تحليلات
"هجمات إرهابية تشرعن لها فتاوى دينية"..
اليمن.. مأرب والبيضاء وتعز.. المعاقل الآمنة للتنظيمات الإرهابية الدولية
فقد رسمت القيادات الأولى للتنظيم الدولي للإرهاب تلك الاستراتيجية ابتدأ بأسامة بن لأدن وعبدالله عزام وعبد المجيد الزنداني في مطلع التسعينات من القرن الماضي.
إن طبيعة حرب المواجهة مع الإرهاب القادم من افغانستان إلى اليمن كانت منظما ولم يكن وليد اللحظة وإنما هو امتداداً لحروب سابقة ضد الجنوب منذ حرب صيف عام1994م، وسبقها الحركة الإسلامية في اليمن بتحشيد عناصر تنظيم القاعدة من افغانستان وفتح معسكرات تدريبية لهم في الفرقة الأولى مدرع وجامعة الإيمان ومعسكرات في تعز ومأرب والبيضاء اليمنية ومن ثم إرسالهم لقتال الجنوبيين معززين بفتوى دينية صادرة من عبدالمجيد الزنداني وفتوى اخرى صادرة من عبدالوهاب الديلمي تم فيها تكفير واستباحة دماء الجنوبيين أموالهم واحتلال الجنوب ونهب ثرواته.
ولا تزال قوى الإرهاب اليمنية تستخدم تلك الفتاوى الدينية والتكفيرية ضد الجنوبيين وتقوم بحشد عناصرها الإرهابية وتغذيتهم وتدريبهم داخل معسكراتها في تعز والبيضاء ومأرب وارسالهم إلى الجنوب لخلط الأوراق وتصفية كوادره الأمنية والعسكرية والسياسية ضمن مسلسل الحرب المستمرة ضد الجنوب وشعبه وقيادته.
لقد اعتمد التقرير على تتبع نشأة تلك التنظيمات في تلك المناطق وكيف جعل منها، محطات انطلاق لتنفيذ العمليات، الإرهابية في الجنوب راصدين الأدلة والبراهين والتقارير الصحفية الأمنية التي غالبا، ما تحمل تلك المناطق بأنها، صارت مناطق أمنة لتك العصابات الاجرامية..
وقد تمحور هذا التقرير حول ثلاثة محاور هي:
أولا: المواقع الاستراتيجية للمناطق الأكثر خصوبة للتنظيمات الإرهابية.
ثانيا: انطلاق العمليات الإرهابية التي قادتها تلك التنظيمات الارهابية..
ثالثا: غياب التشريعات المجرمة للأعمال الإرهابية ومن ثم خلص التقرير بعدد من النتائج، والتوصيات وثبت بأهم المراجع والمصادر.
أولا: المواقع الجغرافية للمحافظات اليمنية الأكثر خصوبة للتنظيمات الإرهابية.
إن المتأمل في تمركز جماعة الاخوان المسلمين والتنظيمات الإرهابية التابعة لها يرى انها تتمركز في محافظات تتمتع بموقع استراتيجية محو (مارب وتعز والبيضاء وتلك المحافظات تعد من اهم المواقع الجغرافية والسياسية والبحرية والقبلية.
وبعد تحرير عدن ولحج وإطلاق عملتي سهام الشرق وسهام الجنوب تقهقرت التنظيمات الإرهابية وخسر كثير من مواقعه في ابين وشبوه وحضرموت هرب معظم قياداته واعضاءه إلى محافظتي تعز والبيضاء ومأرب.
المعقل الأول: محافظة مارب
محافظة مأرب هي إحدى محافظات اليمن، وتقع إلى الشمال الشرقي من صنعاء، وتبعد عنها بحدود 173 كم، ويشكل سكان المحافظة ما نسبته 1.2% من إجمالي سكان اليمن، وعدد مديرياتها 14 مديرية، ومدينة مأرب هي مركز المحافظة.
وتتصل المحافظة بالجوف من الشمال، ومحافظتي شبوة والبيضاء من الجنوب، ومحافظتي حضرموت وشبوة من الشرق، ومحافظة صنعاء من الغرب، وتبلغ مساحة المحافظة حوالي 17405 كم مربع، تتوزع في 14 مديرية وتعتبر مديرية مأرب أكبر مديرية في المحافظة مساحة.
