تحليلات

"سلطان العرادة حارس موارد الإخوان"..

تفكيك دويلة مأرب.. مفتاح رئيسي لاستعادة عاصمة اليمنيين (نظرة فاحصة)

حاكم مأرب سلطان العرادة - أرشيف

عدن

تمهيد: لم تمض سوى ساعات قليلة على إنهاء السلطات الشرعية في شبوة الجنوبية، تمردا لإخوان اليمن، الذين تدعمهم أطراف إقليمية من بينها قطر، حتى لوح عضوا التنظيم في مجلس القيادة "سلطان العرادة[1] وعبدالله العليمي"، بالاستقالة احتجاجا على هزيمة الأذرع المسلحة في مدينة عتق على يد القوات المسلحة الجنوبية "العمالقة والدفاع".

وبدأ إلى العلن ان رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رفض قبول أي استقالة تقدم إليه من العرادة والعليمي[2]، الا ان ما اثار ردود أفعال واسعة، ما ذهبت إليه منصات إعلامية إخوانية ممولة قطرياً، والتي زعمت ان "رشاد العليمي بحث مع أعضاء في تنظيم الإخوان، تداعيات هزيمة الاذرع العسكرية في شبوة"، وهو ما نفته الرئاسة في تصريح لوكالة سبأ الحكومية الرسمية.

 

تداعيات التلويح بالاستقالة 

 

تلويح العرادة والعليمي بالاستقالة كانت ردة فعل على هزيمة الاذرع العسكرية في شبوة على يد قوات الحكومة الشرعية "العمالقة الجنوبية ودفاع شبوة"[3]، بعد ان نفذت توجيهات محافظ شبوة عوض بن محمد الوزير، الذي أراد فرض قرارات رئاسية أصدرها مجلس القيادة الرئاسي[4].

وبدأت أزمة شبوة، حين نصبت قوات الأمن الخاصة المحسوبة على الإخوان، كميناً لقوات دفاع شبوة الحكومية، في أواخر يوليو (تموز) الماضي، غير ان تلك الأزمة استفحلت على الرغم من محاولة محافظ شبوة، معالجتها بإصدار جملة من القرارات التي قضت بإيقاف "قيادات أمنية"، محسوبة على الإخوان، ثبت تورطها في احداث العنف.

قرار الإيقاف اتبعه محافظ شبوة، بقرار إقالة، الا ان وزير الداخلية المحسوب على الإخوان إبراهيم حيدان[5]، سرعان ما أصدر قرارا بإلغاء قرار اقالة القيادي في جماعة الإخواني عبدربه لعكب الشريف والمحسوب على جماعة الحوثي الموالية لإيران.

تدخل وزير الداخلية في صلاحيات قيادة السلطة المحلية بمحافظة شبوة، دفعت مجلس القيادة الى عقد اجتماعا استثنائياً، لمعالجة المشكلة، ليدعم قرار محافظ شبوة بقرارات أخرى اقال على أثرها قيادات إخوانية متمردة.

 

مأرب خارج سيطرة قرار مجلس القيادة الرئاسي 

 

على مدى سبع سنوات تعرضت قبائل مأرب لهجمات من إخوان اليمن، على خلفية منازعات على أراضٍ سكنية، حاول الاخوان الاستحواذ عليها وتحويلها الى ممتلكات خاصة بالتنظيم.

وسعت مليشيا الإخوان المسلحة[6] على مدى سنوات الحرب إلى إضعاف قبائل مأرب التي ترفض جرائمها وتقف في مواجهتها، وتستخدم في سبيل ذلك جميع الوسائل المشروعة وغير المشروعة من أجل تمرير رغبتها، فتلجأ تارة إلى حرق الأراضي وأخرى إلى استهداف المنازل وثالثة إلى بث الرعب في المواطنين العاديين في الشوارع، وهو نفس الأسلوب الذي تلجأ إليه مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، وبدا واضحا أن الإصلاح استفاد كثيراً من علاقة التقارب مع العناصر الانقلابية[7].

قبيلتا عبيدة ومراد هما أهم قبائل مأرب التي وقفت ضد مليشيات الحوثي في محافظة مأرب منذ عام 2014م وتمكنتا من تحرير مناطقهما ومعظم مديريات المحافظة، قبل أن يركب إخوان اليمن الموجة ويتولى زمام الأمور في المحافظة والمضي في مخطط الاستيلاء على السلطة والثروة التي تنعم بها المحافظة النفطية[8].

