تقارير وتحليلات
"معركة مأرب قد تتأجل الى بعد الوصول لعتق"..
تقرير: منابع نفط شبوة وحضرموت.. معركة تحالف الإخوان والحوثيين
هدأت الحرب تدريجيا في مأرب اليمنية شرق صنعاء، وفقا لمصادر قبلية مساء يوم الاثنين، عقب يومين من اعلان الحوثيين الموالين لإيران السيطرة على بلدة العبدية عقب مواجهات شرسة مع القبائل استمرت لنحو شهر.
وقال زعيم قبلي لصحيفة اليوم الثامن عبر الهاتف :"ان الحرب والقتال توقف تماما بالانسحاب من العبدية، باستثناء استمرار الغارات الجوية لطيران التحالف العربي"، وهو ما يفسر ان الحوثيين قرروا تأجيل معركة الوصول الى مركز محافظة مأرب حتى يصلوا الى مركز محافظة شبوة أولاً، حيث تتقاطع مصالح التحالفات اليمنية.
وقال المصدر "ان المعركة التي يستعد الحوثيون شنها خلال الأيام القادمة بالتحالف مع ميليشيات إخوانية ستكون باتجاه محافظة شبوة المجاورة لمأرب".. مشيرا الى ان الإخوان في مأرب باتوا يتفاخرون بوجود تحالف علني مع الحوثيين".
وأكدت مصادر جنوبية في وادي حضرموت وصول قيادات عسكرية ومدنية من تنظيم الإخوان الى سيئون قادمة من مأرب"، فيما قال وكشفت مصادر عسكرية تحدثت لصحيفة اليوم الثامن "ان استراتيجية الحرب الحوثية تكون وفق خطة اسقاط مدينة في شبوة وأخرى في مأرب، لرفع الحرج عن تنظيم الإخوان، لكن هناك قاسم مشترك بينهما (الاخوان والحوثيون)، على اقتحام شبوة والسيطرة على منابع النفط وشريط البحر العربي وتهديد الملاحة".
وفي سبتمبر أيلول الماضي، حقق المتمردون الحوثيون الذين تدعمها إيران تقدما عسكريا ميدانيا، وسيطروا على ريف محافظة شبوة، حيث حقول النفط التي تشغلها شركات أمريكية، الأمر الذي اثار مخاوف محلية وإقليمية من قدرة الحوثيين على العودة الى مدن الجنوب التي كانوا قد طردوا منها في منتصف العام 2015م، على إثر عمليات عسكرية وغارات لطيران التحالف العربي الذي تقوده السعودية.
يشهد اليمن المضطرب منذ عقود، حرباً مدمرة تسبب في معاناة كبيرة للسكان الذين يعيش أكثر من 70 % تحت خط الفقر بفعل الحرب التي تسعى الأمم المتحدة إلى وضع نهاية لها، لكن دون جدوى بفعل بحث الأطراف المحلية والإقليمية الفاعلة في تلك الحرب البحث عن المزيد من المكاسب.
تدعم السعودية الرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي، الذي كان يفترض ان ينقل السلطة الى رئيس منتخب في العام 2014م، لولا الاجتياح الحوثي لصنعاء وإعلان الانقلاب عليه رغم توقيعه اتفاقية شراكة رفضها الحوثيون بعد ان وقعوا عليها.
وأطلقت السعودية بالشراكة مع عشر دول أبرزها الامارات ومصر والبحرين والسودان، تحالفا عربيا لمحاربة التمدد الإيراني في اليمن، غير ان الاذرع المحلية المتحالفة مع هادي، حالت دون تحقيق التحالف العسكري اهدافه، وهو ما دفع الحوثيين الى التحول من الاستراتيجية الدفاعية إلى الهجومية، الأمر الذي يثير جملة التساؤلات حول ما الذي يحصل وإلى اين تمضي الأمور.
كان الحوثيون يتمركزون في مدينة البيضاء (وسط اليمن)، قبل ان يقرروا شن عملية هجوم واسعة وصلوا على أثرها شبوة وسيطروا على ثلاث مراكز محلية (في بيحان)، وهي مراكز غنية بالثروات النفط وفيها شركات أمريكية عاملة، قال الحوثيون انهم لم يستغرقوا وقت طويل في الوصول الى شبوة، مستعرضين كميات كبيرة من الأسلحة التي استولوا عليها عقب انسحاب القوات التابعة للحكومة اليمنية.
