تقارير وتحليلات
إرهـاب «تنظيم الحمدين»..
ملف: خفايا واسرار الدعم القطري للحوثيين وإخوان اليمن؟
اتضحت الصورة تماماً، وتبين للعالم حجم الدور القطري في دعم الإرهاب باليمن، سواء من خلال دعم تنظيم القاعدة وجماعة الإخوان الإرهابييْن أو من خلال الغدر بالتحالف العربي لفائدة الميليشيات الحوثية الإرهابية، إذ إدعى، وزير الدولة لشؤون الدفاع القطري خالد بن محمد العطية، في مقابلة مع قناة «تي ري تي وورلد» التركية.
ونشرت تفاصيلها وكالة الأنباء القطرية الرسمية أن بلاده أجبرت على الانضمام إلى التحالف العربي في اليمن، والقوات القطرية لم تشارك في العمليات داخل اليمن، بل اقتصر وجودها على الحدود السعودية اليمنية، ما يعزز مجدداً ما أعلنته قيادة تحالف الشرعية في اليمن، التي قررت إنهاء مشاركة قطر، بسبب ممارساتها التي تعزز الإرهاب وتدعم تنظيماته في اليمن، وتعاملها مع الميليشيات الانقلابية في اليمن.
وبينما أكد العطية أن بلاده وجدت نفسها مجبرة على التدخل في اليمن بسبب عضويتها في مجلس التعاون لدول الخليج العربي، يشير مراقبون إلى أن الأمر يتجاوز ذلك بكثير، حيث إن المشاركة في التحالف لم تكن إجبارية، ولكن «تنظيم الحمدين» انضم إلى «عاصفة الحزم» للقيام بدور تخريبي من داخلها،يدعم من خلاله الطرف المقابل المتمثل في الميليشيات الحوثية والجماعات الإرهابية.
إشادة حوثية
وبينما أشاد رئيس ما تسمى «اللجنة الثورية في جماعة الحوثي» في اليمن، محمد علي الحوثي، بتصريحات العطية التي تبرأ فيها من التحالف العربي في اليمن، وعن «إجبار قطر على المشاركة ضمن قوات التحالف» في إطار التدخل العسكري الرامي لوقف الانقلاب الحوثي في صنعاء، أبرز المراقبون أن الأحداث الأخيرة كشفت عن دور نظام الدوحة في سفك دماء عناصر من التحالف العربي.
وهو ما أكده سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في موسكو عمر سيف غباش، الذي صرح بأن تعاون قطر مع تنظيم القاعدة الإرهابي أدى لاستشهاد جنود إماراتيين في اليمن، مشيرا إلى وجود تسجيلات من الميدان تثبت ذلك، «لكنه ليس الوقت المناسب للإعلان عنها».
وأوضح غباش أن قطر كانت ضمن تحالف دعم الشرعية، وتعرف معلومات قوى التحالف. وعندما كانت القوات الإماراتية تستعد لعملية ضد «القاعدة» في اليمن نقل القطريون موقع القوات الإماراتية وخططها لهذا التنظيم فوصل أربعة انتحاريين وفجروا نفسهم في الجنود.
وأنهت قيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن مشاركة دولة قطر في التحالف بسبب ممارساتها التي تعزز الإرهاب، ودعمها تنظيماته في اليمن ومنها القاعدة وداعش، وتعاملها مع الميليشيات الانقلابية مما يتناقض مع أهداف التحالف التي من أهمها محاربة الإرهاب.
عرقلة المنجزات
وأكدت صحيفة «نيويورك تايمز» في تقرير أن قطر كان لها دور مهم في عرقلة منجزات «عاصفة الحزم» التي ينفذها التحالف الغربي بقيادة المملكة العربية السعودية، بينما طالب مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة، خالد اليماني، قطر بوقف تمويل ودعم الإرهاب، كون هذا السلوك غير بناء ولا يخدم القضايا المصيرية.
وبحسب المحلل السياسي اليمني أحمد النخعي فإن الدور القطري في التحالف العربي لدعم الشرعية كان مشبوهاً منذ البداية، حيث إنه كان دوراً استخباراتياً لطعن التحالف العربي، مشيراً إلى أن الإخوان استغلوا الحرب في اليمن وبدعم قطري للتخلص من الكثير من القيادات العسكرية الوطنية من خلال عمليات اغتيال متعددة أيضاً.
