تحليلات
منتدى "اليوم الثامن" للفكر والحوار..
ندوة سياسية تؤكد فشل مشروع الوحدة اليمنية منذ لحظتها الأولى
دشنت مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات، منتدى اليوم الثامن للفكر والحوار، بندوة سياسية عبر الانترنت شارك فيها باحثون ومهتمون في الشأن السياسي اليمني والجنوبي ومكافحة الإرهاب.
وقد أكدت الندوة على ان مشروع الوحدة اليمنية الذي جرى توقيعه في العاصمة الجنوبية عدن يوم الـ22 من مايو 1990م، فشل في لحظته الأولى.
واستهل الندوة التي جاءت بعنوان "قانونية مشروع الوحدة اليمنية في ظل الصراع القديم المتجدد بين صنعاء وعدن، الباحث د . صبري عفيف العلوي، الذي أكد أن الوحدة اليمنية لم تتحقق في 22 مايو 1990م بين صنعاء وعدن، وما تم الإعلان عنه بين قيادتي النظامين في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجنوبية العربية اليمنية يعد مشروعا للوحدة الذي فشل منذ بداية ميلاده. وقد استعرض الباحث عدد من الأدلة والبراهين التي توضح ما ذهب إليه، حيث أكد أن اتفاقية مشروع الوحدة المعلن عن في 22 مايو 90م جاءت مقطوعة عما سبقها من اتفاقيات بالإضافة لذلك فقد تجاوزت الموروث السياسي والتاريخي للبلدين .
وأشار عفيف في مداخلته إلى أن هناك دراسة بحثية على وشك إخراجها للنور محاورها البحثية ترصد تجربة المرحلة الانتقالية لمشروع الوحدة بين صنعاء وعدن والذي حددتها وثيقة إعلان مشروع الوحدة بعامين، ومن خلال النتائج الأولية لتك الدراسة تبين أن مشروع الوحدة تعرض لجملة من الإخفاقات الكبيرة التي أدت إلى فشل التجربة الانتقالية في السير بمشروع الوحدة إلى بر الأمان، وبين الدراسة أن بوادر الأزمة في المرحلة الانتقالية أسهمت إسهاما كبيرا في فشل تحقيق أهداف المرحلة وكانت أبرز مؤشرات ذلك الفشل عدم دمج مقومات الدولتين وتوقف ذلك المشروع عند ترديد النشيد ورفع العلم فقط، بينما مؤسسات الدولتين السياسية والتشريعية والدستورية والخدمية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، ظلت متمركزة كلا بمقوماتها، ولم يتم دمجها وتوحيدها والانتقال بها نحو بناء مؤسسات الدولة المدنية الحديثة، وظلت كلا البلدين محتفظ بكيانهما السياسيين وهذا ما كشفت عنه أول تجربة انتخابية التي جاءت نتائجها معززة للانقسام وفق الهويتين السياسيتين والبلدين الجغرافيين، مما فجر الصراعات العسكرية ومن قبلها الأمنية بين الطرفين وهذا ما تؤكده بنود اتفاقية العهد والاتفاق التي كانت الأمل الوحيد في إنجاح مشروع الوحدة وبناء الدولة المدنية الحديثة، فقد كانت تلك الوثيقة خارطة الطريق للخروج من الأزمة، السياسية حيث وصفها رئيس الوزراء للمرحلة الانتقالية حيدر العطاس قائلا بأن أسس وثيقة العهد والاتفاق كانت أحرص واضمن من وثيقة الوحدة نفسها، فلذلك ينبغي الحفاظ عليها في سبيل السير نحو بناء الوطن.
إلا إن نظام صنعاء لم يف بتنفيذ تلك الاتفاقية وبنودها لاسيما الجانب الأمني المتعلق بتسلم الإرهابيين الذين كانوا أحد ادوات نظام صنعاء في تقويض مشروع الوحدة، وكذلك الاتفاقيات في الجانب السياسي والعسكري والدستوري، فبعد مرور أقل من شهرين حتى بدأ نظام صنعاء للإعداد للحرب وإذا به يعلن الحرب على ما تبقى من اتفاقية إعلان مشروع الوحدة وكذلك إعلان الحرب على وثيقة العهد والاتفاق، ليجعل من الجنوب مسرحا للعمليات العسكرية، مصدرا عددا من القرارات كإعلان الطوارئ والتعبئة العامة، وعزل مجلس الرئاسة، بينما القيادات السياسية والعسكرية والتشريعية والقضائية والتنفيذية الجنوبية في عدن.
لقد أراد نظام صنعاء تحقيق الوحدة بالقوة تحت شعار الوحدة أو الموت وشن حربا مصحوبة بفتوى دينية مقدسة تحت مسمى الردة والانفصال.