استحواذ الحوثيين على مكاسب ميدانية وحقول النفط، رفع من سقف اوراقهم السياسية في ملف التفاوض الذي ترعاه الأمم المتحدة، في حين تقول سلطنة عمان (الوسيط الإقليمي) ان نهاية الحرب في اليمن باتت وشيكة، رغم ان المكاسب على الأرض تصب في صالح إيران قطر وتركيا وأذرعها المحلية، لكن مع ذلك هنا من يؤكد على أهمية وضع نهاية للحرب التي ألقت بظلالها على حياة المواطنيين الذين باتوا يخشون شبح الموت القادم.
لا تبدو ان السعودية التي تقود التحالف العربي، جادة في مقارعة الحوثيين، هناك حالة من التقاعس، فهي لم تبد أي موقف حيال السيطرة الحوثية على حقوق نفط بيحان، باستثناء الحديث للعاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز اعتبر فيه ايران دولة صديقة وتحدث عن تطور في الحوار الدبلوماسي بين البلدان.
وتخوض الرياض حوارات دبلوماسية مع طهران، على أمل التوصل الى تسوية سياسية بشأن الأزمة التي نشبت بين البلدين في العام 2016م، على خلفية اعدام السعودية لرجل دين شيعي يدعى نمر النمر، بعد تم قطع العلاقة الدبلوماسية بين البلدين على خلفية اقتحام متظاهرين إيرانيين للسفارة السعودية في طهران حينها.
يعتقد ان التسوية السياسية والدبلوماسية بين السعودية وإيران قد يلقي بظلاله على الحرب في اليمن التي يتوقع ان يتوقف فيها القتال بعد ان يتصالح الرعاة الإقليميين للحرب المدمرة.
لا يستبعد ان تكون هناك تسويات سياسية محلية في اليمن بين الحوثيين والاخوان، فالتقارير الصحافية المحلية تتحدث عن اتفاقية بين جماعتي اخوان اليمن والحوثيين في بلدة مرخة بشبوة بعد السيطرة على بيحان، والهدف من تلك التسوية "وقف القتال"، والاحتكام الى هدنة مفتوحة، لكن مع ذلك ذهب الحوثيون نحو مدينة مأرب التاريخية حيث يعتزمون السيطرة عليها، ليكون التفاوض مستقبلا على منابع النفط التي يرغب الحوثيون في الحصول على شراكة "النصف"، مع الحكومة اليمنية.
يقول وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك في تصريحات صحافية "إن إيران طلبت من الحوثيين، تأجيل أي مشاورات للسلام إلى ما بعد السيطرة على مأرب"؛ الأمر الذي يؤكد ان طهران تريد التفاوض يكون على منابع النفط في حضرموت وشبوة والموانئ البرية والبحرية في المهرة الحدودية مع سلطنة عمان.
لم تكن السيطرة الحوثية على جزء من شبوة، دليل على قوة وقدرة الحوثيين على السيطرة وتحقيق المكاسب الميدانية، لكنهم استغلوا الخلافات في داخل معسكر "الشرعية اليمنية"، بين فصيلين الأول يدين بالولاء لهادي (الرئيس المؤقت)، والأخر للنائب (علي محسن الأحمر)، والأخير تتهمه الولايات المتحدة بانه على علاقة وثيقة بتنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
ويكمن الخلاف في ان النائب يريد ان يكون رئيسا توافقيا خلفا لهادي، فهو حليف السعودية ورجل الحكومة الشرعية وقائد الجيش، ناهيك عن انه يرتبط بعلاقة وثيقة بالزيدية السياسية في صنعاء، التي ينحدر منها الحوثيون، كما انه يمتلك قوات عسكرية ضخمة في حضرموت والمهرة، لم تشترك في القتال ولم تفكك بالحرب كما تفككت الجيوش اليمنية في العام 2015م.
هذا الخلاف جعل من الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا "هشة وضعيفة"، إلى حد انها لا تمتلك أي ورقة للتفاوض، وهو ما يتطلب من هادي ان يعيد خلق تحالفات مع المجلس الانتقالي الجنوبي في مواجهة تيارات الاخوان والحوثيين والقوى الأخرى التي ترى أن عزل هادي أولوية على هزيمة الانقلاب الحوثي.
وتكشف معركة شبوة والسقوط التراجيدي عن ان الحرب الحقيقية والصراع المرير لم يبدأ بعد في "شبوة وحضرموت"، وهو ما يعني ان حرباً جديدة يجري تحضيرها ستكون ساحتها شبوة وحضرموت، وهي الحرب التي قد تعطل المصالح الغربية تماما حيث الشركات العاملة في حقول النفط، ويضاعف من معاناة السكان جراء الازمات الاقتصادية والمعيشية المتدهورة.