تقارير وتحليلات

"اليوم الثامن" تقدم قراءة تحليلية حول دويلة مأرب..

التنظيمات الإرهابية.. السيناريوهات الأخيرة للإخوان المسلمين في اليمن

زعماء إخوان اليمن في مواجهة الجنوب - أرشيف

الرياض

تعد ولاية مارب الحضن " الدافئ الملاذ الأخير" للتنظيمات الاخوانية والارهابية في اليمن فبعد أن أصبحت الحواضن الست (السياسية، والدينية، والقضائية والتشريعية والعسكرية والقبلية) للتنظيمات الإرهابية الدولية في اليمن في مرمى التحالفات العربية، حين تجلت مواقفها التأمرية والعبثية ضد التحالف العربي على الرغم من نداءات القيادة السياسية في المجلس الانتقالي الجنوبي والقوى الحرة في الميدان المتكررة مجذرة من تلك التحالفات المشبوه التي لم تكن وليدة اللحظة بل كانت متجذرة منذ مطلع التسعينيات من القرن الماضي.

فمنذ تلك اللحظة وهم يؤطدون أقدامهم ونفوذهم في مؤسسات الدولة اليمنية، لكونها فرصتهم الوحيدة لقيام دولتهم الإسلامية المنشودة وهذا ما لم يحصلوا عليه في أي موطن عربي آخر ومن المعلوم أن الدولة العربية جميعا رفضت استقبال الأفغان العرب بعد رحلتهم الجهادية القتالية ضد النفود السوفيتي في دول أوروبا فكانت أفغانستان منطقة الحشد الكبير للقوات المقاتلة من كل أنحاء العالم لإسقاط الاتحاد السوفيتي لمصلحة التدخل الأمريكي . 

وبعد أن انتصروا على شريك الوحدة بعد حرب صيف 94م تحولت قياداتهم وأمرائهم وجنودهم المقدرة عددهم  بأكثر من 10 الف مقاتل ومن حينها أصبحوا شركاء في السلطة والثروة ، فقد ورثت تلك التنظيمات والمليشيات العسكرية والقبلية والدينية المتطرفة مقدرات دولة الجنوب منذ حرب صيف 94م وحصلوا على كثير من الامتيازات السياسية والعسكرية في معظم مفاصل الدولة وفي مقدمتها القوات العسكرية والامنية والسلطتين القضائية والتشريعية، وفي الأشهر المنصرمة من هذا العام بدا التحالف العربي يدرك تلك الدولة العميقة التي تتسيدها التنظيمات الارهابية تحت الغطاء السياسي المتمثل في الشرعية اليمنية جناح الاخوان المسلمين. 

رغم مخرجات مشاورات الرياض والقرارات التي انبثقت منها تم حللت عدد من تلك الدعائم ممثلا باللواء علي محسن الأحمر الممثل الرئيس للقوات العسكرية المشبوه وكذلك القاضي المشرع للعصابات الاجرامية الإرهابية الذي كان يشغل اهم المناصب الحساسة في السلطة القضائية وعدد كبير من القيادات الاخوانية التي تعمل ليل نهار في افشال المشروع العربي والعمل لتوجهات دولية وإقليمية معادية لقضايا الامة. 

فمن المعلوم أنه حين بلغت حظوظ التنظيم ذروتها عام 2015 عندما أنشأ كيان يشبه الدولة في مدينة المكلا الساحلية الشرقية، ومحافظتي عدن ولحج وابين مستفيدًا من الفراغ الأمني والإمكانات الكبيرة التي حصل عليها في ظل الحرب المتزايدة وشكل تداخل و تدويل الحرب الأهلية اليمنية. كان بتساهل ودعم من تلك الحواضن التي تعد وتخطط وتنفذ لكونها تملك النفوذ السلطة والثروة .

رغم تلك الظروف التي تهيأت لتلك التنظيمات الإرهابية إلا أن السنوات الخمس الماضية شهدت تراجعه المطرد. واليوم، لم يعد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب قادرًا على حكم المحافظات الجنوبية التي يوجد فيها أو يسيطر على أراضي أو حتى يعمل بفعالية في الخفاء. لقد كانت يقظة القيادة السياسية لشعب الجنوب في المرصاد لتلك التنظيمات وخاضت معها حرب ضروس ودامية خسر فيها أبناء الجنوب الالاف الشهداء والجرحى وتدمرت العديد من البنى التحتية والخدمية لمناطقهم لاسيما في العاصمة عدن ومحافظة ابين وحضرموت التي لا يكاد يوما واحدا يمر دون ان تحصل هناك عملية انتحارية او اغتيال او اشتباك مسلح. 

