تقارير وتحليلات
"مؤشرات بوادر أزمة خطيرة في العلاقات"..
السعودية تريد استغلال التطبيع مع إسرائيل بالهيمنة على الحرم القدسي.. ما موقف الأردن؟
يبدو ان التطبيع السعودي الإسرائيلي قد يجلب معه التوتر حول من له الحق في الهيمنة على الحرم القدسي، فالرياض التي تسعى منذ سنوات للهيمنة على الأقصى منذ عقود، تعتقد انها من خلال التطبيع تل ابيب قد تصل إلى ذلك.
الصحافة الإسرائيلية أشارت إلى البند المتعلق بالأقصى في قائمة مطالب ولي العهد السعودي بن سلمان، موجود في موقع أعلى بكثير مما يظهر في وسائل الإعلام.
وتساءلت صحيفة تايمز اوف إسرائيل حول ماذا ستفعله إسرائيل إذا اعتبر السعوديون الهيمنة على الحرم القدسي مطلبا أساسيا؛ في مثل هذه الحالة سيكون على الإسرائيليين فتح معاهدة السلام مع الأردن، الأمر الذي قد يؤدي إلى أزمة خطيرة في العلاقات الإسرائيلية الأردنية وفي العلاقات بين السعودية والمملكة الهاشمية
وكانت ليلة التقارير التي أحاطت باتفاق التطبيع مع السعودية مربكة للغاية في اليومين الماضيين. في (السبت) الماضي، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في الولايات المتحدة جون كيربي إنه “تم وضع بنية تحتية للاتفاق بين البلدين”.
وفي اليوم ذاته قرر أحدهم في الرياض تهدئة الرسائل المتفائلة: نقلت جريدة “الرياض” عن مسؤول سعودي كبير قوله إن “التوصل إلى اتفاقات لا يزال بعيدا وقد يأخذ وقتا طويلا”.
في الوقت نفسه، فإن خبرا نشرته الصحيفة قبل أسبوعين بشأن وقف المفاوضات تبين بعد أسبوع أنه غير صحيح.
وقالت الصحيفة إن التوقيت ملّح، على الأقل بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة. محاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ماضية قدما ومن المتوقع أن يعتلي نتنياهو منصة الشهود في مارس 2024، بينما يدخل الرئيس جو بايدن سنة انتخابية ستكون صعبة ومرهقة ومحتدمة.
في الوقت الحالي تحتفظ كل الأطراف بأوراقها قريبة من صدورها. ليس من الواضح ما هو الاقتراح المطروح على الطاولة، وما إذا كان يمكن لإسرائيل أن تتقبله، ويبدو أن المسار تسارع بالنسبة لولي العهد السعودي، تحديدا في مسألة التحالف الدفاعي الإقليمي برعاية أمريكية. وعلى الرغم من أن العلاقات مع طهران آخذة بالتسحن، إلا أن بن سلمان يدرك ويعرف أنها يمكن أن تبرد بسرعة، خاصة وأن إيران أصبحت الآن في موقع قوة مع الرياح المواتية القادمة من الصين وروسيا.
ما يعزز هذا التفسير هو ما نشرته وكالة “رويترز” يوم الجمعة عن استعداد السعودية التنازل عن بعض المطالب في الشأن الفلسطيني من أجل الحصول على الاتفاق الدفاعي وبسرعة. وليس مستبعدا أن تقرر كل الأطراف التقدم في الشأن الفلسطيني في وقت لاحق، بعد التوقيع على الاتفاق. وفي هذا الشأن، تحتفظ إسرائيل بورقة زيادة حصة العمال من غزة، ولا تمنحها ليحيى السنوار في الوقت الحالي.
تقول وسائل إعلام عبرية إن تأجيل الشأن الفلسطيني ملائم لكل الأطراف، باستثناء الفلسطينيين. وحقيقة أن السفير السعودي لدى السلطة الفلسطينية نايف السديري، الذي قدم أوراق اعتماده الأسبوع الماضي في المقاطعة، ألغى زيارته المتوقعة إلى الحرم القدسي، تشهد على مدى حجم التوتر بين الرياض ورام الله بشأن هذه المسألة.
وترى ان التفسير الرسمي لإلغاء الزيارة كان وجود مسائل تتعلق بالجدول الزمني، لكن السبب الرئيسي على ما يبدو هو الخشية من غضب فلسطيني قد يُوجه إلى السفير ويحرج القصر الملكي. السعودية لا تريد هذه المشاهد، خاصة في مثل هذا الوقت الحساس.
وهنا تأتي قضية أخرى، حساسة للغاية ومتفجّرة. لم يوافق أي مسؤول إسرائيلي تحدثنا معه على شرح ما إذا كانت هناك أي مطالب سعودية فيما يتعلق بالسيطرة الفعلية على الحرم القدسي، وإذا كان الأمر كذلك، فما هي تلك المطالب.
ليس سرا أن السعوديين معنيون بالسيطرة على الحرم القدسي، وبذلك ترسيخ هيمنتهم كقادة للعالم العربي السني. في وضع كهذا، ستكون للسعودية سيطرة على الأماكن الثلاثة الأكثر قدسية للإسلام السني: مكة والمدينة والمسجد الأقصى. لم تتم تقريبا مناقشة مسألة السيطرة على وقف المسجد في السياق السعودي-الإسرائيلي، ولكن بحسب رأي الكثيرين فإن المسألة تُعتبر جوهرية بالنسبة لولي العهد السعودي.