وقال النخعي إن التصريحات القطرية لم تكن مفاجئة للكثير حيث إن دور قطر العدواني ليس وليد «عاصفة الحزم» فعندما رأت قطر دول الخليج بعد أزمة عام 2011 تسعى للتوقيع على المبادرة الخليجية لحل الأزمة في اليمن قامت بالانسحاب من المبادرة حينها، والتهدئة بين الأطراف المتنازعة في اليمن وكان لقناتها الدور الأكبر في إشعال الصراع إلى يومنا هذا.
وأضاف «من المعروف أن قطر الداعم الرئيس للإخوان في اليمن ومصر وجميع الجبهات التي يسيطر عليها الإخوان لم تتقدم خطوة إلى الأمام والهدف هو استنزاف التحالف العربي اقتصادياً وعسكرياً مقارنة بجبهات المقاومة الجنوبية التي تسطر أروع البطولات بشهادة الجميع».
تلاشي الإرهاب
من جانبه،أعلن الخبير العسكري والاستراتيجي،خالد النسي، أن الجماعات الإرهابية في اليمن بدأت تتلاشى ويتراجع نفوذها بعد التعامل بجدية مع ملف التدخل القطري في اليمن، مشيراً إلى أن قوات الشرعية المدعومة من التحالف ستبسط سيطرتها على شبوة بالكامل خلال أيام.
وأضاف «الجماعات الإرهابية تتلاشى، والدليل أن أحد أكبر قياديي الجماعات الإرهابية في منطقة يافع، المدعو خالد عبدالنبي، سلم نفسه لقوات الحزام الأمني، مما يؤكد أن مساعي الجماعات الإرهابية بإدخال المحافظات الجنوبية في دوامة العنف، لن تنجح». وأشار إلى أن هناك خطة بعيدة المدى يتم تطبيقها بدعم من قوات التحالف وخاصة القوات الإماراتية، لتثبيت الأمن.
علاقات وطيدة
وفي سياق متصل، كشفت وثيقةٌ نشرتها أخيراً صحيفة «الوطن» السعودية حقيقةَ التواصل بين أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني، وبدرالدين الحوثي والد حسين وعبدالملك الحوثي وطبيعة الدور القطري في الهجوم على الحدود الجنوبية للسعودية.
وحملت الوثيقة أسمى عبارات الشكر والعرفان لأمير قطر السابق والد الأمير الحالي تميم بن حمد، على دعمه السخي، كذلك وقفة من أسماهم بـ«أسود إيران».
وأفصحت الوثيقة عن حقيقة المخطط الأميري لحمد آل ثاني تجاه السعودية، والذي كان يظهر انتقاداً للسعودية وشعبها، كذلك حقيقة الدعم المالي الذي وفرته قطر للحوثيين، والذي مكنهم على حد زعمهم من تحقيق الانتصارات، وعاهد الحوثي أمير قطر بأن يواصل المعركة والتقدم للوصول إلى جازان والزحف نحو المقدسات في مكة المكرمة والمدينة المنورة.
وتظهر تلك الوثيقة تناقض السياسة القطرية في اليمن، والتي تراوحت ما بين الزعم بالعمل على إيقاف عمليات جماعة الحوثي الانقلابية، وبين دعمها بالمال والسلاح في الخفاء لإلحاق الضرر بالسعودية وإشغالها في الجنوب بتحركات الحوثيين منذ عام 2003 وحتى الآن.
جرائم قطر
من جهته، أعلن الخبير العسكري والضابط بالجيش اليمنى محمد الولص بحيبح، في صفحته على موقع التواصل الإجتماعي، أن علاقة قطر بالحوثيين كانت منذ التأسيس، مؤكدا أن علاقة المخابرات القطرية بزعيم الحوثيين حسين بدرالدين الحوثي قديمة.
وكشف عن حقائق عدة عن جرائم قطر في اليمن، مؤكداً أنها دعمت حركة التمرد الحوثية منذ عام 2000، و أن المخابرات القطرية وديوان أميرها السابق نسج علاقة خفية مع الصريع حسين بدرالدين، فى لبنان والسودان منذ عام 2000 أثناء تلقي الصريع دورات هناك قبل حروب صعدة بـ 4 سنوات وذلك نكاية في الشقيقة الكبرى السعودية.
وأكد الضابط اليمني، أن الدوحة قدمت دعماً سرياً من سفارتها بصنعاء بمبلغ 50 ألف دولار شهرياً منذ عام 2001 للمعهد الديني الشيعي التابع لحسين بدرالدين في صعدة، وفي عام 2003 رفعت قطر الدعم الشهري إلى 100 ألف دولار وكان يتم تسليمها لقيادي حوثي اسمه يحى قاسم عواضه.
