحد من المخاطر التي تهدد مضيق باب المندب؛ سواء من الطائرات دون طيار أو الصواريخ المضادة للسفن، وستعود صادرات إيران من النفط تدريجيًّا إلى سابق عهدها بمستويات عام 2016 بالتعاون مع الشركات الأوروبية التي ستعود للعمل في إيران، وإن كانت هذه العودة ستتم مع قدر لا بأس به من الحذر.
من جانب آخر، ستتواصل المشكلات التي أعاقت تنفيذ خطة العمل المشتركة في السابق، وعلى وجه الخصوص تلك المتعلقة بعدم توفر النيَّة لدى البنوك الأجنبية لمنح تسهيلات مالية لإيران، وستبدأ الولايات المتحدة في رفع العقوبات الاقتصادية، لكن هذه العملية لن تتم بسلاسة؛ بسبب التعقيدات التي ستتسبب فيها مناقشة القرارات في الكونجرس، وسيتم تعطيل قرارات الحظر الاقتصادي الإدارية الخاصة بالأطراف الخارجية، وأخيرًا يتم فتح الاقتصاد الإيراني للاستثمارات الأوروبية على عكس ما سيحدث مع الاستثمارات الأمريكية.
السيناريو الرابع: عقد مفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران رغم عدم استجابة الأخيرة لاشتراطات بومبيو
محتمل بنسبة: 30%
بعد تصعيد متواصل ونشر قوات عسكرية كما هو متوقع في السيناريو الأول، سيلجأ ترامب إلى تجنب الحرب وإلقاء اللوم على المسؤولين الحكوميين العاملين تحت إدارته، ومن ثَمَّ السعي نحو المفاوضات بغرض تأمين انسحاب القوات الأمريكية من سوريا والعراق، ساعتها يمكن أن تُفَضِّل إيران الموافقة على الالتزام بخطة العمل المشتركة الشاملة وتمديد فترة العمل بها، وكذلك الالتزام بتحديد قدرتها على إنتاج الصواريخ الباليستية.
النتائج:
ستنخفض المخاطر التي تتعرض لها الأصول المملوكة للولايات المتحدة بالعراق ولبنان، وتتواصل العقوبات الاقتصادية الخاصة بالأطراف الخارجية على إيران، لكن سيتوافق كل من الصين وروسيا والاتحاد الأوروبي على اتفاقية من شأنها التحايل على تلك العقوبات وبالأخص ما يتعلق بالنفظ، بينما تلجأ الولايات المتحدة إلى الحد من عدد الموارد المقيدة بالحظر الاقتصادي. وسيُمنع أباطرة النفط في أوروبا من الاستثمار على الأراضي الإيرانية، كما ستوسِّع المؤسسات التجارية الصينية والروسية من حجم وجودها هناك، وسيقوم حزب الله بفرض سيطرته على الحكومة اللبنانية ربما من خلال دمج قواته مع مؤسسات الدولة، بينما تتمدَّد السيطرة العسكرية الإيرانية في سوريا.
Qposts