تحليلات

الرياض بين الحذر والتريث..

تقرير: لماذا تأخّرت السعودية باتّخاذ قرار تطبيع العلاقات مع إسرائيل؟

القضية الفلسطينية ضمن حسابات التطبيع السعودية

الرياض

تأخّر السعودية في اتّخاذ قرار تطبيع العلاقات مع إسرائيل لا يعني رفضها الأمر من حيث المبدأ، بقدر ما يعني التريث وتقليب الأمر على مختلف وجوهه، حيث توجد دوافع كثيرة لدى الرياض لتوسيع دائرة تحالفاتها الإقليمية، فضلا عن حاجتها لإنشاء وضع إقليمي جديد تحسبا لأيّ تغييرات في سياسة الولايات المتّحدة تحت الإدارة الجديدة للديمقراطيين.

تكشف مجمل المواقف والتصريحات الرسمية والمعالجات الإعلامية السعودية المتعلّقة بموضوع تطبيع العلاقات مع إسرائيل، أنّ المملكة لا ترفض من حيث المبدأ اتخاذ خطوة مماثلة لما أقدمت عليه كل من الإمارات والبحرين والسودان، لكنّها تبحث عن مداخل مقبولة وتتحيّن التوقيت المناسب، وذلك من منطلق شعورها بأن لها مكانة خاصة ووزنا استثنائيا في المنطقة ومسؤولية دينية وسياسية تجاه العالمين العربي والإسلامي عموما، وتجاه القضية الفلسطينية على وجه التحديد.

وعلى الطرف المقابل، تبدو إسرائيل شديدة الاهتمام بإقامة علاقات طبيعية مع السعودية من منطلق معرفتها بوزن المملكة وتأثيرها في محيطها، لكنّها تتفهّم في الوقت نفسه حذر الرياض ودواعي تأنيها في حسم قرار التطبيع.

وربطت الرياض تطبيع العلاقة مع إسرائيل بإحراز تقدّم في عملية السلام مع الفلسطينيين بالاستناد إلى الأسس التي وضعتها مبادرة السلام العربية التي كانت السعودية نفسها وراء طرحها قبل 18 سنة، ومن أبرز بنودها إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة على حدود ما قبل يونيو 1967، لكنّها لم تعترض في المقابل على الخطوة التي أقدمت عليها كلّ من الإمارات والبحرين، بل على العكس من ذلك بدت متعاونة بشكل عملي لتسهيل إقامة علاقات لكل منهما مع إسرائيل، وهو ما تجلّى على الأقل في فتحها مجالها الجوي لرحلات طيران مباشرة بين تل أبيب وكل من أبوظبي والمنامة.

وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في وقت سابق إنّ بلاده “تؤيد التطبيع الكامل مع إسرائيل لكن ينبغي أولا إقرار اتفاق سلام دائم وكامل يضمن للفلسطينيين دولتهم بكرامة”.

ونقلت هيئة البث الإسرائيلي، الثلاثاء، عن مصدر سياسي إسرائيلي كبير القول إنه رغم الجهود لإقناع السعودية بالانضمام إلى دائرة السلام مع إسرائيل، فإن الطرف السعودي أوضح أن الظروف غير مواتية في هذه المرحلة لتوقيع اتفاق معها في القريب العاجل.

كما نقلت الهيئة عن مصادر دبلوماسية عربية رفيعة القول إنّ “الرياض معنية بتوسيع التعاون مع إسرائيل بهدف التصدي للتهديد الذي تشكله إيران، غير أنها لا تزال تدرس بحذر مسألة التطبيع بسبب مكانة السعودية الخاصة والحساسة في الدول العربية والمسلمة”.

وتتحدّث مصادر متعدّدة عربية وغربية عن اتصالات سعودية سبقت حتى تطبيع الإمارات والبحرين مع إسرائيل، وتواصلت خلال الفترة الأخيرة لمناقشة عدّة قضايا من ضمنها التطبيع إلى جانب التنسيق في عدّة مواضيع بما في ذلك الوضع الإقليمي والتهديدات التي تشكّلها إيران وأذرعها في المنطقة، لكنّ الرياض ما تزال حذرة في الإعلان عن تلك الاتصالات وتفضّل عدم الكشف عنها.

