تقارير وتحليلات

ترسانة السلاح الإيراني..

ماذا سيفعل نظام طهران بقاعدة الصواريخ والطائرات المسيّرة في اليمن؟

لا وجود لهدنة من أجل الهدنة في وقت يستهدف الحوثيون من إعادة بناء قوتهم العسكرية وارتكاب المزيد من الاعتداءات في مناطق يمنيّة محددة، بما في ذلك تعز ومأرب

عدن

يبدو اليمن من الأماكن التي تستطيع فيها الإدارة الأميركية إيجاد فارق وتأكيد جدّيتها في إصلاح سلسلة من الأخطاء ارتكبتها في الماضي. هذه إحدى الخلاصات التي يمكن الخروج بها من زيارة الرئيس جو بايدن إلى المملكة العربيّة السعوديّة والقمم التي عقدها في جدّة والتي قال في أعقابها ما معناه أن على أميركا سد الفراغ الذي يمكن أن تملأه روسيا والصين.

عقد الرئيس الأميركي في جدّة محادثات مع غير مسؤول خليجي وعربي، خصوصا الأمير محمّد بن سلمان وليّ العهد السعودي الذي لدى بلده اهتمام خاص بإيجاد حلّ سياسي في اليمن.

في ضوء جولته التي شملت إسرائيل والسعوديّة، وبينهما توقف في بيت لحم في الضفّة الغربيّة المحتلة، يُفترض في الرئيس الأميركي أن يكون تعلّم شيئا عن اليمن وتعقيداته. ليس مضمونا أن يكون ذلك حصل في وقت يظهر أن تمديد الهدنة اليمنيّة التي بدأت في نيسان – أبريل الماضي الخبر المفرح الوحيد الآتي من اليمن.

في أثناء الهدنة، تغيرت أمور كثيرة. من بين ما تغيّر قيام مجلس القيادة الرئاسي برئاسة الدكتور رشاد العليمي مع ما يعنيه ذلك من تفعيل ما بقي من إدارة يمنيّة، فضلا عن التخلّص من رئيس مؤقت لم تكن من حاجة له في يوم من الأيّام. على العكس من ذلك، كان عبدربّه منصور هادي من بين الأسباب التي جعلت الحوثيين (جماعة أنصارالله) يتقدمون على معظم الجبهات ويحكمون حصارهم على مدينة مأرب فضلا عن استمرار الجمود في تعز. لم تلتقط مأرب أنفاسها مجددا إلّا بعد تدخل قوات العمالقة في كانون الثاني – يناير الماضي وتحريرها مناطق في محافظة شبوة من “جماعة أنصارالله” وكسرها للطوق المفروض على المدينة.

لا شكّ أن المبعوث هانس غروندبرغ، ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، يبذل جهودا كبيرة من أجل استمرار الهدنة ستة أشهر أخرى ومن أجل أن تكون مقدمة لمفاوضات ذات طابع سياسي يشارك فيها الحوثيون الذين يتبيّن كلّ يوم أنّهم ليسوا سوى أداة إيرانيّة.

بات في الإمكان إدراج الهدنة في باب الضرورة الحوثيّة، أقلّه في المدى المنظور، لكن ليس ما يضمن أن تكون الهدنة بوابة لولوج حلّ سياسي في اليمن البلد الذي فقد كل مقوّمات وجوده كدولة موحّدة منذ العام 2011. حصل وقتذاك انقلاب نفّذه الإخوان المسلمون على نظام الرئيس الراحل علي عبدالله صالح ذي الحسنات الكثيرة والسيئات الكثيرة أيضا. استغلّ الإخوان المسلمون، يمثلهم حزب التجمع اليمني للإصلاح، ما سُمّي “الربيع العربي” للانقضاض على نظام علي عبدالله صالح الذي عانى في السنوات الأخيرة من حكمه من تحولّه إلى شخص مزاجي في ظلّ حروب مستمرّة مع الحوثيين بدأت في العام 2004.

لا وجود لهدنة من أجل الهدنة في وقت يستهدف الحوثيون من إعادة بناء قوتهم العسكرية وارتكاب المزيد من الاعتداءات في مناطق يمنيّة محددة، بما في ذلك تعز ومأرب

كلّ ما فعله الإخوان المسلمون أنّهم سهّلوا التخلص من علي عبدالله صالح من دون إدراك للأبعاد التي ستترتّب على ذلك على صعيدين. الصعيد الأوّل أن الوحدة اليمنيّة كانت مرتبطة بالرجل وبوجود مركز للقرار في صنعاء. أمّا الصعيد الآخر، فهو يتمثّل في عدم استيعاب أنّ كلّ ما قاموا به يصب في خدمة الحركة الحوثيّة والمشروع الإيراني لا أكثر.