وفي المناطق الشمالية كانت القبيلة في اليمن لها سلطة فعلية في ظل وجود الدولة واثناء انهيار الدولة المركزية ترى القبيلة أن لها الحق في الاستفادة من موارد المنطقة، وتتحمل مسؤولية الحفاظ على أمنها وأمانها، وحمايتها من الغزاة والمسلحين أو الأفراد أو الجماعات التي قد تتسبب في إشعال الفتن. وتندرج المدن والقرى تحت هذا النظام، مع اختلاف وضعها أحيانًا. فبعضها، مثل صنعاء، تُعتبر هجرة أو منطقة آمنة ومحايدة، لا يُسمح الاقتتال بين القبائل فيها. والبعض الآخر، مثل ذمار، تخضع لسلطة قبيلة معينة، في حين تنقسم مدن أخرى، مثل رداع، بين عدة قبائل.

لقد تكشفت الأقنعة التي تقنعها-التجمع اليمني للإصلاح فرع الإخوان المسلمين في اليمن.. منذ الرحلة المكوكية لأفغان العرب من ارض أفغانستان في مطلع التسعينات من القرن الماضي..

والمتأمل في تاريخ تلك الحركة الإرهابية كيف اندمجت في الدولة والمجتمع اليمني اندمجا في سبيل تحقيق أهدافهم الاستراتيجية والمتمثل في استعادة الخلافة الإسلامية المنشودة في أدبيات أحزابهم بمختلف تشكيلتها الإخوان القاعدة داعش أنصار الشريعة. 

وفي دراسة سابقة تناولت التنظيمات الارهابية الدولية في اليمن نشأتها ومراحل تطورها تبين أن تلك التنظيمات حصلت على عدد من المؤسسات في الدولة وكان أبرزها.

1- الشراكة في المؤسسات العسكرية وكانت لهم أولوية ومناطق عسكرية في محافظات اليمن ومن ضمنها محافظات الجنوب

2- استيلاءهم الكامل على مفاصل المؤسسات القضائية منذ حرب 94م حتى تاريخ عزل اخر قائد لهم القاضي حمود الهتار.

3- التمسك والشراكة في المؤسسات التعليمية حيث مازالت تلك المؤسسة حصرية بهم وهذا مؤشر خطير جدا على الأجيال القادمة .

4- السلطة السياسية والتشريعية كانت تحت عباءة التجمع اليمني للإصلاح الذي شارك في انتخابات 93م وحصل على المرتبة الثانية في المجلس التشريعي بنصاب 64 مقعد متقدما على خصمه اللدود الحزب الاشتراكي اليمني.. ولم يكتف بذلك بل صعد لحصد النصف بحسب الاتفاق مع شريك الحرب الآخر المؤتمر الشعبي العام فكانت حرب 94م نتيجة لتلك النتائج .

لقد حصلت تلك التنظيمات الارهابية المؤدلجة على جزء كبير من الاستثمارات والثروات لاسيما في الأرض المفتوحة والمقدسة بالنسبة لهم فكانت استثمارات الأسماك والنفط والمعادن الثمينة والأحجار الكريمة والمساحات الكبيرة من عقارات الدولة الجنوبية التي هي في نظرهم غنائم من بقايا الدولة الملحدة..

وها نحن بعد ثلاثين عاما مازالت تلك التنظيمات المتطرفة مسيطرة على أجزاء كبيرة من ارض الجنوب. وكما لاحظناه في حرب شبوة الاخيرة كيف كانت صيحاتهم وذعرهم من فقدان تلك الامتيازات الممنوحة لهم والتي تشير كثير من التقارير أنها تستخدم تمويلا للتنظيم الدولي وتعد مصادر تمويل رئيس للأعمال المشبوهة ..

لقد أظهرت المليشيات الإخوانية في محافظة شبوة ثلاثة أفعال تكفي لوحدها أن تدينها.( الممارسات الإرهابية ضد أبناء شبوة،  التواطؤ مع المليشيات الحوثية بل ودعمها لوجستيا وماديا ، مقاومة السلطة المحلية والمجلس الرئاسي والتحالف العربي.

كل تلك الممارسات كانت تصدر مع سبق الإصرار ولم تكن المسألة مسألة طيش أو نزغ مما يدل على أن تلك التنظيمات لها ارتباطات محلية وإقليمية وتعمل بنهج وتخطيط مسبق وما يعزز ذلك أنه بعد أعقاب إجهاض التمرد الإخواني المسلح في المحافظة، انتقلت المليشيات الإرهابية إلى مرحلة أكثر حدة وتطرف دون أن تقتصر على استهداف الجنوب لكنها تمادت في توجيه رسائل تهديد واضحة لدول مجلس التعاون الخليجي.

وقد كشف البيان السياسي الذي أصدره التجمع اليمني للإصلاح الغطاء السياسي لتلك التنظيمات والمليشيات العسكرية المشبوهة علاقة تلك التنظيمات لها بل ودعمها سياسيا مما يثير الريبة والشك في مصداقيته في المشاركة في الحكومة الحالية وهذا ما يدعو إلى إعادة النظر في تحالفات المرحلة.

