تحليلات
خبير مصري يؤكد أنها في "الرمق الأخير"..
الاخوان.. جماعة إرهابية تستغل الشعوب العربية للسيطرة على الحكم
جماعة الإخوان تضرب علاقة أنقرة بالقاهرة وتفضح أنشطتها في أفريقيا - أرشيف
تعيش جماعة الإخوان الإرهابية أضعف فترة في تاريخها، بعدما أصبحت الشعوب والحكومات على وعي تام بخطورتها وطبيعة أجندتها الرامية للسيطرة على الدول ومقدراتها وهو ما انعكس على واقعها وأظهر انقساما في صفوفها سواء في مصر أو الأردن، إذ اجتمع مجلس شورى ما يسمى بـ«جمعية جماعة الإخوان» في عمّان لاختيار المراقب العام الجديد.
وتضرب الانشقاقات صفوف إخوان الأردن منذ حل القضاء الجماعة عام 2020، واعتبرها فاقدة لشخصيتها القانونية والاعتبارية. في الوقت نفسه تزداد حدة الخلافات بين إخوان الخارج، خصوصا بين جبهتي إسطنبول بقيادة محمود حسين، ولندن بقيادة إبراهيم منير القائم بأعمال المرشد، إذ تخطط كل جبهة للخلاص من الأخرى بعد فشل محاولات التوفيق بينهما.
وفي هذا السياق، قال الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية الدكتور طارق البشبيشي إن المتابع لشؤون جماعة الإخوان يرى أنها تلقت ضربات موجعة أدت إلى انهيارها، فكانت بداية الانهيار في مصر، وامتدت إلى الأردن، ووصلت مراحل انهيارها إلى تونس والمغرب والجزائر والسودان وموريتانيا، وهناك محاولات لإنهاء دورها في ليبيا، بعد توجيه اتهامات لها بأنها وراء مساعي عدم استقرار البلاد. وأضاف أن حالة التصدع والانشقاق عنوان الجماعة خلال تلك الأيام خصوصا بعد فقدان مؤيديها من الشريحة الاجتماعية، معتبراً أن الضربات التي تعرضت لها الجماعة داخل دول المنطقة كانت قاصمة وتحتاج إلى قرون لعودتها إذا قدر لها العودة.
ولفت إلى أن صراعات الجماعة وانشقاقاتها شيء معروف لدى الجميع كونها جماعة مارقة وما بني على باطل فهو باطل، فهي التي استعجلت الخراب والدمار لنفسها، وهي التي سافر قادتها إلى الخارج وتجنسوا بجنسيات أخرى، وأظهروا الخلاف في ما بينهم في صراعات على السلطة والمال، مؤكدا أن سمعة الجماعة السيئة عربياً امتدت إلى دول العالم، وهناك دول عدة ترفض وجودها.
القضية بدأت بعد أن حذر الوزير الأسبق، بسام العموش، من مشروع إيراني يهدف إلى استهداف الأردن عبر أضرحة دينية في محافظة الكرك، ونادى بالاستعانة بالإخوان للتصدي لطهران، وقال إن إيران عرضت عليه خلال عمله كسفير للأردن في طهران، إقامة مطار في محافظة الكرك التي تضم أضرحة دينية من بينها ضريح جعفر بن أبي طالب.
وزعم العموش أن إيران تسعى لاستغلال بعض الحركات الشعبية والدينية كالصوفية للترويج للمذهب الشيعي الذي يعد ركيزة أساسية في "تصدير الثورة" عند النظام الإيراني، من خلال استغلال المساجد والجلسات الدينية.
ويرى أستاذ العلوم السياسية، حسن الخالدي، أن الأردن مستهدف من إيران والإخوان معاً، مشيراً إلى أن الجماعة تشترك بأيديولوجية وعلاقات تاريخية مع طهران منذ "الثورة الإيرانية" عام 1979، حتى باختلاف المذاهب (الشيعي والسني).
وقال الخالدي إن الإسلام السياسي في إيران تأثر بفكر حسن البنا وسيد قطب وغيرهم، بالعلاقة مع الغرب والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتوظيف الخطاب الديني في العلاقة مع الناس والموقف من الدولة.
وفي ظل احتدام المنافسة على قيادة تنظيم الإخوان المتداعي، كشفت أوراق القضية 162 أمن دولة عليا جانبا من آليات جبهتي الصراع لضمان ولاء أعضاء الهايكل التنظيمية في الداخل المصري.
ويدور صراع ضار بين جبهة محمود حسين الأمين العام السابق لجماعة الإخوان، المعروفة بجبهة إسطنبول، حيث يتواجد غالبية قيادات الجبهة، وبين فريق القائم بأعمال مرشد الجماعة إبراهيم منير المقيم في لندن.
ويرفض كل فريق الاعتراف بشرعية الفريق الآخر، وأصدرت كل جبهة على حدة قرارا بعزل منافستها، ما يجعل كل جبهة في الجماعة المعروفة بتراتبيتها الصارمة والقائمة على السمع والطاعة تبحث تمرير شرعيتها المطعون فيها عبر وسائل أخرى.
