قال مسؤول كبير في البنتاغون الاثنين إنّ الشحنات الأولى من الدفعة الجديدة من المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا وصلت إلى حدود البلاد لتسليمها إلى الجيش الأوكراني، فيما تزامن هذا الإعلان مع تأكيد الرئاسة الأوكرانية بدء القوات الروسية هجوما جديدا على طول معظم الجناح الشرقي لأوكرانيا وأن "معركة دونباس" بدأت.
وقال المسؤول الأميركي طالبا عدم الكشف عن هويته "وصلت أربع رحلات جوية إلى المنطقة من الولايات المتحدة أمس (الأحد) محمّلة بمعدات مختلفة".
ومن المتوقّع أن تصل رحلة خامسة خلال الـ24 ساعة المقبلة "ما يعني خمس رحلات في غضون بضعة أيام" منذ أن أعلن الرئيس جو بايدن الأربعاء عن حزمة جديدة بقيمة 800 مليون دولار من المساعدات العسكرية لأوكرانيا.
وسيبدأ جنود أميركيون منتشرون في المنطقة الشرقية لحلف شمال الأطلسي منذ بداية الغزو الروسي "في الأيام المقبلة" بتدريب الجنود الأوكرانيين على استخدام مدافع هاوتزر ام 777، الجيل الجديد من قطع المدفعية التي قرّرت الولايات المتحدة تسليمها لأول مرة للجيش الأوكراني.
وحتى لو لم يكن استخدامها مختلفا أساسا عن قطع المدفعية المألوفة لدى الجيش الأوكراني، فإن هذه المدافع تستخدم قذائف عيار 155 ملم التي تستخدمها دول الحلف في حين أن أوكرانيا لا تمتلك سوى قذائف عيار 152 ملم روسية الصنع.
من جهتها، بدأت القوات الروسية تشعر بآثار العقوبات على إمداداتها من الأسلحة ولا سيّما الصواريخ الموجهة، بحسب ما أشار مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية.
وقال المسؤول "كان للعقوبات تأثير على قدرة بوتين في إعادة الإمداد والتجهيز، خصوصا لجهة مكوّنات بعض هذه الأنظمة وصواريخها الموجّهة بدقّة".
وأضاف "هذا الأمر أثّر بشكل ملموس على بوتين. من ناحية أخرى، نعلم أنّهم يكافحون من أجل إعادة الإمداد من صناعتهم الدفاعية ويتساءلون عن مدى السرعة وإلى أيّ مدى يمكنهم تكثيف إنتاجهم من الأسلحة"، مشددا على أنّ "العقوبات لها تأثير على قدرتهم على القيام بذلك".
وتستخدم الأسلحة الحديثة الرقائق الإلكترونية التي تُعدّ تايوان وكوريا الجنوبية أهمّ منتجيها، وهما دولتان حليفتان للولايات المتحدة وأوقفتا تصدير هذه المنتجات إلى روسيا بموجب العقوبات الأميركية التي فرضت بعد غزو موسكو لأوكرانيا.
وفي الأثناء قال الرئيس الأوكراني فولوديمر زيلينسكي ومسؤولون كبار إن القوات الروسية بدأت هجوما جديدا على طول معظم الجناح الشرقي لأوكرانيا وإن "معركة دونباس" بدأت.
ويستعد الجيش الأوكراني للهجوم الروسي على جناحه الشرقي منذ أن سحبت موسكو قواتها من مشارف كييف ومن شمال البلاد في أواخر الشهر الماضي من أجل التركيز على هجوم في منطقة دونباس.
وقال زيلينسكي في خطاب بالفيديو "يمكننا الآن أن نقول إن القوات الروسية بدأت معركة دونباس التي يستعدون لها منذ فترة طويلة".
وقال سكرتير مجلس الأمن الأوكراني أوليكسي دانيلوف في تصريحات تلفزيونية "لقد بدؤوا (القوات الروسية) محاولتهم لبدء المرحلة النشطة هذا الصباح"، مضيفا "حاول المحتلون اختراق دفاعاتنا هذا الصباح على طول خط الجبهة بالكامل تقريبا في مناطق دونيتسك ولوغانسك وخاركيف".
وعززت روسيا قواتها في شرق أوكرانيا بالقوات التي سحبتها من شمال أوكرانيا وروسيا البيضاء، الحليف الوثيق للروس.
وفي منشور على فيسبوك، قالت قيادة القوات المسلحة الأوكرانية إن القوة العسكرية الروسية الرئيسية تركز على السيطرة الكاملة على منطقتي دونيتسك ولوغانسك، اللتين تشكلان ما يعرف بدونباس.
وكتب أندريه يرماك كبير موظفي الرئاسة الأوكرانية على تيليغرام "المرحلة الثانية من الحرب بدأت... نثق في جيشنا. إنه قوي للغاية".
ومهدت التعزيزات الروسية الطريق لمعركة مطولة يقول محللون عسكريون إنها ستلحق بالتأكيد خسائر فادحة بالجانبين بينما يحاول الروس تطويق المقاتلين الأوكرانيين المتحصنين للدفاع عن منطقة دونباس.
وبالتوازي مع التطورات الميدانية لا تزال الآمال معقودة على هدنة إنسانية ووقفا لإطلاق النار رغم أن كل المؤشرات تؤكد أنه بعيد المنال.
وقال منسق المساعدات الإنسانية بالأمم المتحدة مارتن غريفيث الاثنين إن وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية بين القوات الأوكرانية والروسية لا يلوح في الأفق في الوقت الحالي، لكنه قد يكون ممكنا في غضون أسبوعين.
أدلى غريفيث بهذه التصريحات خلال إفادة صحفية بمقر الأمم المتحدة في نيويورك حول محاولاته لترتيب وقف إطلاق نار في بعض أنحاء أوكرانيا حتى يمكن إجلاء المدنيين من المناطق المحاصرة وتقديم المساعدة التي هم في أمس الحاجة إليها.
وأدى غزو موسكو وهو أكبر هجوم على دولة أوروبية منذ عام 1945، إلى سقوط آلاف القتلى والمصابين. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من سبعة ملايين شخص نزحوا داخليا في أوكرانيا ويحتاجون إلى مساعدة عاجلة، وفقا للجنة الإنقاذ الدولية.
والتقى غريفيث مع مسؤولين كبار في موسكو وكييف هذا الشهر لمناقشة "تطلعات" الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية وسبل تحسين نظام لإخطار الجانبين بالإجلاء وتحركات الإمدادات الإنسانية.
وقال "في الوقت الحالي، إذا كان بإمكاني التحدث نيابة عن السلطات الروسية، فإنهم لا يضعون وقف إطلاق النار (في المناطق)... على رأس جدول أعمالهم... وقف إطلاق النار ليس في الأفق الآن. ربما يكون في غضون أسبوعين. ربما أطول قليلا من ذلك".
وقال غريفيث إنه سيسافر إلى تركيا هذا الأسبوع لإجراء مناقشات مع الرئيس رجب طيب أردوغان ومسؤولين آخرين بشأن احتمالات استضافة محادثات إنسانية بين أوكرانيا وروسيا، مضيفا "تمكنت تركيا من تقديم نفسها للجانبين كمضيف قيم ومفيد حقا لتلك المحادثات".
وقال إن مسؤولي الإغاثة في الأمم المتحدة يخططون لإرسال قافلة إنسانية في اليومين المقبلين إلى منطقة دونيتسك الشرقية وإرسال المساعدات من هناك إلى منطقة لوغانسك.