تقارير وتحليلات

توجّه نحو روسيا الاتحادية..

تقرير: كيف تصرف الانتقالي الجنوبي قبل مرحلة تسوية الصراع؟

القيادات الجنوبية ترى نفسها ممثلة لـ"قضية شعب"

موسكو

يتوقّع المجلس الانتقالي الجنوبي أن تكون المرحلة القادمة في اليمن مرحلة تسوية سياسية للصراع في البلد مدعومة بإرادة دولية، وقد تكتسب صفة الإلزام عبر تمريرها عن طريق مجلس الأمن الدولي. واستباقا لأيّ حلول لا تأخذ في الاعتبار قضية الجنوب وتهمّش دور المجلس، توجّه الأخير نحو روسيا التي يمكن أن تكون مفيدة له في منع تمرير مثل تلك الحلول، في مقابل تأمين دور مستقبلي لها في الملف اليمني باعتبارها ليست من كبار الفاعلين فيه.

بدأ عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي اليمني، الأحد، زيارة رسمية إلى العاصمة الروسية موسكو رأت فيها مصادر سياسية يمنية بداية حملة ترويج للقضية الجنوبية على نطاق دولي، معتبرة أنّها تنطوي في المقابل على اهتمام روسيا بلعب دور في الملف اليمني إلى جانب باقي القوى الإقليمية والدولية المتدخّلة فيه، وضمان حضور لها في اليمن الذي قد يكون مقبلا خلال الفترة القادمة على تسوية سياسية شاملة تقودها الأمم المتّحدة بدعم إقليمي ودولي.

ويخشى المجلس الانتقالي فرض تسوية عبر مؤسسات الشرعية الدولية لا تأخذ في الاعتبار قضية جنوب اليمن، الأمر الذي يجعل لعلاقته بروسيا العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي أهميّة خاصة خلال الفترة القادمة.

وتجلّى الاهتمام الروسي بالملف اليمني في أنّ الزيارة جاءت بدعوة رسمية من قبل الحكومة الرّوسية، بحسب ما ورد في بيان لرئاسة المجلس الانتقالي أشارت فيه إلى أنّ “وفدا رفيع المستوى” رافق الزبيدي إلى موسكو، وأنّ على أجندة الزيارة عقد لقاءات “بعددٍ من المسؤولين الروس في الحكومة والبرلمان، لبحث عدد من الملفات”.

وضمّ الوفد على الخصوص أحمد بن بريك رئيس الجمعية الوطنية، وأحمد لملس الأمين العام لهيئة الرئاسة محافظ عدن، ورئيس وحدة شؤون المفاوضات ناصر الخبجي، وعلي الكثيري المتحدث الرسمي للمجلس، ومحمد الغيثي نائب رئيس الإدارة العامة للشؤون الخارجية.

ويريد المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يتبنّى بشكل معلن استعادة دولة جنوب اليمن التي كانت قائمة قبل تسعينات القرن الماضي، أن يشارك كطرف أساسي في أي تسوية سياسية مستقبلية تقودها الأمم المتّحدة ممثلة بمبعوثها إلى اليمن مارتن غريفيث الذي قام خلال الفترة الماضية بتحرّكات في المنطقة شملت العاصمة السعودية الرياض حيث يقيم الرئيس اليمني عبدربّه منصور هادي والعاصمةَ عدن، وربطتها مصادر مطلّعة بترويجه لمشروع تسوية جديد يستند إلى وثيقة تفصيلية تحمل عنوان “الإعلان المشترك”.

ولا تستبعد المصادر وجود إرادة دولية لإنهاء الصراع اليمني، الأمر الذي يرجّح إمكانية اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي لفرض تسوية سياسية له.

وفي هذه الحالة يصبح اعتماد المجلس الانتقالي على روسيا لإحباط المشروع إذا كان يهمّش دوره أو يقفز على قضيّته الأساسية، الخيار الأنسب.