تكمن الأزمة اليمنيّة، إلى إشعار آخر، في أنّ لا جواب عن أي سؤال يتعلّق بما تريده إيران باستثناء أنّها تعتبر تحويل شمال اليمن إلى قاعدة صواريخ ومسيّرات تابعة لها. ما حقّقته إلى الآن هو بمثابة إنجاز ضخم لـ”الجهوريّة الإسلاميّة” في شبه الجزيرة العربيّة.

ماذا ستفعل إيران بقاعدة الصواريخ والمسيّرات التي باتت تمتلكها في اليمن؟ هذا هو السؤال الكبير الذي طرح نفسه قبل مجيء الرئيس جو بايدن إلى المملكة العربيّة السعودية وبعد حصول الزيارة.

ليس معروفا هل لدى الإدارة الأميركيّة جواب عن هذا السؤال الذي لا يهمّ السعودية فحسب، بل كلّ دولة من دول الخليج العربي أيضا. ما هو ثابت أنّ هناك استخفافا أميركيا بأهمّية ما يدور في اليمن، خصوصا بالنسبة إلى المملكة العربيّة السعوديّة في وقت تريد المملكة فعلا الانتهاء من حرب ذات طبيعة دفاعيّة أصلا.

على الرغم من التغيير النوعي الذي طرأ على الوضع الداخلي اليمني، يبقى الخوف الكبير في اليمن من المشروع الإيراني. إنّه المشروع الوحيد الذي يتقدّم من دون أن تدرك الإدارة الأميركيّة ذلك. لا تدرك الإدارة، خصوصا، أن “الجمهوريّة الإسلاميّة” غير مهتمّة على الإطلاق بما يحلّ باليمنيين بمقدار ما أنّها تعتبر بلدهم ورقة في المفاوضات الهادفة إلى عقد صفقة مع “الشيطان الأكبر” لرفع العقوبات الأميركيّة عنها.

هل بدأت إدارة بايدن تعي هذا الواقع الذي يُفترض أن يجعلها تسأل، أو أقلّه محاولة معرفة ما الذي تريده إيران من اليمن، وهل هناك اهتمام حوثي حقيقي بحلّ سياسي في ظلّ موازين القوى العسكريّة القائمة الآن؟

يبدو مثل هذا النوع من الأسئلة أكثر من ضروري  في حال كانت الإدارة الأميركيّة تسعى بالفعل إلى استيعاب الخطر الناجم عن تمديد الهدنة بشكل مستمر بما يسمح للحوثيين بإعادة بناء قوتهم العسكرية. يحصل ذلك في وقت يبدو في كلّ يوم أنّ ثمّة حاجة إلى تغيير للوضع على الأرض. يمثل مثل هذا التغيير الذي تحتاج إدارة بايدن إلى فهمه، ضرورة  لا بدّ منها في حال كان مطلوبا الوصول إلى حلّ سياسي يوما.

في النهاية، لا وجود لهدنة من أجل الهدنة في وقت يستهدف الحوثيون من إعادة بناء قوتهم العسكرية وارتكاب المزيد من الاعتداءات في مناطق يمنيّة محددة، بما في ذلك تعز ومأرب. إذا كان من نصيحة إلى إدارة بايدن، فإنّ هذه النصيحة تتعلّق بالهدف الإيراني في اليمن. الهدف خلق أمر واقع وتكريس وجود كيان سياسي تابع لـ”الجمهوريّة الإسلاميّة” في شبه الجزيرة العربيّة. هل تعي إدارة بايدن، التي تدّعي أنّها تغيّرت، أبعاد هذا الخطر على كلّ دولة خليجية وعلى الاستقرار في إحدى المناطق الحيوية في العالم؟

"اليوم الثامن": التغير الديمغرافي في الجنوب نتيجة متداخلة لعوامل سياسية واقتصادية واجتماعية معقدة


إيران تهدد برد "حاسم ومؤلم" على إسرائيل قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية (ترجمة)


الانتخابات الأمريكية 2024: صراع على مستقبل البلاد بين رؤيتين متناقضتين


إيران تعلن مقتل "إرهابي على صلة بإسرائيل" وتلوّح بتصعيد في كردستان العراق