وأضاف بحيبح، أنه بعد ظهور حركة الحوثي وبعد الحرب ظهر موقف قطر رسمياً لهدف تدويل قضية الحوثي وإبرازها، وقادت قطر في يونيو 2007 أول وساطة رسمية بين الدولة والمتمردين وهنا حققت قطر هدفها الاستراتيجي وجعلت من الحوثية حركة سياسية مشهورة دولياً، وحولتها من حركة محصورة في جبال صعدة إلى حركة سياسية إقليمية ونجحت قطر في وضع الحركة الحوثية فى موقف الند للند مع الدولة من خلال المفاوضات.
وفى الأول من فبراير 2008 قامت قطر برعاية اتفاق في الدوحة بتخطيط قطري إيراني وذلك بين حركة الحوثي وحكومة اليمن، وبعد هذا الاتفاق المشؤوم خول ذلك الاتفاق لقطر تقديم دعم مادي كبير للحوثيين تحت عدة مسميات منها إعمار صعدة وتجاوزت هذه المبالغ مئات الملايين من الدولارات، وبفضل دعم قطر أصبحت الحركة الحوثية بحجم حزب الله في لبنان.
وقدمت قطر في 2008 أكثر من 100 جهاز اتصال دولي «ثريا» لدعم قيادات حركة الحوثي، ويعد أول جهاز ثريا يتواصل به عبدالملك الحوثي من كهفه إلى طهران والضاحية هدية من رئيس اللجنة القطرية في الوساطة سيف البوعينين، وأول صالون مدرع يستخدمه عبدالملك الحوثي هدية من قطر مع 5 صوالين اخرى مدرعة.
وفي يوليو 2008 ضغطت قطر على علي عبدالله صالح و ابن اخيه طارق، بشأن إصدار تصريحات رسمية بأن إيران لاتدعم الحركة الحوثية، ويعني ذلك سحب ونفي اتهامات صالح وحكومة اليمن طيلة الحروب الأربعة أنذاك بخصوص دعم إيران للحوثيين، ودفعت قطر حينها مبلغاً مالياً كبيراً لصالح ولطارق، مقابل ذلك.
والأسبوع الماضي، دافع السفير القطري في واشنطن مشعل بن حمد آل ثاني عن جماعة الحوثيين وأنصار الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح، في ندوة بالعاصمة الأميركية.
وهاجم السفير القطري دول التحالف لدعم الشرعية باليمن، حين وصف قتال السعودية والإمارات للحوثيين وحلفائهم من أنصار صالح بـ«الهجمات الوحشية على اليمن».
دلائل دامغة
في 29 يناير 2017 فاجأت القوات الأميركية «القاعدة» وحزب الإصلاح بعملية إنزال مباغتة في مناطق بمحافظة البيضاء التي تعد الوكر الأبرز لتنظيم القاعدة، وكشفت الوثائق التي تمت مصادرتها خلال العملية عن علاقة علي محسن الأحمر والتجمع اليمني للإصلاح المدعومين من قطر بعملية التسليح لتنظيم القاعدة الإرهابي وعمل وصول المواد المتفجرة إليه والمستخدمة في تفخيخ السيارات والعبوات والأحزمة الناسفة.
وكشف الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية «بنتاغون» جيف ديفيس أن الهدف من الإنزال كان جمع معلومات استخبارية في عملية خاطفة تضع خلالها القوات الأميركية يدها على أكثر قدر ممكن من الوثائق والحواسيب والأجهزة الإلكترونية.
وبحسب مصادر استخباراتية، فإن الوثائق،كشفت عملية إشراك حزب الإصلاح لتنظيم القاعدة في السيطرة على بعض المناطق الجديدة المحررة تحت مسمى اللجان الأهلية، خاصة في شبوة ومأرب والبيضاء، حيث أقيمت معسكرات لأول مرة للتنظيمات الإرهابية.
كما كشفت الوثائق عن استخدام حزب الإصلاح للإرهابيين لتنفيذ اغتيالات ضد معارضيه، والتي من أبرزها تنفيذ عملية الاغتيال التي طالت محافظ عدن اللواء جعفر محمد سعد بتاريخ 6 ديسمبر 2015، حيث تم التخطيط للعملية في البيضاء، وتم تنفيذها بالتعاون مع جماعة إرهابية كانت تسيطر أنذاك على مدينة التواهي قبل تطهيرها من قوات الأمن فيما بعد.
كما أكدت الوثائق أن حزب الإصلاح وحلفاءه يقفون وراء تفجيرات فندق القصر بتاريخ 6 أكتوبر 2015، وعدد من عمليات الهجوم على معسكر قوات التحالف العربي في البريقة، بالإضافة لعمليات الاغتيالات والتي طالت عدداً من الأمنيين والمقاومين في عدن ولحج وابين وحضرموت.
