تحليلات
مزاعم فارغة..
تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية.. هل تضبط العلاقة المتوترة بين السعودية وواشنطن؟
الرئيس الأمريكي تعهد بالسعي إلى إعادة ضبط العلاقة خلال زيارته السعودية الشهر الماضي. لقد حان الوقت لاستكمال ما بدأه
أشار الباحثان جوناثان شانزر وماثيو زويغ من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات إلى أن زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن المملكة العربية السعودية الشهر الماضي لم تنتج تطوراً كبيراً في العلاقة بين الطرفين، وغياب الثقة مستمر.
الرئيس الأمريكي تعهد بالسعي إلى إعادة ضبط العلاقة خلال زيارته السعودية الشهر الماضي. لقد حان الوقت لاستكمال ما بدأه مع ذلك، بإمكان إدارة بايدن اتخاذ خطوة أحادية الجانب لا تساعد فقط في رأب الصدع بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية بل أيضاً في تصحيح خطأ في السياسة الخارجية: إعادة تصنيف أنصار الله المعروفين باسم الحوثيين على لائحة الإرهاب. إذا كانت واشنطن جدية في إعادة ضبط العلاقة مع السعودية فالتحرك ضد الحوثيين هو أفضل رهان.
عودة إلى المسار الصحيح
كتب شانزر وماثيو في موقع "1945" أن السعوديين سيفرحون بهذه الخطوة. يواصل الحوثيون شن حرب وحشية للسيطرة على اليمن. حالياً يستخدمون وقفاً هشاً لإطلاق النار لعادة التسلح والتمول بفضل إيران استعداداً لجولة أخرى من القتال. حين ينتهي وقف إطلاق النار بشكل حتمي، من المؤكد أن تستأنف المجموعة مهاجمة السعودية. إن الاعتراف بهذه الحقائق عبر مناورتين بيروقراطيتين مباشرتين سيضع السياسة الأمريكية على المسار الصحيح ويساعد فوراً في إعادة بناء الروابط مع المملكة الغنية بالطاقة.
مراجعة سريعة
يستحق التاريخ الحديث مراجعته بشكل وجيز. في يناير (كانون الثاني) 2021، صنفت إدارة ترامب الحوثيين على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية وككيان إرهابي مصنف تصنيفاً خاصاً. حينها، أعلن وزير الخارجية السابق مايك بومبيو أنه لو لم يتصرف الحوثيون كمنظمة إرهابية لما كانت واشنطن قد صنفتهم كذلك. تضمن الدليل الدعم الذي يتلقاه أنصار الله من الحرس الثوري وهو نفسه مصنف منظمة إرهابية.
عكست إدارة بايدن بشكل شبه فوري قرار إدارة ترامب في فبراير (شباط) 2021 ذاكرة مخاطر تفرضها العقوبات على المساعدات الإنسانية في اليمن الممزق بفعل الحرب. عبر فعل ذلك، تجاهل البيت الأبيض نشاطات الحوثيين أنفسهم. بعد سلسلة من الهجمات البارزة التي أطلقها الحوثيون منذ ذلك الحين، بما فيها تلك التي طالت منشآت نفط سعودية، تراكم الضغط على البيت الأبيض لإعادة إدراج الحوثيين على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية وتصنيفهم كياناً إرهابياً مصنفاً تصنيفاً خاصاً.
لقد هددت ميليشيا الحوثي بشكل متكرر الملاحة الدولية واستهدفوا منشآت الطيران المدني ومن ضمنها تلك التي يستخدمها المواطنون الأمريكيون كثيراً. فقط في الشهر الماضي، صادرت السلطات البريطانية صواريخ كانت متوجهة من إيران إلى اليمن فأحبطت هجوماً كبيراً. لا عجب في مطالبة السعوديين والإماراتيين ونشطاء حقوقيين يمنيين بإعادة تصنيف ميليشيا الحوثي بما أنهم في مرمى العنف الحوثي. هم يشيرون بشكل صحيح إلى أن إرهاب الحوثيين ازدادء سوءاً بشكل مطرد منذ زلة السنة الماضية. بعد الخطوة المشؤومة برفع التصنيف، انخرطت المجموعة في عنف أكبر لا أقل، يؤكد الكاتبان.