وكشفت القضية الأخيرة أن الإخوان كجماعة تمكنوا من إيجاد بديل لكثير من الشركات التي تم التحفظ عليها في أوقات سابقة، فقد ظهر من التحقيقات أن محمود حسين قام بإصدار أوامر تنظيمية لبعض أعضاء الجماعة المقيمين في مصر، لتأسيس شركة لاستيراد المستلزمات الطبية برأس مال كبير، وبإدارة إخوانية غير معروفة للسلطات الأمنية لتكون ستارا لعمليات غسيل أموال.
وأشارت أوراق القضية إلى أنه عبر هذه الشركات تمكنت الجماعة من تهريب أموال للإنفاق على التنظيم وعلمياته الإرهابية، فقد قامت أصحاب الشركة حسب اتهام النيابة بإخفاء بعض الأموال في بضائع مهربة إلى الداخل المصري، وتسلمها عضو الجماعة والمتهم الخامس في القضية، والذي قام بدوره بتسليمها لأعضاء بعينهم، للإنفاق على العمليات العدائية ضد الدولة ومؤسساتها.
كما كشفت اعترافات المتهمين أيضا عن قيام بعض أعضاء التنظيم الإرهابي بشراء أراض وعقارات بغرض استثمارها في توفير التمويل اللازم لتمويل العمليات الإرهابية.
وعقب الإطاحة بجماعة الإخوان من الحكم في 2013 تشكلت لجان خاصة داخل الجماعة تولت تنفيذ عمليات إرهابية واغتيالات، صنف بعضها كتنظيمات إرهابية في عدة دول غربية.
وأشار الباحث المصري المتخصص في قضايا الأمن الإقليمي، محمد فوزي، إلى أن «أزمة تنظيم (الإخوان) لم تهدأ، بقدر ما انشغلت أطرافها بالترتيب للتعاطي مع بعض المتغيرات (سواء عربية أو دولية) خلال الفترة الأخيرة، وهي المتغيرات التي ستكون لها ارتدادات كبيرة على التنظيم». وشرح فوزي أن «المتغير الأبرز ارتبط بتأكيدات مصرية بعدم مشاركة (الإخوان) في (الحوار الوطني المصري)، وعدم التصالح مع التنظيم»... وتصنف السلطات المصرية «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً».
ووفق فوزي، فإن «التنظيم باتجاهاته المختلفة، سواء جبهة (لندن) أو (إسطنبول)، يحاول بناء مقاربة للتعاطي مع هذه المتغيرات، بما يضمن الخروج بأقل الخسائر، أو البحث عن ملاذات بديلة؛ خصوصاً على مستوى إيجاد حلفاء جدد يوفرون مظلة دعم ورعاية للتنظيم، وهو الأمر الذي جاء على حساب الاهتمام بالأزمة الداخلية للتنظيم».
وتابع: «لكن هذا لا يعني انتهاء الأزمة؛ بل ربما تكون هذه المتغيرات أحد العوامل التي قد تُحفز اشتعال أزمة (الإخوان) الداخلية، في ضوء تباين وجهات النظر بين الداخل (الإخواني) حول المقاربة المثلى للتعاطي مع هذه التطورات». النزاع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» قد شهد في مرحلة من مراحله «حرب بيانات»، بعدما ادعت «جبهة إسطنبول» أن «جبهة منير» «تُضعف الجبهة الداخلية لـ(الإخوان) وتفرّق وحدتهم»، على حد قولها. إلا أن «مجموعة لندن» دعت «مجموعة إسطنبول» إلى «ضرورة تقديم البيعة لمنير بوصفه قائماً بأعمال مرشد (الإخوان)».
ومرشد «الإخوان» محمد بديع صدرت بحقه وحق قيادات التنظيم أحكام بـ«الإعدام والسجن المؤبد والمشدد»، في اتهامات بالتورط في «أعمال عنف وقتل» اندلعت عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عن الحكم في 3 يوليو (تموز) عام 2013 عقب احتجاجات شعبية.
ويشار إلى أنه على المنصات الإلكترونية كان هناك صراع مختلف بين «لندن» و«إسطنبول»، بعدما كثفت القيادات من ظهورها لكسب «مزيد من التأييد» لموقف كل منها في الصراع. وحسب مراقبين، فإن «لجوء قيادات الخارج إلى (الحشد الإعلامي والمنصات البديلة) كان هدفه معالجة الآثار السلبية الناجمة عن الانقسام الشديد من ناحية، والدفاع عن وجهة نظر كل جبهة من ناحية أخرى». ويرى الباحث المصري المتخصص في الشأن الأصولي، عمرو عبد المنعم، أن «الخلاف بين الجبهتين الآن (تحت السطح)، وليست هناك تراشقات إلى حد ما، والجميع يتحسب في التعامل مع الآخر، ويحاول أن يجيش مجموعته باعتباره أنه هو أصل التنظيم، وأنه هو القيادة التاريخية المناط بها التعامل مع المشهد، سواء في الداخل المصري أو في الخارج».