وأعلن المجلس في وقت سابق على لسان رئيسه عيدروس الزبيدي عدم تلقّيه أي دعوة للمشاركة في النقاشات الخاصة بمبادرة الأمم المتحدة الرامية لحل الأزمة اليمنية سلميا، محذّرا المبعوث الأممي من أنّ عدم مشاركة المجلس الانتقالي “في مشاورات الإعلان المشترك يعفيه من أي التزامات واردة في هذا الإعلان”.

وتنصّ مسودة المبادرة في أبرز بنودها على وقف فوري وشامل لإطلاق النار في كافة أنحاء اليمن من أجل توسيع دائرة التدابير الإنسانية والاقتصادية العاجلة لتخفيف وطأة المعاناة عن الشعب اليمني، تمهيدا لاستئناف المشاورات السياسية في أقرب وقت ممكن بقيادة يمنية وتحت رعاية الأمم المتحدة بهدف وضع نهاية كاملة للحرب من خلال الإسراع في إبرام اتفاق سلام شامل.

وقال الزبيدي إنّ “المجلس الانتقالي مستعد للمشاركة في العملية السياسية، وفقا لما نص عليه اتفاق الرياض”، مؤكّدا “استحالة وجود أي حلول قابلة للتطبيق بدون تمثيل حقيقي وكامل للجنوب على طاولة للمفاوضات”. كما حذّر من “خطورة تكرار إنتاج اتفاقات لا يشارك فيها ممثلون عن الجنوب بشكل حقيقي”.

وفي إشارة إلى ارتباط الزيارة بالترويج دوليا لقضية جنوب اليمن، قال أحمد عمر بن فريد رئيس دائرة العلاقات الخارجية بالمجلس الانتقالي الجنوبي في أوروبا “سنذهب بقضيتنا إلى جميع أصقاع الدنيا شرقا وغربا منفتحين على كل دول العالم”.

وأضاف في تغريدة عبر تويتر “لا توجد لدينا قيود أو عقد ضد أحد، ولا نعادي إلا من يعادينا.. نحترم من يحترم قضيتنا وإرادة شعبنا، وروسيا أظهرت لنا قدرا كبيرا من الاحترام والتفهم ونحن نبادلها قدرا أكبر من الاحترام أيضا”.

أمّا عضو هيئة رئاسة المجلس لطفي شطارة فقد قرأ في توقيت الزيارة “رسائل لأكثر من طرف”، معتبرا أنّها تقيم الدليل على مكانة المجلس الانتقالي “كطرف أساسي في الحل السياسي القادم”.

وخاض المجلس الانتقالي الجنوبي خلال الفترة الماضية صراعا ضدّ “الشرعية اليمنية” التي يشارك فيها بشكل أساسي حزب التجمع اليمني للإصلاح ذراع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، والذي يحمل مشروعا خاصّا يقوم على فرض سيطرته على مناطق جنوب اليمن بعد أن خسر مناطق الشمال لمصلحة المتمرّدين الحوثيين.

وتمكّنت السعودية من تطويق ذلك الصراع وجمعت المجلس وباقي الأطراف المشكّلة لـ”الشرعية” ضمن حكومة شراكة نتجت عن اتّفاق الرياض.

غير أنّ الاتفاق ما يزال مهدّدا بسبب تحرّكات الإخوان ومحاولتهم التملّص من استكمال الجوانب العسكرية والأمنية التي نصّ عليها، سعيا للسيطرة على مناطق ذات أهميّة إستراتيجية على رأسها محافظة شبوة النفطية المطلّة على خليج عدن.

الحروب الباردة الجديدة: التكنولوجيا والاقتصاد في صراع خفي على قيادة العالم


اتفاق كوب 29: تمويل دولي لـ "مكافحة تغير المناخ" وسط إشادات وانتقادات


الخليج يترقب: هل يعود ترامب كحليف قوي في مواجهة أزمات المنطقة؟


احتجاجات غاضبة في قزوين: ضحايا "طراوت نوین" يطالبون بالعدالة