خطوة ديبلوماسية ذكية.. وأكثر
ليس التحرك ضد الحوثيين مجرد ديبلوماسية ذكية وحسب. إعادة فرض التصنيفين ستعزز قدرة واشنطن على استهداف الحوثيين مالياً وسياسياً. يفرض التصنيف على لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية حظراً على تأشيرة الدخول ويلزم البنوك الأمريكية بحظر أصول المنظمة ويضع تطبيقاً خارج الحدود الإقليمية للحظر الجنائي على أي أفراد أمريكيين يوفرون لها الدعم المادي. ويمكّن التصنيف الخاص وزارة الخزانة من استهداف ممولي الإرهاب الذين يدخلون النظام المالي الأمريكي. في 2019، وسّعت إدارة ترامب سلطة الاستهداف لتشمل فرض عقوبات ثانوية على الأفراد والأعمال الذين يسمحون لكيان مصنف تصنيفاً خاصاً باستخدام خدماتهم.
بايدن كبل نفسه
حالياً، تابع الباحثان، إن قرار إدارة بايدن إبقاء الحوثيين خارج قائمة الإرهاب هو قرار سياسي محض. لقد استخدم البيت الأبيض بشكل متكرر كلمة "إرهابية" لتوصيف هجمات الحوثيين. إدارة بايدن مكبلة بسياستها الخاصة وتخشى التراجع عن قرار متسرع ذي دوافع داخلية. لقد تم تصميم الخطوة الأساسية لاسترضاء التقدميين في الكونغرس الذين لديهم مشكلة شخصية مع الرياض والذين احتفلوا بتفكيك أي سياسة نفذها ترامب.
مزاعم فارغة
إذا نظر المراقبون إلى الوراء فسيجدون أن ادعاء الإدارة بكون شطب الحوثيين عن لائحة الإرهاب سيمكن المساعدات من التدفق بطريقة أسهل هو ادعاء فارغ. يعترف البيت الأبيض الآن بأن الحوثيين هم من اللاعبين الذين يحجبون هذه المساعدات. ثمة آليات وافرة لإدارة تدفق المساعدات الإنسانية في اليمن. وهي تشمل سلطة وزارة الخزانة لترخيص المعاملات التي قد تتعارض مع العقوبات وآلية وزارة الخارجية لإعفاء التعاملات الإنسانية.
ماذا لو فوّت الفرصة؟
أضاف الباحثان أن الرئيس الأمريكي تعهد بالسعي إلى إعادة ضبط العلاقة خلال زيارته السعودية الشهر الماضي. لقد حان الوقت لاستكمال ما بدأه. للبيت الأبيض فرصة لتصحيح سياسة خاطئة والوفاء بوعد التصدي لنشاطات إيران الخبيثة في المنطقة. إذا فشلت إدارة بايدن بفعل ذلك، فسيتوجب على الكونغرس إصدار تشريع يفرض عقوبات على الحوثيين بالتوازي مع ضمان تدفق المساعدات الإنسانية في اليمن.
وطالبت منظمة حقوقية يمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالتدخل العاجل لإنقاذ 15 مختطفاً في أحد سجون ميليشيات الحوثي الإرهابية في صنعاء.
وقالت رابطة أمهات المختطفين، في بيان أمس، إن المختطفين يتعرضون لمعاملة سيئة وإجراءات تعسفية منذ أكثر من أسبوعين، بحسب بلاغ للأهالي.
وأضافت أن المختطفين يتعرضون للاعتداء اللفظي والجسدي والسجن الانفرادي وتقليل وجبات الطعام إلى وجبة واحدة، وحرمان المرضى منهم من أدويتهم، والسماح بزيارة واحدة فقط لدورة المياه خلال اليوم.
وحمّلت الرابطة ميليشيات الحوثي الإرهابية المسؤولية الكاملة عن حياة وسلامة المختطفين، مطالبةً المنظمات الحقوقية بالضغط على الميليشيات لإيقاف تلك الانتهاكات وإطلاق سراح جميع المعتقلين والمخفيين قسراً.
وبالتزامن مع التنديد الإقليمي والدولي واسع النطاق بمواصلة الميليشيات انتهاكاتها للهدنة، تتصاعد الدعوات التي تشهدها واشنطن لإعادة إدراج العصابة الحوثية، على قائمة التنظيمات الإرهابية في الولايات المتحدة.
ويؤكد المؤيدون لهذه الدعوات، أن حذف الميليشيات الانقلابية من على هذه القائمة في فبراير من العام الماضي، بدعوى أن ذلك سيسهم في تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية لليمنيين، لم يحقق هذا الهدف على الإطلاق، في ضوء الأدلة التي تثبت استيلاء الحوثيين، على جانب كبير من الدعم الدولي، الموجه للملايين من أبناء الشعب اليمني المنكوبين بويلات الحرب.
