تقارير وتحليلات
قرار وصف بالمتأخر..
إدارة بايدن تعيد العلاقات مع الرياض: رفع الحظر عن الأسلحة السعودية يثير جدلاً
يشكل قرار إدارة بايدن رفع الحظر عن بيع الأسلحة الهجومية للسعودية تحولاً كبيراً في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط. هذا القرار، الذي اتخذ بعد سنوات من التوتر والضغوط على الرياض، يحمل في طياته تداعيات عميقة على المنطقة وعلى العلاقات الثنائية بين واشنطن والرياض.
ويأتي القرار متأخرا بالنسبة إلى السعوديين خاصة أن الوضع الإقليمي هادئ في ظل الحوار مع إيران والتهدئة التي تجري في اليمن، وليس ثمة ما يجعلهم يندفعون إلى شراء الأسلحة من الولايات المتحدة.
وكان يمكن أن تكون للقرار قيمة لو تم اتخاذه في ذروة الاستهداف الحوثي للمنشآت النفطية السعودية عبر المسيّرات وصواريخ كروز، لكن الآن توشك الحرب على التوقف والسعودية اختارت مسار التسوية مع إيران في الملفات الإقليمية المختلفة، بما في ذلك ملف حرب اليمن.
القرار متأخر بالنسبة إلى السعوديين، خاصة أن الوضع الإقليمي هادئ في ظل الحوار مع إيران والتهدئة مع الحوثيين
وتعرضت السعودية على مدار الأعوام الماضية للمئات من الهجمات التي شنها الحوثيون بصواريخ باليستية، وطائرات مسيرة استهدفت أساسا منشآت نفطية ومدنية، وهو ما دفعها إلى البحث عن بدائل كان من ضمنها خيار التهدئة السياسية مع إيران، والذي قد يقود إلى تأمين حدودها ومنشآتها بدلا من الرهان على دور عسكري أميركي غير متأكد ومرهون بتقلبات مزاج البيت الأبيض.
وسبق للولايات المتحدة أن لوحت برفع غطائها الدفاعي عن السعودية وعن منطقة الخليج كلها، من خلال التلويح بإزالة حوالي ثماني بطاريات باتريوت مضادة للصواريخ، إلى جانب نظام الدفاع المضاد للصواريخ والأهداف الجوية الأخرى “ثاد”، من الرياض.
كما لوحت باعتماد طائرات هجومية قديمة من طراز إيه – 10 لتحل محل الطائرات القتالية الأكثر تطورا في الشرق الأوسط، وذلك في إطار جهودها لنقل المزيد من المقاتلات الحديثة إلى المحيط الهادئ وأوروبا لردع الصين وروسيا. لكن الهدف من ذلك كان الضغط على السعودية بدرجة أولى.
ويرى متابعون للشأن الخليجي أن قرار رفع الحظر عن تزويد السعودية بالأسلحة مرتبط بمناخ الانتخابات الأميركية، وأن بايدن يريد تفويت الفرصة على المرشح الجمهوري دونالد ترامب، الذي يتحمس لتوطيد العلاقة مع الرياض وفتح الباب أمام التعاون المشترك لما يحمله من فرص استثمارية كبيرة تساعد على تنشيط الاقتصاد الأميركي، كما حصل في ولايته السابقة.
وذكر معاون في الكونغرس أن الإدارة أخطرت المشرعين هذا الأسبوع بقرارها رفع الحظر. وقال مصدر إن المبيعات قد تُستأنف في الأسبوع المقبل على أقرب تقدير.
وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن “أوفى السعوديون بجانبهم من الاتفاق، ونحن مستعدون للوفاء بجانبنا”، مضيفا أن بيع الأسلحة سيعود إلى الخضوع للنظام المعتاد بإخطار الكونغرس واستشارته.
وقال المسؤول في الإدارة الأميركية إنه لم تقع أي غارة جوية سعودية على اليمن وتوقف إلى حد بعيد إطلاق النار عبر حدوده نحو المملكة منذ مارس 2022، حينما نفذت السعودية وجماعة الحوثي اليمنية هدنة توسطت فيها الأمم المتحدة.
وكان بايدن قد اتخذ موقفا أشد صرامة بشأن بيع الأسلحة إلى السعودية عام 2021، في علاقة بالصراع اليمني المستمر منذ أكثر من تسع سنوات، وأيضا في ارتباط بملف الصحافي السعودي جمال خاشقجي.
وغضبت السعودية، أكبر زبائن السلاح الأميركي، على تلك القيود التي جمدت مبيعات الأسلحة التي ظلت الإدارات الأميركية السابقة تزود بها الرياض على مدى عقود، واعتبرت أن الخطوة تخلّ عنها في أوج استهدافها من قبل الحوثيين الموالين لإيران في اليمن.
وأطاح الحوثيون بالحكومة المدعومة من السعودية من صنعاء في أواخر 2014 ويخوضون حربا على تحالف عسكري بقيادة المملكة منذ 2015، وهو صراع أدى إلى مقتل مئات الآلاف وترك 80 في المئة من سكان اليمن معتمدين على المساعدات الإنسانية.