التوقّعات بأن يتم التطبيع بين السعودية وإسرائيل في عهد ترامب لا تتجه نحو التحقّق بسبب الحذر والتريث السعوديين

ونفت السعودية، الإثنين، تقارير متعدّدة ومعلومات متواترة عن قيام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بزيارة خاطفة إلى مدينة نيوم غربي السعودية ولقائه ولي العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان هناك.

وكتب وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، على حسابه الرسمي في تويتر “لاحظت أن بعض وسائل الإعلام تناقلت خبرا مفاده أن سموّ ولي العهد التقى بمسؤولين إسرائيليين ضمنهم رئيس الوزراء خلال زيارة وزير الخارجية الأميركي الأخيرة إلى المملكة”، مضيفا “الخبر عار عن الصحة تماما ولم يحدث اللقاء المزعوم”.

وتؤكد إسرائيل أن المزيد من الدول العربية تعمل على الدخول في سلام معها، وذلك بعد اتفاقيات وتوافقات لتطبيع العلاقات مع كل من الإمارات والبحرين والسودان خلال الأشهر القليلة الماضية.

وكانت السعودية على رأس الدول العربية المرشّحة لربط علاقات طبيعية مع إسرائيل، بحسب توقّعات الملاحظين التي استندوا فيها بشكل خاص على العلاقة الوطيدة التي جمعت بين القيادة السعودية وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي لعبت دورا رئيسيا في تطبيع العلاقات بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين، كما عملت على إقناع الخرطوم بالقيام بخطوة ممثالة.

لكن التوقّعات بأن يتم التطبيع بين السعودية وإسرائيل في عهد ترامب لا يبدو أنّها تتجه نحو التحقّق بسبب الحذر والتريث السعوديين، ومع ذلك يقول أغلب المحلّلين إن القضية مسألة وقت، وإنّ للرياض أكثر من مصلحة في إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل ليس فقط لخلق جبهة أوسع في مواجهة إيران، ولكن أيضا لإيجاد وضع إقليمي أكثر ملاءمة للسعودية لمواجهة أي تحوّل في السياسات الأميركية تجاه المنطقة وأي ضغوط على الرياض قد تمارسها واشنطن في عهد الرئيس الديمقراطي جو بايدن “وريث” الرئيس الأسبق باراك أوباما الذي لم تشكل سياساته أثناء فترة حكمه مبعث ارتياح للسعودية.

ولخلق مثل ذلك الوضع الإقليمي، أبدت الرياض استعدادها للذهاب بعيدا، وصولا إلى تبريد جبهة الصراع السياسي والإعلامي مع تركيا وهو ما شرعت فيه الرياض بالفعل من خلال الاتصال الهاتفي بين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس التركي رجب طيب أردوغان وما أعقبه من خطاب سعودي إيجابي تجاه أنقرة يلخّصه قول وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إنّ لبلاده علاقات “طيبة ورائعة” مع تركيا، وهو كلام دبلوماسي بشكل واضح تمليه المتغيّرات وتقتضيه مصلحة السعودية، إذ من الصعب أن ينطبق ذلك الوصف على العلاقات التي ربطت بين الرياض وأنقرة خلال السنوات القليلة الماضية.

دراسة تحليلية: كيف يُهرَّب السلاح إلى الحوثيين في اليمن؟ الفاعلون والمسارات من 2014 حتى 2025


محادثات روسية أوكرانية مباشرة في إسطنبول: آمال حذرة بغياب بوتين وزيلينسكي


الحوثيون يلتزمون بوقف الهجمات على أمريكا ويستثنون إسرائيل: مستقبل غامض في البحر الأحمر


إيران على حافة الانهيار: مسؤولون يحذرون من اضطرابات اجتماعية متفاقمة