قضايا وحريات

معركة مستمرة من أجل مستقبل الشباب..

السعودية تشن حرباً شاملة على المخدرات: هل ينجح هذا التوجه في القضاء على الوباء الإقليمي؟

حملة سعودية واسعة النطاق للقضاء على آفة المخدرات

الرياض

أعلنت السعودية استئناف تنفيذ أحكام الإعدام في قضايا المخدرات، في خطوة يُرجعها مراقبون إلى تصاعد معدلات الجريمة المرتبطة بالمخدرات وفشل الإجراءات السابقة في الحد منها. يأتي هذا القرار رغم الانتقادات الحقوقية التي تؤكد أن عقوبة الإعدام ليست الحل الأمثل لمكافحة هذه الظاهرة.

تجد عودة السلطات السعودية إلى انتهاج أقصى درجات الصرامة في مواجهة ترويج واستهلاك المخدرات في المملكة تفسيرها في المستجدات الخطرة التي طرأت على هذه الظاهرة في المنطقة ككل، حيث تحوّلت بلدان مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن إلى بؤر لتهريب المواد المخدّرة وحتى تصنيعها محليا وتصديرها إلى دول الجوار لاسيما الغنية والمستقرّة.

وأصبحت الأرقام المنشورة رسميا بشأن الكميات المضبوطة من تلك المواد وعدد العصابات الضالعة في التهريب والترويج التي يجري تفكيكها في أكثر من بلد بشكل شبه يومي، فضلا عن الانفجار المسجل في أعداد المستهلكين والمدمنين، بمثابة صفّارة إنذار بدأت دول مثل السعودية تستجيب لها وتتفاعل معها.

وتبدو المملكة التي تفرض قوانينها عقوبات بالغة الشدّة بشكل خاص على مهرّبي المخدّرات ومروّجيها متّجهة من جديد نحو التطبيق الحرفي لتلك العقوبات بعد أن كانت قد أظهرت في سنوات سابقة بوادر تراجع عن بعضها تحت طائلة الانتقادات الحقوقية لها.

ويشمل ذلك استئناف تنفيذ عقوبة الإعدام في قضايا تهريب وترويج المواد المخدّرة. ويعيش في سجن تبوك بشمال غرب السعودية أكثر من خمسين متهما محكومين بالإعدام في قضايا تهريب مخدرات إلى المملكة في خوف وترقب مع تسريع وتيرة تنفيذ أحكام الإعدام في المدانين بتهريب وترويج المخدّرات.

وورد في تقرير لوكالة فرنس برس أنّه جرى منذ مايو الماضي إعدام ثمانية وعشرين شخصا في تهم مرتبطة بالمخدرات وذلك مقارنة بإعدام شخصين فقط خلال السنة السابقة. وقال محمد وهو مصري الجنسية مدان بشكل نهائي فضّل أن يستخدم اسما مستعارا لحساسية المسألة “كل أسبوع تقريبا هناك حالة إعدام على الأقل في جناحنا. نحن في انتظار قاتل وبطيء للموت”.

وأُوقف الرجل الأربعيني والذي كان يعمل في القطاع الفندقي، في الرياض في 2015 عندما كان يتسلّم شحنة أثاث اتضح أنها محشوة بالمخدرات. ورغم أنّه لم يعترف بمسؤوليته عن الشحنة، صدر حكم بالإعدام في حقه واثنين آخرين وتم تأكيده في 2018. وهو ينتظر التنفيذ منذ ذلك الحين. وأعلنت هيئة حقوق الإنسان السعودية في يناير 2021 أن المملكة أقرّت وقفا لتنفيذ عمليات الإعدام في ما يخص الجرائم المتعلقة بالمخدرات، مشيرة إلى “التركيز أكثر على إعادة التأهيل والوقاية”.