وقيام قيادات في حزب الإصلاح بالوقوف خلف إطلاق سراح معتقلي تنظيم القاعدة في كل من ابين وحضرموت والبيضاء وعدن في العام 2011، مشيرة إلى أن عملية إطلاق السجناء الإرهابيين تكررت حتى وقت قريب في عدن بتساهل وتحركات من حزب الإصلاح.
وشهد مارس الماضي مفاجأة من العيار الثقيل حين كشف عن تورط قيادات يمنية وبدعم قطري في تبني تنظيم القاعدة في اليمن.
ووصفت تقارير ما انتهت إليه عمليات التحليل الاستخباري الأولية للوثائق التي حصلت عليها الغارة العسكرية على مقر تنظيم القاعدة في تكلا في يناير الماضي، من شأنه أن يغير خريطة التحالفات، ليس فقط باليمن وإنما في المنطقة.
دعم وتمويل
كما كشف تقرير أميركي عن رصد المخابرات الأميركية لعمليات دعم وتمويل الجماعات المتطرفة باليمن من قبل قطر التي تربطها علاقة وطيدة بجماعة الإخوان باليمن خصوصاً حزب التجمع اليمني للإصلاح.
وبحسب التقرير الصادر عن وحدة من الاستخبارات الأميركية تم رصد حوالي 4 ملايين أرسلت في العام 2012 من دولة قطر إلى اليمن بواسطة القيادي في حزب الإصلاح صلاح مسلم باتيس الذي تسلم المبلغ على دفعات عبر مؤسسة العمقي إخوان للصرافة (فرع حضرموت) .
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها المخابرات الأميركية فإن صلاح باتيس الذي يترأس إدارة جمعية البادية الخيرية التابعة لجماعة الإخوان بحضرموت قام بتحويل نصف المبلغ إلى قيادات من حزب الإصلاح في صنعاء لتمويل أنشطة الحزب ونشطاء ممن شاركوا بالثورة الشبابية التي اندلعت في اليمن ضد النظام السياسي العام 2011.
وسعت الاستخبارات الأميركية جاهدة إلى معرفة مصير مليوني دولار المتبقيّة لدى باتيس بعد أن ساورها القلق في أن يكون المبلغ المحوّل إلى صنعاء سلمَّ لأيدي قيادات يشتبه في انتمائها لتنظيمات إرهابية ترتبط بشكل مباشر بحزب التجمع اليمني للإصلاح
وكانت وزارة الخزانة الأميركية أدرجت أواخر العام الماضي مؤسسة «العمقي إخوان للصرافة» ضمن الشركات المموّلة للإرهاب مما أثار تساؤلات حول النشاطات المشبوهة التي تزاولها الشركة كعمليات غسيل أموال (القاعدة) التي نهبت أكثر من 17 مليار ريال يمني من البنك المركزي في المكلا، علاوة على احتكار الشركة للسيولة النقدية المحلية، وتهريب مبالغ طائلة من النقد الأجنبي خارج البلاد.
ما مكنها من التحكم بأسعار العملات، إضافة إلى علاقتها بعدد من المتنفذين اليمنيين في منفذ الوديعة الحدودي، الذي تتولى الشركة مهمة ضخ إيراداته إلى صنعاء.
وقضى قرار الخزانة الأميركية إلى فرض عقوبات على الشركة، وإضافة إلى مراقبة أصولها المالية بالعملة الأجنبية، في حين حذر الأميركيين من التعامل معها للإشتباه في دعمها لتنظيم «القاعدة في جزيرة العرب».
مفاتيح جوهرية
وفي تقريرها حول «الأدوات والمعلومات التي جرى تحريزها وكشفت تكتيكات القاعدة» كشفت «نيويورك تايمز» أن ما احتوته أجهزة الكمبيوتر والهاتف النقال التي عادت بها قوة «الكوماندوس»، والتي جرى تفريغها بتقرير من ثلاث صفحات تتضمن مفاتيح جوهرية ستغير الكثير من المعطيات، تغييراً جوهرياً يفاجئ الكثيرين في الولايات المتحدة وفي الخليج، ومن ذلك، تفاصيل عن شبكة العلاقات السرية التي تربط تنظيم القاعدة مع «الإخوان المسلمين» في اليمن ومع مقراتهم بالدوحة وتركيا على أساس أنها الجناح العسكري والأمني لهم في البلاد.
وكانت قطر وقّعت مع دول المنطقة، برعاية أميركية، على «وثيقة جدة» في منتصف سبتمبر 2014، تعهد فيها الجميع بمضاعفة الجهد لوقف تمويل الإرهاب، وعدم التساهل مع عمليات جمع الأموال للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة.