مأرب تعد بوابة استراتيجية مهمة على تخوم صنعاء، أهميتها الاقتصادية محافظة تعز اليمنية.. كبيرة لليمن، لذلك سعى الاخوان المسلمون وضع اليد عليها، لاحتوائها على أهم منشآت استخراج النفط وتحويله في البلاد.
ومأرب هي المحافظة الشمالية الوحيدة - ليس كلها- التي تخضع لسلطة الخوان ممثلة بالمحافظ سلطان العرادة، وهو شيخ قبلي قوي في مأرب، وهناك تتواجد قيادة ما يسمى بالجيش الوطني ووزارة الدفاع "قوات علي محسن الاحمر"، لكن يمكن القول إن هذه المحافظة ظلت تحت أعين الحوثيين من خلال تواجدهم المباشر في صرواح "حوالي 60 كم من مأرب المدينة" وبشكل غير مباشر من خلال القوى الموالية سياسيا وطائفيا، وظلت تزودهم بالنفط والغاز.
لقد كان الوضع بشكل عام بين الحوثيين ومأرب الشرعية بقيادة حزب "الإصلاح" أشبه بالمتعايش، وإذا قرر الحوثيون السيطرة على مأرب تكون سلطة الشرعية قد فقدت المحافظة على تواجدها الرمزي في الشمال، وسيكون الأمر واضحا جليا، الشمال تحت سيطرة الحوثي، والجنوب تحت سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي.
لذلك صار الإرهاب يتجول ما بين البيضاء ومارب فكانت شبوة وحضرموت وابين هي مسرح العمليات الإرهابية طوال 8 سنوات من الحرب.
المعقل الثاني: محافظة البيضاء اليمنية
تتمتع البيضاء بموقع استثنائي، إذ تتشارك حدودها مع 4 محافظات جنوبية مهمة، هي شبوة وأبين ولحج والضالع، و 4 محافظات يمنية هي ( إب وذمار ومأرب وصنعاء)، وكانت مفتاح صنعاء الذي فتحت به بوابة الجنوب في حرب صيف 1994 من جبهة مكيراس.
وكان تنظيم “القاعدة” قد حوّل البيضاء إلى مركز رئيس جديد له، بعد نجاح الجيش في طرده من محافظة أبين المحاذية للبيضاء في 2011.
وفي البيضاء، قامت طائرات من دون طيار أميركية بتصفية الأميركي من أصل يمني، أنور العولقي، أحد أبرز المطلوبين لديها في 2011. وكان للعولقي دور بارز في تمكين “القاعدة” من المحافظة وتوفير حاضنة اجتماعية عبر آل الذهب الذين تزوج منهم وأنجب طفلة قتلها الأميركيون، في يناير/كانون الثاني 2017، عندما نفّذت قوات أميركية أول إنزال بري لها في اليمن في عهد الرئيس دونالد ترامب، في عملية يكلا التي استهدفت عبد الرؤوف الذهب، خال نورا العولقي.
وكان الذهب ساهم بشكل كبير في تمكين صهره العولقي من جعل البيضاء مركزاً محورياً لـ”القاعدة”، ما أدى إلى حصول المحافظة على نصيب وافر من 120 ضربة جوية نفذتها طائرات أميركية من دون طيار في اليمن خلال 2017، إلى جانب جهود وعلاقات الزعيم السابق لتنظيم “القاعدة في جزيرة العرب”، ناصر الوحيشي، الذي يتحدّر من منطقة في البيضاء تحاذي محافظة أبين، التي مثلت بدورها معقلاً مهماً لتنظيم “القاعدة” حتى 2012 على الأقل.
المعقل الثالث: محافظة تعز اليمنية
تقع محافظة تعز في الجزء الجنوبي الغربي من اليمني وتبعد عن صنعاء حوالي (256) كيلو متراً. وتتصل المحافظة بمحافظتي إب والحديدة اليمنيتين، وأجزاء من محافظات لحج والضالع الجنوبيتين من الشرق، وتطل على البحر الأحمر من جهة الغرب عبر مدينة المخاء اليمنية.
وتبلغ مساحة المحافظة حوالي (10008) كيلومتر مربع تتوزع على ثلاثة وعشرين مديرية وتأتي محافظة تعز في المرتبة الأولى من حيث عدد السكان وفقا لنتائج التعداد السكاني لعام 2004م حيث بلغ عدد السكان (2393425) وينمو السكان بمعدل (2.47%) سنوياً؛ إذ يشكل سكانها ما نسبته (12.16%) من إجمالي سكان اليمن. تنقسم المحافظة إلى (23).
