شنت أوكرانيا الجمعة هجوما بالمروحيات هو الأول من نوعه داخل الأراضي الروسية مستهدفة خزانا للوقود، بينما حذرت روسيا من أن هذا الهجوم قد يؤثر على المفاوضات الجارية بين الوفدين الروسي والأوكراني.
وأشار الكرملين الجمعة إلى أن الضربة التي شنتها مروحيات أوكرانية على خزان وقود ستعيق محادثات السلام بين البلدين.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف بعد تعرض خزان وقود في منطقة بلغورود المحاذية لأوكرانيا لضربة فجر الجمعة "من الواضح أن ما حصل لن يوفر ظروفا ملائمة لمتابعة المفاوضات".
وجاءت الضربة وهي الأولى من نوعها إذا تأكد أنها من تنفيذ القوات الجوية الأوكرانية، في وقت تدعي فيه روسيا أنها تسيطر بشكل كامل على أجواء أوكرانيا، غير أن الكرملين أعاد التأكيد على أن الضربة من تنفيذ الأوكرانيين.
وأضاف "إن السيطرة على الجو خلال العملية العسكرية الخاصة هو حقيقة مطلقة. بما يخصّ حادثة بلغورود ستعود مهمة تقييمها إلى قواتنا المسلّحة".
وأعلن حاكم منطقة بلغورود فياتشيسلاف غلادكوف صباح الجمعة أن مروحيات أوكرانية ضربت مستودعا للوقود في بلدة بلغورود، على بعد أربعين كيلومترا من الحدود الأوكرانية.
وتقع المدينة على بعد حوالي 80 كيلومترا شمال خاركيف التي تقاوم الهجوم الروسي منذ بداية الغزو في 24 فبراير/شباط.
وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا الجمعة إنه "عاجز عن تأكيد أو تكذيب ضلوع أوكرانيا لأنه لا يملك كل المعلومات العسكرية"، فيما ذكر الناطق باسم وزارة الدفاع الأوكرانية الوكسندر موتوزيانيك أن السلطات الأوكرانية تشن عملية دفاعية لصد عدوان عسكري روسي على الأراضي الأوكرانية".
وقال كبير المفاوضين الروس فلاديمير ميدينسكي على تلغرام "نواصل محادثاتنا عبر الفيديو" مضيفا "لم تتغير مواقفنا بشأن شبه جزيرة القرم ودونباس".
وقال كوليبا إن أوكرانيا لا تزال تنتظر "جوابا فعليا على الاقتراحات التي عرضت في اسطنبول" مطلع الأسبوع. وكانت كييف اقترحت خصوصا حياد أوكرانيا والتخلي عن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي شرط أن تضمن دول أخرى أمنها في وجه روسيا.
وقال كوليبا إنه وفقا للرد الروسي "سنعرف عندها إن كانت روسيا تستمر باعتماد لغة التهديد" أو أنها اعتمدت نهجا بناء أكثر.
وكانت روسيا أعلنت هذا الأسبوع خلال محادثات في تركيا أنها تعتزم تقليص نشاطها العسكري في كييف وتشرنيهيف لتركيز قدراتها النارية من الشمال باتجاه منطقتي دونيتسك ولوهانسك الانفصاليتين في شرق أوكرانيا.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينكسي في خطاب ليل الخميس الجمعة "هذا جزء من إستراتيجيتهم"، مضيفا "نعلم أنهم يبتعدون من المناطق التي نهزمهم فيها ويركّزون على مناطق أخرى مهمّة جدا (...) حيث قد يكون الوضع صعب بالنسبة لنا"، موضحا أنه "في دونباس وماريوبول، باتجاه خاركيف، يعزّز الجيش الروسي قوته تحضيرا لمعارك قوية".
وحذّرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الخميس من أن تركيز الجهود الحربية الروسية على دونباس في شرق أوكرانيا حيث ستواجه القوات الروسية وحدات أوكرانية متمرّسة، يُنذر بنزاع "طويل" الأمد.