وتقديم المسؤولين عن ذلك للعدالة، غير أن الأميركيين يشكون في الأمير السابق حمد بن خليفة، من عدم تعاون قطر في مجال مكافحة تمويل الإرهاب، كما قالت وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون في مذكرة لها عام 2009، حين وصفت تعاون قطر في مجال مكافحة الإرهاب بـ«الأسوأ في المنطقة».
وتخلص تقارير كثيرة لوزارة الخارجية الأميركية، ووزارة الخزانة، ومراكز ومعاهد مثل مركز العقوبات والتمويل السري، ومؤسسة دعم الديمقراطية، إلى أن قطر تعد أكبر دولة في المنطقة تغض الطرف عن التمويل للجماعات المتطرفة والإرهابية،حيث تقوم تلك الجماعات بنشاط جمع الأموال بحرية، كما تظهر إعلانات التبرع بأرقام مؤسسات قطرية وأرقام حسابات في بنوك قطرية.
ظل «تنظيم الحمدين» يعبث بأمن ومصائر الشعوب لا لقوة يتمتع بها أو ذكاء ولكنها العقلية التآمرية التي تجيد حبكات الظلام ولعب الأدوار القذرة، فما يجد التنظيم الذي اكتنز أموال القطريين موطئ قدم في بلد ما حتى يهب لا بأغصان الزيتون ولا لمساعدة محتاجيها أو إقالة العاثرين فيها وإنما بمزيد من الزيت لإشعال النيران لتحرق الأخضر ولن توفر اليابس بالضرورة، نشرت مؤسسة دعم الديمقراطية دراسة في 3 أجزاء بعنوان «قطر وتمويل الإرهاب»، خصص الجزء الأول منها لعقدين (الأخير من القرن الماضي والأول من القرن الجاري)، والثاني لفترة تولي الأمير تميم بن حمد منذ 2013 حتى يناير الماضي وهو موعد صدور التقرير.
وحسب التقرير: «ترى واشنطن أن قيادات بالقاعدة تلقوا دعماً من مانحين قطريين أو مقيمين في قطر بالإضافة إلى القاعدة في شبه الجزيرة العربية الناشطة في اليمن والسعودية، وحركة الشباب الصومالية، والقاعدة في شبه القارة الهندية والقاعدة في العراق التي أصبحت داعش»، ولا تكشف الدراسة رغم أهميتها، جديداً إذ إن الدور الإرهابي القطري في اليمن يعود إلى حقبة المخلوع علي عبدالله صالح الذي تقدمت اليمن في عهده بشكوى رسمية لمؤسسات دولية ضد قطر.
واتهمت بريطانيا قطر في 2013 بتمويل عناصر تنظيم القاعدة في اليمن من خلال دفعها فدية لإطلاق سراح رهائن محتجزين لدى التنظيم، وقال وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط الستر بيرت إن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية يهدف لزعزعة الحكومة اليمنية وإن ما يعززه على ذلك إلى حد كبير مبالغ الفدية الكبيرة التي تدفع للإفراج عن رهائن أجانب في إشارة واضحة إلى دولة قطر.
وأضاف بيرت في بيان بأنه وحسب تقريرهم «حصل تنظيم القاعدة بشبه الجزيرة العربية في العامين الأخيرين على حوالي 20 مليون دولار من مبالغ الفدية المدفوعة». وفي حال استمرار ذلك، فإن هذا سيؤدي لتقوية قدرات التنظيم على شن اعتداءات في اليمن وضد أصدقاء اليمن وجيرانه.
وذكر البيان «لهذا السبب اتخذت الدول الأعضاء في مجموعة الثمانية خطوة غير مسبوقة خلال قمة مجموعة الثمانية في لوخ إيرن برفض دفع أي فدية للإرهابيين، بعد أن كشفت مصادر يمنية وثيقة الصلة إنقاذ قطر لتنظيم القاعدة في اليمن من أزمة مالية خانقة تعرض لها، جراء الحرب التي شنها الجيش اليمني والقبائل ضد التنظيم في محافظة أبين الجنوبية، بدفع مبلغ 15 مليون دولار ذهبت إلى التنظيم وعناصر قبلية مرتبطة به في شمال اليمن».