وأكد عفيف في نهاية حديثه أن حقيقة الوحدة في اليمن لم تكن موجودة في الواقع كما روج لها إعلاميا، بل كانت هناك ملامح الدولتين بارزة بقوة، وهو ما جعل الحرب تستمر ثلاثة أشهر استخدمت فيها كل أنواع الأسلحة، ومثلت تلك القرارات والمواقف السياسية التي رافقت عملية الحرب خير دليل بأن الحرب بين الطرفين كانت ذا هويتين سياسيتين وأن الجنوب دولة وشعبا تعرض للاحتلال تحت ذرائع دينية مقدسة وهذا ما بينته وثيقة العهد والاتفاق في بنودها الأولى والمتعلقة بمحاربة الإرهابيين الذين كانوا يشرعون الحرب بفتاويهم الدينية في سبيل تحقيق أهدافهم المرسومة سلفا وهو القضاء على دولة الجنوب التي هي بزعمهم شوعية ملحدة، كما بينته الأحداث التي تلت احتلال الجنوب.
وقدم الأستاذ صالح أبوعوذل رئيس مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات، كلمة مختصرة حول موضوع الندوة " قانونية مشروع الوحدة اليمنية في ظل الصراع القديم المتجدد بين صنعاء وعدن"، حيث قال إن الوحدة اليمنية لم تحقق ما تضمنته بنودها منذ الحظة الأولى، وظلت التوجسات هي السائدة، من قبل النظامين لا سيما ان نظام صنعاء، المتحالف مع القوى الإسلامية والمتطرفة كان أكثر حذرا من تماشيا مع التوجهات المتطرفة التي رأت في الدستور كفرا، لكونه يحكم لاقوال البشر ولا يحتكم لقول الله :"انما الحكم لله".
وأضاف "إن العناصر الإسلامية المتطرفة من أمثال عبدالمجيد الزنداني وعبدالوهاب الديلمي، وعبدالله صعترة، مناهضة لمواد الدستور، مما أدى الى تأخر اصدار الدستور، وهي من ابرز المشاكل في تلك المرحلة".
وقال أبوعوذل "إن ما يؤكد ذلك انه في أكتوبر من العام 1994م، أي بعد احتلال الجنوب عسكريا واخراجه من المعادلة السياسية والقضاء على شريك الوحدة، تم تعديل 80 مادة من أصل 131 مادة، وكانت أبرز تلك المواد المعدلة، مكافحة الإرهاب وحقوق الانسان والمرأة، حيث أن المادة التي تخص حقوق المرأة يلزم المساواة بين الجنسين في التعليم والحقوق والحريات، وابدلت بمادة "الدولة تتكفل بحقوق المرأة ومتطلباتها الحياتية، وحرمت من ان تكون قاضية او محامية او مسؤولة او تشتغل في أي من الوظائف العامة، بمعنى أدق ان الدستور المعدل، حصر عمل المرأة بين المنزل والمطبخ وخدمة معيلها واعادتها إلى بيت الطاعة في حال الخلافات الزوجية، بينما نظام الاسرة في الجنوب تم تنظيمه في العام 1972، كان من أكثر القوانيين العربية انصافا للمرأة والطفل وحقوقهما، وكما هو معلوم لدينا ان المرأة الجنوبية تبوأت مناصب سياسية رفيعة كبيرة ووصلت نسبة الأمية الى أدنى مستوياتها، بل انه تم القضاء على الأمية بين النساء".
ولفت أبوعوذل إلى أن القانون تطرف كثيرا مع المرأة الجنوبية، حيث استجاب لمطالبها في سن قانون منع "التعدد"، وقد رضخ النظام لهذه المطالب".
وتطرق الزميل صالح أبوعوذل إلى وثيقة مشروع الوحدة اليمنية، قد ألغت دستوري البلدين، واستبداله بمشروع الوحدة الذي يحتوي على مائة وثلاثين، وزعم النظام اليمني انه تم الاستفتاء اليمنية من قبل البرلمان اليمني، الا ان هذا تم الغاءه في أكتوبر، بـ"80 مادة معدلة مأخوذة من دستورية الجمهورية العربية اليمنية، وهذا يؤكد ان مشروع الوحدة انتهى دستوريا وقانونيا، حيث وضعت قوانيين تجريم العودة الى اتفاقيات الوحدة "الندية"، وأصدرت قرارات وسنت قوانيين ضد الشريك الجنوبي الذي تم اقصائه كليا، ومنها قانون الخيانة العظمى ضد شركاء مشروع الوحدة مما ترتب عنه محاكمة وإصدار احكام بإعدام ضد القيادة الجنوبية والتي عرفت بقائمة الـ16 الذين حكم عليهم نظام صنعاء بالإعدام، وكذا قانون العقوبات والإجراءات العسكرية ضد المعارضين حتى وان كان حاضرا".
وقد أوصت الندوة التي أدارتها الزميلة حنين فضل - مدير تحرير صحيفة- بدراسة المرحلة الانتقالية لمشروع الوحدة اليمنية وما تلاه من تبعات وشرعنة الإرهاب لضرب الجنوب "أرضاً وإنساناً".