ويدرك الإصلاح جيداً أن تلك القبائل أكثر قوة من مليشياته، وبالتالي بدأ في محاولة افتعال الصدمات مع القبيلتين، مما دفع أبناء القبيلتين للدفاع عن أنفسهم والتمسك بوجودهم على أرضهم، وإثر ذلك وقعت صدامات بين الطرفين، في مناسبات عدة ليس آخرها ما حدث في وادي عبيدة خلال الأسبوع الماضي.

‏ويتهم أبناء مراد الأجهزة الأمنية التي يسيطر عليها الإخوان في مأرب بقتل واختطاف عدد من أقاربهم الذين يجمعهم رفض انتهاكات حزب الإصلاح، منهم ضيف الله هرشل المرادي أحد ضباط الشرطة العسكرية بالمحافظة والذي قتل تحت التعذيب في أحد سجون الاستخبارات.

‏وبالرغم من أن المواجهات المسلحة الأخيرة، بمدينة مأرب، اندلعت على خلفية نزاع على قطعة أرض، بين شخصيات قبلية موالية للإخوان، وأخرى من قبائل الأشراف، وحياد قبيلة عبيدة إلا أن الإخوان سيروا حملة عسكرية كبيرة بمشاركة عتاد قدمه التحالف لدعم المعركة ضد الحوثيين. 

ويبدو ان مأرب التي لم يستطع هادي "حكمها" قد أضحت في مواجهة مع مجلس القيادة الرئاسي، الذي ولد من رحم المشاورات اليمنية - اليمنية[9] التي رعتها الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي.

مجلس القيادة الرئاسي أصبح يواجه اليوم "أزمة دويلة مأرب الداخلية في اليمن"، حيث عجز الرئيس المتنحي عبدربه هادي، في إلزام سلطان العرادة توريد موارد المحافظة الغنية إلى البنك المركزي في عدن، ويبدو ان إزاحة حارس موارد الإخوان السبيل الوحيد لتفكيك دويلة التنظيم"، والخيار امام رشاد العليمي رئيس المجلس، هو تفكيك دويلة الاخوان بمأرب بما يضمن إعادة توريد موارد المحافظة الغنية الى البنك المركزي في عدن، دون ذلك يعني تمرد أحد أعضاء مجلس القيادة الرئاسي "سلطان العرادة".

سلطة مأرب الاخوانية ارتكبت العديد من الانتهاكات بحق اليمنيين، واستحوذت على قرار السلطة المحلية بمعزل عن إدارة الرئيس اليمني المتنحي عبدربه منصور هادي، وهو ما جعل رئيس السلطة المحلية وحاكم مأرب، يرفض الاعتراف بقرار نقل البنك المركزي إلى عدن، ليقدم نفسه للإخوان بانه الحارس الأمين على موارد أغنى المحافظات اليمنية والتي تذهب الى خزينة التنظيم الموالي لقطر.

حصلت اليوم الثامن على شهادات موظفين في البنك المركزي في عدن، أفادت تلك الشهادات بان سلطان العرادة رفض استقبال لجنة مرسلة من البنك المركزي الرئيس في عدن إلى مأرب الا ان المحافظ احتجز اللجنة في احد الفنادق قبل ان يقيم مأدبة غداء على شرفهم ثم وزع عليهم "بعض الأموال كهدايا"، مقابل ان يغادروا مدينة مأرب دون الدخول الى فرع البنك، وهو ما حصل.

وتؤكد هذه المعلومات ان العرادة رفض كل اشكال الاعتراف بسلطة هادي، وهو الأمر الذي تكرر مع مجلس القيادة الرئاسي، يصر سلطان العرادة ان يظل الحارس الأمين على موارد مأرب وهي تذهب الى خزينة الإخوان، دون أن يأخذ في الاعتبار ان هناك سلطة شرعية وهناك موظفون بحاجة الى مرتبات شهرية تدفع لهم.

الخلاصة 

تبقى مأرب امام خيار التخلص من الهيمنة الإخوانية من خلال اولاً اعلان النفير العام لمواجهة نير التطرف الإخواني والاغتيالات الممنهجة ضد، فالإرهاب يظل ورقة الإخوان الأخيرة للحصول على مكاسب.