وفي مقال نُشر في الموقع الإخباري اليهودي JNS قبل نحو شهر نقل باروخ يديد، وهو خبير في الشأن الفلسطيني، عن مسؤولين في الأوقاف انتقادهم للعاهل الأردني الملك عبد الله بشدة.
وبحسب مزاعم الموقع اليهودي فأن ضعفت مكانة الأوقاف بشكل كبير منذ تنصيب الملك، الذي على عكس والده الراحل الحسين، لا يتعامل مع الأمر بشكل مباشر، بل يترك أمر الإدارة اليومية لمساعديه. هذا، وفقا لمسؤولي الأوقاف، سمح لعناصر إسلامية متطرفة مثل الإخوان المسلمين وتركيا بزيادة نفوذها في المكان.
وتدرك السعودية وجود هذا الفراغ ولذلك فإن البند المتعلق بالمسجد الأقصى موجود في موقع مرتفع ضمن قائمة المطالب، أكثر بكثير مما ينعكس في وسائل الإعلام.
والسؤال هو ماذا ستفعل إسرائيل إذا اعتبر السعوديون هذا الطلب جوهريا. سيكون على إسرائيل أن تفتح معاهدة السلام مع الأردن التي تنص على أن العائلة الملكية الهاشمية هي المسؤولة عن الوقف. وبحسب باروخ يديد، فقد حدثت مؤخرا توترات بين عمّان والرياض حول هذه المسألة، حيث يدرك الملك الأردني الخطر جيدا.
وقد يكون هذا أيضا بداية أزمة خطيرة في العلاقات الإسرائيلية-الأردنية، حيث سيفقد الملك عبد الله وسيلة تأثير مهمة جدا: على الفلسطينيين، وعلى إسرائيل، وعلى العالم العربي.
من ناحية أخرى، قالت تقارير صحفية إن العاهل الأردني حذر المملكة العربية السعودية من أن تكون متساهلة للغاية فيما يتعلق بشروط الفلسطينيين للتوصل إلى اتفاق
في خضم المحادثات الجارية حول اتفاق تطبيع محتمل بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، تقدم لاعب إقليمي واحد لإعلان موقفه: الأردن. وقد نقل الملك عبد الله الثاني، متحدثا في حدث في نيويورك الشهر الماضي، موقفا واضحا بشأن هذه المسألة، مشددا على أهمية الاعتراف بدور الأردن عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية.
أثارت المناقشات المتعلقة بصفقة أمريكية سعودية محتملة، والتي يمكن أن تشمل اتفاق تطبيع مع إسرائيل، مخاوف من تهميش العناصر الحاسمة للقضية الفلسطينية.
وأعرب الملك عبد الله الثاني، الذي يعتبر تقليديا راعيا للفلسطينيين، عن قلقه العميق إزاء هذا التطور.
وقال الملك عبد الله الثاني "أعتقد أن جزءا من التحدي هو مع الحكومة الإسرائيلية، هذا الاعتقاد، ومن قبل البعض في المنطقة، أنه يمكنك القفز بالمظلة فوق فلسطين، والتعامل مع العرب والعمل في طريق العودة - هذا لا ينجح. وحتى تلك الدول التي لديها اتفاقيات إبراهيم مع إسرائيل تجد صعوبة في التحرك علنا بشأن تلك القضايا عندما يموت الإسرائيليون والفلسطينيون. لذلك ما لم نحل هذه المشكلة، لن يكون هناك سلام حقيقي أبدا".
كان الملك عبد الله الثاني صريحا بشأن مظالمة مع إسرائيل، وخاصة رئيس الوزراء نتنياهو، الذي كانت العلاقات معه ضئيلة. ومع ذلك، فإن قلقه الأساسي يدور حول قضية أكثر أهمية - الوضع المستقبلي للمواقع الإسلامية.
أعرب ولي عهد السعودي، محمد بن سلمان، عن اهتمامه بتوسيع وصايته لتشمل جميع الأماكن المقدسة الإسلامية، بما يتجاوز تلك الموجودة داخل المملكة، لتشمل المسجد الأقصى في الحرم القدسي في القدس. وقد أثار هذا الطموح مخاوف في الأردن، لأنه سيقلل من الدور التاريخي للمملكة الهاشمية ويعزز مكانة الرياض كزعيم للعالم الإسلامي.
هناك شيء تريده السعودية، وهناك شيء يريده الإسرائيليون، وهناك شيء يريده الأمريكيون. ما يجب أن تضيفه إلى هذا المكون هو ما الذي يخرج منه الفلسطينيون وما الذي تحصل عليه المنطقة منه لأننا جميعا نستثمر في هذا معا".
مع استمرار ذكرى البقاء على الهامش خلال اتفاقيات إبراهيم لعام 2020، فإن الملك عبد الله الثاني مصمم على تأكيد سلطة الأردن ومكانته، لا سيما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، كوسيلة للبقاء على صلة بالمشهد الإقليمي سريع التغير.