وقد هيمن القادة التابعون لحزب الإصلاح على محور تعز العسكري، الهيئة الرسمية المسؤولة عن حماية تعز عسكريًّا. فرض حزب الإصلاح نفسه تدريجيًّا على معظم تعز عندما أجبر كتائب أبو العباس السلفية على الخروج من المدينة أوائل 2019، وبعد عملية الاغتيال الغامضة التي استهدفت الجنرال عدنان الحمادي، قائد اللواء 35 مدرع بالقوات الحكومية في 2 ديسمبر/كانون الأول 2019. سمح مقتل الحمادي لمحور تعز العسكري بالسيطرة على اللواء ومركز عملياته في ريف الحجرية الريفية، جنوبي محافظة تعز.
وتعد تعز المحاذية جغرافيا الى الجنوب، من أكبر المحافظات اليمنية سكانا، وقد استغلها الحوثيون في حربهم على الجنوب في امداد ميليشياتهم خلال اجتياح عدن، حيث تصفها مصادر يمنية بأنها بؤرة صراع، ونقطة انطلاق للمليشيات الارهابية نحو عدن، حيث توجد بها أكبر معسكرات للتنظيمات الإرهابية ومنها ينطلق الارهابيون لتنفيذ عمليات ارهابية في عدن كما حدث خلال السنوات الماضية.
تقارير صحفية أمنية أكدت ان تحريك التنظيمات الارهابية نحو الجنوب، ينطلق، من ثلاث جهات وهي مارب اليمنية ومحافظة البيضاء وكذلك مدينة تعز جنوب اليمن والتي تعد مدينة التربة أبرز معاقل التنظيم وكشف مصدر أمني رفيع عن قيام الجهات المعادية لأمن واستقرار العاصمة عدن والجنوب بشكل عام، ممثلة بمليشيات الحوثي والإخوان بتحريك عناصرها الإرهابية والجهادية صوب محافظات الجنوب.
وذلك بعد تلقيها التدريب والدعم والتمويل داخل معسكراتها ومراكزها التدريبية الواقعة بمنطقة التربة بريف محافظة تعز الواقعة تحت سيطرة جماعة الإخوان فرع اليمن واخرى في معسكرات بالبيضاء الخاضعة لسيطرة مليشيات الحوثي ذراع إيران باليمن.
إن العناصر الإرهابية الموالية لجماعة إخوان اليمن ومليشيات الحوثي الإيرانية تسعى للسيطرة على تلك المحافظات في سبيل السيطرة الأمنية والتحكم في زعزعة الأمن في الجنوب.
غياب التشريع سهل في تبادل الاسراء وهروب السجناء
إن اليمن لا تزال تحتضن التنظيمات الإرهابية وتتعامل معهم كأطراف سياسية حيث سهلت لهم التشريعات ان يمارسون انشطتهم السياسية والقتالية والتفاوض والحوار معهم كطرف أساسي في النزاع ويرع ذلك السبب لوجود الاخوان المسلمين الغطاء السياسي الذي يقف امام التشريع ودعم القضاء اذ ان القانونيين التي تجرم الأفعال الإرهابية وتحدد عفويتها اعمالا للمادة (47) من الدستور تنص على ان المسؤولية الجنائية شخصية ولا جريمة ولا عقوبة الا بناء على نص شرعي او قانوني.
وفي ظل غياب قانون خاص بمكافحة الإرهاب تلجا المحاكم اليمنية الى قانون الجرائم والعقوبات ومكافحة غسيل الأموال والاختطاف والتقطع وهناك قضايا اعترف بها متهمون بالانتماء لتنظيم القاعدة وداعش لكن المحاكم اضطرت الى إطلاق سراحهم في ظل غياب النص القانوي للحكم عليهم. ونظرا لعدم وجود غطاء قانوني يجرم الانتماء للتنظيمات الإرهابية حيث تصدر المحاكم احكاما بانه لا وجه للدعوى او حفظ الأوراق.