وقال الشاب الذي لم يبلّغ أسرته بحكم إعدامه “شعرنا بارتياح وفرحة شديدة حين سمعنا بوقف الإعدام في قضايا المخدرات”، وتابع “شعرت أنّ الحياة أعطتني فرصة ثانية”. إلا أن السعودية أعدمت 19 شخصا في نوفمبر 2022 حين عاودت تنفيذ عقوبة الإعدام في هذا النوع من القضايا بعد توقف دام حوالي عامين.

وبات تنفيذ 15 حكما بالإعدام في قضايا مخدرات خلال يوليو الماضي فقط، يقض مضجع محمد وزملاء زنزانته. وتابع بقلق بالغ “لا ندري من عليه الدور. ربما أنا أو رفيقي الأقرب. إذ لا يتم إبلاغنا مسبقا لتوديع ذوينا أو حتى الاستعداد نفسيا”. وأضاف منتحبا “الإعدام في قضايا المخدرات مبالغ به جدا. أنا لم أقتل أحدا. سأكون راضيا بالسجن أربعين عاما”.

وتقول السلطات إنّ هذه الإعدامات تتوافق مع الشريعة الإسلامية وتهدف إلى حماية السكان “من آفة المخدرات وإيقاع أشد العقوبات بحق مهربيها ومروجيها”. وفي نهاية 2022، قالت الأمم المتحدة إنّ فرض عقوبة الإعدام على جرائم المخدرات “يتعارض مع القواعد والمعايير الدولية”، داعية السلطات السعودية إلى “اعتماد قرار رسمي بوقف تنفيذ أحكام الإعدام في جرائم المخدرات والتخفيف من أحكام الإعدام الصادرة بالفعل وضمان الحق في محاكمة عادلة لجميع المتهمين”.

وأطلقت السعودية، صاحبة أكبر اقتصاد في العالم العربي وإحدى أكبر أسواق مخدر الكبتاغون في الشرق الأوسط، في أبريل 2023 أكبر حملة ضد المخدرات أفضت إلى توقيف مروجين ومتعاطين في الطرق العامة عبر البلاد. ولا يمكن معرفة ما هو سبب زيادة الإعدامات أخيرا. ولم ترد السلطات السعودية على أسئلة وكالة فرانس برس بخصوص استئناف أحكام الإعدام في قضايا المخدرات.

وقالت الباحثة في المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان ومقرها في برلين دعاء دهيني إنّ زيادة الإعدامات “أتت بعد عام تقريبا من إطلاق حملة قاسية ضد المخدرات سجلت فيها انتهاكات واسعة ومن بين ذلك اعتقالات جماعية”. وتابعت "بالتالي نعتقد أن هذه الحملات جعلت السجون الجنائية أكثر اكتظاظا، ويبدو أن عمليات الإعدام الأخيرة هي محاولة لإغلاق بعض القضايا العالقة".

وبعدما نفذت 19 إعداما في قضايا مخدرات في نهاية 2022، توقفت السلطات السعودية عن هذا النوع من الإعدامات لتسعة أشهر، قبل أن تستأنفه مجددا في مايو 2023. وأكدت دهيني "وجود شوائب عامة تكتنف قضايا المهددين بالقتل وخصوصا في قضايا مخدرات”، من بينها “تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة وعدم حصولهم على الحق في الدفاع الكافي عن النفس". وذكر تقرير حديث لمنظمتها أنّ "السعودية رفضت توصية تتعلق بوقف الإعدامات على جرائم المخدرات" خلال الاستعراض الدوري لوضعها الحقوقي في مجلس حقوق الإنسان.

مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي يكشف عن أفلام سعودية لأول مرة في دورته الرابعة


مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يتعتزم تكريم ثلاثة نجوم سينمائيين من مصر والبوسنة والهرسك


حكمة مخبأة في الرعب: "The Substance" يعالج مفهوم الجمال والحياة برؤية فلسفية


إيران تتوعد إسرائيل برد انتقامي مع تعقيدٍ في التحركات العسكرية (ترجمة)