وفي هذا السياق، شددت الدكتورة منال المسلمي، مؤسس ورئيس الرابطة الأوروبية للدفاع عن الأقليات والتي تقدم المشورة للمفوضية والبرلمان الأوروبييْن، على أن الميليشيات الحوثية الإرهابية، تعرقل وصول تلك المساعدات إلى مستحقيها، وتسطو على قرابة 50% من الإعانات المُقدمة لليمنيين من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وفي تصريحات نشرها موقع «جويش نيوز سينديكات» الإلكتروني الإخباري، قالت المسلمي إنه من الممكن إعداد قائمة بالمنظمات الحقوقية الموثوق بها، التي يمكن لها تسلم مثل هذه المساعدات وتوزيعها بكفاءة، بدلاً من أن يضطر المجتمع الدولي للتعامل مع العصابة الحوثية، وهو ما يفتح الباب أمام إعادة وضع هذه الميليشيات على القائمة الأميركية السوداء، كما سبق أن فعل الرئيس السابق دونالد ترامب، قبيل مغادرته منصبه في يناير 2021.
وشاركت المسلمي في زيارة أجرتها مؤخراً ناشطات يمنيات مستقلات إلى الولايات المتحدة، لمطالبة إدارة الرئيس جو بايدن باتخاذ مواقف أكثر صرامة ضد الميليشيات الحوثية، سواء على صعيد تصنيفها على قائمة الإرهاب مجدداً، أو لتوفير حماية أكبر لنساء اليمن، اللواتي يعانين من القمع، على يد العصابة الانقلابية.
وشددت الأكاديمية البلجيكية التونسية الأصل، على أن النسوة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، محرومات من حقوقهن الأساسية في التعليم والعمل، ولا يُسمح لهن بالتحرك بمفردهن، وهو ما يعكس الإيديولوجية المتطرفة، التي تتبناها الميليشيات الحوثية.
وأكدت المسلمي ضرورة أن يقدم المجتمع الدولي دعمه للنشطاء والأكاديميين والصحفيين اليمنيين، الذين يقومون بفضح هذه الممارسات الحوثية اللا إنسانية، ومن بينهم عدد من الناشطات اللواتي شاركن في الزيارة الأخيرة للعاصمة الأميركية، مثل الدكتورة وسام باسندوه رئيس الائتلاف اليمني للنساء المستقلات.
من جهتها، شددت باسندوه، التي شاركت مؤخراً كذلك في حوار أجراه البرلمان الأوروبي حول حقوق المرأة في بلادها، على أن العصابة الحوثية تستهدف النساء في اليمن على وجه التحديد.
وأشارت في الوقت ذاته إلى أن غالبية الأراضي اليمنية لا تقع تحت سيطرة الحوثيين، وهو ما يعني أن إعادتهم للقائمة السوداء في الولايات المتحدة، لن تعرقل وصول المساعدات للقاطنين في الكثير من أنحاء البلاد، مؤكدة أن حذف الحوثيين من هذه القائمة، لم يؤد إلى تحسن الأوضاع المعيشية، في المناطق الخاضعة لسيطرة الانقلابيين.
وحذرت باسندوه من أن ترك ملف تسلم المساعدات وتوزيعها في تلك المناطق بيد الحوثيين، جعل سكانها يعتمدون عليهم في الحصول على احتياجاتهم الأساسية، منددة في الوقت نفسه، بالتعامل مع الميليشيات على أنها قوة سياسية، والتغافل عن أنها ليست سوى «حركة إرهابية وعنصرية، لا سياسية على الإطلاق».
في السياق ذاته، أكدت المحامية والمحللة في مجال حقوق الإنسان والأمن القومي بنيويورك إيرينا تسوكرمان، أن ميليشيات الحوثي، تستولي على المساعدات الدولية التي يُفترض بها توزيعها على مستحقيها، وباعتها بأثمانٍ بخسة، للاستفادة من الأموال التي تحصل عليها في مقابل ذلك، لإحكام سيطرتها على المناطق الخاضعة لها، وملء خزائنها، وتمويل حربها ضد اليمنيين.
وقالت تسوكرمان إن قبول الحوثيين للهدنة، لم يأتِ سوى بعد أن تكبدوا خسائر هائلة في معاركهم ضد الجيش اليمني.