وفي هذا الصدد أدانت معظم الأحزاب السياسية والشخصيات الاجتماعية والحقوقية والأكاديمية تلك الأعمال الإجرامية التي تصدر ممن يدعون أنفسهم شركاء في استعادة الشرعية ومحاربة العدو المشترك والمتمثل في المليشيات الحوثية.

مما سبق تبين أن التنظيم في وضع سيئ، ولكن يجب عدم التهاون. فقد كان التنظيم في موقع المهزوم من قبل: عام 2012 بعد إجباره على الخروج من “إمارته” الصغيرة في أبين وشبوة؛ ومرة أخرى عام 2016 بعد انهيار كيانه الذي يشبه الدولة في المكلا وحين تعرض لهجمات مكثفة بطائرات دون طيار كبدته خسائر في أرواح كبار قادته العسكريين والروحانيين. إلا أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب لديه القدرة على البقاء إذ يتطور ويتعلم ويتكيّف. وفي حين يمكن قتل المقاتلين الجهاديين أو اعتقالهم أو انشقاقهم، لا يمكن القضاء على الأيديولوجية الجهادية. وبالتالي، لا يمكن القضاء حقًا على هذا التهديد، وإنما إدارته فقط.

السيناريو الأخيرة للإخوان المسلمين في اليمن 

بعد ان تتالت الهزائم في الحافظات الجنوبية وكذلك في محافظة البيضاء اليمنية والحوثيين يطوقون الخناق من جهة اليمن الشمالي لم يتق للإخوان المسلمين وحلفاءهم من التنظيمات الإرهابية الا إحدى السيناريوات الاتية :

  1. التمرد العسكري والقبلي رغم أنهم قد حالوا تنفيذ هذه التجربة في شبوة لكنهم باءوا بالفشل ولديهم محاولات أخرى في حضرموت والمهرة ومارب.
  2. قد يقدمون على تعزيز التحالفات مع مليشيات الحوثي بشكل أوسع (عسكريا أو اقتصاديا أو أمنيا أو استخباراتيا علما أن هناك اتفاقيات سابقة معلنة اتفاق السلم والشراكة وكذلك اتفاقية مران 2014م وكذلك الاتفاقيات في التنسيق المشترك في العمليات الإرهابية ضد شعب الجنوب كما جرى في عدن وجبهات واسقاط مديريات بيحان، وقد تصنع تلك التنظيمات قضية مشتركة مع المزيد من الميليشيات الرئيسية النشطة في حرب اليمن، سواء على أساس اختيار براغماتي أو ضرورة عملية. هناك عدة مجالات تتداخل فيها المصالح الجهادية مع المصالح السياسية والاقتصادية والجنائية المتنوعة التي تشمل الاستفادة من الحرب،
  3. إذكاء التوترات داخل التحالف الذي تقوده السعودية، وإفساد الطموحات الديمقراطية، وإفشال اتفاق الرياض المبرم عام 2019، ومشاورات الرياض 2022م وسحق الآمال في إقامة دولة جنوبية منفصلة، والتي يعتبرها الجهاديون حدودًا من صنع الإنسان تقسّم الأمة وتعود بها إلى أيام الاشتراكية الملحدة.

 

  وفي الختام نقدم عدد من التوصيات الاتية: 

  1. وضع استراتيجية شاملة لمواجهة التنظيمات الدولية الإرهابية في اليمن (القاعدة، داعش، الاخوان المسلمين) من كافة الجوانب.
  2. تطوير الخطط الأمنية لمواجهة الخطر الناجم عن (ظاهرة الإرهاب) وزيادة الوعي المجتمعي بسبل التعامل مع تلك الظاهرة وتصحيح المفاهيم المغلوطة التي تستغلها التنظيمات الإرهابية في جذب عناصر جديدة.
  3. تطوير الخطاب الديني والمناهج التعليمية ونزعها من يدي الاخوان المسلمين علما أن تلك القناتين المهمتين في يدي الاخوان منذ حرب صيف 94م .
  4. حظرت السلطات على كافة القيادات الاخوانية في اليمن سواء اكانت سياسية او عسكرية او مدنية والعمل على إعلانها جماعة إرهابية لاسيما بعد البيان الأخير الذي يشرع للمتردين ضد شرعية المحافظ الوزير.

"اليوم الثامن": التغير الديمغرافي في الجنوب نتيجة متداخلة لعوامل سياسية واقتصادية واجتماعية معقدة


إيران تهدد برد "حاسم ومؤلم" على إسرائيل قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية (ترجمة)


الانتخابات الأمريكية 2024: صراع على مستقبل البلاد بين رؤيتين متناقضتين


إيران تعلن مقتل "إرهابي على صلة بإسرائيل" وتلوّح بتصعيد في كردستان العراق