دعم «القاعدة»
ويؤكد مدير الوكالة الدولية للصحافة والدراسات الاستراتيجية «ايجيس» جمال العواضي، أن قطر قدمت دعماً لتنظيم القاعدة في اليمن بمبلغ وقدره 15 مليون دولار، تحت ذريعة فدية وإنقاذ سويسرية كان التنظيم اختطفها للمطالبة بفدية، ولم تكتف الدوحة ببناء علاقات ودعم تنظيم القاعدة في اليمن، بل استطاعت بناء شبكة إرهاب دولية من أفغانستان إلى اليمن مروراً بباكستان وسوريا وليبيا، معتمدة على علاقاتها السابقة مع قيادات الصف الأول في تنظيم القاعدة الذي توزع في دول عديدة مع موجة الربيع العربي.
وأبرز العواضي في تصريحات صحافية أن الدعم القطري المباشر وغير المباشر شكل أهم قنوات الدعم للتنظيم في اليمن، حيث كان يتمثل الدعم بتقديم الدوحة أموالاً على شكل فدية مقابل إطلاق مختطفين لدى التنظيم، ودفعت بذلك شيوخ قبائل وشخصيات أمنية وعسكرية إلى ممارسة عمليات الاختطاف كمهنة مربحة من خلال بيع المختطفين لتنظيم القاعدة الذي بدوره يفرج عنهم بعد تسلم مبالغ كبيرة من دولة قطر.
ففي 28 فبراير 2013 ذكرت وكالة الأنباء القطرية أن الرهينة السويسرية سيلفيا ايبرهارت (36 عاماً) التي خطفت في اليمن في 14 مارس 2012 وصلت خلال الليل إلى مطار الدوحة بعدما تم تحريرها بتدخل من قطر، بلا أن تحدد ظروف إطلاق سراحها بشكل دقيق.
وكانت ايبرهارت تعرضت للاختطاف من منزلها في الحديدة غرب اليمن حيث كانت تعمل مدرسة في معهد للغات. واقتادها الخاطفون إلى شبوة (جنوب شرق) حيث ينتشر تنظيم القاعدة بكثافة.
وأضاف العواضي أن «قطر دخلت على الخط للتفاوض مع القاعدة لإطلاق المختطفة مقابل مبلغ مالي كبير قدمته الدوحة للمختطفين وصل إلى 15 مليون دولار منه 10 ملايين دولار للتنظيم و5 ملايين دولار لشخصيات قبلية ذات علاقة به، وكادت العملية آنذاك أن تتسبب في أزمة وقطيعة بين اليمن والدوحة، بسبب التصرفات غير المقبولة التي قام بها الوفد القطري الذي دخل اليمن عبر مطار صنعاء على أنه يتشكل من رجال الأعمال بصحبة شخصية دبلوماسية ودون التنسيق مع الجانب اليمني.
وفي اليوم ذاته، عاد الوفد القطري إلى مطار صنعاء ليغادر إلى الدوحة ومعه السفير القطري والمواطنة السويسرية، التي عرّف بها السفير على أنها مستشارته، غير أنه تم منعهم من المغادرة ليقوم السفير القطري بالتهجم على قادة الوحدة الأمنية والموظفين بالمطار، واستدعاء وكيل جهاز الأمن القومي الذي حضر بعد ذلك للسماح بمرور الوفد القطري والسفير والمختطفة، بينما كان الوفد يتكون في الحقيقة من عناصر المخابرات القطرية وليس من رجال أعمال كما قيل سابقا.
وحين وصل الوفد إلى الدوحة تم التعاطي مع العملية على أنها نصر كبير لتنظيم الحمدين وإنجاز إنساني بينما هي عملية تمويل مباشرة لتنظيم إرهابي، حيث فتحت هذه العملية أبواب الاختطافات بصورة كبيرة في اليمن من أجل الحصول على أموال من دولة قطر التي حققت ما تريد بطريقة ملتوية.
وتابع العواضي أن هذه العملية هي مثال على التصرف القطري حيال ملفات شائكة واستثمار الجماعات المنفلتة والمتطرفة لخدمة مشاريعها التخريبية ضد جيرانها وأشقائها العرب والمسلمين.
وعلقت صحيفة «تليغراف» البريطانية على العملية بالقول إن قطر هي الراعي الرئيس لجماعات التطرف في الشرق الأوسط. وقال وكيل إدارة مكافحة الإرهاب في وزارة الخزانة الأميركية ديفيد كوهين في مقابلة معه أنه وحدها الدول التي صنفتها الولايات المتحدة على أنها دول راعية للإرهاب، هي التي تقدم المزيد من الأموال للجماعات المتطرفة أكثر من الفدى، لكن الفدى لا تزال المصدر الرئيس لتمويل الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة في اليمن وشمال أفريقيا ومصدراً مهماً لمثل هذه الجماعات في سوريا والعراق، وقدر ديفيد كوهين حينها تدفق أموال الفدى لمثل هذه الجماعات خلال الفترة بين (2004-2012) بـ120 مليون دولار، وقال إن فرع تنظيم القاعدة في اليمن وحده جمع ما لا يقل عن 20 مليون دولار من هذه الفدى القطرية.