ولم يقف الحد هنا بل انه جرى حوار هزلي مع قيادات تلك التنظيمات وتم إطلاق سراحهم بدون ضمانات عدم عودتهم دفع وزير الأوقاف والإرشاد السابق، القاضي حمود الهتار، نحو إجراء حوار مع السجناء عام 2002، أدى إلى إطلاق سراح رجال عادوا للانضمام من جديد إلى صفوف القاعدة رغم إعلانهم نبذ العنف. وتقول شخصيات من القاعدة نفسها إن العملية كان يشوبها الخلل. قال أحد المحتجزين المفرج عنهم “كان الحوار داخل السجن أشبه بمهزلة، كونه يفتقد إلى الظروف الطبيعية لنجاحه، إضافة إلى عدم وجود قناعة لدى القائمين عليه بجدواه، إذ كان كل همهم ينصب على تحقيق مكاسب خاصة من وراء إعلان نجاحه”، مضيفًا أن الهتار كان يطلب ببساطة من السجناء إعلان نبذهم العنف خلال الجلسات التي تُعقد داخل السجن.
دفع وزير الأوقاف والإرشاد السابق، القاضي حمود الهتار، نحو إجراء حوار مع السجناء عام 2002، أدى إلى إطلاق سراح رجال عادوا للانضمام من جديد إلى صفوف القاعدة رغم إعلانهم نبذ العنف. وتقول شخصيات من القاعدة نفسها إن العملية كان يشوبها الخلل. قال أحد المحتجزين المفرج عنهم “كان الحوار داخل السجن أشبه بمهزلة، كونه يفتقد إلى الظروف الطبيعية لنجاحه، إضافة إلى عدم وجود قناعة لدى القائمين عليه بجدواه، إذ كان كل همهم ينصب على تحقيق مكاسب خاصة من وراء إعلان نجاحه”، مضيفًا أن الهتار كان يطلب ببساطة من السجناء إعلان نبذهم العنف خلال الجلسات التي تُعقد داخل السجن.
يُعد إطلاق سراح معتقلي القاعدة صفعة للجهود الدولية في مكافحة الإرهاب، ويشكل تهديدًا لحياة الأفراد في المناطق التي ينشط فيها تنظيم القاعدة والجماعات الجهادية الأخرى، ويمثل عقبة أخرى أمام الجهود الرامية إلى إنهاء الحرب وإيجاد تسوية سلمية دائمة. إن العزلة الدولية التي تواجهها جماعة الحوثيين شجعتها على التعامل مع المعتقلين كشأن يمني بحت، دون إيلاء اعتبار للتداعيات الواسعة النطاق التي تترتب على الإفراج عنهم على الأمن في المنطقة وخارجها.
ومنذ بداية الحرب الأخيرة حرر تنظيم القاعدة معظم عناصره في السجون عبر مقايضتهم بمقاتلين حوثيين أُسروا في المعارك القتالية بين الجانبين بمحافظة البيضاء عام 2015. نتيجة لذلك، عزز التنظيم صفوفه بعشرات المعتقلين المفرج عنهم، ما ساعده في التغلب على أزمة التجنيد التي واجهها بسبب عجزه عن اجتذاب عناصر جديدة.
- التوصيات..
1- دعوة التحالف العربي ومجلس القيادة الرئاسي الى القيام بدورهم تجاه الإرهاب القادم من تعز والبيضاء ومأرب واتخاذ موقف واضح وصريح وسرعة اقالة المتورطين في دعم ورعاية وتمويل الارهابيين وتجريدهم من مناصبهم واحالتهم الى التحقيق والمحاكمة، وفي مقدمتهم أمجد خالد ومهران قباطي والوزير المقال احمد الميسري وعلي الحريزي وخالد العرادة واخرين
2- تفكيك معسكرات الارهاب في كلا، من تعز ومارب والبيضاء والمهرة وحضرموت التي أصبحت منطلقاً لحشد العناصر الارهابية المدعومة من الاخوان والحوثي صوب وادي حضرموت وعدن وشبوة وأبين والجنوب بشكل عام.
3- لتوقف عن تشكيل أي كيانات عسكرية غير نظامية ورفض إرسال أي تعزيزات إلى المناطق المتاخمة لمحافظات الجنوب.
4- إشراك الضامنين الدوليين والإقليميين في الضغط على العليمي ومعين عبد الملك بتطهير محافظات مارب وتعز والبيضاء من التنظيمات الإرهابية.
5- سن القوانين والتشريعات المكافحة للإرهاب وتمويله