وبحسب مسؤولين أميركيين، نقلت روسيا نحو 20 بالمئة من قواتها من محيط كييف بعد فشلها في الاستيلاء على العاصمة الأوكرانية.
وداخل أوكرانيا، أكدت القوات المسلحة الجمعة أنها استعادت 11 مدينة وبلدة في منطقة خيرسون في جنوب البلاد. وقالت وزارة الدفاع إن الروس "يواصلون انسحابهم الجزئي" من شمال منطقة كييف نحو الحدود مع بيلاروس منددة بعمليات "نهب" كثيرة من جانب الجنود الروس.
ومن المقرر أن تحصل الجمعة تحت إشراف الصليب الأحمر الدولي محاولة جديدة لإجلاء آلاف المدنيين. وقال متحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في جنيف إيوان واتسون "لم يتضح بعد إذا كان سيحصل ذلك اليوم".
وأوضح "هذه العملية كانت ولا تزال معقدة. ثمة الكثير من المتغيرات وكل التفاصيل لم تنجز بعد لضمان أن يحصل ذلك بطريقة آمنة"، مضيفا "السكان بحاجة ملحة إلى هذا الممر الآمن".
وبعد أكثر من شهر على بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، لا تزال مدينة ماريوبول الجنوبية والمطلّة على بحر آزوف محاصرة وتحت القصف المتواصل. وقُتل ما لا يقل عن من خمسة آلاف شخص فيها فيما لا يزال نحو 160 ألف مدني عالق فيها وفق مصادر أوكرانية.
وكانت الحكومة الأوكرانية أعلنت الخميس من جهتها عن إرسالها عشرات الحافلات باتجاه ماريوبول. ووصف أشخاص تمكنوا من مغادرة المدينة المحاصرة ومنظمات غير حكومية ظروفا كارثية في المدينة مع لجوء المدنيين إلى أقبية فيما هم محرومون من الماء والطعام وكل وسائل الاتصال. وتنتشر الجثث في الشوارع. وتتهم البلدية موسكو بإجلاء أكثر من 20 ألف شخص "رغما عنهم" إلى روسيا.
وفي تطور ميداني آخر، غادرت القوات الروسية محطة تشرنوبيل النووية التي كانت تحتلها منذ اليوم الأول للغزو وفق ما أعلن مسؤولون في كييف.
وقالت وكالة "انيرغو أتوم" الأوكرانية الرسمية للطاقة عبر تلغرام "أخذت معها عناصر من الحرس الوطني كانت تحتجزهم رهائن منذ 24 فبراير".
وقال وزير الخارجية الأوكراني إن روسيا تصرفت بطريقة "غير مسؤولة على كل الأصعدة" خلال الأسابيع الأربعة التي سيطرت خلالها على هذه المنطقة، مؤكدا أنها عملت خصوصا على عرقلة عمل طواقم المحطة و"حفرت خنادق في مناطق ملوثة" بالإشعاعات.
وأضاف "الحكومة الروسية عرضت مواطنيها لاشعاعات وهددت حياتهم. يجب أن تحاسب أمام أمهات هؤلاء الجنود وشقيقاتهم وزوجاتهم"، موضحا أن السلطات الأوكرانية "ستعيد إمكانية الوصول إلى تشرنوبيل والعمل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أجل تقييم المخاطر وخفضها".
ودعا الاتحاد الأوروبي بكين الجمعة إلى "عدم التدخل" في العقوبات الغربية المفروضة على روسيا من جهتها، محذرا من أن أي دعم لموسكو "سيشوه في شكل خطر سمعة" الصين في أوروبا.
ومنذ اندلاع الحرب قبل خمسة أسابيع، فرّ 4.1 ملايين شخص من أوكرانيا، يضاف إليهم نحو 6.5 ملايين نازح تقريبا، بحسب الأمم المتحدة. وتشكل النساء والأطفال نحو 90 بالمئة من الفارين من الحرب.