شكوى دولية
الدور الإرهابي القطري في اليمن ليس جديداً، فقد كشف عضو ما يسمى باللجنة القانونية الخاصة بالمخلوع علي عبدالله صالح، وعضو اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام،المحامي محمد علاو،عن شكوى تقدم بها اليمن إلى بعض المؤسسات الدولية ضد الدوحة قبل 6 سنوات.
وقال كلاو، في تصريحات صحافية مؤخراً، إنه تم توجيه اتهام مباشر لقطر بدعم الإرهاب، وذلك على خلفية تورطها في تدمير مسجد النهدين عام 2011، مؤكداً أن قطر أفشلت المبادرة الخليجية، وسلمت صنعاء للحوثيين، كما أنها تقف خلف كل الكوارث التي تحيط باليمن حالياً.
وقال علاو إن قطر ليس جديداً عليها تدخلها في الشأن اليمني، ودعمها للإطاحة بالنظام السابق، مبيناً أن حزب المؤتمر الشعبي العام أصدر في حينه بياناً رسمياً عن ذلك، وأضاف أن قطر لعبت دوراً خبيثاً منذ بداية ما يسمى الربيع العربي، ووقفت خلف كل الكوارث التي تحيط باليمن حالياً، لافتاً إلى أن الدوحة دفعت بالإخوان والحوثيين إلى ساحة التغيير، ومؤكداً أن المسألة كانت تحدياً من أمير قطر السابق حمد بن خليفة، لإسقاط علي صالح بكل الوسائل.
وأشار علاو إلى أنه عند طرح المبادرة الخليجية لم توافق اليمن على وجود قطر، نظراً للمعرفة السابقة بسياستها المشينة في المنطقة، لافتاً إلى أن الدوحة كانت وراء إفشال المبادرة الخليجية.
وأردف: «ليس سراً أن قطر كانت تخطط لأبعاد كبيرة، وعملت على إسقاط اليمن في يدها، ولذا ما نحصده اليوم هو نتائج التدخلات القطرية، ونحن كمنظمات مجتمع يمني قدمنا عشرات الشكاوى في منظمات دولية وكنا نتهم قطر بوجود الدلائل والبراهين، ولكن للأسف لم نجد من يساندنا حينها، خاصة والمسألة تتعلق بعلاقات دولية» متابعا أن قطر صنعاء للحوثيين بتنسيقات وعلاقات إقليمية، مبيناً أن هناك شخصيات كبيرة أخذت مبالغ مالية ضخمة، كما دفعت أيضاً للإخوان من أجل إسقاط الدولة، مشيراً إلى الزيارات المتبادلة بين هذه الأطراف، والتي تؤكد خطورة السلوك القطري.
واعتبر علاو أن هدف قطر من تصعيد الوضع في اليمن هو تهديد أمن السعودية، مبيناً أن سياسة قطر كانت ممنهجة، وأنها حرصت في البداية على إبعاد الإخوان من المواجهة ليبدوا محايدين، غير أن هذا السلوك كان مكشوفاً. وأضاف: «هناك فتوى واضحة ومفضوحة لعضو اتحاد علماء المسلمين عبداالمجيد الزنداني عندما أفتى بأنه يجب دفع الخمس للحوثيين»، لافتاً إلى أن قطر دعمت المعارضة منذ وقت مبكر، وكان هدفها إسقاط النظام في اليمن لتبقى بؤرة تهدد أمن الخليج والسعودية بالتحديد.
من جانبه، قال رئيس مركز الجزيرة للدراسات، نجيب غلاب، إن يمنيين سيقومون برفع قضايا دولية على قطر، قريبًا، باعتبارها من أهم ممولي تنظيم القاعدة في اليمن.
وأضاف غلاب أن دعم قطر للقاعدة ليس بالشيء الجديد، ولكن الجديد هو تحويل القاعدة أداةً لضرب قوات التحالف العربي في اليمن، وهذا يبين أن قطر ما زلت مصرة على دورها الإرهابي، لافتاً إلى أن قطر أصبحت مخلب إيران في الملف اليمني، وعلينا الحذر والخوف من دورها في هذا الملف، وفق تعبيره وشدد رئيس مركز الجزيرة للدراسات، على ضرورة محاسبة قطر، بعد أن تبين بالأدلة علاقتها بتنظيم القاعدة، ودعمها وتوظيفها له؛ لضرب قوات التحالف، وعملها على الإخلال بأمن المنطقة الشرقية.
