تحليلات
برلين تتهم طهران بـ"الوحشية"..
ألمانيا ترد بقوة على إعدام شارمهد: إغلاق القنصليات وتصنيف الحرس الثوري إرهابيًا
في بيان شديد اللهجة يوم الخميس 31 اکتوبر، أدانت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بربوك إعدام المواطن الإيراني-الألماني جمشيد شارمهد على يد السلطات الإيرانية. وأكدت بربوك أن “وقوع هذه الجريمة بالتزامن مع التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط يُظهر أن ديكتاتورية قمعية مثل نظام الملالي لا تتصرف وفق المنطق الدبلوماسي المعتاد”. وأشارت إلى أن شارمهد اختطفته السلطات الإيرانية وقضى سنوات في السجن دون محاكمة، مضيفة: “يُبرز إعدام شارمهد مرة أخرى وحشية النظام القمعي في إيران.”
وأشارت بربوك إلى التصريحات الأخيرة التي أدلى بها وزير خارجية النظام الإيراني عباس عراقجي، والذي برر فيها إعدام شارمهد، قائلة: “هذا النظام يلجأ أولاً وقبل كل شيء إلى لغة الابتزاز والتهديد والعنف. وحتى تصريحات وزير الخارجية الإيراني الأخيرة، التي وضعت جريمة قتل جمشيد شارمهد الوحشية في سياق دعم ألمانيا لإسرائيل، تُظهر كل شيء.” وأوضحت أن هذه التصرفات تؤكد عدم احترام النظام الإيراني للأعراف الدبلوماسية وحقوق الإنسان.
وفي إطار رد الفعل الألماني، أكدت بربوك أن وزارتها أمرت بإغلاق ثلاثة قنصليات إيرانية في ألمانيا. وأعلنت: “لقد قمتُ، بصفتي وزيرة الخارجية الألمانية، بتشكيل هيئة لتقصي الحقائق في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لتوثيق الجرائم التي يرتكبها النظام ضد الشعب الإيراني، وخاصة النساء، سعياً لتحقيق العدالة في المستقبل.”
كما تعهدت بربوك بتكثيف الجهود لإدراج الحرس الإيراني ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية، مؤكدة التزام ألمانيا بمحاسبة النظام الإيراني على انتهاكاته لحقوق الإنسان. وجاء بيان وزيرة الخارجية الألمانية بعد ساعات من الإعلان عن إغلاق القنصليات الإيرانية في ثلاث مدن ألمانية، في خطوة تشير إلى تصعيد إضافي في الإجراءات الدبلوماسية ضد طهران.
وتعكس تصريحات بربوك والإجراءات الألمانية تزايد القلق الأوروبي من سياسات النظام الإیراني القائمة على العنف والقمع، خصوصاً في ظل تصاعد التوترات في منطقة الشرق الأوسط.
إغلاق قنصليات النظام الإيراني في ألمانيا
يرحب مكتب تمثيل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في ألمانيا بإغلاق ثلاث قنصليات للنظام الإيراني في ألمانيا من قبل وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك. ويعتبره خطوة ضرورية يجب أن تتبعها دول أوروبية أخرى، وتكملها إجراءات أخرى، منها إغلاق سفارات النظام ومراكزه غير الرسمية، وتصنيف حرس النظام ووزارة المخابرات ككيان إرهابيين، وطرد عملائهما ومرتزقتهما، ومحاسبة قادة النظام. فهؤلاء القادة والمؤسسات مسؤولون بشكل مباشر عن تنفيذ إعدامات بحق آلاف من السجناء السياسيين داخل إيران، وعمليات إرهابية على الأراضي الأوروبية، وإشعال نار الحروب والقتل في المنطقة.
لا ينبغي تأجيل هذه التدابير إلى حين صدور قرار جماعي من الاتحاد الأوروبي، ويمكن للحكومة الألمانية أن تأخذ زمام المبادرة في تبنيها. على مدى عقود، استغل النظام الإيراني وسائل مختلفة بما في ذلك الإرهاب واحتجاز الرهائن، والتنازلات الاقتصادية، فضلا عن شبكة من الخبراء الزاعمين “للاستقلال” لاحتجاز السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء رهينة، ما منع تنفيذ سياسات حازمة. واليوم، أدت هذه السياسة إلى كارثة، وآن الأوان لتبني سياسة حاسمة وشاملة، كما دعت إليه المقاومة الإيرانية باستمرار.
تمديد حظر السفر إلى إيران
دعت ألمانيا مواطنيها المقيمين في إيران إلى مغادرة البلاد، محذرةً من مخاطر احتجازهم كرهائن. وأصدرت وزارة الخارجية الألمانية، يوم الجمعة الموافق اول نومبر، بيانًا رسميًا جاء فيه أن “المواطنين الألمان في إيران يعرضون أنفسهم لخطر الاحتجاز المحتمل من قبل الجمهورية الإسلامية”.
ويأتي هذا التحذير في أعقاب إعدام جمشد شارمهد، وهو مواطن ألماني-إيراني مقيم في الولايات المتحدة، على يد السلطات القضائية الإيرانية في يوم ۲۹ اکتوبر. وبدورها، اتخذت ألمانيا قرارًا بإغلاق جميع القنصليات الإيرانية الثلاث داخل حدودها، كما مددت حظر السفر على مواطنيها الراغبين في التوجه إلى إيران. وأوضحت وزارة الخارجية الألمانية أن هذا التوجيه يأتي للحيلولة دون وقوع مواطنين ألمان آخرين في ذات المصير الذي واجهه شارمهد.
وتعود تفاصيل قضية شارمهد إلى أربع سنوات مضت، عندما كان في رحلة عمل من الولايات المتحدة إلى الهند. وفي أغسطس ٢٠٢٠، اختُطف من فندق بمطار دبي في الإمارات على يد عناصر من الاستخبارات الإيرانية، وذلك أثناء فترة توقفه وسط جائحة كوفيد-١٩. وبعد عدة أيام من اختفائه، أعلن وزيرالمخابرات الإيراني في حكومة حسن روحاني حينها عن نقل شارمهد إلى إيران، حيث أُدين لاحقًا بعقوبة الإعدام.
وقد أعربت الحكومة الألمانية عن إدانتها الشديدة لإعدام شارمهد، مشددةً على أنها لن تتسامح مع أي استهداف إضافي لمواطنيها. وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية تصميم ألمانيا على حماية مواطنيها من نتائج مشابهة، قائلاً: “تسعى ألمانيا إلى منع تعرض مواطنيها الآخرين في إيران لمصير مماثل”.
وقد تدهورت العلاقات الدبلوماسية بين ألمانيا وإيران في الأسابيع الأخيرة، مما دفع ألمانيا إلى حث رعاياها على مغادرة إيران فورًا. كما دعت ألمانيا حلفاءها الدوليين إلى إدانة هذه التصرفات، والضغط على الحكومة الإيرانية لحثها على احترام المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
ويُعد قرار ألمانيا بإغلاق القنصليات الإيرانية موقفًا دبلوماسيًا حاسمًا، يحمل رسالة مفادها عدم التسامح مع أي استهداف محتمل للمواطنين الألمان. وتراقب وزارة الخارجية الألمانية الوضع عن كثب، وتعمل على ضمان أن يكون المواطنون الذين يختارون البقاء في إيران على دراية كاملة بالمخاطر المتزايدة.