تطورات اقليمية
غموض يكتنف العلاقة المستقبلية بعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض..
بين التهديد والحوار: إيران تتخذ إجراءات دفاعية وسط تغير المشهد السياسي الأميركي
أفادت وكالة أنباء "تسنيم" الإيرانية، الثلاثاء، بأن السلطات الإيرانية بدأت في بناء نفق دفاعي في العاصمة طهران، في أعقاب الضربات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع داخل البلاد. ويأتي هذا التحرك تزامناً مع تلميحات من طهران حول إمكانية التواصل مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، ما يعكس محاولتها المناورة وسط التوترات الإقليمية المتصاعدة وضغوط أمنية ودبلوماسية متزايدة.
ويقع النفق "بالقرب من وسط طهران"، ومن المقرر أن "يربط محطة من محطات مترو المدينة بمستشفى الإمام الخميني، مما سيسمح بالوصول المباشر إلى المنشأة الطبية من تحت الأرض، وهو ما يعتبر جزءا من التدابير الدفاعية".
وقال رئيس قسم النقل في مجلس مدينة طهران لوكالة تسنيم "لأول مرة في البلاد، يتم إنشاء نفق لأغراض دفاعية في طهران".
والإثنين، لوّح وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد يسرائيل كاتس بهجوم عسكري على إيران، قائلا إن إيران "أكثر عرضة من أي وقت مضى لضربات على منشآتها النووية.
وأضاف في منشور على منصة إكس "لدينا الفرصة لتحقيق هدفنا الأكثر أهمية: إحباط وإزالة الخطر الوجودي الذي يتهدد دولة إسرائيل".
وفي 26 أكتوبر الماضي شنّ سلاح الجيش الإسرائيلي هجمات ضد أهداف عسكرية في إيران استهدفت مصانع صواريخ ومواقع أخرى قرب طهران وفي غرب البلاد، ردا على هجوم إيراني على إسرائيل بنحو مئتي صاروخ في الأول من الشهر ذاته.
وقبل تلك الضربات الإسرائيلية، كان مسؤولون إسرائيليون عدة وكذلك وزراء سابقون قد دعوا لتوجيه ضربة للمنشآت النووية الإيرانية، لكن وفق معلومات أوردتها وسائل إعلام أميركية، تم استبعاد هذا الخيار بضغط أميركي.
ومنذ إعلان فوز المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، بانتخابات الرئاسة الأميركية، خفتت لهجة التصعيد لدى المسؤولين الإيرانيين تجاه إسرائيل، كما أبدت طهران انفتاحا على الرئيس الأميركي المنتخب ودعته إلى تبني سياسات جديدة تجاهها بعد اتهام واشنطن لطهران بالتورط في مخطط لاغتياله.
ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية عن المتحدثة باسم الحكومة فاطمة مهاجراني قولها اليوم الثلاثاء إن الجمهورية الإسلامية ستسعى لتحقيق كل ما يحقق "مصالحها"، وذلك ردا على سؤال عن إمكانية إجراء محادثات مباشرة مع إدارة ترامب.
وقالت مهاجراني لصحافي، بحسب الوكالة "الحكومة ستسعى إلى تحقيق كل ما يضمن مصالح البلاد وقيم الثورة".
ولم ترد تقارير تفيد بأن ترامب أو فريقه يخططون لأي محادثات من هذا القبيل، بينما يستعد للعودة إلى رئاسة الولايات المتحدة.
وانسحب ترامب خلال فترة ولايته السابقة عام 2018 بشكل أحادي من الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران عام 2015 مع القوى العالمية، وأعاد فرض العقوبات التي أثرت بشدة على الاقتصاد الإيراني.
وخلال توليه رئاسة الولايات المتحدة (2016- 2020)، كثف ترامب الضغط على إيران بسبب برامجها النووية والصاروخية وفرض عقوبات شاملة على طهران، تحت عنوان "الضغط الأقصى".
وقالت مهاجراني "فشلت حملة الضغوط القصوى التي شنها ترامب، حتى لو أثقلت كاهل الناس، فالمهم هو الأفعال وليس الأقوال، لكننا نوصي ترامب بأخذ فشل سياساته السابقة في الاعتبار".
وبدأت محادثات غير مباشرة بين واشنطن وطهران لإحياء الاتفاق النووي تحت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لكنها تعثرت. ولا تزال إيران رسميا جزءا من الاتفاق لكنها قلصت التزاماتها بسبب العقوبات التي أعادت الولايات المتحدة فرضها عليها.
وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" الاثنين إن بعض العاملين مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الذي تعهد بتحسين العلاقات مع الغرب ورفع العقوبات التي تؤثر بشدة على الاقتصاد الإيراني، يدعمون نهجا تصالحيا تجاه ترامب.
وألمح بزشكيان نفسه إلى إمكانية إجراء محادثات مستقبلية مع الولايات المتحدة في عهد ترامب، قائلا الأسبوع الماضي إن بلاده لن تكون "قصيرة النظر" في تطوير العلاقات الدبلوماسية مع الدول الأخرى.
والسبت الماضي، نفى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في منشور على منصة إكس اتهامات الولايات المتحدة بوجود صلة بين طهران ومؤامرة مزعومة لقتل ترامب، ودعا إلى بناء الثقة بين البلدين. كما لفت إلى أن "إيران لا تسعى إلى امتلاك أسلحة نووية"، وهي تصريحات الهدف منها تهدئة الخطاب لإظهار رغبة طهران في فتح قنوات التواصل.
وبدوره، حض نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف ترامب على "تغيير" سياسة "الضغوط القصوى" التي اتبعها مع الجمهورية الإسلامية خلال ولايته الأولى.
تظل العلاقة بين إيران وإدارة ترامب محكومة بالتحولات السياسية والاقتصادية الكبرى، والتي تحمل معها احتمالات كبيرة للتصعيد أو التفاوض. ورغم أن إيران أكدت أنها ستعمل بما يحقق مصالحها في أي محادثات محتملة مع ترامب، إلا أن التحديات الكبيرة بين الطرفين، خاصة فيما يتعلق بالاتفاق النووي والعقوبات الاقتصادية، قد تظل حجر عثرة في طريق أي تسوية.