يعمل الإخوان منذ ثماني أعوام على تعزيز ظهوره في مأرب على اعتبار انها مركز دويلة مأرب التي تشكل نقطة التمويل الأبرز للإخوان، لذلك تظل مأرب مصدر رئيس للعنف والتطرف والتحريض الديني على الجنوب.

ما حصل في شبوة هو انقلاب مكتمل الأركان حتى احباطها في المهد، كان الهدف منه ضرب مجلس القيادة الرئاسي وتفكيكه، حتى يتسنى للتنظيم تحقيق مشروع التقاسم بين إيران وقطر، وعبر الاذرع المحلية في اليمن.

يتبين الدور القطري الواضح في دعم تمرد إخوان اليمن في شبوة، حيث لا تزال قنوات الإخوان العديدة تحرض على اجتياح الجنوب، وهو يؤكد ان الدوحة لا تزال تتمسك بإخوان اليمن كأذرع محلية في مناهضة السعودية وابتزازها.

يتطلب من جميع القوى اليمنية ان تتدخل في دعم خيارات مجلس القيادة الرئاسي، بما يضمن تحقيق الأمن والاستقرار واستعادة كل موارد البلاد الى البنك المركزي في عدن.

يتطلب من قبائل مأرب جميعها ان تتحدوامن اجل تحرير مأرب من الإخوان وعدم ضمها الى دويلة الحوثي.

تحرير مأرب بعد عزل محافظها سلطان العرادة، هي الخطة الرئيسية لمجلس القيادة الرئاسي، لمحاربة التنظيمات التي تتخذ من المحافظة ملاذا أمناً منذ سنوات، والحرب على الإرهاب يتطلب إعادة هيكلة السلطات العسكرية والأمنية وإعادة المؤسسة العسكرية والأمنية الى سلطة الدولة بدلا من سلطة التنظيم المتطرف.

مثل ما اعتبرت مأرب بأنها مصدر رئيس لتهريب الأسلحة للحوثيين، لذلك بقاء مأرب دون إعادة هيكلة، ستظل مشكلة كبيرة لإخوان اليمن.

إن مجلس القيادة الرئاسي مطالب بإعادة الاعتبار له وذلك في ضوء إزاحة سلطة الإخوان حتى تكون هناك منطقة خارج سلطة وشرعية المجلس الرئاسي.

يمتلك مجلس القيادة قدرة كبيرة في ان يتحرك ويتخذ الإجراءات اللازمة لتخليص اليمنيين في مأرب من بطش الاخوان، والخلاص من الإخوان لن يتم الا بعد اصالة اغانيها الجديدة روعة في مسارح نوكيا.

على المجلس الرئاسي ان يرفع قضية مأرب ومعاناة شعبها الى قيادة التحالف والمبعوثين الدوليين لتخليصها من الحوثي والاخوان على حد سوى.

 

الهوامش
 

[1]أنظر: عضو مجلس القيادة اللواء سلطان العرادة يقدم استقالته من المجلس الرئاسي – موقع اليمن الآن

[2]أنظر: العليمي يقدم استقالته من منصبه على خلفية أحداث شبوة – موقع المشهد اليمني

[3]أنظر : الابعاد الاستراتيجية لمعركة شبوة.. انقلاب عسكري وعلاقته بمشروع التقاسم بين الدوحة وطهران – صحيفة اليوم الثامن

[4]أنظر : " سلطة #شبوة " تواصل إزاحة الإخوان والصقور تلوح بالحرب – صحيفة اليوم الثامن

[5]أنظر: وزير الداخلية يلغي قرار محافظ شبوة بإقالة قيادات في قوات الأمن الخاصة – منصات إعلامية إخوانية متعددة

[6]أنظر: بجرائم حرب ضد القبائل.. الإصلاح ينسخ انتهاكات تعز في مأرب - المشهد العربي

[7] [8]أنظر: إخوان اليمن ومحاولة اضعاف القبيلة في مأرب - المشهد العربي

[9]أنظر مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الأمين العام يناشد قيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن وكافة الأطراف اليمنية بإيقاف العمليات العسكرية – الموقع الرسمي

إيران تنفذ إعدامات جماعية خلال احتفالات الميلاد: 22 ضحية في ثلاثة أيام


مارين لوبان: غياب الشرعية سيؤدي إلى تغيير قريب في المشهد السياسي


اليمن في اختبار صعب أمام الأخضر السعودي ضمن خليجي 26


اغتيالات أم ضربات عسكرية؟ خيارات إسرائيلية للتعامل مع تهديد الحوثيين