كيانات إرهابية
اعتمد تنظيم الحمدين على الجمعيات الخيرية والدعوية في تمويل الإرهاب باليمن، وبحسب الناشط الحقوقي فيصل السعيدي فإن قطر تبنت كثيراً من الملفات حول العالم، ظاهرها إنساني حقوقي، وباطنها تمرير الدعم المالي المطلوب إلى التنظيمات المسلحة التي تتبنى الإرهاب، مؤكداً تورط الدوحة بدعم منظمات ومؤسسات خيرية واجتماعية في الجنوب واليمن عموماً، كما فعلت مع منظمة الصليب الأحمر الدولي والتي قدمت الدعم الغذائي للقاعدة أثناء حرب أبين 2011- 2012.
ونقلت وسائل إعلام سعودية عن مصادر يمنية وثيقة الإطلاع إن جميع الكيانات والأشخاص المدرجين فى قائمة الإرهاب من قبل دول المقاطعة، مثلوا أهم مصادر تمويل عناصر القاعدة أثناء سيطرة التنظيم على المكلا عاصمة محافظة حضر موت، قبل أن تتمكن قوات الجيش الوطني بمساندة التحالف العربي من طردها في يونيو من عام 2016.
وإلى جانب تمويل المتطرفين فى محافظة حضر موت شرق اليمن، تنوعت أساليب ووسائل دعم قطر تلك الكيانات المتسترة بالعمل الخيرى للقاعدة فى المحافظة نفسها، حيث تشير مصادر يمنية إلى أن شخصيات محسوبة على تلك الكيانات أصدرت العديد من الفتاوى الداعمة لعمليات وسلوك القاعدة مثل بيع النفط الخام ونهب مكاتب البريد والمصارف والبنوك اليمنية باعتبارها «غنائم»، حيث بلغ إجمالي ما نهبه تنظيم القاعدة أثناء سيطرته على مدينة المكلا أكثر من 17 مليار ريال يمني.
كما عملت تلك الكيانات الثلاثة على جذب واستقطاب وتجنيد عدد من الشباب عبر هيئات تتبع تلك الكيانات الثلاثة المصنفة في قائمة الإرهاب من قبل دول المقاطعة، للانخراط في تنظيم القاعدة.
وعملت قطر من خلال تلك الكيانات تحت غطاء خيري وإنساني لتمويل ودعم القاعدة في محافظة حضر موت شرق اليمن، مستغلة انشغال السلطة الشرعية بمعارك إنهاء الانقلاب على الشرعية اليمنية وعدم وجود رقابة فعالة من قبل الحكومة الشرعية، جراء التدمير الذي تعرضت له مؤسساتها الأمنية والاستخباراتية والرقابية بسبب الانقلاب الذي نفذته مليشيا الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية، المستفيد الرئيسي من وجود تنظيم القاعدة في بعض المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرة الشرعية.
أما الأشخاص فهم عبدالله اليزيدي، وهو رئيس «جمعية الإحسان الخيرية» وينتمي لمحافظة حضرموت شرق اليمن ولديه صلات بتنظيم القاعدة الإرهابي، وتلقت جمعيته الخيرية دعما من مؤسسة قطر الخيرية، ومؤسسة راف القطرية تحت غطاء مشروعات تنموية وإنسانية، كما شملت القائمة محمد بكر الدباء وهو مدير جمعية الإحسان بمحافظة حضرموت، وكذا أحمد علي برعود ويشرف على مؤسستي البلاغ والرحمة المرتبطتين بمؤسسات خيرية قطرية تصنفها الدول الأربع المقاطعة لقطر ضمن قائمة الإرهاب.
النحاس: قطر هي الطرف الخاسر
أكد عضو مجلس الشورى السعودي إبراهيم النحاس أن قطر هي الطرف الخاسر على جميع المستويات في الأزمة الحالية مع الدول المقاطعة.
وقال النحاس في مقابلة مع «سكاي نيوز عربية» إنه بعد شهرين على اندلاع الأزمة فإن قطر ذاهبة في الاتجاه المعاكس تماماً لما تتمناه الدول الداعية لمكافحة الإرهاب بأن تلتزم قطر بالنقاط التي حددتها هذه الدول، وأيضاً المجتمع الدولي، من أجل حل الأزمة.
وأضاف: الدولة القطرية ذاهبة باتجاهات سلبية تماماً وليس باتجاهات إيجابية، وهي الخاسر على جميع المستويات لعدم التزامها بتحقيق مطالب المجتمع والخيارات البنّاءة.
دبي - البيان