قضايا وحريات
أيقونة القمع التي تحولت إلى رمز للتحرر..
سجن صيدنايا المخيف: من حرق الجثث إلى القسم الأحمر تحت الأرض
مع سقوط نظام بشار الأسد، انفتح الباب أمام كشف حقيقة مظلمة كانت مخفية لعقود. سجن صيدنايا، الذي كان رمزاً للرعب والقمع، أصبح في أيدي الشعب، ليُظهر حجم الفظائع التي ارتُكبت داخله، ويكشف عن إرث وحشي تركه النظام الديكتاتوري في سوريا.
كان سجن صيدنايا يشتهر بأقسامه السفلية المعروفة بـ"القسم الأحمر"، حيث عُزل السجناء عن العالم الخارجي في ظروف قاسية للغاية، لدرجة أن بعضهم لم يرَ الشمس لعقود. ووثقت شهادات الناجين أن كثيراً منهم غادروا الزنازين وهم غير قادرين على المشي، نتيجة سنوات طويلة من التعذيب الجسدي والنفسي.
أكّدت تقارير وزارة الخارجية الأميركية، مدعومة بصور الأقمار الصناعية، أن النظام استخدم أفران الحرق في صيدنايا لإخفاء جثث السجناء الذين تم إعدامهم. ومع تحرير السجن، ظهرت وثائق وشهادات تدعم هذه الادعاءات، مما يعزز من توثيق الجرائم التي ارتكبها النظام بحق معارضيه.
منذ سقوط السجن، انطلقت جهود مدنية مكثفة لكشف مصير السجناء في الطوابق السفلية، التي لا تزال محصنة بجدران خرسانية سميكة. وعلى الرغم من تحرير السجناء في الطوابق الأرضية، يبقى المئات محتجزين في الأنفاق والزنازين السفلية.
من بين القصص المؤثرة، حكاية امرأة سورية اعتقدت أن شقيقها أُعدم منذ عام 2012، لكنها وجدته على قيد الحياة. كذلك، خرج أطفال ونساء من السجن في حالة من الصدمة وعدم التصديق، بينما طالب الناشطون بمزيد من الدعم لتحرير البقية.
تحليل مقاطع المراقبة داخل السجن كشف عن أدوات تعذيب مروعة، مثل الآلات الضاغطة المعدنية المصممة للإعدام البطيء. ووصف الناجون، بأجساد هزيلة وأرواح منهكة، فصولاً من المعاناة التي تعرّضوا لها تحت قبضة النظام.
تحرير سجن صيدنايا لم يكن فقط كشفاً للجرائم، بل كان محطة فاصلة في تاريخ سوريا الحديث. إنه يعكس إرادة الشعب في كسر قيود الطغيان والبحث عن مستقبل جديد قائم على الحرية والكرامة الإنسانية.
فتح أبواب صيدنايا سلط الضوء على ضرورة تحقيق العدالة لضحايا النظام، ومساءلة المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبت. كما أثار نقاشاً دولياً حول أهمية دعم سوريا في بناء مؤسسات تضمن احترام حقوق الإنسان، وتمهد الطريق نحو مصالحة وطنية حقيقية.
مع تحرير صيدنايا، لم يُكسر فقط جدار الصمت عن أهوال الديكتاتورية، بل أُضيئت شعلة أمل لسوريا وشعبها، الذين يتطلعون اليوم إلى بناء وطن قائم على العدل والحرية.