لا أريد هاتفا قابلا للطي

هناك تصاميم ولدت لتموت أو لكي تستهجن. تصاميم تقنية أو أفكار عن أجهزة أو عمارة في غير محلها.

خذ مثلا جهاز الفاكس المحمول. ابتكرته شركة في التسعينات مع صعود فكرة الهاتف المحمول. الهاتف المحمول فكرة عبقرية، لكن الفاكس المحمول فكرة غبية. من يريد أن يحمل فاكسا معه ولفة الورق المرافقة له؟ ماتت الفكرة غير مأسوف عليها.

في لندن كل الأبنية تقريبا بزوايا قائمة. قضّى المعماريون مئات السنين ليجربوا ثم ليستنتجوا أن الزوايا القائمة هي الأصح والأسهل وتقوم على أساسها أبنية صحية بناء وتنفيذا وانسجاما مع ما يجاورها من عمارة.  وأنت تعبر المنطقة الغربية من لندن قريبا من مكتب صحيفة “العرب” ثمة جسر للسيارات يحاذي بناية تشبه الكرة أو برج سفينة أو شيئا بلا ملامح.

لا أعرف ما الهدف من المبنى، فلا هو جميل عمارة ولا بلونه الأحمر والبني المعتم. وحتى لو كان جميلا بعين غيري، فهو في المكان الخطأ. المبنى ذو التصميم المزعج محاط بعمارة تقليدية وهو وسطها كمن قرر لبس ملابس مهرج في حفل بملابس كلاسيكية هادئة.

عندما أشاهد الموظفين الذين يعملون في المكاتب في ذلك المبنى، يبدون لي وكأن أحدا احتبسهم فيه لأن ميلان الشبابيك وزوايا إطاراتها يبدوان عصيين على أن يسمحا بفتحة شباك مثل بقية الأبنية. أقترح أن نكتب مذكرة للبلدية لتهدمه وأرتاح من الحسرة على ضياع العمارة الجميلة كلما شاهدته.

تصميم آخر هو حديث هذه الأيام. إنه الهاتف القابل للطي. يا لها من فكرة بليدة. لا أدري لماذا فكرت فيها سامسونغ بالأصل. يقال إنها فشلت تقنيا وأن الهاتف يتكسر بعد الاستخدام لفترة قصيرة.

ولكن لنفترض جدلا أنه لن يتكسر، فهل هذا التصميم حقا شيء مفيد؟ لا أظن. فقد سبقته هواتف قابلة للطي ولكن بشاشة في جزء ولوحة مفاتيح في الجزء الآخر. أغلب هذه التصميمات ماتت ما إن شاهدنا الآيفون. شاشة واحدة هي الهاتف ولوحة المفاتيح معا. تريد شاشة أكبر؟

صار لدينا هواتف بشاشات أكبر وانتهى الأمر. لماذا تريد شاشة قابلة للطي. إذا طويت هاتفا بسمك معين، فإن طيه يجعله أسمك بمقدار الضعفين. إذا أردت أن يكون رشيقا حين الطي، يجب أن تجعله قليل السمك قبل الطي إلى درجة يصير أشبه بسكين حادة. فمن يريد أن يحمل في جيبه سكينا حادة تتحول إلى شيء سميك مزعج في جيبه عند طيه. يقولون إن سامسونغ تعيد تأهيل الهاتف. نصيحتي: هذا تصميم ولد ميتا.